اقتحمت إسرائيل يوم الأربعاء الموافق الخامس عشر من نوفمبر، مجمع الشفاء الطبي، الواقع في شمال قطاع غزة، بدعوى وجود مقرات لحركة حماس تحت هذا المجمع الطبي. لا يعد استهداف إسرائيل لمستشفى الشفاء الأول من نوعه، حيث ينضم هذا الاستهداف إلى سلسلة من الانتهاكات التي يمارسها جيش الاحتلال بحق المدنيين الفلسطينيين في غزة.
بحسب وزارة الصحة في غزة، تجاوزت حصيلة الوفيات 11 ألف شخص، نصفهم تقريبًا من الأطفال، منهم الأطفال حديثو الولادة في الحضانات التي تُركت بدون كهرباء، كما تواجه المستشفيات مخاطر متزايدة نتيجة القصف ونقص الأكسجين والإمدادات الطبية والوقود، الأمر الذي يدفع نحو تساؤل بشأن: لماذا تستهدف إسرائيل مستشفيات قطاع غزة؟
استهداف المستشفيات في قطاع غزة.. محطات زمنية
استهدفت إسرائيل، منذ بدء قصفها المتواصل على قطاع غزة، العديد من المستشفيات، الأمر الذي أسفر في النهاية عن توقف البعض منها عن العمل، وقد أعلن مسئول في حركة حماس يوم الرابع عشر من نوفمبر، أن 25 من أصل 35 مستشفى في غزة أصبحت خارج الخدمة، نتيجة للقصف الإسرائيلي، بالإضافة إلى انقطاع الكهرباء ونفاد الوقود. وفي هذا الصدد، يمكن تقسيم المستشفيات المتضررة داخل قطاع غزة إلى ثلاثة أقسام رئيسية: مستشفيات شمال القطاع، ومستشفيات جنوب القطاع، ومستشفيات وسط القطاع.
أولًا- مستشفيات شمال القطاع:
وفقًا للأمم المتحدة، خرجت كل المستشفيات الواقعة في شمال القطاع عن الخدمة نتيجة للقصف المتواصل من قبل سلطات الاحتلال.
- مجمع الشفاء الطبي “مقبرة للجميع”: أصبح المجمع الذي يعد أكبر مستشفيات قطاع غزة في موقف بالغ الصعوبة. فإلى جانب الحصار الإسرائيلي له بالدبابات، قصفت القوات الإسرائيلية المجمع خمس مرات، بحسب شهادات من داخل المستشفى، الأمر الذي أسفر عن قتل المرضى في العناية المركزة، وإصابة النازحين الذين لجأوا إلى المستشفى، وتحديدًا إلى مبنى الولادة في المجمع.
- تعود بداية الاستهداف الإسرائيلي لمجمع الشفاء إلى يوم التاسع من أكتوبر 2023، وذلك حينما قصف الجيش الإسرائيلي مبنى البدرساوي الواقع إلى جوار المجمع. وفي يوم الثالث من نوفمبر، قصفت القوات الإسرائيلية سيارة إسعاف عند مدخل المستشفى، كانت تستعد لنقل الجرحى إلى معبر رفح الحدودي مع مصر، بزعم أن هذه السيارة كانت “تستخدم من جانب خلية إرهابية تابعة لحماس”، وأدى القصف إلى مقتل 13 شخصًا وإصابة 26 آخرين.
- وفي السادس من نوفمبر، وجهت قوات الاحتلال صاروخًا تحذيريًا إلى المستشفى أصاب الطابق العلوي من الجهة الأساسية للمبنى، وكان هذا القصف هو الأول بشكل مباشر، وأدى إلى وفاة اثنين على الأقل، وإصابة طفل بشظية.
- وفي يوم الجمعة العاشر من نوفمبر، تعرض قسم الولادة بالمستشفى إلى قصف بواسطة قذيفة إسرائيلية، وذلك بخلاف ما تدعيه تل أبيب من أنّ القصف ناتج عن قذيفة تم إطلاقها بالخطأ من قبل الفصائل الفلسطينية، وهو الأمر الذي أكده تحقيق لصحيفة “نيويورك تايمز الأمريكية New York Times”.
- وفي يوم الحادي عشر من نوفمبر، حاصرت القوات الإسرائيلية منطقة مجمع الشفاء من كل الاتجاهات، وفقًا لما قاله الدكتور “منير البرش”، المدير العام لوزارة الصحة في غزة. وقد دمرت غارة جوية إسرائيلية مولِّد المستشفى، مما أدى إلى قطع الكهرباء عن المبنى، بما في ذلك المعدات المنقذة للحياة التي يستخدمها 39 رضيعًا في الحضانات، الأمر الذي نتج عنه موت ثلاثة أطفال رضع. كما استهدفت الدبابات الإسرائيلية بالقذائف طاقمًا طبيًا كان متوجهًا لتفقد الشهداء والجرحى داخل المجمع، ومجموعة من النازحين حاولت مغادرته.
- وفي يوم الثاني عشر من نوفمبر، أكد مسئول بوزارة الصحة أن القصف الإسرائيلي دمر مبنى قسم أمراض القلب. كما نفد وقود المولِد الأخير بالمستشفى، مما أسفر عن وفاة 3 أطفال مبتسرين و4 مرضى آخرين، علاوة على توقف المستشفى عن إجراء العمليات الجراحية بسب نفاد الأدوية والمستلزمات. وقد تعرض قسم الجراحة أيضًا للقصف وتوقف قسما العناية المركزة والأطفال في المستشفى عن العمل، كما اندلع حريق في قسم الكلى إزاء القصف، مما أدى إلى سقوط العديد من المصابين.
- وأشارت تقديرات الأمم المتحدة إلى وجود 2300 شخص على الأقل داخل المجمع، بينهم مرضى وأفراد طواقم طبية والعديد من النازحين، مرجحة أن يكونوا غير قادرين على مغادرته في ظل المعارك التي تدور في محيطه. وأشار مدير مستشفى الشفاء “محمد أبو سليمة” ومنظمات إنسانية إلى أن أي شخص يحاول أن يغادر المستشفى يتعرض لإطلاق النار، حيث حاول بعض النازحين الخروج، وتم استهدافهم، وأصيب 10 أشخاص.
- وفي يوم الرابع عشر من نوفمبر، أكد “محمد أبو سلمية” أن وضع المرضى على المحك ويزداد كل دقيقة عدد الوفيات نظرًا لانهيار خدمات المستشفى بشكل كامل ومن بينها الكهرباء والماء والأكسجين. ونتيجة للحصار الإسرائيلي واستهدافه كل من يتحرك في محيط مستشفى الشفاء، تكدست الجثث داخل المستشفى وأمامه، وأعلن “أبو سليمة” عن دفن 179 جثة في “قبر جماعي”، من بينهم 7 أطفال توفوا جراء انقطاع الكهرباء. وفي وقت سابق، أكد “أبو سليمة” أن الإصابات غير مسبوقة من حيث نوعها، وهناك العديد من الإصابات الخطيرة بالحروق، التي بلغ بعضها نسبة 80%، مرجحًا استخدام إسرائيل للقنابل الحارقة.
- وفي يوم الخامس عشر من نوفمبر، اقتحم الجيش الإسرائيلي مجمع الشفاء، معلنًا سيطرته الكاملة على مستشفى الشفاء، مدّعيًا قيام حماس بإخفاء المحتجزين هناك. وتم تجميع النازحين أمام البوابة الخلفية لمجمع الشفاء الطبي، لإخراجهم عبر بوابات إلكترونية وضعها الجيش الإسرائيلي قبل الاقتحام لإخضاع جميع الحاضرين للتفتيش قبل الإخلاء. ووفقًا للمكتب الإعلامي الحكومي بغزة، يوجد في مجمع الشفاء الطبي نحو 1500 من أعضاء الطاقم الطبي ونحو 700 مريض و39 من الأطفال الخدج و7 آلاف نازح من الأطفال والنساء وكبار السن.
- كما اقتحمت القوات الإسرائيلية قسم الطوارئ، ومبنى الجراحات التخصصية، ومبنى الباطنة والكلى، وفتشت قبو المستشفى، ونشرت دباباتها في ساحات المستشفى، وقامت بمصادرة هواتف الأطباء والنازحين في المستشفى. وتبعًا لما تقدم، انتشرت مئات الجثث في محيط المستشفى والكلاب الضالة تقوم بنهشها. وأشار رئيس قسم جراحة العظام بمستشفى الشفاء إلى أنهم تمكنوا من دفن نحو 80 جثة في ساحات المستشفى، ولكن بقيت عشرات الجثث دون دفن. علاوة على ذلك، صرحت مصادر من داخل المجمع بقيام الجيش الإسرائيلي بتفجير مستودع للأدوية والأجهزة الطبية.
- مستشفى القدس: تعرض محيط مبنى مستشفى القدس، يومي الأول والخامس من نوفمبر، إلى قصف إسرائيلي عنيف، لإجبار المتواجدين داخل المبنى على إخلائه، وقد واجهت الطواقم الطبية العاملة بالمستشفى صعوبة في تأدية عملها.
- فيما نفت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني يوم 11 نوفمبر ادعاءات القوات الإسرائيلية، بشأن إطلاق مسلحين قذائف من داخل مستشفى القدس، مؤكدة أنه يعد ذريعة لمواصلة استهداف المستشفى وحصاره، مضيفة أن قوات الاحتلال تطلق النار بشكل مباشر على الموجودين في مبنى المستشفى، مما أسفر عن استشهاد شخص وإصابة 28 شخصًا.
- وفي يوم 12 نوفمبر الجاري، أعلنت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني عن خروج ثاني أكبر مستشفى في قطاع غزة عن الخدمة تمامًا بسبب نفاد الوقود وانقطاع الكهرباء، في ظل الحصار الإسرائيلي المفروض عليها منذ أكثر من عشرة أيام، علاوةً على منع الجيش الإسرائيلي وصول الإمدادات الطبية والإنسانية إلى المستشفى، أو حتى السماح بإجلاء الطواقم والمرضى. ونتيجة لهذا الوضع، أصبح المرضى المتواجدون داخل المستشفى والبالغ عددهم 300 مريض والطاقم الطبي لجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، محاصرين ولا يستطيعون مغادرة المستشفى. وأكد “رائد النمس”، مسئول الإعلام في الهلال الأحمر الفلسطيني، بقيام الجيش الإسرائيلي بتحويل محيط مستشفى القدس إلى ثكنات عسكرية ومنطقة حرب، ويقوم بإطلاق النار على كل من يحاول إنقاذ الطواقم الطبية والمرضى.
- وفي يوم الرابع عشر من نوفمبر، تمكنت جمعية الهلال الأحمر من إجلاء المرضى والجرحى وعائلاتهم والطواقم الطبية المحاصرة في المستشفى، نظرًا لما باتت تشكله من خطر على حياة كل من فيه بسبب استمرار القصف الإسرائيلي في محيط المستشفى وإطلاق النار على من فيه، فضلًا عن انقطاع التيار الكهربائي بشكل كامل ونفاد الماء والطعام.
- مستشفى الرنتيسي للأطفال: تكمن أهمية هذه المستشفى في كونها تضم جناح سرطان الأطفال الوحيد في غزة.
- لم يقف هذا حائلًا أمام الاستهداف الإسرائيلي المستمر للمستشفى، والذي بدأ يوم السادس من نوفمبر الجاري، حيث تم استهداف الطابق الثالث بالمستشفى. سبق ذلك تهديدات من الجانب الإسرائيلي بضرورة إخلاء المستشفى تمهيدًا لقصفه.
- وفي يوم العاشر من نوفمبر، تسبب القصف في اندلاع حرائق كبيرة في الطابق السفلي وعدد من المرافق في المستشفى، مما أسفر عن حالات اختناق.
- علاوة على ذلك، استهدف الجيش الإسرائيلي محيط المستشفى بشكل متكرر، كما قام بإطلاق النار على المستشفى لمنع الطواقم الطبية من إسعاف المصابين.
- وفي يوم الثالث عشر من نوفمبر، أعلن وكيل وزارة الصحة “يوسف أبو الريش” عن إخلاء المستشفى بالكامل من الجيش والمرضى والكادر الطبي والحالات المرضية التي تعتمد على الأكسجين والأطفال المتصلين بأجهزة إعاشة ويخضعون لغسل الكلى، بعد تهديدات من الجيش الإسرائيلي بالقصف.
- المستشفى الإندونيسي: تعرض المستشفى لقصف إسرائيلي صاروخي مباشر يوم السابع من أكتوبر الماضي، مما أدى إلى وفاة أحد العاملين وإصابة آخرين، علاوة على تعطل محطة الأكسجين داخل المستشفى. كما تعرض محيط المستشفى إلى انفجارات ضخمة بسبب غارات إسرائيلية متكررة في أوقات مختلفة، مما أثار ذعرًا بين المرضى والفرق الطبية والمدنيين المحتمين في مبانيه.
- ووفقًا للتلفزيون الفلسطيني، قصفت القوات الإسرائيلية يوم التاسع من نوفمبر محيط المستشفى، وأوضحت حركة حماس أن عشرات الأشخاص سقطوا بين قتيل وجريح. كما أعلن المتحدث باسم وزارة الصحة أن عدد النازحين في المستشفى 9 آلاف.
- وقد أفادت وكالة الأنباء الفلسطينية “وفا”، يوم العاشر من نوفمبر، بانقطاع الكهرباء بشكل كامل عن جميع مرافق المستشفى بعد نفاد الوقود.
- وفي يوم الثاني عشر من نوفمبر، أعلنت إدارة المستشفى عن تحويل ساحة ملعب كرة قدم رملي بجوار المستشفى إلى مقبرة جماعية لدفن الشهداء الفلسطينيين.
- تجدر الإشارة إلى أن مستشفى الإندونيسي ومستشفى كمال عدوان، هما الوحيدان اللذان يعملان حاليًا في الشمال، لكن يتوقع أن يخرجا عن الخدمة في أية لحظة، خاصةً بعدما أوضحت إدارة مستشفى كمال عدوان أنها تلقت بلاغات إسرائيلية بضرورة إخلاء المباني، الأمر الذي من شأنه حرمان حوالي 600 ألف شخص من الرعاية الصحية.
- مستشفى العودة: يُعتبر المستشفى الأكبر في تقديم خدمات النساء والولادة في شمال القطاع، وتقدم العديد من الخدمات الطبية. لكن القصف الإسرائيلي المكثف على قطاع غزة، قلص قدرات المستشفى، حيث يعاني الفريق الطبي من نقص المعدات والأدوية اللازمة للتعامل مع الحالات التي تصل إليهم.
- تعرض محيط المستشفى للقصف يوم الرابع عشر من أكتوبر الماضي، بهدف إجبار المتواجدين داخل المستشفى على إخلائه، لكن قوبل ذلك برفض من جانب الطواقم الطبية العاملة بالمستشفى، مؤكدين بقاءهم واستمرارهم في تقديم خدماتهم الطبية.
- وفي يوم العاشر من نوفمبر، تم قصف المستشفى بكمية كبيرة من القذائف الإسرائيلية حيث أصيب عدد من موظفي المستشفى.
- وفي يوم الرابع عشر من نوفمبر الجاري، أوضحت منظمة “أكشن إيد Action Aid” غير الحكومية، أنّ الطاقم الطبي العامل في المستشفى قد أجرى 16 عملية قيصرية في ظل ظروف قاسية وصعبة للغاية، إذ قاموا بتوليد ما بين 18 و20 طفلًا يوميًا، على الرغم من نقص الإمدادات الطبية مثل التخدير، وأن الطاقم الطبي يحاول أن يبقي 36 طفلًا حديث الولادة على قيد الحياة، حيث توفي ما لا يقل عن 32 من مرضى المستشفى خلال الأيام القليلة الماضية، مع صعوبة دفن الجثامين كما هو الحال في معظم المستشفيات.
6- مستشفى الكرامة: توقف المستشفى عن العمل منذ 17 أكتوبر، ولم يعد قادرًا على التعامل مع المصابين أو الحالات المرضية نظرًا للقصف الإسرائيلي.
ثانيًا- مستشفيات جنوب القطاع:
نزح العديد من المرضى والمصابين جراء القصف الإسرائيلي إلى جنوب غزة عقب خروج مستشفيات شمال قطاع غزة عن الخدمة. ومع ذلك، لم تتوانَ إسرائيل عن قصف مستشفيات جنوب القطاع.
1- مستشفى الأهلي العربي “المعمداني”: تعرض المستشفى لما وصفه البعض بـ”المذبحة الإسرائيلية”، حيث تم قصفه وتحويله إلى بركة من الدماء من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي بعد حوالي 10 أيام من بدء الحرب مع حماس أثناء وجود مئات العائلات النازحة.
- أودى القصف بحياة كثير من المدنيين، حيث بلغ عدد الوفيات 471، وعدد المصابين 314 وفقًا لما أعلنت عنه وزارة الصحة الفلسطينية. وأشار الدفاع المدني في غزة إلى أنّ “الأطفال والنساء قطعوا أشلاء نتيجة المجزرة المروعة التي ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي في مستشفى المعمداني”.
- أنكر الجيش الإسرائيلي مسئوليته عن الهجوم، مشيرًا إلى أن المستشفى تعرض لهجوم صاروخي شنته حركة الجهاد الفلسطينية. في المقابل، نفى المتحدث باسم الجهاد مسئولية الحركة عن ذلك.
2- مستشفى النصر: يعد المستشفى “المركز الطبي الرئيسي” لسكان جنوب قطاع غزة.
- قصفت القوات الإسرائيلية يوم الرابع من نوفمبر بوابة مستشفى النصر، مما أسفر عن مقتل شخصين وإصابة آخرين.
- وقد جددت إسرائيل القصف مرة أخرى في التاسع من نوفمبر، مما أدى إلى توقف جميع خدمات المستشفى.
- لا يكُف الجيش الإسرائيلي عن استهداف الطواقم الطبية والفرق الإغاثية في قطاع غزة، حيث أطلق النار في العاشر من نوفمبر على النازحين والطواقم الطبية التي حاولت الخروج من المستشفى.
- كما تواصل القوات الإسرائيلية حصارها عددًا من النازحين، أغلبهم من النساء والأطفال، داخل المستشفى، وباتوا معرضين لإطلاق نار ولقذائف المدفعية والدبابات. وبحسب ما أشارت إليه بعض المصادر، تم إخلاء المستشفى إلى حد كبير.
3- مستشفى الأمل: استهدفت طائرات الاحتلال الإسرائيلي يوم الرابع والعشرين من أكتوبر محيط المستشفى مما أسفر عن وقوع عدد من الشهداء والمصابين.
- وفي يوم الرابع عشر من نوفمبر الجاري، أعلنت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني توقف مولد الطاقة الوحيد بالمستشفى بما يهدد حياة 100 مريض يتلقون العلاج، منهم 25 مريضًا في قسم التأهيل الطبي، يواجهون خطر الموت في أي لحظة، نظرًا لحاجتهم لاستمرار وجود الكهرباء بشكل متصل، حتى تتمكن الأجهزة من تقديم الخدمات الصحية اللازمة لإبقائهم على قيد الحياة. فيما اعتمد المستشفى في ذلك الحين على مولد صغير جدًا لتزويد الكهرباء لقسم الولادة فقط، بالإضافة إلى إنارة قسم الطوارئ، وأن الوقود المتبقي سينفد خلال 24 ساعة. هذا، علاوة على عدم وجود مساعدات كافية من حيث الغذاء والماء للطواقم الطبية والجرحى والمرضى والنازحين. وتجدر الإشارة إلى وجود 9 آلاف نازح محتمين بمقر جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني والمستشفى، هروبًا من القصف الإسرائيلي.
4- المستشفى الميداني الأردني: استهدفت قوات الاحتلال الإسرائيلي يوم الخامس عشر من نوفمبر محيط المستشفى الميداني الأردني، مما أدى إلى إصابة سبعة من كوادر المستشفى خلال محاولتهم إسعاف مواطنين فلسطينيين. وقد أدان الأردن هذا القصف.
ثالثًا- مستشفيات وسط القطاع:
تضررت أيضًا المستشفيات الواقعة وسط قطاع غزة جراء القصف الإسرائيلي ونزوح المواطنين من الشمال.
- مستشفى شهداء الأقصى: في منتصف أكتوبر، أعلن المستشفى توقف خدماته بسبب نفاد مخزونه الاستراتيجي من الوقود. وكان المستشفى يقدم خدماته للمرضى والمصابين في المنطقة الوسطى، التي شهدت قصفًا إسرائيليًا عنيفًا، ونزوحًا لأعداد كبيرة من المواطنين من الشمال. وفاق عدد الجرحى والمرضى القدرة التشغيلية للمستشفى في الأسبوع الأول من بدء القصف الإسرائيلي.
- مستشفى محمد الدرة للأطفال: قررت وزارة الصحة في غزة إخلاء المستشفى بسبب القصف الإسرائيلي العنيف.
- مستشفى الطب النفسي: يعد هذا المشفى الوحيد من نوعه في مجال الصحة النفسية بقطاع غزة، حيث يخدم كل المدن هناك، وقد تعرض لأضرار كبيرة نتيجة القصف والحصار والاعتداءات من قبل القوات الإسرائيلية.
ادعاءات إسرائيلية
يجرّم القانون الدولي قصف أو استهداف المستشفيات، حيث يوفر حماية عامة وخاصة للمواقع المدنية، التي تشمل كلًا من المنازل والمدارس والجامعات والمستشفيات ودور العبادة وغيرها من المنشآت المحمية بموجب ما جاء بالمادة 18 من اتفاقية جنيف الرابعة 1949، التي تنص على أنه “لا يجوز بأي حال الهجوم على المستشفيات المدنية المنظمة لتقديم الرعاية للجرحى والمرضى والعجزة والنساء النفاس، وعلى أطراف النزاع احترامها وحمايتها في جميع الأوقات”. إلا أنه لا تكُف إسرائيل عن حصار وقصف واستهداف المستشفيات كما سبقت الإشارة، منتهكة بذلك القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني.
تدعي إسرائيل أن لديها معلومات استخباراتية تفيد بأن حماس تختبئ في أنفاق تحت المنشآت الطبية في غزة، وأنهم أقاموا مراكز قيادة تحت هذه المستشفيات وحولها. ومن ثم يتمثل هدفها الرئيسي من قصف هذه المستشفيات في تدمير تلك الأنفاق ومراكز القيادة، علاوة على تحرير نحو 200 شخص محتجز لدى الحركة. ليس هذا فحسب، تدعي إسرائيل أيضًا أن زعيم حركة حماس “يحيى السنوار”، مختبئ في موقع تحت مستشفى الشفاء.
وقد دعمت الولايات المتحدة الامريكية مزاعم إسرائيل، حيث أيدت وجهة نظرها بشأن عدم مسئولية تل أبيب عن القصف الذي تعرض له المستشفى الأهلي المعمداني، كما اتفقت مع حليفتها بخصوص قيام حماس بتخزين أسلحة وإدارة وحدة قيادة من مستشفى الشفاء. وتجدر الإشارة هنا إلى أنّ القوات الإسرائيلية لم تقم بالاقتحام إلا بعدما أدلى البيت الأبيض بذلك التصريح، وهو ما يتنافى مع ما صرح به “جو بايدن” في وقت سابق من أن المستشفيات في غزة يجب حمايتها ويجب أن يكون هناك تدخل أقل حولها.
تواجه الادعاءات الإسرائيلية حقائق وردود فعل تنفي عنها أي مصداقية. فعلى الرغم من التحذيرات التي صدرت عن دول ومنظمات إنســـانية بشأن معاناة المرضى، اقتحمت إسرائيل مجمع الشفاء الطبي، ولم تجد أي دليل على استخدام فصائل حماس أو المقاومة الفلسطينية لمستشفى الشفاء.
من جانبها، شككت وزيرة الخارجية الإندونيسية “ريتنو مارسودي” في مزاعم تل أبيب بخصوص المستشفى الإندونيسي، وأوضحت أن المستشفى قد بُني من جانب الشعب الإندونيسي لأغراض إنسانية ولخدمة الاحتياجات الطبية للفلسطينيين في غزة. وفي شأن استهداف المستشفى الميداني الأردني، أكد وزير الخارجية الأردني “أيمن الصفدي” أن تل أبيب لا تستطيع أن تدعي أن هناك وجودًا لحركة حماس تحت المستشفى. ومن ثم فإنه لا يوجد تبرير للقصف الذي تتعرض له المستشفيات في قطاع غزة.
هناك عدد من الدوافع وراء استمرار ممارسات الانتهاكات الإسرائيلية، ليس فقط ضد مستشفيات غزة، وإنما ضد كل أشكال الحياة داخل القطاع.
من ناحية، يكشف استمرار قيام الاحتلال بمهاجمة قطاع غزة واستهداف المدنيين بقوة عن أن إسرائيل لا تستطيع بشكل أو بآخر العودة إلى الوراء أو حسم المعركة، حيث لا تزال حماس نشطة وتتسبب في إلحاق خسائر كبيرة بجيش الاحتلال.
من ناحية أخرى، شرع جيش الاحتلال الإسرائيلي فعليًا في فصل شمال غزة عن جنوبها وذلك في إطار المخطط الذي تقوده تل أبيب لتهجير الفلسطينيين قسريًا من شمال ووسط القطاع إلى جنوبه، لإجبارهم في مرحلة لاحقة على النزوح خارج غزة، نظرًا لاستحالة الحياة داخل القطاع، مما يهدد فكرة حل الدولتين بإقامة دولة فلسطينية مستقلة ويؤدي في النهاية إلى تصفية القضية الفلسطينية. يستدل على ذلك القصف المستمر للمستشفيات، التي تعد ساحات نزوح بالنسبة لسكان القطاع، علاوة على ما أوضحته جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني بشأن إطلاق جيش الاحتلال الإسرائيلي النار على قوافل المساعدات التي تصل إلى مستشفيات قطاع غزة، كما أنه من المستحيل تنفيذ إجلاء المرضى، كما تطلب إسرائيل، دون التسبب في المزيد من الوفيات.
ختامًا، يؤكد ما سبق على التعامل غير الآدمي لإسرائيل مع الشعب الفلسطيني، فهي ليست لديها حرمة لشيء، إذ إنها لا تقوم باستهداف حماس كما تزعم، بل على العكس تقوم بملاحقة واستهداف الأطفال والنساء، وقصف وتدمير المستشفيات والكنائس والمساجد. حان الوقت لكي يدرك المجتمع الدولي، الذي لا يُحرك ساكنًا أمام جرائم الحرب المرتكبة في قطاع غزة، أن هذه هي سياسة الاحتلال الإسرائيلي المتبعة منذ سنوات، والقائمة على ارتكاب الجرائم وممارسة سياسات العنف ضد الشعب الفلسطيني. وبالتالي، فإنه لا يوجد أي تبرير لممارساتها، وإذا استمر الوضع كما هو عليه، فسيؤدي ذلك إلى إبادة جماعية.