تُعد الطاقة أحد أهم قيود الموارد التي يواجهها المستهلكون والمنتجون، كما أنها تُعد لاعبًا رئيسيًا في قدرة الأفراد على التواصل، وخصوصًا من خلال وسائل التواصل التكنولوجية، وتطوير التكنولوجيا بصفة عامة. إضافة إلى ذلك، مع زيادة التعداد السكاني في مصر وبالتالي الطلب على الطاقة، أصبح من الضروري توسيع قدرات إنتاج الكهرباء الحالية. لذلك، وبما يتماشى مع رؤية مصر 2030 لتنويع مصادر الطاقة واستدامتها وضمان الوصول العادل إلى الطاقة وضمن استراتيجية الطاقة المستدامة المتكاملة حتى عام 2035 الصادرة عن وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة في عام 2015، فقد رفعت الحكومة والقطاع الخاص جهودهما لتطوير سوق الطاقة المتجددة.
أولًا: اتجاهات السوق الرئيسية
أدى التركيز على توسيع قدرات إنتاج الكهرباء محليًا حاليًا إلى اتجاه قطاع الطاقة المصري من وجود فجوة بين المعروض من الطاقة والمطلوب منها إلى تحقيقه فائضًا. ووفقًا لمقال بعنوان “دفع صادرات الكهرباء والهيدروجين نمو قطاع الكهرباء في مصر على المدى الطويل” المقدم من فيتش سولوشنز في أغسطس 2021، فإن الصافي من توليد الكهرباء الذي تم تحقيقه نما أيضًا بشكل أسرع من الزيادة في الطلب على الكهرباء، حيث ارتفعت القدرة الإجمالية للطاقة بنحو 14 جيجاوات في الفترة من 1 يناير 2018 إلى 31 ديسمبر 2019، أي ما يزيد من إمدادات الكهرباء الجديدة بمقدار 25 تيراوات في الساعة، في حين نما إجمالي الطلب على الكهرباء بمقدار 21 تيراوات في الساعة فقط خلال الفترة نفسها، وهو ما يشكل فائضًا بحوالي 4 تيراوات في الساعة.
كما حددت الحكومة في إطار استراتيجيتها الوطنية للطاقة المتجددة هدفها الأخير إلى أن يكون 20% من توليد الكهرباء في مصر من مصادر الطاقة المتجددة بحلول عام 2022، وأن تصل هذه النسبة إلى 42% بحلول عام 2035. إضافة إلى ذلك، ووفقًا لتقرير بعنوان “توقعات سوق الطاقة في مصر حتى عام 2030” الصادر عن شركة الأبحاث “جلوبال داتا” “Global Data” في أغسطس 2021، من المتوقع أن ترتفع قدرة الطاقة المتجددة في مصر من 3.51 جيجاوات في عام 2020 إلى 13.7 جيجاوات في عام 2030، بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ 14.6%. علاوة على ذلك، تتوقع شركة الأبحاث “موردور إنتلجنس” “Mordor Intelligence” في تقريرها لتوقعات سوق الطاقة المتجددة في مصر الصادر في 2021، أن ينمو سوق الطاقة المتجددة في مصر بمعدل نمو سنوي مركب يصل إلى 12% خلال الفترة المتوقعة من 2022 إلى 2027. وهي نسب تفوق معدلات النمو السنوي المركبة عالميًا، حيث من المتوقع أن يصل معدل النمو السنوي المركب إلى 7.13% عالميًا في الفترة من 2021 إلى 2026، وفقًا لشركة الأبحاث “Research and Markets”. لذلك، تتوقع فيتش سولوشنز أن يظل فائض إمدادات الطاقة في مصر مرتفعًا حتى 2030.
شكل 1: إجمالي القدرة المركبة للطاقة المتجددة بالميجاوات (بالألف) (2014-2020)
ووفقًا لبيانات الطاقة المتجددة المقدمة من الوكالة الدولية للطاقة المتجددة في 2021، وكما هو موضح في الشكل رقم 1، فقد ارتفع إجمالي القدرة المركبة للطاقة المتجددة بالميجاوات من 3450 ميجاوات في عام 2014 إلى 5980 ميجاوات في عام 2020 (وهي في فترة حكومة السيدة الرئيس عبدالفتاح السيسي)، أي بصافي 2530 ميجاوات في تلك الفترة أو 73% نمو. يأتي أكبر نمو ملحوظ بين عامي 2017 و2018، حيث ارتفع إجمالي القدرة المركبة للطاقة المتجددة من 3800 ميجاوات في 2017 إلى 4790 ميجاوات.
شكل 2: إنتاج الطاقة الشهري (جيجاوات/ساعة) في الربع الثالث من عام 2021
ووفقًا لأحدث تقرير للطاقة المتجددة لتحقيق الاستدامة الصادر عن هيئة الطاقة الجديدة والمتجددة في عدد أكتوبر، تقود الطاقة الكهرومائية ثم طاقة الرياح ثم الطاقة الشمسية سوق الطاقة المتجددة في مصر. ولكن، بناء على الشكل رقم 2، ففي الربع الثالث من عام 2021، انخفض إنتاج الطاقة الكهرومائية من 1754 جيجاوات في بداية الربع الثالث في يوليو 2021 إلى 1259 جيجاوات بنهاية الربع الثالث في سبتمبر 2021. كذلك انخفض إنتاج الطاقة الشمسية من 439 جيجاوات في يوليو إلى 387 جيجاوات في سبتمبر. في حين ارتفع إنتاج طاقة الرياح من 493 جيجاوات في يوليو إلى 671 جيجاوات في سبتمبر.
ثانيًا: تنافسية السوق
تسعى الحكومة المصرية إلى تنويع مصادر الطاقة وتقليل الاعتمادية على مصادر الطاقة القديمة. يأتي ذلك من خلال عدد من السياسات التي تسعى لزيادة جاذبية قطاع الطاقة المتجددة المصري وتشجيع القطاع الخاص للاستثمار والاستثمار الأجنبي المباشر والتي تشمل “البناء والتملك والتشغيل” “Build-Own-Operate (BOO)”. هذا بالإضافة إلى اتجاه الدولة نحو المزادات في اختيار مشاريع الطاقة الجديدة.
إضافة إلى ذلك، فإن سوق الطاقة المتجددة في مصر مجزأ إلى حد ما، وفقًا لدراسة بعنوان “سوق الطاقة المتجددة في مصر – النمو والاتجاهات والتوقعات (2020 – 2025)” المقدمة من “ماركت آند ريسيش” “Market and Research”. ويُعد اللاعبون الأساسيون في القطاع “Vestas Wind Systems A/S”، و”Scatec Solar ASA”، وشركة سكاي باور المحدودة، وهيئة الطاقة الجديدة والمتجددة، وسيمنز جيميسا للطاقة المتجددة.
علاوة على ذلك، بناء على إنفوجراف مقدم من مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار في يناير، بلغ إجمالي حجم الاستثمار الأجنبي المباشر بالمشروعات الجديدة للطاقة المتجددة حوالي 4.43 مليارات دولار ليبلغ إجمالي قدرة التوليد 3500 ميجاوات. ويأتي أكبر المستثمرين في مشاريع طاقة الرياح الجديدة أكوا باور بحجم استثمارات 1.4 مليار دولار لتكون قدرة المشروع 1100 ميجاوات. ثانيًا، سيمنز جيمسا بحجم استثمارات 700 مليون دولار لتبلغ قدرة التوليد 500 ميجاوات. ثالثًا، إنجي أوراسكوم بإجمالي حجم استثمارات 700 مليون دولار لتبلغ قدرة التوليد 500 ميجاوات. رابعًا: شركة “AMEA Power” بإجمالي حجم استثمارات 700 مليون دولار لتبلغ قدرة التوليد 500 ميجاوات. أخيرًا: شركة “مصدر” “Masdar” بإجمالي حجم استثمارات 280 مليون دولار لتبلغ قدرة التوليد 200 ميجاوات. أما بالنسبة إلى مشاريع الطاقة الشمسية الجديدة، فتأتي شركة “AMEA Power” كأكبر مستثمر بإجمالي حجم استثمارات 465 مليون دولار لتبلغ قدرة التوليد 500 ميجاوات. ثانيًا: أكوا باور بإجمالي حجم استثمارات 186 مليون دولار لتبلغ قدرة التوليد 200 ميجاوات. وتساهم هذه المشاريع في التوقعات بأن تتفوق مصر على جنوب إفريقيا وتصبح أكبر سوق للطاقة المتجددة في إفريقيا.
بشكل عام، يعد سوق الطاقة المتجددة مثالًا حقيقيًا لتطوير السوق، حيث ساهمت الحكومة والقطاع الخاص في زيادة إدراك المستهلكين لمفهوم الطاقة المتجددة وأهمية التحول إليها، وتقليل استخدام أساليب الطاقة القديمة، وتوسيع قدرات إنتاج الكهرباء محليًا، وزيادة المنتجين في القطاع، وخلق بيئة أعمال أكثر تنافسية في السوق.