شهدت السنوات الأخيرة طفرة كبيرة في التوسع في المدفوعات الرقمية وسط التوسع العالمي في الخدمات المالية الرسمية. وخلق هذا التوسع فرصا اقتصادية جديدة، فقد أظهرت مسوح المؤشر العالمي للشمول المالي عام 2021، أن أكثر من ثلثلي البالغين في العالم يمتلكون حسابات بنكية، والتي شهدت ارتفاعا من 51% في 2011.
وقد عززت جائحة كوفيد 19 استخدام المدفوعات الرقمية، كما حفزت حسابات المعاملات المالية عبر الهاتف المحمول بما ساهم في تحقيق زيادة هائلة في الشمول المالي في البلدان النامية بشكل عام ومنطقة أفريقيا جنوب الصحراء بصورة خاصة. حيث يسدد ثلثا البالغين في جميع أنحاء العالم الآن مدفوعات رقمية أو يحصلون عليها، فقد ارتفعت هذه النسبة في الاقتصادات النامية من 35% في 2014 إلى 57% في 2021.
وجاء قرار البنك المركزي المصري الأخير بشأن زيادة الحدود القصوى لجميع المعاملات على تطبيقات شبكة المدفوعات اللحظية (انستا باي) اعتبارًا من 15 مارس 2023 كأحد الخطوات المهمة في رفع معدلات الشمول المالي ودمج الأفراد عبر النظام المالي الرسمي، وتقليل حجم الاقتصاد غير الرسمي.
يعد تطبيق انستا باي instapay أحد التطبيقات المدعومة من القطاع المصرفي المصري، وقد تم تطويره من قِبل شركة بنوك مصر (EBC) التي تمتلكها 4 مؤسسات مالية وهي: البنك المركزي المصري، والبنك الأهلي، وبنك مصر، إضافةً إلى بنك الاستثمار القومي. لتسهيل عملية تحويل الأموال بشكل لحظي.
بما يساهم في مواكبة التطورات التكنولوجية والتيسير على المواطنين وتشجيعهم على الاستمرار في استخدام وسائل وقنوات الدفع الإلكترونية، واستيعاب متطلبات فئات العملاء المختلفة لتحسين الخدمات المالية، واستقطاب عملاء جدد للقطاع المصرفي.
ويقدم هذا المقال في فقراته القادمة تحليلا سريعا لأبرز مؤشرات الشمول المالي في مصر والتوقعات المستقبلية للتوسع في استخدام خدمات الدفع الألكتروني، وماهي أبرز العقبات والتحديات القائمة للتوسع في التعامل الإلكتروني مع ظهور تطبيق انستا باي.
- مؤشرات الشمول المالي في مصر:
أظهرت مسوح المؤشر العالمي للشمول المالي عام 2021، أن حوالي 27% من البالغين في مصر (15 عاما فأكثر) يمتلكون حسابات بنكية، والتي شهدت ارتفاعا من 14% في 2014 و10% في 2011. ولكن بالرغم من ارتفاعه إلا انه يتراجع عن المتوسط العالمي البالغ نحو 76% والمتوسط الإقليمي البالغ نحو 48%، وفقا للشكل التالي.
كما يبلغ عدد الذين يمتلكون كارت خصم أو مدفوعات نحو 22% والذي ينخفض عن المتوسط العالمي البالغ نحو 55% عام 2021، ويستخدم نحو 10% من البالغين خدمة المدفوعات عبر الهاتف المحمول.

وفي استطلاع رأي أجراه البنك الدولي حول أبرز أسباب عدم امتلاك حساب بنكي للأفراد الباغلين في مصر (ممن لا يمتلكون حسابات بنكية)، أعرب أكثر من 90% عدم وجود حساب بنكي نتيجة لعدم توافر الموارد المالية لديهم، كما أعرب أكثر من 22% أن فتح حساب أمر مكلف ماديا، وقد ساهم بعد أماكن المؤسسات المالية عن محل السكن ونقص الوثائق اللازمة لفتح حسابات في عزوف الأفراد عن فتح حسابات، وقد أرجع نحو 6% من اللأفراد سبب عزوفهم عن فتح حساب بنكي لأسباب دينية. ويشير الشكل التالي لتلك الأسباب.

أهم استخدامات تطبيق انستاباي:
يدّعم تطبيق انستا باي أكثر من 25 بنك من البنوك المصرية حتى الآن، يتمتع تطبيق انستا باي بمزايا متعددة، تجعله خيارًا مثاليًا في التحويلات والمعاملات المالية بين البنوك، من أبرزها ما يلي:
- تحويل الأموال بشكل لحظي، في أي وقت خلال أيام الأسبوع، ويعود ذلك بشكل رئيسي إلى شبكة المدفوعات اللحظية (IPN)، التي تسرّع من معالجة المدفوعات والتحويلات للمؤسسات المالية المدعومة.
- ربط وإدارة الحسابات البنكية في مكان واحد، يتيح التطبيق للمستخدم أن يربط جميع حساباته البنكية في تطبيق واحد، طالما مسجّلة بنفس رقم الهاتف المحمول. بما يسهل إدارة حساباته البنكية، مثل معرفة أرصدة الحسابات البنكية، وكشوفات الحسابات التي تتضمن جميع معاملات السحب والإيداع، بالإضافة إلى إمكانية تحويل الأموال بين الحسابات البنكية وبعضها.
- تحويل واستقبال الأموال بطرق مختلفة، سواء عبر الحسابات البنكية أو المحافظ البنكية للهاتف المحمول.
كل تلك الممميزات تمكن انستاباي من لعب دور مميز في تحقيق الشمول المالي للأفراد والشركات وتوفير الوقت وتكاليف التحويل، وتشجع الأفراد لفتح حسابات بنكية والدخول عبر النظام المالي الرسمي. فقد كشف البنك المركزي زيادة كبيرة في حجم المعاملات المنفذة من خلال التطبيق لتتجاوز قيمتها 45 مليار جنيه لأكثر من 8 مليون معاملة في أقل من 8 أشهر فقط من خلال تطبيق انستا باي (InstaPay) وقنوات البنك الإلكترونية، حيث وصل عدد مستخدمي الخدمة لما يزيد عن مليون عميل وذلك حتى ديسمبر لعام 2022.
وقد شهدت الآونة الاخيرة قرار البنك المركزي في رفع حدود التحويل المتاحة عبر التطبيق، لتصبح الحد الأقصى لقيمة المعاملة نحو 70 ألف جنيهاً مقارنة مع 50 ألف جنيهاً، وارتفع الحد الأقصى اليومي لقيمة المعاملات من 60 ألف جنيه إلى 120 ألف جنيه، وأصبح الحد الأقصى الشهري لقيمة المعاملات نحو 400 ألف جنيه مقارنة بنحو 200 ألف جنيه في السابق.
ومما سبق يتضح لنا تواضع نسبة الشمول المالي المحققة في مصر مقارنة بدول العالم المختلفة الأمر الذي لا يدع مجالا للشك بأهمية دور التطبيقات الحديثة في تعزيز الشمول المالي ورفع معدلات التغطية لتقترب من النسب العالمية والإقليمية.