يساعد المسح الصحي السكاني في الحصول على معلومات مستمرة ومتجددة عن معدلات الخصوبة، وسلوك السيدات تجاه موانع الحمل المختلفة، كما يقدم لنا المعلومات الدقيقة المتعلقة بقضايا صحة الأم وبقاء الطفل، وبناءً عليه مساعدة صانعي السياسات في تقييم أداء برامج تنظيم الأسرة، ووضع استراتيجيات سكانية دقيقة وسليمة ومحدثة. وقد شارك في تنفيذ المسوح الصحية حتى عام 2014، العديد من الجهات المحلية كالمجلس القومي للسكان، والجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، إضافة إلى مركز القاهرة الديموغرافي، كما شاركت بعض الجهات الدولية بتقديم الدعم المالي والفني كبرنامج المسوح الديموغرافية والصحية الدولية، والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية المعروفة بـ(U.S.A.I.D).
المسح الصحي السكاني لعام 2021 هو أول مسح يتم تنفيذه بتمويل خالص من الحكومة المصرية، وبمنهجية المسوح السكانية الصحية السابقة نفسها، بما يؤكد جدية الحكومة في التعامل مع المشكلة السكانية، وبما يتيح إمكانية مقارنة نتائج المسح الصحي السكاني 2021 مع سابقيه لقياس التغير الحادث، فيما يتعلق بالبرامج الخاصة بتنظيم الأسرة والسكان والبرامج الصحية، وتطور الظواهر الخاصة بختان الإناث والعنف الأسري، من أجل تطوير التدخلات المطلوبة وتحقيق نتائج أفضل.
أولًا: معدل الإنجاب الكلي
يرتبط معدل الإنجاب الكلي بعدة محددات، منها السياق الاجتماعي حيث تزيد معدلات الإنجاب الكلي للمرأة الريفية عن المرأة الحضرية. كما يرتبط أيضًا بالمستوى التعليمي، فيقل في النساء اللواتي يرتفع مستواهن التعليمي عن الحاصلات على المؤهلات المتوسطة أو الأميات. إضافة إلى ارتباطه بعامل بالسن عند الزواج، حيث تزيد المعدلات مع الزواج المبكر، وتقل كلما ارتفع سن المرأة عند الزواج. كذلك، يرتبط المعدل بمدة الرضاعة الطبيعية، حيث يقل كلما زادت فترة الرضاعة الطبيعية. كما تلعب معرفة النساء بطرق تنظيم النسل دورًا مهمًا في خفض معدلات الإنجاب الكلي.
وقد عكس المسح الصحي لعام 1988 التقدم الكبير الذي تم إحرازه في الثمانينيات للتعامل مع المشكلة السكانية، حيث انخفضت معدلات الإنجاب الكلي بشكل مطرد على مدى عقد من الزمن، فبلغ متوسط معدل الخصوبة للنساء 4.4 مقارنة بـ 5.2 عام 1980، وقد تزامن هذا الانخفاض مع الالتفات إلى أهمية استخدام موانع الحمل والترويج لها، حيث خلص المسح الصحي لعام 1988 لاستخدام 38% من النساء آنذاك لوسائل تنظيم الأسرة المختلفة بزيادة قدرها 60% عن معدل 24% المسجل عام 1980.
وتشير نتائج المسوح المختلفة إلى أن معدل الإنجاب الكلي انخفض بصورة ملحوظة ومستمرة في الفترة 1980 حتى 2008، وكان الانخفاض في المعدل سريعًا، خاصة في الفترة من الثمانينيات إلى منتصف التسعينيات، أما خلال الفترة بين المسح السكاني 1995 حتى المسح السكاني 2008 فقد استمر انخفاض معدل الإنجاب الكلي في الانخفاض، ولكن بمعدلات أبطأ. لقد تغير هذا الاتجاه التنازلي في الفترة التالية لعام 2008، فارتفع المعدل بين المسحين 2008 و2014 ليبلغ 3.5 في عام 2014، ولعل هذا الارتفاع يرجع للأسباب الآتية:
- يتم حساب معدل الإنجاب الكلي في فترة الثلاث سنوات السابقة للمسح، وبالتالي فإن النسبة المتزايدة في عام 2014 ترجع للفترة من 2011-2014.
- وجود اضطرابات سياسية وأمنية في الفترة السابقة لمسح 2014، مما أدى إلى انصراف الدولة بصورة مؤقتة عن إدراج برنامج تنظيم النسل في أولويات الحكومة آنذاك، وانشغالها بالحفاظ على كيان الدولة واستعادة الأمن.
- عدم توفر بعض أنواع وسائل منع الحمل في تلك الفترة في الصيدليات في بعض المحافظات؛ مما أدى إلى تعذر وصول النساء إليها.
وبالرجوع إلى المؤشرات مرة أخرى نجد معاودة الانخفاض في معدل الإنجاب الكلي في الفترة بين 2014و 2021، ويعد هذا تقدمًا مهمًا بكل المقاييس، ولكنه لا يزال بعيدًا عن خفض معدل الإنجاب الكلي إلى2.4، وهو ما كان مستهدفًا في الخطة التنفيذية الخمسية للاستراتيجية القومية للسكان المنتهية في عام 2020، والتي تم تحديثها بالاستراتيجية الوطنية للسكان والتنمية 2023-2030.
ثانيًا: الأطفال غير المخطط لإنجابهم
الأطفال غير المخطط لهم هم “الأطفال الناتجة عن الحمل غير المخطط له لمدة 5 سنوات قبل إجراء المسح”، وقد انخفض معدل الأطفال غير المخطط لهم بشكل ملحوظ من الفترة 1988-2008 من 33% الى 14%. إلا أن النسبة بدأت في الزيادة مرة أخرى حتى وصلت إلى 20% عام 2021.
ومن الملاحظ ارتباط معدل الأطفال غير المخطط لهم بعاملين، أولهما: ما يندرج تحت مؤشر “الحاجة غير الملباة لتنظيم الأسرة”، وهو مؤشر أطلق في المسح الصحي لعام 2008، وعرف بأنه” يشمل السيدات في سن الإنجاب اللائي لم يستخدمن وسائل تنظيم الأسرة، ولكنهن يرغبن في تأجيل الإنجاب أو إيقاف الإنجاب كليًا، ويوضح المؤشر في المسح الصحي 2014 بأن هناك زيادة في إعداد هؤلاء السيدات بنسبة تصل الى 13%.
والعامل الثاني: وهو الاعتقاد الطبي الشائع بين النساء بأنهن محميات من الحمل والإنجاب خلال فترة الرضاعة، إذا يشير استطلاع خاص بالمسح الصحي لعام 2014، بأن 72% من النساء يعتقدن بأن الرضاعة إحدى وسائل منع الحمل لحين فطام الطفل، وهو اعتقاد خاطئ.
وبناءً عليه، يمكن خفض معدل الإنجاب الكلي إذا حققت السيدات رغباتهن الإنجابية، وتم خفض معدل الحاجة غير الملباة، وذلك عن طريق تقديم المشورة المناسبة للسيدة في اختيار الوسيلة المناسبة لها، ومتابعة التغيرات والأعراض الجانبية، وإتاحة البديل المناسب في حالة وجود أعراض جانبية بدلًا من التوقف عن استخدام وسائل منع الحمل.
ثالثًا: تطور الولادات القيصرية
بداية من عام 2005، أشار المسح الصحي السكاني لأول مرة إلى إجراء العمليات القيصرية، وذكر المسح بأنها تمثل 2 من كل عشرة ولادات، وبحلول عام 2008 وصلت نسبة الولادات القيصرية إلى 28%، وفي المسح الصحي عام 2014 زادت نسبة الولادات القيصرية زيادة حادة حتى وصلت إلى أكثر من 50%، وقد لوحظ زيادة معدلات الولادات القيصرية في المنشآت الطبية الخاصة عن مثيلتهاالحكومية بنسبة (66% مقارنة بـ 45%). أيضًا لوحظ زيادة المعدلات بالحضر عن الريف، وكان حضر الوجه البحري يحتل المرتبة الأولى في الولادات القيصرية بنسبة 71%. ويزيد احتمال الولادة القيصرية مع زيادة الحالة التعليمية ومستوى الدخل للأم. وفي عام 2021 بلغت نسبة الولادات القيصرية 72% عن عام 2014. وتؤكد المؤشرات العالمية هذه النتيجة، حيث أشارت منظمة الصحة العالمية إلى زيادة معدلات الولادات القيصرية عالميًا من 7% عام 1990 إلى 21% عام 2021. وقد صنفت المنظمة مصر ضمن خمس دول فقط يفوق فيها عدد العمليات القيصرية على الولادات المهبلية، وهم: “جمهورية الدومينيكان، والبرازيل، وقبرص، ومصر، وتركيا”.
الولادة القيصرية هي عملية جراحية يجب أن تخضع لها الأم فقط في حالات طبية محددة، نظرًا لوجود عدة مخاطر لها كتزايد احتمالية الإجهاض بعد الولادة القيصرية بنسبة 17%، واحتمال ولادة جنين متوفى بنسبة 27%، كما تزيد احتمالية الإصابة بالمشيمة الملتصقة بعد إجراء القيصرية بنحو ثلاثة أضعاف عن الولادة المهبلية. كما توضح منظمة الصحة العالمية بأن الأطفال الذين ولدوا بعملية قيصرية أكثر عرضة للإصابة بالربو بنسبة 21%، وأكثر عرضة للإصابة بالسمنة حتى سن الخامسة بنسبة 60%.
وترجع أسباب زيادة الإقبال على إجراء الجراحات القيصرية في مصر إلى عدة أسباب منها:
- عدم وجود تدقيق ورقابة على عمل الأطباء أو محاسبتهم على قراراتهم المهنية في حال اتخاذهم قرار إجراء العملية القيصرية.
- قيام الأم بطلب القيصرية دون ضرورة كنوع من الثقافة الجديدة؛ كي لا تمر بآلام الولادة والمحافظة على الأعضاء التناسلية لها بالشكل الطبيعي.
رابعًا: الأمراض الشائعة بين الأطفال
بحلول عام 2005 أضاف المسح الصحي إلى مؤشراته معدلات السمنة وكتلة الجسم، وأوضح المسح بأن 6% من الذكور الذين تتراوح أعمارهم ما بين 10-19 عاما، و8% من الإناث في الفئة العمرية نفسها، تم تصنيفهم بأنهم يعانون من زيادة ملحوظة في الوزن، وفي عام 2014 ذكر المسح الصحي بأن أكثر من 33% من الفتيات والشباب الذين تتراوح أعمارهم ما بين 10-19 عامًا يعانون من زيادة الوزن” السمنة”. وانخفضت تلك النسبة إلى 15% مجددًا في عام 2021.
على الصعيد الآخر، فإن 3% فقط من الذكور و2% من الإناث يعانون من نقص في الوزن على مخططات نمو مؤشر كتلة الجسم. ويلاحظ انخفاض نسبة التقزم من 21% في 2014 إلى 13% عام 2021، بينما ارتفعت نسبة الأنيميا من 25% في عام 2014 إلى 43% في عام 2021، ويمكن أن نرجع زيادة نسبة الأنيميا إلى الأسباب الاتية:
- يبين المسح الصحي لعام 2014 أن أقل من 25% من الأطفال قد تمت تغذيتهم وفقًا للحد الأدنى لمعايير الممارسات المطبقة لتغذية الرضع وصغار الأطفال الخاصة بالتنوع الغذائي وتكرار الوجبات.
- قصور العناصر الغذائية الدقيقة المقدمة للطفل، مثل: نقص اليود، والحديد، وفيتامين أ، حيث يشير المسح إلى أن 6 أطفال فقط من كل 10 يستهلكون أغذية غنية بالفيتامينات.
- تزايد نسبة الأطفال المصابين بالدوسنتاريا والديدان والإسهال، حيث يشير المسح بأن 14% من الأطفال يصابون بالدوسنتاريا التي تسبب في مضاعفاتها فقر الدم.
جدير بالذكر، إطلاق الرئيس عبد الفتاح السيسي في عام 2019 مبادرة المسح القومي لأمراض الأنيميا والسمنة والتقزم بين طلاب المدارس الابتدائية الحكومية الرسمية، والرسمية المتميزة، والخاصة. واستهدفت المبادرة نحو 11 ونصف مليون طالب وطالبة في محافظات مصر. وهو ما انعكس على المؤشرات الخاصة بالمسح الصحي السكاني لعام 2021، إذ انخفضت النسب المتعلقة بالتقزم بين الأطفال ونسب المصابين بالنحافة، وزيادة الوزن، بينما يشير ارتفاع نسبة الأنيميا إلى ضرورة استمرار المبادرة مع إدخال تعديلات على الجزء الخاص بالإصابة بالأنيميا، وقياس معدلات تفاوتها حسب الحضر والريف، مع وضع البرامج المناسبة لكل منطقة على حدة.
خامسًا: معدلات الوفاة بين الأطفال وحديثي الولادة
يتحكم في معدلات الوفاة بين الأطفال وحديثي الولادة عدة عوامل، أولها: عمر السيدة عند الولادة، حيث ترتفع معدلات الوفاة بين أطفال المراهقات عن السيدات اللواتي يكبرنهن سنًا، ثانيًا: ترتفع معدلات الوفاة بين المواليد كلما انخفضت المدة بين الولادات المتتالية، وبشكل عام تقي الرضاعة الطبيعية من بعض الأمراض التي قد تصيب المواليد وتؤدي للوفاة، حيث تزود الطفل بالأجسام المناعية تجاه الأمراض المختلفة، وتساهم الرعاية الطبية أيضًا أثناء الحمل والولادة في الحد من وفاة الرضع والأطفال. وبالنظر إلى تطور معدلات وفيات الأطفال نجد أنها انخفضت بنسبة كبيرة من 130 لكل ألف عام 1988 إلى 27 طفلًا لكل ألف عام 2014. وعلى الرغم من التطور الصحي والمبادرات الصحية التي أولت اهتمامًا بالغًا لصحة الجنين وحديثي الولادة؛ إلا أن نسبة وفيات الأطفال تعتبر ثابتة، وهو ما يطرح تساؤلًا حول قياس أثر المبادرات الصحية على أرض الواقع، وتحقيق مدى فاعليتها، وتصحيح مسارها فيما يتعلق بهذا البند.
سادسًا: العنف تجاه المرأة
ختان الإناث
ذكر مصطلح ختان الإناث لأول مرة في المسح الصحي السكاني لعام 1995، على أنه ممارسة عالمية تجاه السيدات، وقد بلغت نسبته في مصر 97% في سن 15-49 عامًا، وبدأت النسبة في الانخفاض في الفئة العمرية من 15-17 عامًا من حوالي 82% عام2000 لما يقرب من 77% في عام 2005. ووضح المسح الطبي لعام 2014 بأن نسبة ختان الإناث تنخفض، وعلى الرغم من ذلك فإن أكثر من 20% من الفتيات من عمر 0-19 عامًا قد تم ختانهن بالفعل، وأن الأشخاص الذين يعملون في المجال الطبي هم الأكثر احتمالًا للقيام بتلك الممارسة.
وتشير نتائج المسح الصحي 2021، إلى انخفاض نسبة الختان بين الفتيات في الفئة العمرية من 0-19 عامًا إلى 14% كما انخفضت نسبة الأمهات اللاتي لديهن النية في ختان بناتهن إلى 13%. وعلى الرغم من تغليظ عقوبة ختان الإناث بأن “تكون العقوبة السجن المشدد إذا كان من أجرى الختان طبيبًا أو مزاولًا لمهنة التمريض، فإذا نشأ عن جريمته عاهة مستديمة تكون العقوبة السجن المشدد لمدة لا تقل عن 10 سنوات، أما إذا أفضى الفعل إلى الموت تكون العقوبة السجن المشدد لمدة لا تقل عن 15 سنة، ولا تزيد على 20 سنة”، فإن 74% من عمليات الختان لا تزال تتم على يد الطبيب.
وبالنظر إلى المعتقدات حول ممارسة تلك الظاهرة نجد أن هناك عدة عوامل مشتركة بين المسوح الطبية 1995-2014 وهو ارتباط الختان بالمعتقدات الدينية، إضافة إلى ارتباطه بعفة المرأة وخفض معدلات الزنا، كما يرتبط برغبة الزوج نفسه في الزواج من امرأة مختونة. كما نجد أن نسبة الإيمان بتلك المعتقدات لم تتغير كثيرًا بمرور السنوات.
العنف المنزلي
اهتم المسح الصحي لعام 2005 برصد ظاهرة العنف المنزلي والعنف الذي تتعرض له النساء بصفة عامة فذكر المسح بأن هناك 50% من النساء قد تعرضن في مرحلة ما خلال سن الإنجاب من 15-49 عامًا إلى العنف مرة واحدة على الأقل، وكانت النسبة الأكبر لممارسي العنف هم الأزواج، يليهم أقارب الدرجة الأولى، أي الدائرة القريبة المحيطة بالمرأة، فكانت نسبة العنف الممارس من قِبل الزوج 33%، منهم 7% عنف جنسي و 18% عنف نفسي.
وقد بذلت الدولة المصرية لمحاربة تلك الظاهرة جهودًا كثيرة على نطاق تعديل وتغليظ العقوبات الخاصة بالعنف الممارس ضد النساء، وإطلاق الاستراتيجيات المختلفة، مثل إطلاق المشروع القومي لتنمية الأسرة المصرية، وزيادة تمكين النساء على النطاق الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، وبناءً عليه؛ لوحظ انخفاض معدلات العنف الممارس ضد المرأة من 50% إلى 33% في عام 2021، وهو ما يشير إلى وجوب استمرارية عملية التمكين والحماية للمرأة المصرية للقضاء على تلك الظاهرة.
زواج القاصرات
ذكر المسح الصحي لعام 2014، أنه على الرغم من عدم قانونية الزواج تحت سن الـ 18 عامًا إلا أن هناك 6% من السيدات اللاتي تتراوح أعمارهن بين 15-17 عامًا متزوجات قبل بلوغ السن القانوني، وهو ما يترتب عليه أولًا: مخاطر جسدية ونفسية جسيمة تتعرض له الفتاة، ثانيًا: طول فترة المدة الإنجابية للفتاة، وبالتالي تعدد الأبناء، وأخيرًا: زيادة مؤشرات تسرب الفتيات من التعليم، والتي تتناسب طرديًا مع الزواج المبكر.
لم يتم ذكر نسبة الزواج المبكر في المسح الصحي لعام 2021، وهو ما يعكس تراجعًا عن الاهتمام بتلك القضية، رغم أهميتها وعلاقتها الوثيقة ببعض الظواهر السلبية الأخرى في المجتمع المصري، مثل: تسرب الفتيات من التعليم، والقضية السكانية، وارتفاع نسب الطلاق ومعدلات زواج التصادق، ومعدلات قضايا إثبات النسب.
أخيرًا، توضح المسوح الصحية للدولة المصرية عدة مؤشرات مهمة:
أولًا: أحرزت مصر تقدمًا ملحوظًا على مدار السنوات الماضية في خفض معدلات الإنجاب الكلي وزيادة الوعي تجاه الممارسات الإنجابية لدى السيدات، وهو ما يمهد إلى مزيد التقدم في هذا الملف، نتيجة لجاهزية البيئة المواتية له عن السنوات السابقة في ظل وجود المشروع القومي لتطوير الريف المصري “حياة كريمة”، وإطلاق الدولة للمشروع القومي لتنمية الأسرة المصرية والاستراتيجية الوطنية للسكان والتنمية لعام 2023، وعزم الدولة على تمكين المرأة المصرية في كافة القطاعات.
ثانيًا: تظهر المسوح الصحية انخفاض المعدلات الخاصة بالأمراض الشائعة بين الأطفال كسوء التغذية، والتقزم، وزيادة الوزن والنحافة، وهو ما يشير إلى نجاح المبادرات الصحية الموجهة لأطفال المدارس. كما تشير المسوح إلى ارتفاع معدلات الأنيميا، وهو ما يستدعي تعميم المبادرة الصحية الخاصة بمحاربة التقزم، والأنيميا، وسوء التغذية، وتوجيهًا للفئة العمرية من سنة إلى خمس سنوات.
ثالثًا: تشير معدلات العنف ضد المرأة الى نجاح السياسات التي تتخذها الدولة في هذا الصدد، وبناءً عليه يوصى بسرعة إصدار القانون الموحد لمجابهة العنف الموجه ضد المرأة، وإطلاق الاستراتيجية الموحدة لمكافحة جميع أشكال العنف الموجه ضد المرأة من العوامل اللازمة لإحراز المزيد من التقدم في هذا الملف.
رابعًا: يعد رصد وتحديث معدلات الزواج المبكر في المسوح الصحية ضرورة لفهم الظاهرة وقياس تداعياتها على المجتمع، ومن ثَمّ بناء السياسات لتقويمها، خاصة في ظل وجود الاستراتيجية المنتهية للحد من الزواج المبكر 2015-2020.
خامسًا: يمثل انخفاض معدلات الختان في المسح الصحي الأخير، فرصة مواتية لمراجعة مستهدفات الاستراتيجية القومية لمناهضة ختان الإناث المنتهية في عام 2020، وتحديثها وإعادة إطلاقها وفق البيانات المحدثة.
سادسًا: تظهر المسوح الصحية ارتفاعًا ملحوظًا في معدلات الولادات القيصرية بشكل غير متناسب مع المعدلات العالمية، مما يستدعي ضرورة دراسة تلك الظاهرة ووضع السياسات المختلفة لخفض تلك النسبة.