بالرغم أنه يتبقى أسبوع فقط على موعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية (الثلاثاء ٣ نوفمبر) إلا أن كثيرين ليس لديهم جرأة التنبؤ بنتيجتها. الأسباب كثيرة، وأحدها تجربة الانتخابات السابقة التي تنبأ فيها كبار الخبراء والمحللين بفوز هيلاري كلينتون وهزيمة دونالد ترامب، وجاءت النتيجة عكس ذلك.
استطلاعات الرأي الحالية على المستوى القومي تعطى تقدما لبايدن على ترامب، ولكن نتائجها يجب أن تؤخذ بقدر من الحذر، ليس فقط استنادا لخبرة الانتخابات السابقة التي جاءت فيها الاستطلاعات بنتائج خاطئة اعتمدت على عينات غير ممثلة بدقة للناخبين، ولكن أيضا لأن العبرة في الانتخابات الأمريكية ليست بالنتائج على المستوى القومي، ولكن بتلك على مستوى الولايات، وخاصة تلك التي تسمى بالولايات «المتأرجحة» أي التي ليس لناخبيها نمط مستقر في التصويت، بل تصوت أغلبيتها مرة للمرشح الديمقراطي (كما فعلت لمصلحة أوباما) وأخرى للمرشح الجمهوري (كما صوتت لترامب)، ولايات مثل فلوريدا وأوهايو وبنسلفانيا وغيرها. نتائج الاستطلاعات في هذه الولايات ما تزال متأرجحة ومتقاربة، والفرق بين المرشحين في العديد منها يدخل فيما يسمى بهامش الخطأ. العبرة أيضا ليست بالأداء في المناظرات، فقد فازت هيلاري كلينتون في المناظرات الثلاث التي جرت قبل الانتخابات السابقة، ولكنها لم تنجح في الوصول للبيت الأبيض.
المسألة الفاصلة في الانتخابات الرئاسية الحالية هي أنه بالرغم من وجود منافس للرئيس ترامب، وهو المرشح الديمقراطي بايدن، إلا أن الكثيرين ينظرون للانتخابات على أنها استفتاء على الرئيس ترامب، وبالتالي فإن ما يطرحه بايدن من أفكار وسياسات قد لا يهم بعض الناخبين، فالأمر في النهاية سيرتبط بحكمهم على ترامب نفسه. والقضية الرئيسية هنا هي تعامل إدارة ترامب مع جائحة كورونا، أي يمكن القول إن كورونا هي المنافس الحقيقي لترامب.
قبل كورونا كانت معظم المؤشرات تدل على أن فرص ترامب لإعادة انتخابه كبيرة، وبالرغم من بعض الانتقادات لسلوكياته وتصريحاته غير التقليدية، والتي يرى البعض أنها لا تتماشى مع مقام الرئاسة الأمريكية، إلا أن الاقتصاد الأمريكي كان في أحسن حالاته من حيث القدرة على خلق فرص عمل جديدة أو زيادة الدخول وانخفاض الضرائب. أي كانت هناك حالة رضا عن الأداء الاقتصادي، وهو ما أكسب ترامب ناخبين جددا بالإضافة لقاعدته الانتخابية الصلبة التي صوتت له في الانتخابات السابقة.
ثم جاءت كورونا، وتغيرت الأحوال، وحدث إغلاق لقطاع كبير من الاقتصاد، وارتفعت نسب البطالة، واتضح عدم قدرة البنية الصحية على التعامل مع الجائحة، وتوفى أكثر من مائتي ألف أمريكي نتيجة لها.
المرشح الديمقراطي بايدن يتهم ترامب بسوء إدارة أزمة كورونا، وأنه أساء تقدير خطورة الفيروس، أو علم بخطورته ولم يتحرك مبكرا، وبالتالي يتحمل مسؤولية ضحايا الجائحة، وذكر في المناظرة الأخيرة أن أي شخص مسؤول عن هذا العدد الكبير من الوفيات يجب ألا يظل رئيسا للولايات المتحدة.
ترامب من ناحيته يرى أن الوباء ليس مسؤوليته بل يلقى باللوم على الصين، وأنه قام ببناء اقتصاد عظيم قبل كورونا وقادر على إعادة بنائه بعد الوباء، وأن اللقاح المضاد للوباء سيظهر خلال أسابيع قليلة، أي أن الحياة الطبيعية ستعود قريبا ومعها الاقتصاد.
المسألة إذن تتعلق بـ: أي من التفسيرين سوف يقبله الناخب الأمريكي بخصوص كورونا؟، أي أن كورونا هي المنافس الحقيقي لترامب وليس بايدن.