في جلسة نقاشية بعنوان “المبادرات الدولية والإقليمية للسلام والإغاثة في السودان: الأولويات وضمانات الفاعلية”، استقبل المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، يوم السبت 17 يونيو 2023، وفداً سودانياً رفيع المستوى برئاسة معالي السيد/ مالك عقار، نائب رئيس مجلس السيادة السوداني لتبادل الرؤى والأفكار وبناء تصور مشترك حول المبادرات الدولية المطروحة بشأن السودان وآليات تنسيقها وتعزيز فرص نجاحها.
أدار الجلسة الدكتور خالد عكاشة مدير عام المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، واللواء محمد إبراهيم الدويري نائب المدير العام، وتكاملت الرؤى والأفكار المصرية – السودانية من خلال كلمات ومداخلات المشاركين في النقاش من الوفد السوداني، وهم: معالي السيد/ مالك عقار – نائب رئيس مجلس السيادة السوداني، ومعالي السفير/ الصادق عمر عبدالله – القائم بالأعمال بالإنابة لسفارة جمهورية السودان بالقاهرة، والمندوب الدائم لدى جامعة الدول العربية، ومعالي السفير/ عبد الباقي حمدان كبير – سفير السودان لدى بلجيكا ورئيس بعثة السودان لدى الاتحاد الأوروبي، ومعالي السفير/ دفع الله الحاج – وكيل وزارة الخارجية السودانية والمبعوث الخاص لرئيس مجلس السيادة السوداني، والسيد الفريق ركن/ محمد الغالي علي يوسف – الأمين العام لمجلس السيادة السوداني.
وأثرى النقاش حول الأوضاع في السودان والمبادرات المطروحة المشاركون في الجلسة من أعضاء وخبراء المركز المصري، وهم: الدكتور/ عبد المنعم سعيد – رئيس الهيئة الاستشارية، والدكتور جمال عبد الجواد – عضو الهيئة الاستشارية ومدير برنامج السياسات العامة، والدكتور/ صبحي عسيلة – عضو الهيئة الاستشارية ورئيس وحدة دراسات الرأي العام، والدكتور/ أحمد أمل – رئيس وحدة الدراسات الإفريقية، جنباً إلى جنب مع نخبة من الخبراء والمتخصصين من خارج المركز، وهم: معالي السفير/ محمد العرابي – وزير الخارجية الأسبق ورئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية، ومعالي السفير دكتور/ صلاح حليمة – مساعد وزير الخارجية للشؤون الإفريقية الأسبق، ومعالي السفير دكتور/ محمد بدر الدين – مساعد وزير الخارجية الأسبق، والدكتور/ السيد فليفل – عميد معهد الدراسات الإفريقية الأسبق، والدكتور/ محمد فايز فرحات – مدير مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، والأستاذ/ محمد مصطفى شردي – الكاتب الصحفي والإعلامي المصري، والأستاذ/ صلاح جمعة – نائب رئيس تحرير وكالة أنباء الشرق الأوسط، والأستاذة/ سمر الجمل – نائب رئيس تحرير الأهرام إبدو.
استهل الدكتور خالد عكاشة الجلسة بالترحيب بالسادة الحضور، ثم استعرض محاور النقاش وأبرز النقاط التي تركز الجلسة النقاشية عليها، وهي:
- طبيعة المصالح الدولية المتنافسة كأحد محركات الصراع في السودان.
- البعد الإقليمي للأزمة في السودان وعلاقات التأثير والتأثر بدول الجوار.
- المبادرات الدولية المقدمة والموقف الحالي من البعثة الأممية في السودان.
- أسباب تعثر مفاوضات جدة، وانتكاس وقف إطلاق النار.
- مبررات غياب الفاعلية عن المبادرات الأفريقية من الاتحاد الأفريقي ومنظمة إيجاد.
- آليات تنسيق المبادرات الإقليمية والدولية لوقف إطلاق النار وبدء مفاوضات للسلام.
- البعد الإنساني للأزمة وفرص إطلاق مبادرة دولية وإقليمية موحدة.
وانتقلت الكلمة للسيد مالك عقار الذي تقدم بالشكر للمركز المصري على جهوده في إقامة العديد من الفعالات المتعلقة بالقضية السودانية، ثم انتقل بالحديث وألقى الضوء على تأثير الأزمة السودانية على الدولة المصرية، وأوضح أن السودان أهدر الكثير من الفرص لتكوين الدولة، معتبراً أن مُعالجة القضية الحالية تعد من أعقد المهام، ولابد من وجود عدالة اجتماعية لحل كافة المشاكل، حيث أدت كافة التباينات إلى انفصال جنوب السودان من قبل، وإذا استمرت النخب في إدارة الدولة ومُعالجة قضية ثم أخرى دون التوصل إلى حلول ناجعة وفشلها فإن ذلك سيؤدى إلى شد الأطراف وحرب النخب. ركز السيد عقار أيضاً على أن الدعم الذي تلقته المجموعة العربية في دارفور سمح لها بمزيد من القوة، وتمكنت من تكوين شبكة علاقات استراتيجية وإحراز تقدم اقتصادي، واستطاعت أن تصل إلى منصب نائب رئيس مجلس السيادة، الأمر الذ سمح أن تكون لها أطماح سياسية واقتصادية تحت قيادة حميدتي.
وفيما يتعلق بثورة ديسمبر، أكد عقار على أنه لم تكن هناك خارطة طريق واضحة لإدارة الدولة السودانية، ولا تعتبر الوثيقة السودانية وثيقة ولا دستور، في ظل التناقض بين المكونات العسكرية والمدنية، ما أدى إلى فشل الانتقال السياسي ونشوب أزمة ثقة بين الأطراف. ورأى أن المجموعة المدنية كانت تحتاج إلى سند وجدته في الدعم السريع وآخر في السند الشعبي، وتمثلت عملية التحوّل الديمقراطي في المحكمة العليا والشعب السوداني من خلال صناديق الذخيرة وليس صناديق الاقتراع، وتسليم السلطة إلى حكومة مدنية، وكان تبني شعار محاربة الحركة الإسلامية بمثابة وضع لكسب عاطفة السودانيين ودول كثيرة لها تاريخ وصلات بالحركة الإسلامية.
وتطرق في حديثه أيضاً إلى أن الدعم السريع استخدموا شعار “لا توجد مشكلة مع الجيش ولكن مع العناصر الإسلامية في الجيش” من أجل تحقيق هدفهم النهائي المتمثل في الوصول إلى السلطة؛ وقد أدى ذلك إلى الاشتباكات المسلحة والهجوم على المواقع الاستراتيجية في 15 أبريل 2023 وصولاً إلى الوضع الكارثي في السودان في الوقت الحالي الذي لم تتمكن المبادرات الدولة المتعددة مثل مبادرة الإيجاد ومبادرة الاتحاد الإفريقي من تغييره، وهو ما يشير إلى خطورة حدوث انتكاسة في السودان تؤدي إلى انهياره وبالتالي انهيار القرن الإفريقي، بما يجعل من المنطقة ملاذاً آمناً لتجارة البشر والإرهاب والقرصنة.
وأشار في كلمته إلى ضرورة إحداث تغيير جذري وليس مجرد مُعالجة الوضع الراهن، ولابد من إنهاء الحرب والتأكيد على وجود جيش واحد تحت إدارة رئيس أركان واحد، ومُعالجة القضايا الإنسانية في السودان. كما أوضح أن مبادرة الاتحاد الأفريقي لم يكن السودان طرفاً فيها نتيجة تعليق عضويته في الاتحاد الأفريقي، أما مُبادرة جدة (السعودية والولايات المتحدة الأمريكية)، ولم تشهد أي تقدم، وأوضح أن هدف كافة المُبادرات هو احتلال السودان، وهو ما لن يقبله السودانيون.
من جانبه، أوضح السفير دكتور/ صلاح حليمة أن هناك إشكاليتين أساسيتين، الأولى تتعلق بعمل آليات الوساطة، حيث أن دور الأمم المتحدة في خضم الصراع السوداني جاء بناء على طلب رئيس الوزراء السوداني حينذاك “عبد الله حمدوك”، والبعثات الأخرى التي تدخلت تحت مظلة دعم التحول الديمقراطي في السودان، إما من جانب الأطراف السياسية ذاتها أو بطلب من الفريق أول عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة السوداني قائد الجيش، وفي ذات الوقت للفريق أول حق في استبعاد تلك البعثات بصفته رئيس الدولة وذلك وفقاً لما تقضيه المرحلة السياسية والمصلحة الوطنية للسودان. ويمتد هذا الأمر إلى بعثة الاتحاد الأفريقي التي جاءت بناء على طلب الرئيس البرهان.
وبقراءة سريعة لعمل تلك الآليات يمكن القول بأنها فشلت في تحقيق أهدافها، ولعل هذا يتطلب صورة من توسيع مشاركة أطراف أخرى داخل تلك الآليات سواء بالعضوية أو التنسيق والتشاور مثلما هو الحال بالنسبة لجامعة الدول العربية أو الدول المعنية مثل مصر، وهذا الأمر لم يحدث من جانب القيادة السودانية بالرغم من أهميته في تعزيز وقف إطلاق النار، خاصةً وأن قرار وقف إطلاق النار يتطلب ويقترن بوجود مراقبين لضمان تحقيقه وتنفيذيه وكذلك لتأمين خروج قوات الدعم السريع من العاصمة السودانية “الخرطوم”.
وتتمثل الإشكالية الثانية في مسار العملية السياسية، حيث يرى أن ما حدث في مخرجات الاتفاق الإطاري الذي كان قائمًا بصورة رئيسية على مكون الدعم السريع كحاضنة عسكرية لقوى الحرية والتغيير كان معيباً، وهذا هو الخطأ الاستراتيجي الأول الذي أدى إلى تعثر الانتقال السياسي وفاقم من حدة الصراع؛ الأمر الذي يتطلب العمل على وجود مقاربة جديدة شاملة وجامعة ومتكاملة بين ثلاثة مسارات ،الأول مسار وقف إطلاق النار والثاني مسار الجوانب الإنسانية واستغلال الدور الحالي للمنظمات الإغاثية ودور الدول منفردة مثل مصر وبعض الدول المانحة في التسريع بذلك المسار، بينما يأتي المسار الثالث في إتمام العملية السياسية واستئنافها مع مسار عملية إعادة البناء والتعمير لمرحلة ما بعد حسم المؤسسة العسكرية للصراع، وتركيا بدأت تتخذ خطوات في مسار إعادة الإعمار السوداني.
وعقب السيد مالك عقار ليؤكد على أن البعثات الخارجية أو الأممية جاءت وفقًا لطلب الحكومة الأولى “حكومة حمدوك” وكانت وفقًا لصلاحيات محددة، لكن البعثة الأممية تجاوزت دورها وصلاحياتها ومن ثّم وجب إنهاء دورها داخل السودان، وأن العملية السياسية في السودان تم احتكارها من مجموعة معينة داخليًا وأقنعوا المجتمع الدولي بأنها هي العملية الأصح بدون وجود خطوات وخارطة عملة واضحة لهذا المسار، ومن هنا يجب أن يُعاد تشكيل فكر ورؤية النخب السياسية السودانية وانخراطها في منصة الحوار. علاوةً على ذلك فإن هناك حركات مسلحة باتت تشكل خطة تواصل مع قوات الدعم السريع مثل حركة عبد العزيز الحلو وتقديم مطارات استراتيجية لتلك القوات لاستخدامها منها مطار كادوقلي بجنوب كردفان.
من جانبه، أشار الدكتور السيد فليفل إلى أن السودان لديه تجارب سابقة من دول المغرب يمكن الاستفادة منها، حيث اعترف النظام الملكي بعمليات القتل والنهب وتم تقدمي التعويضات، في حين أن السودان لم تقم بهذا المبدأ لما حدث عام 2019. وأوضح أيضاً أن هناك إهانة متعمدة من جانب النخب السودانية للجيش، ولم تكن هناك عملية لتوزيع الأدوار والخطأ في بنية النظام السياسي، والصراع الدائر لا يقبل التدخل الخارجي، ولابد من وقف إطلاق النار لاعتبارات أمن الدولة في المستقبل، وتفادي مشكلة وجود جيش آخر. بالإضافة إلى أن السودان لم يطلب دعم عربي وأفريقي بشكل رسمي.
وانتقلت الكلمة للسفير دكتور محمد بدر الدين الذي أكد على أن الحركة الإسلامية لها دور كبير فيما وصل إليه السودان، كما أن الإطار الدعائي الذي تستخدمه قوات الدعم السريع لكي تواجه المشكلة يحتاج إلى فصل بين سردية الجيش الوطني السوداني وسردية قوات الدعم السريع، وتساءل عما إذا كان هناك محاولة من جانب معالي النائب مالك عقار للتواصل مع القوى المعارضة وإجراء حوار أكثر عمقا مع المعارضة السودانية. بدوره، رد السيد عقار أن السودانيين يجاهدون ضد الحركة الإسلامية كونها ليست ممثلة للإسلام، وسبباً لمشاكل كثيرة، في ظل انحصار النخبة السودانية في الخرطوم وشمال السودان، وأشار إلى أن الحركة الإسلامية في أضعف حالاتها الآن، ولن يتم هزيمتهم إلا بواسطة الشعب، وليس بالسلاح.
وفي ظل التفاعل القوي من المشاركين في الجلسة، استجاب السيد مالك عقار لعدد من الأسئلة المتتالية، تمثلت في سؤال السفير محمد العرابي ” كيف يمكن الجمع بين البرهان وحميدتي برعاية رئيس وزراء إثيوبيا وفق ما أعلن عنه في مبادرة الإيجاد، وكيف يتم الحوار بين القيادتين لإخماد فتيل الفتنة رغم استمرار الحرب؟” وجاء رد السيد عقار الذي أكد على ضرورة إنهاء الحرب والجلوس إلى مائدة التفاوض، ولكن المشكلة تتمثل في كيفية إيجاد صيغة جديدة للعلاقة بين الجيش والدعم السريع.
من جانبه طرح اللواء محمد إبراهيم الدويري سؤالين، الأول يتعلق بموقف الشعب السوداني وهو يرى وطنه يتجه لمستنقع لا يعلم متى سيخرج منه، والثاني يتعلق بما نحن بحاجة إليه – هل تدخل دولي عن طريق مبادرات دولية وإقليمية تراعي مصالحها – هل نحن في حاجة إلى خارطة طريق سودانية؟ وأكد على أنه لن يحل مشكلة السودان سوى السودانيين، فجزء من الأزمة السودانية يتمثل في التدخل الأجنبي، فما هو المطلوب تحديدًا خلال الفترة القادمة؟ وأضاف الدكتور خالد عكاشة إلى ذلك “ما الدور الذي يمكن أن تلعبه مصر في هذا الصدد؟”
ليأتي رد نائب مجلس السيادة السوداني متمثلاً في أن الجيش السوداني هو المؤسسة الوحيدة في السودان التي تأخذ في اعتبارها التنوع الوطني ويمكن أن نقول عليها مؤسسة وطنية، وبالتالي فإن انهيار المؤسسة الوطنية في السودان يعني أنه لم يتبقى شيء في السودان. وفيما يتعلق بموقف السودانيين، فإن السودانيين يقفون خلف القوات المسلحة، وأشار إلى أن المصريين من الناحية السياسية لهم دور، وهذا الدور يحتاج إلى جلسة أخرى.
على صعيد آخر، تمثلت كلمة الدكتور عبد المنعم سعيد في أن الجيش السوداني قادر على إنهاء الأزمة ولكن إذا امتلك الوقت الكافي لإدارة الأزمة، وأشار إلى نقطتين، الأولى أن دولة السودان دولة لا تزال في طور التكوين، وأن الجيش هو المؤسسة الوطنية الوحيدة، وهناك متابعة لما يحدث في السودان بسبب الثروات التي تذخر بها التي لم يتم استغلالها على مدى 60 سنة، والأمر يحتاج لبناء السودان حتى يمكن استغلال ثروات السودان، واستطرد أن المشكلة في السودان لن يتم حلها إلا من خلال الجيش السوداني، ومحاولات وقف إطلاق النار لا تنجح، والجانب العسكري في غاية الخطورة، ولا ينبغي لقوات الدعم السريع أن تخرج من الخرطوم، حتى لا يفقد الجيش القدرة على مراقبة هذه القوات. علاوةً على ذلك، أوضح أنه إذا كان الجيش السوداني مؤسسة ثابتة، فإن بإمكانه وضع خارطة طريق بالاشتراك مع من يشاركه نفس المرجعية، وعقد مؤتمرات دستورية فيما بعد، واكد أن مصر لن تتردد في مساعدة الشعب السوداني بكل طاقاتها.
وأضاف لما سبق الأستاذ محمد مصطفى شردي أن هناك صقور تحوم حول السودان لعرقلة استقراره، بالتالي، فإن هناك حاجة للعودة للمفاوضات، وهناك حاجة لدور أكبر للعشب والأحزاب السياسية والتكتلات المدنية في هذه المعادلة، وضرورة حسم المعركة عبر تضامن الشعب مع المؤسسة العسكرية.
فيما جاءت كلمة الدكتور محمد فايز فرحات لتؤكد على أن الأزمة معقدة وأن هناك خطورة من التدخلات الخارجية والأممية في الشأن السوداني التي من شأنها أن تعيق الحل وتعمق الأزمة ويصعب العودة معها لمعطيات ما قبل الأزمة، حيث أن الآليات الخارجية ما هي إلى غطاء للمصالح الخارجية، وأشار إلى ضرورة التجهيز لإطار سياسي لمرحلة ما بعد انتصار الجيش السوداني، الأمر الذي يتطلب وجود حوار مع المكون المدني، حيث أن انتصار الجيش السوداني يؤسس لافتراض أن تكون القوى المدنية لديها تصور حول قدرات الجيش ووضعيته في المشهد، وبالتالي وجود إطار سياسي جديد لا بد أن يكون لها استعدادًا عبر آلية الحوار مع المكون السياسي.
أما الدكتور جمال عبد الجوار، فعبر عن شعوره بخطورة الموقف في السودان على الرغم من رسائل السيد مالك عقار المطمئنة، وأشار إلى ضرورة أن يكون هناك تصور استراتيجي لمستقبل الدولة السودانية من خلال تطوير ورسم خارطة الطريق بخطوات عملية للوصول إلى دولة وطنية موحدة. وأكد على أن مصر حريصة على أن يكون السودان بلد موحد، وتقدم كل الدعم في هذا الاتجاه.
وفي نفس السياق، تساءل الدكتور صبحي عسيلة عما إذا كنا أما حل أم تسوية للأزمة السودانية في ظل الحديث عن مبادرات عديدة، وما هو دور الظهير الشعبي المدني؟ ليجيب السيد مالك عقار بأن الشعب السوداني موحد خلف الجيش السوداني، ولابد أن يكون الشعب شريك في الحوار والتنسيق، باعتبار القوى السياسية جزء من الأزمة الراهنة، ويجب أخذ الجانب الإيجابي منها، وترك الجانب السلبي، وضرورة انفتاح العملية السياسية لكافة الشعب.
أما الدكتور أحمد أمل، فقد أشار إلى الأوضاع خارج الخرطوم وتحديدًا ما يحدث في دارفور، حيث تفجر الوضع مجددًا في الإقليم مع مخاوف من تكرار استغلال الفلول لهذه الأوضاع والسماح للتدخلات من جانب مجلس الأمن وما يقوم به من تشريعات حفظ السلام. مما يُشكّل ضربة قاسية للتطور السياسي والعسكري المُحرز خلال السنوات الماضية. وفي هذا السياق، أجاب مالك عقار بأن دارفور يوجد بها تطورات كبيرة وعمليات النهب واسعة النطاق، وأن ما يحدث فيها ليس له علاقة بالسياسة السودانية ولكن نتيجة إفرازات قبلية والعقل الرعوي. كما توجد سيولة أمنية وإشكالية للأوضاع في الإقليم من خلال فتح الباب للتدخلات الخارجية تحت شعار الحماية والمساعدات الإنسانية.
ومن جانبها، تساءلت الأستاذة سمر الجمل عن كيفية تنفيذ المفاوضات بين طرفي الصراع، وهل هناك تواصل من قبل الجيش الوطني السوداني مع حميدتي الآن؟ واستطردت بأن الحسم العسكري لم يحدث تقدماً، فما هو مستقبل التسوية؟ وتمثل رد السيد عقار في أن ترتيبات البرهان وحميدتي ستتم في إطار الإيجاد، من خلال البناء على مخرجات المبادرة التي أعلنها، لكن بعد بحث النقاط الخلافية، وسيتم ذلك من خلال الخطوات الثلاثة (وقف إطلاق النار، القضايا الإنسانية، المسار السياسي). وفيما يتعلق بالمسار السياسي، أكد أن هناك حاجة لجهود مستمرة يمكن لمصر أن تلعب فيها مصر دوراً من خلال التفكير المصري السوداني المشترك.
وفي نهاية حديثه، أوصى السد مالك عقار باستضافة مصر لورش عمل تضم النشطاء السياسيين والمكونات السياسية والحزبية السودانية لبلورة رؤية شاملة حول السودان ويتم اعتماد مخرجاتها.
في ختام الجلسة النقاشية، شكر الدكتور خالد عكاشة، السيد مالك عقار والوفد المرافق له والنخب السودانية، مؤكداً أن اللقاء هدف إلى محاولة الإجابة على مجموعة من المحاور الهامة للإسهام في مستقبل الدولة السودانية، حيث يُشير المستقبل إلى كثير من الإضاءات والتطلع إلى سودان جديد قادر على صياغة مشروع دولة وطنية واحدة مستقرة تعود للسودان وللإقليم ككل باعتبارها الشريك الاستراتيجي الأول لمصر وأيضًا ذات أهمية استراتيجية لدول القرن الأفريقي والساحل والصحراء ووسط أفريقيا، وجميع هذه الدول تُواجه تحديات كبيرة.