قدمت مصر نسختها الأولى لمعرض الصناعات العسكرية والدفاعية EDEX 2018 بشكل فاق توقعات المنظمين والعارضين، حيث أظهرت المؤشرات والنتائج الأولية التي عكستها العديد من التقارير الدولية والإقليمية مدى نجاح التجربة الأولى من نوعها في مصر. وبالنظر إلى أهمية هذه التجربة، فإننا نحاول هنا تقييم الحصاد النهائي لنتائج المعرض، استنادًا إلى عددٍ من المؤشرات، منها الشكل الذي خرج به المعرض، من حيث حجم المشاركة وأوزان المشاركين في صناعة التسلح في العالم ومدى الإقبال النوعي من الوفود العسكرية، ومستوى التفاعلية التي قدمها المعرض كمنصة متعددة الأطراف، خاصة في ظل مستوى كثافة المشاركين والحضور، إلى جانب تقييم مستوى المعروضات، وفي المقدمة منها منتجات الدولة المضيف كمدخل لتسويق منتجاتها من جهة، وتقييمها في سوق تنافسي من جهة أخرى، وحجم الصفقات والعقود التي تم تداولها خلال فترة إقامة المعرض والعقود المتوقعة لاحقًا.
لكن من المهم قبل تقييم هذه التجربة الإشارة إلى جملة من المحددات، حتى يتم وضع التقييم في إطار واقعي، تتمثل فيما يلي:
1- طبيعة سوق السلاح: كونه ليس سوقًا تقليديًّا، وإنما سوق يتسم بمجموعة من الخصائص والمحددات ليس من السهل على أي دولة اختراقه لمجرد الرغبة في دخول هذا المجال رغبةً في الدعاية والترويج لنفسها ومكانتها. ومن ثمّ، فإن إقامة مصر لهذا المعرض يعني أنها استوفت بالفعل شروط الالتحاق بهذا المجال.
2- حالة الإقليم: حيث تشكل منطقة الشرق الأوسط إحدى أهم دوائر مبيعات السلاح في العالم، وفرضت أوضاعها خلال السنوات السبع الأخيرة طلبًا إضافيًّا على قائمة الاحتياجات الدفاعية التقليدية وغير التقليدية، في ظل الصراعات المفتوحة، فضلًا عن كون المنطقة تمثل دوائر نفوذ لقوى عالمية في مجال التسلح، وبالتالي فإن دخول بعض الدول الإقليمية في هذا المجال يجري وفق حسابات يعود بعضها إلى تلبية الاحتياجات المحلية وهامش المنافسة وفقًا لمقدراتها ولترشيد الإنفاق العسكري المرتفع. فقد أشار آخر تقرير لـSipri إلى أن دول المنطقة ضاعفت وارداتها من الأسلحة خلال الفترة (2013-2017) بزيادة وصلت إلى أكثر من الضعف، وبنسبة وصلت إلى 103%، مقارنة بالأعوام الخمسة السابقة على هذه الفترة، واستحوذت على حصة قدرت بنحو 32% من إجمالي صادرات السلاح في العالم.
3- آلية حساب العائد: عملية حساب نتائج النجاح في المعارض العسكرية لا تُقاس بنظيراتها في الأسواق الاقتصادية، إذ لا يتوقف حجم النجاح فقط على محصلة الحساب الختامي لمقدار حجم التداولات المالية الناتجة عن الصفقات المبرمة خلال فترة المعرض، وحتى الحسابات الاقتصادية لا تتوقف على فترة إقامة المعرض بل إن أغلبها يتم في فترة لاحقة حتى يتسنى لها دراسة العروض المختلفة.
4- حسابات غير منظورة: ثمة حسابات لوجستية غير منظورة اقتصاديًّا، لكنها تتعلق بالقيمة المضافة التي تتشكل على إثر التفاعل في المعرض، منها مقدار الإلمام بالمنتجات المعروضة وتقييمها مقابل المنتجات المحلية انطلاقًا من معاير عديدة تبدأ من مستوى التقدم التكنولوجي والجودة، مرورًا بملاءمتها للبيئة، وصولًا إلى سعر المنتج قياسًا على القدرة الشرائية للدولة، ومعايير أخرى تتعلق بمدى ما يمكن أن تُسهم به هذه المعارض من تعزيز العلاقات من مداخل مختلفة منها التصنيع المشترك في المجال العسكري.
5- مؤشرات لا مقاييس: المعارض العسكرية تعكس مؤشرات لا مقاييس لمستوى الاحتياجات، فالاحتياجات الأساسية للتسلح تُبرمها الدولة بغض النظر عن المعارض من عدمه، وإنما يشكل المعرض فرصة لأفضلية الاحتياجات في المستقبل بحكم توافر العروض. كما أنها (المعارض العسكرية) لا تعكس مقياس علاقات الدول لكنها تشكل فرصة لتعزيزها. فعلى سبيل المثال، تُعد الولايات المتحدة وروسيا والصين وجهات رئيسية لواردات السلاح المصري، وهي من أكبر الدول مشاركة في المعرض (43 شركة من الولايات المتحدة، 18 شركة من الصين، 16 شركة من روسيا) ورغم ذلك لم توقّع مصر صفقةً مع أي منها خلال المعرض، في حين أن مصر عرضت في المعرض المقاتلة الروسية 52 K- التي حصلت عليها مؤخرًا. وبالتزامن مع المعرض أيضًا أعلنت الولايات المتحدة أنها بصدد توريد 10 طائرات أباتشي لمصر وفقًا لعقد مبرم في وقت سابق. وفي هذا الصدد، أشار الجنرال الأمريكي “رالف جوفر” (من وزارة الدفاع الأمريكية) الذي شارك في المعرض، إلى أن “واشنطن تعمل على تعزيز فرص التعاون مع مصر وتبادل الخبرات من خلال حجم المشاركة في المعرض”، وهو مسار ممتد بين البلدين.
6- طبيعة الأسلحة المعروضة: لا يُفترض أن تُقدم المعارض العسكرية كل ما أنتجته الدول عسكريًّا، إذ لا يزال مجال الأسلحة حافلًا بالأسرار وعدم الإعلان عن كل ما تم التوصل إليه من تقدم، ولدى كل دولة منتجة للسلاح ما تحتفظ به من أسرار، وبالتالي تُشكل المعارض مستوى التقدم في المعروض والأحدث الذي يمكن تقديمه. فعلى سبيل المثال، قدمت شركة RheinmetaL الألمانية أحدث إنتاجها من مدفع mk3، في حين أنه إنتاج 2016، وكذلك كشفت مصر للمرة الأولى عن مدرعتيها St-100، وST-500 وهو مشروع بدأته قبل ثلاثة أعوام، كما أعلنت عن أنها تطور رادارًا ثلاثي الأبعاد لكنها لم تكشف عنه.
مؤشرات النجاح
ثمة بعض المؤشرات التي تعكس مستوى نجاح المعرض ومنها:
1- مستوى التنظيم: استهدف منظمو المعرض استقطاب 350 شركة، لكن العدد الفعلي فاق السقف المستهدف بزيادة أكثر من 25 شركة، بحسب رئيس هيئة التسليح اللواء “طارق سعد زغلول” الذي أكد أن التنظيم فاق التوقعات. كما ذهبت شركة “كلاريون” المنظمة للمعرض، وهي صاحبة خبرة تصل إلى ربع قرن في هذا المجال، إلى أن المعرض يُعد أكبر معرض دفاعي تم تنظيمه حتى الآن في الشرق الأوسط، واستند تقييمها ذلك إلى مؤشرات أساسية، منها حجم ومستوى الحضور على مستوى الوفود الرسمية التي بلغت نحو 65 وفدًا رسميًّا تقريبًا زاروا المعرض، إلى جانب مستوى الإنتاج المحلي المصري الهائل الذي يُعد الأكبر في المعرض، والأكبر على مستوى النسخ المماثلة في النظائر الإقليمية. أضف إلى ذلك استمرار تقديم طلبات المشاركة حتى الأيام الأخيرة قبل إطلاق المعرض، ففي الأسبوع الأخير زادت طلبات المشاركة من 316 شركة إلى 375 في دلالة على الرغبة في الحضور والمشاركة.
2- التفاعلية: قدم المعرض نموذجًا تفاعليًّا لائقًا بين العارضين؛ فوفقًا للعارضين المصريين تم الاطلاع على معظم ما قدمته الشركات الأخرى من منتجات، في إطار تقييم إمكانية تصنيع بعضها محليًّا أو عبر الشراكة أو الحصول على الأفضل من المنتجات العسكرية من شركات لم تكن معروفه، وبالتالي مَثّل المعرض فرصة لتقييم مستوى استعادة القلاع الصناعية المصرية المتخصصة كالهيئة العربية للتصنيع ووزارة الإنتاج الحربي والشركة العربية العالمية للبصريات، وغيرها من الهيئات والإدارات الإنتاجية لمكانتها كجزء من استعادة المكانة المصرية. وسلكت العديد من شركات العرض المحلية والدولية المسار ذاته، وفقًا لتقارير إعلامية وتقارير متخصصة، بالإضافة إلى بُعد لوجستي آخر يتعلق بكسر قاعدة تقليدية تتعلق بإضفاء طابع السرية على المنتج العسكري والصفقات، فالمعرض قدم ساحة لجمهور من خارج مقصورة البيع والشراء شغوف بالتعرف على مثل هذه التجارب، والاحتكاك المباشر بالعارضين. وهو اتجاه تحبذه بعض الدول في إطار تعزيز فكرتي الانتماء والمكانة.
3- الصفقات والتعاقدات: أظهرت التقارير الرسمية الصادرة عن منظمي المعرض إبرام العديد من مذكرات التفاهم والاتفاقيات وعقود التسليح منها:
– إنشاء شركة مصرية-فرنسية، تتمثل في شراكة بين كل من شركة “نافال جروب” الفرنسية وجهاز الصناعات والخدمات البحرية المصري، لتنفيذ أعمال البناء والصيانة والتأمين الفني لجميع الوحدات الفرنسية العاملة بالقوات البحرية المصرية، وكذلك أعمال التدريب.
– توقيع مذكرة بين القوات البحرية المصرية وشركة “سلنجر” الفرنسية، للتصنيع المشترك ونقل التكنولوجيا والتسويق والبيع لمنتجات الشركة من القوارب المطاطية القتالية السريعة، والحصول على رخصة حق التصنيع والبيع والتسويق بالشرق الأوسط وإفريقيا حصريًّا بترسانة القوات البحرية المصرية.
– وقّع كل من الفريق “محمد عباس” (قائد القوات الجوية المصرية)، ومدير تنفيذ العقود بشركة “داسو” الفرنسية، اتفاقية التأمين الفني الخاصة بطائرات “رافال”. ونصت الاتفاقية على التدفق المستمر لقطع الغيار، للحفاظ على الصلاحية الفنية للطائرات.
– وقّع مدير إدارة الإشارة بالقوات المسلحة مع رئيس شركة “تالس” الفرنسية بالشرق الأوسط وإفريقيا، الجزء الأول من اتفاقية تدبير معدات المحطات الأرضية التي تعمل مع الأقمار الصناعية.
– وقّع مدير إدارة الإشارة وممثل شركة “أكتيا” الفرنسية، على الجزء الثاني من اتفاقية تدبير معدات المحطات الأرضية التي تعمل مع الأقمار الصناعية، وجرى كذلك توقيع اتفاقية مع ممثل شركة “ييد” البرتغالية لتوريد نظام اتصال داخلي.
– وقّعت الهيئة القومية للإنتاج الحربي وشركة “ديسي” الفرنسية مذكرة تفاهم بموجبها ستتعاون الهيئة القومية والشركة التابعة لوزارة الدفاع الفرنسية من خلال عقد شراكة في مختلف المجالات التصنيعية للمنتجات الدفاعية والمدنية، من: إلكترونيات، وتقنيات رقمية، وعلوم المعادن، والميكانيكا، والصناعات الكيميائية.. إلخ. وشملت المذكرة الاتفاق على نقل وتوطين التكنولوجيا، وتطوير خطوط الإنتاج ونظم التصنيع، وتقديم الدعم الفني للشركات التابعة لوزارة الإنتاج الحربي.
– وقع الفريق “علي فهمي” (قائد قوات الدفاع الجوي)، والمدير التنفيذي لشركة “ليوناردو” الإيطالية، اتفاقية توريد أجهزة رادار متطور لمصر.
– وقّع مدير إدارة الأسلحة والذخيرة اتفاقيتين مع شركة “إيجمان” البوسنية، لتدبير وتوريد ذخائر مختلفة الأعيرة للأسلحة الصغيرة.
– إبرام ثلاثة عقود مع شركة “أوبتكس” البلغارية، لتدبير وتوريد أجهزة مراقبة ليلية وحرارية.
– توقيع اتفاقية مع شركة “يوجو إمبورت” الصربية، لتدبير ماكينات فك طبات الذخيرة.
– وقّع مدير إدارة الحرب الإلكترونية تعاقدًا مع شركة “ساميل 90” البلغارية، لتدبير وتطوير محطات إعاقة إليكترونية.
وهذه الصفقات والتعاقدات تطرح إجمالًا العديد من الدلالات، منها على سبيل المثال:
1- أن عدد الصفقات الإحدى عشرة المعلنة لا يعني أنها كل الصفقات الناتجة عن المعرض، وإنما الصفقات التي تم إبرامها خلال فترة المعرض، حيث أشارت العديد من الشركات إلى رغبتها في إعداد دراسات تحتاج لبعض الوقت، منها على سبيل المثال شركة RheinmetaL الألمانية التي قدمت نسختها المتطورة للمدفع mk3، حيث أعلن “فابيان أوفشر” الرئيس التنفيذي للشركة، لإنتاج محلي لنظام أسلحة CWIS. كذلك فإن هناك بعض الدول ربما لا تزال حريصة على عدم الإعلان عن رغبتها في إبرام صفقات الأسلحة، وبالتالي لا تمثل هذه العقود والصفقات إجمالًا المحصلة النهائية لحصاد المعرض في هذا الجانب.
2- استحوذت الشركات الأوروبية على أغلب العقود ومذكرات التفاهم المبرمة خلال فترة المعرض، وجاءت فرنسا في الترتيب الأول، ثم إيطاليا وبلغاريا والبوسنة وصربيا. ويأتي هذا المعدل من الاتفاقيات مع فرنسا بحكم عقود التوريد السابقة في المجالين البحري والجوي، وبالتالي تُعد هذه العقود امتدادًا لمستوى علاقات التعاون على الجانبين وتغطية احتياجات قطع الغيار الخاصة لما تم توريده لمصر كطائرات الرفال، ثم الاستثمار في تجربة توطين الصناعات التكنولوجية العسكرية في مصر، وهو أيضًا يعد علامة على نجاح تجربة تصنيع الفرقاطة الفرنسية “جونيد” محليًّا في مصر بالتعاون مع نافال جروب التي اتجهت هي الأخرى لتوقيع عقد لافتتاح مكتب لها في مصر، وهو ما يحقق الاستفادة للجانبين.
3- كان نصيب مصر في تعاقدات التوريد خلال المعرض مع كل من البوسنة وصربيا وبلغاريا على منتجات مصرية خاصة بالذخائر والمعدات الإلكترونية وأجهزة المراقبة الليلية والحرارية، وذلك على خلفية ما تتميز به مصر في مجال صناعة الذخائر، وهو مجال من المنتظر أن تقدم مصر فيه خدمة نوعية مع إعلان رئيس هيئة التسليح عن إنتاج ذخائر المروحية الروسية المقاتلة 52 – k.
4- على الرغم من أن مصر أنتجت بعض المنتجات العسكرية محليًّا بنسبة 100%، ومنها الرادار ثنائي الأبعاد ESR-32 الذي يعد أحد نواتج جهود البحث والتطوير بالقوات المسلحة ومركز قيادة صواريخ الدفاع الجوي مصري الصنع، إلا أن التعاقدات تظهر تعاقد مصر مع شركة “ليوناردو” الإيطالية على تطوير رادار متطور، لكن هذا لا يُظهر تعارضًا بحكم تلبية مستوى الاحتياجات من جهة، ومن جهة أخرى تتعلق بالاحتياجات المناسبة لدول أخرى كهدف تسويقي، فالرادار ESR-32 ربما يلبي احتياجات جيوش أخرى في المنطقة.
5- خارج قائمة التعاقدات والصفقات يظهر أن مصر تمكنت من تلبية أغلب احتياجاتها من السوق المحلية والدولية، بالنظر إلى قائمة متطلباتها الخارجية التي بدت محدودة في قطع الغيار وبعض الأنظمة النوعية.
الميزات النسبية للمنتجات العسكرية المصرية
شكل المعرض فرصة لتقديم أحدث المنتجات المحلية المصرية في العديد من القطاعات والتي تميزت بعدد من المميزات المهمة، منها مستوى الإنتاج المصري محلي الصنع بالكامل، ومستوى الإنتاج المحلي المشترك. ومن ذلك على سبيل المثال لا الحصر:
1- المدرعات: كشف المعرض عن تقديم أحدث منتجات المدرعات المصرية، وكان الأبرزَ بينها المدرعتان St-100 وst-500، وهي مدرعات فائقة التدريع أنتجتها شركة (IMUT- مصر) بالتعاون مع مصنع 200 الحربي بمواصفات مطابقة لمواصفات الناتو، ومن المستوى الرابع للحماية، وهي تتفوق على نظيرتها الأمريكية M-RAB. وقامت الشركة المصنّعة بإنشاء خط إنتاج لهاتين المدرعتين، لتلبية الاحتياجات المحلية واحتياجات السوق الإقليمي. وتم إنتاجها بنسبة أكثر من 90%، وهي مدرعات مصمصة للعديد من الأغراض، بدءًا من الإسعاف وحتى القتال الميداني. كما يمكن استخدمها كناقلة جنود ومركبة قتال خفيفة لقوات مكافحة الإرهاب وسلاح المدفعية وفض الشغب وقوات التدخل السريع. وتتميز بالقدرة على الإعاقة والتشويش، ويمكنها حمل أنواع مختلفة من الرشاشات الخفيفة والثقيلة والمدافع المضادة للطائرات.
2- الطائرات: قُدمت نماذج للطائرات المقاتلة والتدريب، ومنها طائرات التدريب وهي محلية الصنع وأشهرها نموذج K8، والتي يتم إنتاجها محليًّا بنسبة 95% في مصنع الطائرات التابع للهيئة العربية للتصنيع، والطائرات AUV بدون طيار، ولدى مصر ثلاث طائرات هي: CH-5 الصينية، وWing Loong1، والطائرة ASN-209 التي يتم تصنيعها محليًّا بالكامل وتم عرضها في المعرض. كما تم تقديم نماذج للطائرات الهدفية لتدريب أطقم الدفاع الجوي، ومنها الطائرة “سهم” المنتجة محليًّا والتي تستخدم أيضًا لتدريب أطقم الصواريخ، في حين عرضت مصر المقاتلة k-52 الروسية التي تعادل الأباتشي في المعرض، وعرضها يأتي في سياق تقديم ما تحوزه مصر من أسلحة في إطار استراتيجية تنويع مصادر التسلح، وهي واحدة من الاستراتيجيات التي ترتكز عليها المعارض العسكرية.
3- القطع البحرية: وفي المقدمة منها الفرقاطة “جويند” التي أنتجتها شركة ترسانة الإسكندرية بالتعاون مع نافال جروب الفرنسية، كما أنتجت الشركة أيضًا 15 قطعة من لانشات المرور الساحلي دخلت منها 6 بالفعل في الخدمة، فضلًا عن بعض القطع البحرية الصغيرة المستخدمة في أغراض مدنية وعسكرية.
4- الصناعات الدفاعية: يبرز في هذا الإطار رادار المسح الجوي والإنذار المبكر المصري ثنائي الأبعاد ESR-32 كأحدث المنتجات التي تم الكشف عنها في المعرض، وهو مُصنّع محليًّا بنسبة 100%، وقادر على تحليل وتقييم المخاطر والتهديدات الجوية، وتحديد نوعيات أنظمة الدفاع الجوي اللازمة للتعامل معها، حيث يصل مداه إلى 250 كم، وصالح أيضًا للاستخدام المدني لمراقبة وتوجيه حركة الملاحة الجوية. كما قدمت الشركة العربية العالمية للبصريات نظام المراقبة الأرضية والساحلية MTLB-V المصري الصنع المحمل على مجنزرة MTLB الروسية ويحمل النظام رادار R20SS.
وتطرح طبيعة المنتجات المصرية التي تم تقديمها في المعرض العديد من الدلالات المهمة، منها:
1- أن تقدم مستوى التصنيع المحلي في المنتجات العسكرية والدفاعية المصرية يتراوح بين 60-70%، وهي نسبة متقدمة للغاية، وتلبي الاحتياجات المحلية وفائض التصدير بشكل تنافسي. أما الهامش المتبقي 30-40 هو ما يسمح بهامش مقبول للتعاون مع الدول في مجال التسليح.
2- يشكل الإنتاج المصري قاعدة عريضة لكل متطلبات كافة التشكيلات العسكرية، دون الاقتصار على مجال معين، وهو ما يعني أن خطة التطوير تسير في خطوط أفقية ورأسية لتحقيق أقصى النتائج المطلوبة.
3- ظهر مدى الاهتمام بأسلحة الحروب غير النمطية ومكافحة الإرهاب، والذي انعكس على مستوى التقدم في مجال التدريع، والطائرات الهجومية بدون طيار.
4- عزز المعرض فكرة التصنيع المشترك للصناعات العسكرية الحديثة والتكنولوجية بهامش غير مسبوق في إطار استراتيجية توطين الصناعات العسكرية، وتحويل مصر إلى مركز إقليمي للعديد منها.
5- ظهرت أيضًا فكرة التصنيع متعدد الأغراض بحيث يمكن استخدام بعض المعدات والآليات العسكرية في المجال المدني أيضًا.
6- تعبر القدرة على تطوير المنتجات إحدى الأفكار الرئيسية التي قدمها المعرض، ومدى إقبال الشركات المصرية وتطلعها الدائم لتحديث العديد من النماذج التي قدمت في المعرض.
إجمالًا، يُمكن القول إن المعرض قدم نموذجًا يحقق جملة من الأهداف التي قام من أجلها، وهو ما يمكن قياسه في ظل المتاح من المؤشرات. كما عكس الإرادة المصرية في الإصرار على تبني الفكرة والعمل على إنجاحها ليحجز لمصر موقعًا متميزًا على خريطة المعارض العسكرية في المنطقة والعالم من خلال تقديم نموذج متميز قابل للبناء عليه في المستقبل بشكل متدرج مع تراكم الخبرات في هذا الصدد.