تعد سندات الساموراي سندات مقومة بالين، تصدرها شركات يابانية، أو مؤسسات حكومية يابانية في الأسواق المالية الدولية. وهي تشبه إلى حد كبير سندات اليورو، والتي تصدرها الشركات أو الحكومات خارج منطقة اليورو بعملات غير اليورو. ويتم إصدارها بشكل أساسي من قبل البنوك اليابانية والشركات اليابانية الكبرى، مثل: تويوتا، وسوني. وعادة ما تكون هذه السندات مضمونة من قبل الحكومة اليابانية؛ مما يجعلها استثمارًا آمنًا نسبيًا.
تُستخدم سندات الساموراي بشكل أساسي لتمويل الاستثمارات الأجنبية للشركات اليابانية. كما أنها تُستخدم لتمويل مشاريع البنية التحتية الكبرى في اليابان. وتُعتبر سندات الساموراي استثمارًا جذابًا للمستثمرين الأجانب، وذلك بسبب انخفاض المخاطر المرتبطة بها، وعائدها المرتفع نسبيًا.
وقد صدر أول سند ساموراي في عام 1970 من قبل بنك اليابان، وقد بلغ إجمالي قيمة سندات الساموراي المصدرة حتى الآن حوالي 200 مليار دولار أمريكي. ويتم إصدار أغلب سندات الساموراي بأجل استحقاق، يتراوح بين 5 و10 سنوات. وعادة ما يكون العائد على سندات الساموراي أعلى من العائد على السندات الحكومية اليابانية.
وقد أصدرت مصر الإصدار الثاني من سندات الساموراي المقومة بالين الياباني بقيمة 500 مليون دولار لأجل خمس سنوات، وفقًا لما تم الإعلان عنه بنهاية أغسطس 2023 في اجتماع مجلس الوزراء المصري، ولم يتم الإعلان عن موعد التنفيذ. ويركز هذا المقال بالأساس على سندات الساموري، مع إعطاء لمحة حول تلك السندات، وأبرز الدول المصدرة لها، وتطور قيمتها عبر الزمن، مع التركيز على الواقع المصري، وكيفية تعظيم الاستفادة من تلك السندات في ظل الظروف الاقتصادية الآنية.
أولًا: فيما يخص التطور الزمني لإصدار سندات الساموراي
بدأ إصدار سندات الساموراي منذ عام 1970 بقيمة 2.5 مليار دولار أمريكي، عبر دولتين على مستوى العالم، ثم اتسع نطاقها لتصدر عبر 60 دولة على مستوى العالم بقيمة تتجاوز 400 مليار دولار أمريكي، ويشير الشكل التالي إلى تطور قيمة السندات المصدرة خلال الفترة (1970- 2023).
ليتضاعف بمعدلات متسارعة خلال 10 أعوام الماضية، فقد بلغ عام 2013 نحو 200 مليار دولار أمريكي، ثم إلى 260 مليار دولار عام 2016، ليسجل نحو 300 مليار دولار عام 2018، ثم إلى 340 مليار دولار عام 2020 ليصل إلى 400 مليار دولار عام 2023.
وجدير بالإشارة إلى أنّ هناك تنوعًا في الدول المصدرة لسندات الساموراي، حيث تشمل الدول المتقدمة والنامية على حد سواء، وتعد الولايات المتحدة أكبر دولة مصدرة لسندات الساموراي، حيث بلغت قيمة إصداراتها في عام 2023 حوالي 100 مليار دولار. وتأتي الصين في المرتبة الثانية كأكبر دولة مصدرة لسندات الساموراي، حيث بلغت قيمة إصداراتها في عام 2023 حوالي 50 مليار دولار. وفيما يلي شكل يوضح تطور إصدارات سندات الساموراي حسب الدولة في عام 2023.
ثانيًا: إصدار الحكومة المصرية لسندات الساموراي عام 2023
أصدرت مصر إصدارها الأول لسندات الساموراي في مارس 2022، حينما باعت ما قيمته 500 مليون دولار (نحو 60 مليار ين ياباني) من السندات المقومة بالين الياباني. لتصبح الدولة الأولى في الشرق الأوسط المصدرة لتلك السندات. وقد أجبرت الضغوط الخارجية الحكومة المصرية على تنويع مصادر ديونها الأجنبية. وبينما زجت أزمة العملة الحالية، وارتفاع أسعار الفائدة بمصر، بعيدًا عن أسواق رأس المال الغربية خلال العام الماضي، لجأت الحكومة إلى أشكال أخرى من الديون، مثل: سندات الساموراي، والصكوك السيادية. وجدير بالإشارة إلى أنّ مصر سوف تستفيد من إصدار سندات الساموراي بعدة طرق، منها:
- تمويل الموازنة العامة للدولة: ستساعد سندات الساموراي مصر في تمويل عجز الموازنة العامة، حيث توفر للدولة مصدرًا جديدًا للتمويل. منخفض التكلفة حيث أنّ معدل الفائدة في السندات اليابانية لا يتخطى الـ 1 %، الأمر الذي يسهم في تقليل تكلفة الدين، وهو معدل فائدة جيد جدًا، ويسهم في تزويد مخزون مصر من العملة الأجنبية.
- تعزيز العلاقات الاقتصادية مع اليابان: سيؤدي إصدار سندات الساموراي إلى تعزيز العلاقات الاقتصادية بين مصر واليابان، حيث سيزيد من التعاون التجاري والاستثماري بين البلدين.
- جذب الاستثمارات الأجنبية: ستجذب سندات الساموراي الاستثمارات الأجنبية إلى مصر، حيث توفر للمستثمرين الأجانب فرصة استثمار أموالهم في الاقتصاد المصري.
وفيما يلي بعض الفوائد المحددة لإصدار مصر لسندات الساموراي في عام 2023: عبر خفض تكلفة التمويل، كون أنه تم إصدار سندات الساموراي بمعدل فائدة أقل من تكلفة التمويل في الأسواق الدولية الأخرى، مما سيساعد مصر في خفض تكلفة الدين العام.
كما سيساعد إصدار سندات الساموراي مصر في تنويع مصادر التمويل، فقد كانت مصر في البداية تصدر سندات بالدولار فقط، لكنها بدات بإصدار سندات بعدة عملات أخرى منها اليورو، ثم ذهبت مؤخرًا لإصدار سندات بالين الياباني، للتنويع من مصادر العملات الأجنبية، واستمرار التمويل المهم للاقتصاد المصري. كما تخطط الحكومة أيضًا إلى بيع سندات الباندا المقومة باليوان الصيني لأول مرة بقيمة (500 مليون دولار أمريكي)، حيث يجري التفاوض مع البنك الآسيوي للبنية التحتية لإصدار ضمان للسندات باليوان الصيني. وتستهدف مصر جمع تمويلات خارجية بقيمة ملياري دولار، بخلاف برنامج الطروحات، بناءً على تصريحات وزير المالية المصري، وذلك قبل نهاية العام الجاري، منهم مليار دولار من خلال طرح سندات “ساموراي” و”باندا” قبل نهاية العام.
وسيؤدي إصدار سندات الساموراي إلى تعزيز الثقة في الاقتصاد المصري، حيث سيظهر أنّ مصر قادرة على جذب الاستثمارات الأجنبية.
ختامًا، بشكل عام يعتبر إصدار سندات الساموراي خطوة مهمة لمصر في تعزيز اقتصادها، وتحسين وضعها المالي. وكما يرى خبراء ومحللون؛ فإنّ توجه مصر نحو إصدار “سندات الساموراي” يأتي رغبة في جذب سيولة إضافية لسوق الأوراق المالية، وتوسيع سلة العملات، وتقليل المخاطر المتعلقة بالدين العام.