CHINA MILITARY POWER: Modernizing a Force to Fight and Win
وكالة الاستخبارات العسكرية الأمريكية، يناير 2019
أصدرت “وكالة استخبارات الدفاع الأمريكية” Defense Intelligence Agency في يناير الجاري (2019) تقريرا مهما بعنوان “القوة العسكرية الصينية: تحديث قوة للقتال والنصر” CHINA MILITARY POWER: Modernizing a Force to Fight and Win أشار التقرير أنه يمثل دليلا دامغا على انخراط الصين في تنافس استراتيجي مع القوى العظمى، وأنه لا مجال للتشكيك في توجهات الصين الرامية إلى فرض هيمنتها وفرض إرادتها على النظام الدولي.
يتناول التقرير (140 صفحة) الأهداف العسكرية للصين، ويُفند بالتفصيل التغييرات في هيكل وقيادة جيش التحرير الشعبي. كما يناقش التحديث العسكري والأهداف الأساسية للقادة الصينيين. واعتبر البنتاجون التقرير موجهاً لما يجب على الجيش الأمريكي التصدي له، وتوضيح أين يجدر إنفاق الأموال الأمريكية على أفضل وجه.
ونتناول في العرض الحالي أهم المحاور التي تناولها التقرير بالتحليل. كما ننظر فيما يجب الانتباه إليه من انعكاسات قادمة على مستقبل قضية تنامي الصين كقوة كبرى تدفع بها الاستراتيجيات الأمريكية إلى قائمة القوى الصاعدة المهددة لمصالح الولايات المتحدة، ما ينعكس على استقرار النظام العالمي والتفاعلات الدولية.
ويحمل التقرير “رمزية” كبيرة حول اتجاه وزاة الدفاع الأمريكية إلى تصنيف الصين “الخطر القادم” على الولايات المتحدة، إذ يأتي التقرير ضمن سلسلة تقارير، جاء إصدارها الأول متناولاً “القوة العسكرية للاتحاد السوفييتي”، ما يعزز اتجاه الولايات المتحدة الأمريكية نحو هيكلة استراتيجياتها في مجالات عدة لمواجهة التهديد الصيني القادم. كما تصدر غُلاف التقرير الفرقاطة الصينية “يانتاي” Yantai، في إشارة إلى أن الصين اتجهت بقوة في مجال امتلاك جيل جديد من القدرات التدميرية الكبرى التي سيتوجب على الولايات المتحدة التعامل معها مستقبلاً.
ركزت مقدمة التقرير على تقديم لمحة تاريخية حول نشأة “جيش التحرير الشعبي الصيني” منذ تأسيسه في عام 1927، حيث كان يشار إليه باسم “الجيش الأحمر” في عهد ماو تسي تونغ. وظل حتى فترات طويلة مفتقرا إلى عناصر التطوير والتحديث. ويشير التقرير إلى أنه الذراع العسكرية للحزب الشيوعي الصيني وليس مؤسسة وطنية بالمفهوم الشامل. وقدم التقرير تحليلاً لصعود الصين العسكري منذ 1978 حتى الآن، إذ مثل النزاع مع فيتنام فرصة لإعادة تطوير الجيش الصيني ضمن أهداف التحديث الوطنية. وأشار التقرير إلى أن الألفية الجديدة شهدت تنامي مصالح الصين، ودفعها تعاقب الأحداث العالمية إلى تبني استراتيجيات واسعة النطاق وتسريع وتيرة تطوير جيش التحرير الشعبى الصينى.
وتناول التقرير التهديدات المتصورة ضد الصين، ويرى أن تصور الحزب بأن الصين تواجه مخاطر أمنية غير مسبوقة هو عامل دافع في استراتيجية الصين للأمن القومي (الورقة البيضاء) التي نشرتها في مايو 2015، والتي حددت كيف تنظر بكين إلى البيئة الأمنية العالمية ودور الصين فيها، وكيف يدعم جيش التحرير الشعبي هذا الدور. كما قدمت الاستراتيجية رؤية لعمل الجيش الشعبي الصيني، والتي من شأنها تحويل موقفه القديم إلى آخر يركز بشكل أكثر على التنقل طويل المدى. وترى الاستراتيجية أن الحرب العالمية هي أمر مستبعد في المستقبل القريب، لكن الصين يجب أن تكون مستعدة لإمكانية الحرب المحلية.
ويقدم التقرير نظرة عامة على العسكرية الصينية، حيث يطرح المهام التي حددتها الاستراتيجية للجيش الصيني، وهي حماية سيادة الصين وأمنها السياسي والاجتماعي ووحدتها الوطنية، وضمان مصالح الصين في المجالات الجديدة، مثل الفضاء والفضاء السيبراني. وتشمل هذه المهام أيضا حماية مصالح الصين خارجياً، وحفظ الردع الاستراتيجي، بالإضافة إلى المشاركة في التعاون الأمني الدولي، والقيام بعمليات الإنقاذ في حالات الطوارئ، والإغاثة في حالات الكوارث، وبعثات “حماية الحقوق والمصالح”. وطرح التقرير بيانات تتعلق بالقيادة العسكرية الصينية، وقضايا الاستقرار وعلاقات الدفاع الخارجي، وميزانية الدفاع الصينية.
ويقدم التقرير رؤية تحليليه لعقيدة واستراتيجية العسكرية الصينية، ويؤكد أن هدف الصين العسكري هو بناء قوة قوية ومقاتلة قادرة على كسب النزاعات الإقليمية، وأن المبدأ الأساسي لهذه الاستراتيجية يتطور مع إصلاحات جيش التحرير الشعبي الجارية. ويؤكد التقرير أن الصين تصف استراتيجيتها بـ”الدفاع النشط” active defense، وهو مفهوم يعني -وفقا للاستراتيجية- أنها تتسم استراتيجيا بالطابع “الدفاعي” strategically defensive لكنها “عمليا” تتسم بطابع “هجومي” operationally offensive.
ويدعم التقرير اتجاهه بعرض القدرات العسكرية الصينية الأساسية، ويشير إلى أن جيش التحرير الشعبي استمر في حقبة ماو سي تونغ متمحوراً حول “القوة الأرضية”، ويفتقر إلى معظم القدرات الحديثة مثل النقل الميكانيكي للقوات، لذلك وسعت الاستثمارات في التحديث من قدرات الصين العسكرية في جميع مجالات الحرب. لكن لا يزال جيش التحرير الشعبي الصيني بعيدًا عن أن يكون قادراً على نشر أعداد كبيرة من القوات التقليدية على مستوى العالم، لكن الصين طورت قدرات نووية وفضائية وسيبرانية وغيرها من القدرات التي يمكنها الوصول إلى خصوم محتملين في جميع أنحاء العالم.
وفي السنوات القادمة، يرجح التقرير نمو جيش التحرير الشعبى الصينى بصورة أكثر تقدما من الناحية التكنولوجية، مع امتلاك معدات مماثلة لتلك الخاصة بالجيوش الحديثة الأخرى. كما سيحصل جيش التحرير الشعبي على طائرات مقاتلة متقدمة وسفن بحرية وأنظمة صاروخية وأصول فضائية وأخرى في الفضاء الإلكتروني أثناء تنظيمها وتدريبها لمواجهة تهديدات القرن الحادي والعشرين بعيداً عن شواطئ الصين.
للاطلاع على التقرير انظر:
Defense Intelligence Agency, CHINA MILITARY POWER: Modernizing a Force to Fight and Win, Washington D.C, January 2019. Available at