برنامج طروحات الحكومة المصرية هو مبادرة تهدف إلى طرح عدد من الشركات والمشروعات الحكومية للاكتتاب العام من خلال البورصة المصرية أو من خلال الاكتتاب الخاص من خلال البيع، يتم من خلال هذا البرنامج طرح أسهم هذه الشركات للبيع للمستثمرين عبر البورصة، أو من خلال البيع للقطاع الخاص بهدف جذب الاستثمارات وإعادة هيكلة أصول الدولة وزيادة مشاركة القطاع الخاص في الاقتصاد المصري. وتشمل الشركات المستهدفة للطرح في البرنامج شركات من مختلف القطاعات الاقتصادية، تأتي تلك الخطوة في إطار تنفيذ وثيقة سياسة ملكية الدولة التي صدرت في يونيو 2022، وتهدف إلى وضع الأسس والمرتكزات الرئيسية لوجود الدولة في النشاط الاقتصادي. وقد تضمنت تلك الوثيقة أهداف سياسة ملكية الدولة، والمتمثلة في زيادة مشاركة القطاع الخاص في الاقتصاد المصري، وذلك لتعزيز النمو الاقتصادي وخلق فرص عمل جديدة، وإعادة هيكلة أصول الدولة وتحسين أدائها، وتوفير موارد مالية إضافية للحكومة لتمويل المشروعات التنموية، والتي تأتي ضمن خطة الدولة لتوفير مبلغ 40 مليار دولار خلال السنوات الأربع التي بدأت في عام 2022 بحوالي 10 مليارات دولار كل عام.
تم اتباع منهجية علمية لتحديد الأصول المملوكة للدولة والتي ينطبق عليها الخصائص الأساسية التي تجعلها مؤهلة للدخول بالبرنامج، وقد استندت تلك المنهجية على عدد من المعايير الأساسية التي راعت أهمية تلك الأصول بالنسبة للاقتصاد القومي، وطبيعة نشاط تلك الأصول، وكفاءة عملية لإدارة تلك الأصول، حيث وفرت تلك المعايير الحماية الكافية للاقتصاد الوطني من احتمالية التعرض لضغوط مستقبلًا نتيجة فقدان السيطرة على قطاع بعينه أو حدوث أية ممارسات احتكارية بالمستقبل، وقد تم اتباع عدد من الآليات الاستثمارية للتخارج من تلك الأصول استهدفت جذب جميع أنواع المستثمرين، إذ قسّم ذلك البرنامج أسلوب التخارج من الشركات إلى ثلاث طرق، وهي زيادة عدد الأسهم المطروحة بسوق الأوراق المالية المصري بالنسبة للشركات المقيدة بالفعل بسوق المال لجذب المستثمرين الذين يفضلون الحصول على حصص بالشركات الحكومية المقيدة بسوق الأوراق المالية المصري، أما الأسلوب الثاني فهو الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وقد استهدفت هذه الطريقة جذب المستثمرين الذين يفضلون الشراء في شركات ليست مدرجة بسوق الأوراق المالية المصري، إذ يتم وفقًا لهذه الطريقة بيع حصص من الشركات المملوكة للدولة بشكل مباشر إلى المستثمرين من القطاع الخاص لكن يظل هيكل ملكية تلك الشركات مملوكًا للقطاعين العام والخاص معًا، أما الطريقة الثالثة فهي الخصخصة، وهي تتمثل في التخارج الكلي من الشركات الحكومية من خلال البيع لكامل حصص الحكومة بالشركات الحكومية إلى القطاع الخاص.
يتم تنفيذ برنامج طروحات الحكومة المصرية من جانب عدد من المؤسسات المملوكة للدولة والمتمثلة في البنوك العامة وشركات التأمين بقيادة الصندوق السيادي المصري، والذي تأسس كصندوق استثماري مملوك للدولة في عام 2018 بموجب القانون رقم 177 لسنة 2018، بهدف المساهمة في التنمية الاقتصادية المالية لمصر من خلال إدارة الأموال والأصول المملوكة أو المنقولة له، وكذلك الاستثمار في العديد من الأنشطة الاقتصادية المختلفة، كان لذلك الصندوق (الصندوق السيادي المصري) آثار إيجابية على دعم المناخ الاستثماري بمصر، إذ دخل الصندوق في ارتباطات استثمارية مع القابضة الإماراتية ADQ استطاع من خلالها تنفيذ صفقات بقيمة 1.84 مليار دولار من خلال تنفيذ صفقات تخارج من عدد 5 شركات من الشركات المقيدة بسوق الأوراق المالية المصري، إذ حصلت ADQ بموجب تلك الصفقة على حصص في عدد من الشركات؛ هي البنك التجاري الدولي: بحصة بحوالي 16.94%، وشركة “أبو قير”: بحصة بحوالي 21.52%، وشركة مصر لإنتاج الأسمدة موبكو: بحصة بحوالي 2.2%، وشركة فوري للمدفوعات الإلكترونية: بحصة بحوالي 12.23%، والإسكندرية لتداول الحاويات والبضائع: بحصة بحوالي 32%.
الصندوق السيادي السعودي هو الآخر كان له نصيب من صفقات الحكومة المصرية، إذ تم تنفيذ عدد 4 صفقات اشترى بهم حصة 23.56% من شركة “أبوقير” مقابل صفقة بقيمة 7.27 مليارات جم، وحصة 2.82% من أسهم شركة موبكو مقابل صفقة بقيمة 7.1 مليارات جم، وحصة بحوالي 25% من أسهم شركة أي فاينانس مقابل 7.27 مليارات جم، وحصة 20% من أسهم شركة الإسكندرية لتداول الحاويات لتبلغ قيم الصفقات التي تم تنفيذها بالشركات الأربع من جانب الصندوق السيادي السعودي بحوالي 1.3 مليار دولار أمريكي.
من جانب آخر فقد شهد الربع الأخير من عام 2023 نجاح الحكومة المصرية في التوصل إلى اتفاق مع شركة جلوبال الإماراتية لشراء حصة بحوالي 33.29% من أسهم شركة الشرقية للدخان مقابل 625 مليون دولار أمريكي أو ما يعادل 19.36 مليار جنيه مصري، لتصبح شركة جلوبال الإماراتية هي المالك الأكبر في شركة الشرقية للدخان وتليها الحكومة المصرية بحصة بحوالي 20% (حتى بيانات ديسمبر 2023).
كود رويترز | ملكية الحكومة المتبقية | ترتيب الملكية من حيث الحجم | |
الإسكندرية لتداول الحاويات والبضائع | ALCN.CA | 43.00% | الحصة الأكبر |
أي فاينانس | EFIH.CA | 42.77% | الحصة الأكبر |
شركة أبوقير | ABUK.CA | 30.49% | الحصة الأكبر |
الشرقية للدخان | EAST | 20.95% | المالك الثاني |
شركة فوري للمدفوعات الالكترونية | FWRY.CA | 16.46% | المالك الأكبر |
البنك التجاري الدولي | COMI.CA | 5.24% | المالك الثالث |
وشركة مصر لإنتاج الأسمدة موبكو | MOPCO.CA | 4.50% | المالك الأكبر |
لا تزال الحكومة المصرية تمتلك حصصًا مسيطرة في معظم الشركات التي تم طرح أجزاء منها، وهو ما يسمح ببيع حصص إضافية بتلك الشركات خلال الفترة المستقبلية أو بيع حصص بشركات أخرى ضمن مجموعة الشركات التي تم الإعلان عنها من جانب مجلس الوزراء، والبالغ عددها حوالى 32 شركة بعدد 18 قطاعًا اقتصاديًا سيتم طرح أجزاء منها بسوق الأوراق المالية المصري، أو التخارج الجزئي منها من خلال البيع لمستثمرين رئيسيين، ويمكن تصنيف تلك القطاعات بالقطاعات التي سيلعب القطاع الخاص بها الجزء الأكبر، والقطاعات التي ستعزز الدولة وجود القطاع الخاص بها من خلال المشاركة، وتتضمن تلك الوثيقة طرح عدد 5 من الشركات العاملة بالقطاع المالي المصرفي وغير المصرفي، والتي تتمثل في (بنك القاهرة، المصرف المتحد، البنك العربي الأفريقي، شركة مصر لتأمينات الحياة، وشركة مصر للتأمين) وعدد 4 من الشركات العاملة بالقطاع العقاري والتي تتمثل في (النصر للإسكان والتعمير، المعادي للتنمية والتعمير، شركة المستقبل للتنمية العمرانية، شركة الصالحية للاستثمار والتنمية)، وعدد 15 من الشركات العاملة بقطاع البتروكيماويات والإسمنت والتعدين (مصر لأعمال الإسمنت المسلح، شركة حلوان للأسمدة، الشركة الوطنية للمنتجات البترولية، الشركة المصرية لإنتاج البروبيلين والبولي بروبيلين، النصر للتعدين، شركة إيثيدكو، شركة الحفر للبترول، شركة إيلاب، شركة سيناء للمنجنيز، المصرية للسبائك والحديد، محطة توليد رياح بجبل الزيت، محطة توليد رياح بالزعفرانة، محطة بني سويف لتوليد الكهرباء، شركة سيد للصناعات الكيماوية، شركة بويات باكين).
من المتوقع أن يساهم برنامج الطروحات المصرية في تحقيق العديد من الجوانب الإيجابية المتمثلة في تحسين بيئة المناخ الاستثماري بمصر، حيث إن دخول مساهمين جدد بتلك الشركات هو أمر من شأنه أن يعزز قواعد الحوكمة بتلك الشركات، أي: (يقلل من احتمالات الفساد)، ويجدد دماء إدارة تلك الشركات من خلال وجود تمثيل للمستثمرين الجدد بمقاعد مجالس إدارة تلك الشركات، وهو ما سيكون له هدف إيجابي على تطوير نماذج أعمال تلك الشركات من خلال تحسين كفاءة عملياتها، أو نقل تكنولوجيا جديدة إليها، أو المساهمة في فتح الأسواق الخارجية لمنتجات تلك الشركات، وعليه فإن لتلك الطروحات فوائد جيدة للغاية على أداء تلك الشركات بشكل خاص، وعلى دعم القدرات التمويلية للاقتصاد المصري بشكل عام.