تساهم الطاقة (الكهرباء) في تحسين جودة جميع خدمات الحياة المتعلقة بها بشكل أو بآخر مثل الصحة -وتوفير الطاقة اللازمة للأجهزة الطبية- والتعليم، والزراعة، وتوفير الكهرباء للأجهزة الكهربائية المنزلية. ولكن تتفاوت قدرة وصول الأفراد إلى خدمات الطاقة بشكل ضخم، حيث إن البعض لديه القدرة على الوصول إلى الكهرباء في الأماكن العامة ولكنها غير متواجدة في منازلهم، والبعض الآخر يتمتع بالكهرباء لعدد من الساعات على مدار اليوم. وتُعد زيادة قدرة الأفراد على الوصول إلى الطاقة النظيفة بأسعار معقولة أحد أهداف التنمية المستدامة (الهدف رقم 7).
أولًا: قدرة الأفراد على الوصول إلى الطاقة
وفقًا لأطلس أهداف التنمية المستدامة من مؤشرات التنمية العالمية المقدم من البنك الدولي في 2020، فإن حجم الأفراد الذين لديهم القدرة على الوصول إلى الكهرباء والوقود النظيف ارتفع في العقد الماضي، حيث ارتفعت نسبة الأفراد عالميًا الذين لديهم القدرة على الوصول إلى الطاقة بأشكالها المختلفة من 82% في 2008 إلى 90% في 2018. ولكن، مع ارتفاع النمو بشكل متفاوت حول العالم ومع اختلاف حجم التنمية من منطقة إلى أخرى، فقد تفاوتت قدرة الأفراد على الوصول إلى الطاقة من منطقة إلى أخرى.
تُعد منطقة إفريقيا جنوب الصحراء صاحبة أقل نسبة وصول إلى الطاقة، فعلى الرغم من ارتفاع نسبة الأفراد الذين يتمتعون بالقدرة علن الوصول إلى الطاقة (من 34% في 2010 إلى 47% في 2018)، إلا أن أكثر من نصف سكان المنطقة لا يزالون محرومين من هذا المورد الأساسي للحياة.
شكل (1): الدول العشر أصحاب أكبر عدد أشخاص محرومين من الكهرباء في 2018 (بالمليون)
المصدر: أطلس أهداف التنمية المستدامة من مؤشرات التنمية العالمية، البنك الدولي، 2020.
وكما هو موضح في الشكل رقم (1)، تُعد نيجيريا صاحبة أعلى عدد أفراد محرومين من الوصول إلى الكهرباء، حيث بلغ عددهم 85 مليونًا في 2018، في حين أن إجمالي عدد سكان الدولة -وفقًا لبيانات البنك الدولي- 195.9 مليونًا في العام نفسه، وهو ما يعني أن 43% من إجمالي سكان الدولة لا يتمتعون بالقدرة على الوصول للكهرباء. وتأتي جمهورية كونغو الديمقراطية في المرتبة الثانية من حيث عدد الأفراد المحرومين من القدرة على الوصول إلى الكهرباء، حيث بلغ عدد هؤلاء الأفراد 68 مليون فرد في 2018 من إجمالي عدد سكان الدولة البالغ عددهم حوالي 84 مليونًا، أي 80% من إجمالي سكان الدولة. ثم تأتي الهند في المرتبة الثالثة بنحو 64 مليون فرد. ثم باكستان بنحو 61 مليون فرد. ثم إثيوبيا بنحو 60 مليون فرد.
إضافة إلى ذلك، فإن قدرة الأفراد على الوصول إلى الكهرباء يختلف بين المناطق الحضرية والريفية بين البلاد. فبشكل عام، تبلغ قدرة الأفراد على الوصول إلى الكهرباء في المناطق الحضرية عالميًا 97%، بينما تبلغ هذه النسبة في المناطق الريفية عالميًا 80%، كما أن المناطق الريفية تحتوي على 85% من إجمالي الأفراد الذين لا يتمتعون بالقدرة على الوصول إلى الكهرباء. على سبيل المثال، في هايتي (وهي بلد في منطقة البحر الكاريبي) فإن 79% من الأشخاص بالمناطق الحضرية يتمتعون بالقدرة على الوصول إلى الكهرباء، في حين تنخفض هذه النسبة إلى 4% في المناطق الريفية.
ولكن على الرغم من هذا الفارق الضخم بين المناطق الحضرية والمناطق الريفية؛ إلا أن هذا الفارق انخفض في العقد الأخير بشكل واضح، حيث يتوسع الوصول إلى الكهرباء بنسبة 1% سنويًا بالمناطق الريفية، بينما يتوسع بنسبة 0.1% سنويًا في المناطق الحضرية.
ثانيًا: علاقة جائحة كورونا بالوضع الحالي للوصول إلى الكهرباء
أثّر الوضع الحالي للوصول إلى الكهرباء في بعض الأماكن ومدى استمراريتها أو توفرها المستمر على قدرة المستشفيات على الوصول إلى الكهرباء بشكل ساهم في قدرتها على توفير الرعاية الصحية لمرضى فيروس كورونا وغيرهم. وتأتي هذه المساهمة في أشكال متعددة، منها توفير الكهرباء اللازمة لأجهزة الرعاية الصحية، والمبردات التي تحفظ الأدوية وغيرها من الاحتياجات الأساسية.
وبناء على استطلاع أجراه البنك الدولي في 2018 لعدد 730 مركزًا صحيًا في ستة بلدان منخفضة ومتوسطة الدخل، فإن حوالي ربع هذه المراكز الصحية لم تكن تتمتع بالقدرة على الوصول إلى الكهرباء، بينما أشار ربع آخر إلى أن الكهرباء لم تكن متواجدة بشكل مستمر، وهو ما أثر على قدرة هذه المستشفيات على تقديم خدمات الرعاية الصحية. وتصل هذه النسبة إلى 28% في نيجيريا من بين 23 مركزًا صحيًا، وإلى 19% في نيبال (وهي دولة في آسيا الجنوبية) من بين 282 مركزًا صحيًا.
وعلى الرغم من النقص في قدرة المراكز الصحية على الوصول إلى الكهرباء، إلا أن النقص في قدرة المدارس على الوصول إلى الكهرباء أكثر شدة. ففي نيجيريا، 92% من 92 مركزًا تعليميًا أجابوا بأنهم لا يتمتعون بالقدرة على الوصول إلى الكهرباء، وتصل هذه النسبة إلى 58% من 179 مركزًا تعليميًا في كمبوديا، و41% من 368 مركزًا تعليميًا في نيبال.
بشكل عام، تساهم الطاقة وقدرة الأفراد على الوصول إلى الكهرباء في تحسين جودة حياة الأفراد وقدرتهم على التمتع بالاحتياجات الأساسية من الصحة والتعليم وغيرها. كما أن الطاقة النظيفة تساهم في الحد من الآثار الجانبية على البيئة، وتساهم في استدامة موارد الطاقة وزيادة القيمة المادية لكل مستوى كثافة طاقة. وعلى الرغم من اختلاف قدرة الأفراد والمراكز على الوصول إلى الكهرباء بين المناطق؛ إلا أن الدول لا تزال تبذل جهودًا ضخمة لتحسين الوصول إلى الطاقة.