يُعد التعرف على اتجاهات واحتياجات السائح نحو المقصد السياحي المصري، الخطوة الأولى لوضع استراتيجية اتصالية فعَّالة تعمل على تلبية تلك الاحتياجات، وهو ما يُساعد على تعزيز بناء العلامة التجارية، وتكرار تجربة السفر، من خلال تنوع الرسائل التي تلبي احتياجات الأسواق السياحية المتنوعة.
يمكن دراسة اتجاهات واحتياجات السائحين من خلال التتبع الدقيق للمعلومات المتاحة على شبكة الإنترنت، بعد أن أصبحت التقنيات الذكية هي الوسيلة الأسرع والأكثر فاعلية في إشباع احتياجات السائحين، بداية من البحث عن وجهة السفر، والتعرف على كل ما هو جديد عن المقصد خلال الرحلة، وأخيرًا نشر وتقييم تجربة السفر. ومع زيادة الاهتمام بدور الشخصيات المؤثرة Influnceres في التدفق السياحي للمقاصد العالمية، فإنه لا بد من تضمين آراء هذه الشخصيات المؤثرة في التحليل، والعمل على الاستفادة منهم لأقصى قدر ممكن.
تحليل اتجاهات السائحين عن مصر
تم تحليل عدد من المدونات والمجلات السياحية الدولية الأشهر في مجال السياحة ومواقع السفر المرتبطة بها، وتمثلت في موقع “Lonely planet”، والذي صنفه موقع “فوربس” باعتباره الموقع الأكبر ودليل السفر الذي يهتم به السائحون على مستوى العالم، وكذلك موقع السفر الأشهر TripAdvisor، وموقع إنتربيد جورنال ترافل السياحي intrepid travel، ومدونة ماجنفيسينت ورلد Magnificent world، وممفيس تورز Memphis tours ، وترافل دايلي Travel Daily”، ومحتوى بعض الشخصيات المؤثرة، ووفقًا لما تم نشره على هذه المواقع، فقد تركزت المواد المنشورة، خاصة تعليقات السائحين الذي خاضوا أو حاولوا خوض تجربة زيارة مصر في أربع قضايا هي: زيارة السيدات بمفردها إلى مصر، زيارة منطقة الأهرامات، جودة الخدمة والبرامج المقدمة والمرشد السياحي، وتقييم موقع التأشيرة الإلكترونية، وتجارب الشخصيات المؤثرة عن مصر.
1. زيارة السيدات بمفردها إلى مصر:
انتشر على مواقع السفر المقالات المتعلقة بتقديم النصائح للسيدات عند زيارة مصر للإجابة عن سؤال “هل تستطيع السيدات زيارة مصر بمفردها؟”.
أشاد موقع “Lonely planet” في مقال لتقديم النصائح للسيدات اللاتي يرغبن في زيارة مصر بمفردها عام 2019، بطبيعة الشعب المصري المضياف، والرغبة في إجراء الأحاديث المطولة مع السائحين، وعودة مصر على قائمة الدول التي يرغب السائحون في زيارتها، خاصة السياحة الثقافية والغوص. وتتمثّل المضايقات فقط من أسلوب بعض البائعين المتجولين الذين يحاولون فرض البيع على السائح دون التفرقة بين المرأة والرجل في ذلك، وأوصت بالسفر في مجموعات أو التنسيق مع شركة سياحة محلية لتوفير “مرشدة سياحية” سيدة في حال الرغبة بالسفر بشكل فردي، واستخدام وسائل النقل مثل (أوبر وكريم) والجلوس في المقعد الخلفي في سيارات الأجرة، وتجنّب ركوب الميكروباص وركوب عربات السيدات في المترو، واللبس المتناسب مع العادات والتقاليد المصرية، مع ضرورة التأكد من الأسعار التي تقدمها لهم الفنادق وإمكانية الاختيار بين أكثر من بديل توفرها لهم مواقع السفر، ونصح موقع شركة “ترافل دايلي نيوز” ذهاب السيدات إلى أماكن السهر الليلية بصحبة أصدقاء لهن وليس بمفردهن، ونصح موقع شركة السياحة المصرية “ممفيس تورز” السائحات بتصفح المواقع الرسمية الحكومية ومنتديات السفر للتعرف على الخدمات التي تقدمها لهم.
وعرضت سائحة بريطانية تجربة سفرها بمفردها التي وصفتها بالمميزة في موقع السفر ومدونة “ماجنفيسينت ورلد” ووصفت البلاد بالآمنة مع التزامها بالزي المحتشم، والطبيعة المضيافة للشعب المصري، ولكن قد تتسبب بعض طرق البيع أو تعبير البعض عن إعجابهم بالسائحات بالمضايقة، مع ذكر بعض العبارات التي يستخدمها المصريون للتعبير عن إعجابهم مثل كلمة “قطة” و”تتجوزيني”، وأبرزت السائحة في الموقع ذاته أنه في المقابل يجب توخي حذر السيدات عند الذهاب بالليل بمفردهن أو ركوب الحافلات العامة، وتجنب القيادة بالليل أو استخدام محددات الأماكن GPs، والتخوف من تعرضها للسرقات عند زيارة دول أخرى كدولة المكسيك.
2. زيارة الأهرامات وركوب الخيل والجمال بالمنطقة:
تم تحليل تعليقات السائحين في موقع TripAdvisor، التي وصلت إلى 8036 تعليقًا، وكان منها 1000 تعليق عن ركوب الجمال في المنطقة وتجربة الزيارة، وتم تحليل أحدث 60 تعليقًا في الفترة من 2 يناير 2020 حتى 9 سبتمبر 2021، جاءت من الولايات المتحدة، كندا، أستراليا، المملكة المتحدة، اليونان، ألمانيا، رومانيا، سنغافورة، الصين، تايوان، الهند، كازاخستان، جنوب إفريقيا، الأردن، تركيا، بالإضافة إلى المصريين المقيمين بالخارج، وجاءت التعليقات جميعها بالإشادة بعظمة وتاريخ الأهرامات بنسبة 93% من التعليقات، وأنها كانت بمثابة الحلم للبعض، وعبر كثيرون منهم عن رغبتهم في تكرار الزيارة، ولوحظ أن التقييمات الأكثر إيجابية جاءت من سائحين جاءوا بمرافقة شركة سياحية ومرشد سياحي.
وفي المقابل، أثرت بعض السلوكيات السلبية من البائعين المتجولين والمتعاملين مع الجمال، على تكرار تجربة الزيارة، على الرغم من وصفها بأنها تجربة تاريخية يجب القيام بها؛ وهو الأمر الذي تعمل وزارة السياحة والآثار المصرية على مجابهته من خلال تطوير المنطقة وإبراز عملية الدخول الإلكتروني للمنطقة لتجنب الزحام وتحديد الأماكن المخصصة لوجود الجمال والأحصنة، وفي المقابل أوصى العديد من السائحين بزيارة منطقة الأهرامات مع ضرورة وجود مرشد سياحي بنسبة 33%.
تم تحليل المقالات المتعلقة بمنطقة الأهرامات على مدونات السفر لمواقع Earth trekker، وWego blog، وبلانيت وير Planetware”، ونشرت خلال العام الحالي 2021، فجاءت جميعها إيجابية عن الإشادة بعظمة وتاريخ منطقة الهرم، والتوصية بركوب الجمال لعظمة التجربة، مع التوصية بركوب الجمال من أماكن تواجدها في منطقة سفنكس.
وعن حقوق الحيوانات في منطقة الأهرامات، نشرت “مؤسسة الناس من أجل المعاملة الأخلاقية للحيوانات بيتا Peta” وهي أكبر منظمة لحقوق الحيوانات في العالم، إشادة بإعلان وزارة السياحة المصرية عن خطتها في حظر ركوب الجمال والخيل في الجيزة حول الأهرامات وفي المناطق الأثرية، وتمكن السياح من الوصول إلى السيارات والحافلات الكهربائية، بعد جهود المنظمة بالتعاون مع وزارة السياحة.
3. جودة الخدمة والبرامج المقدمة والمرشد السياحي:
تم تحليل 65 تعليقًا من السائحين الأستراليين، الذين اختاروا مصر كأفضل البرامج التي يقدمها منظم الرحلات “إنتربيد ترافل“، وأشادوا بالبرنامج السياحي الذي يجمع بين السياحة الثقافية المتمثلة في “القاهرة والجيزة والإسكندرية والأقصر، والترفيهية المتمثلة في الغردقة، من خلال التعليقات الإيجابية على جودة البرنامج السياحي، والتركيز على دور “المرشد السياحي” في جودة الخدمة وجاءت بنسبة 93%، بينما طالب البعض من خلال التعليقات “بزيادة جودة الخدمات الفندقية المقدمة، ونظافة المكان”، والتأكيد على دور المرشد السياحي في الاستمتاع بالرحلة السياحية أيضًا.
4. تقييم موقع التأشيرة الإلكترونية E-visa:
تم تقييم تعليقات السائحين على موقع السفر الأشهر “Trip Advisor” للإجابة عن سؤال الحصول على التأشيرة الإلكترونية المصرية، وشمل التحليل تعليقات السائحين على مدار العام في الفترة يوليو 2020 – يوليو 2021، بما مجموعه 196 تعليقًا من جنسيات المملكة المتحدة والتي جاءت بنسبة 81% من عددٍ المشاركات: الولايات المتحدة 11%، كندا 4%، فيما تساوت تعليقات أستراليا رومانيا وهولندا وبولندا بنحو 1%.
جاءت جنسية المملكة المتحدة الأكثر تعليقًا حول تقييم تجربة الحجز الإلكتروني، وأوصى عددٌ من السائحين بالحصول على التأشيرة الإلكترونية، وإيعاز تفضيل البعض بالحصول على التأشيرة الاضطرارية “التأشيرة عند الوصول” كبديل للتأشيرة الإلكترونية للجهل التكنولوجي لدى البعض، واعتبار الأمر مفيدًا في حال عدم وجود ملصق التأشيرة، والاقتراح بتغيير سعر التأشيرة الإلكترونية عن الاضطرارية لإضافة ميزة تنافسية لها، وضرورة التعريف بموقع التأشيرة الرسمي بدلًا من المواقع الوسيطة –التي تؤثر على تجربة السائح– نتيجة ارتفاع قيمة التأشيرة عن قيمتها الفعلية المقدرة بنحو 25 دولارًا بها.
واقترح البعض إمكانية تشغيل الموقع عبر تطبيق الهاتف المحمول، والذي يصعب مع الموقع الحالي التسجيل من خلاله، كما تمثلت المشكلات في بعض التحديات التكنولوجية مثل صعوبة تحميل الأوراق المطلوبة على الموقع والحث على توسيع استخدام عناوين البريد الإلكتروني بحيث يضمن دخول حسابات بريدية أخرى بجانب “Gmail، Hotmail”، كما اقترح البعض إمكانية تسجيل المجموعات عبر بريد موحد، وهي طريقة غير متعارف بها عالميًا، مع الرد على الاستفسارات برسائل شخصية بعيدة عن الرد الآلي.
5. عرض تجارب صناع المحتوى على مواقع التواصل الاجتماعي:
نشرت وزارة السياحة والآثار فيديو لأحد صناع المحتوى على موقع التواصل الاجتماعي “The Food Ranger“، والمتخصصة في عرض تجارب الطعام الشعبي، فعرض تجربته الفريدة مع الأطعمة الشهيرة في مصر عبر مقطعي فيديو، الأول نشره في 4 أبريل وحظي بنحو 933 ألف مشاهدة، والآخر نشره في 8 أبريل وحظي بنحو 1,7 مليون مشاهدة. ومثّل نشر هذه المواد المصورة ردًا مناسبًا على فيديو آخر نشره أحد صناع المحتوى الخاص بتجارب الأطعمة على موقع التواصل الاجتماعي “اليوتيوب”.
أظهر التحليل السابق ضرورة الإسراع في عملية التحول الرقمي واستخدام الوسائط الحديثة، وهو ما يمكن تلخيصه في عدد من النقاط على النحو التالي:
– دعم صناعة المحتوى: من خلال عمل منصة موحدة يمكن لصناع المحتوى وصناعة السينما التعرف فيها على الإجراءات اللازمة لاستخراج التصاريح من مكان واحد، والذي تقدمه الهيئة العامة للتنشيط السياحي للجهات التى تتواصل معها، على أن تضم بدايةً إجراءات “تصريح الإفراج الجمركي المؤقت” على معدات التصوير وفقًا لقرار وزير المالية رقم 55 لسنة 2014، وتصاريح التصوير التي تتيحها وزارتي البيئة والسياحة والآثار وفقًا للمتطلبات البيئية والحفاظ على الآثر في حال الرغبة في التصوير داخل تلك الأماكن.
– تحسين سبل الحجز الإلكتروني، ومع زيادة أعداد الدول التي يمكنها الحصول على تأشيرة سياحة إلكترونية إلى مصر من 76 دولة إلى ١٨٠ دولة فيجب تطوير موقع E-visa وفقًا لاحتياجات السائحين، مع عمل تطبيق محمول لها، وتحسين طرق عرضها على الهاتف الجوال، واستخدام تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي في الرد على العملاء، والرسائل الشخصية personalize وعمل فيديوهات تعريفية بطرق البحث وإظهارها بشكل Verfied على مواقع البحث، والتحول لبطاقات السفر الذكية والتي ستتمكن من تعظيم تبادل المعلومات وأمن الحدود.
– استخدام التقنيات التسويقية الحديثة المتمثلة في الواقع المعزز في بيع الرحلات السياحية، مع تطوير التواجد المصري على محركات البحث الأشهر، وربطها بالمقاصد المنافسة بحيث تظهر عند البحث عنها، مما سيسهم في فتح أسواق جديدة، وزيادة الحصة السوقية من السائحين الفرادى، وعمل استراتيجيات تشاركية بين الحكومة والقطاع الخاص في الربط بين طرق الحجز عبر الإنترنت ووكلاء السفر، ونشر تجارب السفر والمسافرين، والتحول في مخاطبة السائحين إلكترونيًا، وإرسال مراحل الرحلة والبرامج والمعلومات عن المقصد عبر البريد الالكتروني للمستخدمين.
المراجع:
José Fernández-Cavia، et.al”Tourist information sources at different stages of the travel experience”، El profesional de la información، 2020، v. 29، P.p 1-12.
Shiwei She “The Influence of Smart Technologies on Customer Journey in Tourist Attractions within the Smart Tourism Management Framework”،
INTERNATIONAL TOURISM AND COVID-19، UNWTO، available at: https://www.unwto.org/international-tourism-and-covid-19
https://www.tmcnet.com/topics/articles/2020/03/25/444901-technology-travel-revolution.htm
“https://www.thinkwithgoogle.com/consumer-insights/consumer-trends/new-consumer-travel-assistance/