بحكم التخصص, فإن التعامل مع الأزمات الدولية والداخلية يعد من معايير الحكم على الرؤساء والقادة. ومع نشوب حرب غزة الخامسة وما ولدته من أزمة تتعدى المعارك الحربية راقبت المرشحين للرئاسة، ومعظمهم لديهم درجة عالية بالثقة فى النفس تجعله يعتقد أنه يستطيع أن يدير كل الأزمات.
فى بوسطن، تابعت فإذا بى لا أجد تعليقات من المرشحين حول علاقة مصر بالحالة العنيفة والمحزنة الجارية. كانت هناك حالة صارخة من الصمت الانتخابي؛ وبالطبع فإن ذلك لا يشمل تأييد الشعب الفلسطينى بكلمات أو هتافات يلجأ لها المرشح لتسخين المشاهدين. لم أجد حصرا لمصالح مصر الإستراتيجية، ولم تكن هناك أفكار فى كيف تتعامل مصر مع التطورات المتلاحقة التى كلها جارية على المعبر ما بين مصر وفلسطين، وما بين سيناء وغزة.
الأزمة الدولية أو الإقليمية كما هى العادة ضاغطة، وبالنسبة لنا فإنها تأتى فى أوقات اقتصادية حرجة، وآثارها يمكن لمسها عندما أحرجت تسعة شهور من السياحة المزدهرة. كان هناك زحام من الشعارات المعتادة التى تأتى فى المناسبات الفلسطينية حول ازدواجية المعايير الدولية، وعما إذا كان القانون الدولى يجرى تجاهله أم لا. ولكن الأزمة فى الأول والآخر سياسية وإستراتيجية، وطرفاها إسرائيل وحماس يلعبان فى الساحة ألعابا خطرة.
الرئيس السيسى استخدم الكثير من الخبرة، ولم يتوانَ عن تسمية الأمور بأسمائها، ونصب عينيه على الموقف الصعب حول حالة الأشقاء فى غزة والمحافظة على مصالح مصر الإستراتيجية: لا تصفية للقضية الفلسطينية، ولا نزوح إلى مصر التى باتت مثقلة بالنازحين.
الأمر يتطلب رفع درجات القوة فكان عبور قوات مصرية إلى سيناء دون صخب ولا ضوضاء؛ وعندما تجاور ضرب مستشفى المعمدانى مع وصول الرئيس الأمريكى إلى إسرائيل شارك الملك عبدالله فى الأردن رسالة أن هناك حدودا للتواصل ساعة النزيف والموت. الأزمة فى كل الأحوال كانت، لا تزال مستمرة، والمراقب ينتظر رؤية المرشحين، ولكن الفارق بينهم والرئيس السيسى كبير للغاية.