بتاريخ السابع من ديسمبر – 2023 أعلن المتحدث العسكري للقوات المسلحة المصرية عن اختتام المعرض الدولي الثالث للصناعات الدفاعية (EDEX – 2023)، والذي تم تنظيمه في المدة من 4-7/12/2023، والذي ترسخت مكانته كحدث عالمي بارز بين المعارض العالمية المماثلة. فهو المعرض الأضخم في أفريقيا وسط إشادة دولية بكافة الأوساط العسكرية العالمية، وبحضور جماهيري مكثف تحت رعاية السيد الرئيس/ عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة، وبمشاركة كبار العارضين، والشركات العالمية في مجال التسليح والصناعات الدفاعية والأمنية على الصعيدين الإقليمي والدولي، وبحضور العديد من وزراء الدفاع ورؤساء الأركان ووفود عسكرية رفيعة المستوى من مختلف دول العالم.
وشهد EDEX- 2023 اتجاهات ومناهج تسليحية محددة تواكب المتغيرات الموجودة حاليًا في النزاعات والعمليات العسكرية في الفترة الأخيرة، وحتى التكنولوجيات المتوقع الاعتماد عليها في المستقبل كنوع من التكيف العملياتي على مختلف المخاطر الحالية أو المستقبلية ومن الممكن تحديد هذه الاتجاهات كالآتي:
1- توطين وتعزيز الصناعات الوطنية العسكرية المصرية.
2- الاهتمام الشديد بالمسيرات والوسائل المضادة لها.
3- التركيز في إبراز منظومات محددة من الجو والبر والبحر.
1- توطين وتعزيز الصناعات الوطنية العسكرية المصرية
تنتهج الدولة المصرية في السنين الأخيرة مبدأ تنويع المصادر التسليحية بالتوازي مع الدعم الكبير المقدم لمؤسسات التصنيع العسكري للتوسع في عملية اكتساب الخبرات من الشراكة الدولية مع الكثير من المصنعيين العسكريين ولتصميم وتصنيع منتجات محلية، ليس فقط لدعم قدرات الجيش المصرين، ولكن أيضًا لتكون منافسة لمثيلتها الأجنبية في الاسواق العالمية وهو ما ظهر جليًا في EDEX-2023 .
بتاريخ 5-ديسمبر-2023 أشار اللواء مختار عبد اللطيف رئيس “الهيئة العربية للتصنيع لوكالة الشرق –Bloomberg أن هناك العديد من المنتجات التي تم عرضها للمرة الأولى، فضلًا عن كونها صنعت بأياد مصرية بنسبة 100%” مثل :
*تدشين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الفرقاطة “سجم الجبار 910” من فئة MEKO A200 للقوات البحرية المصرية. وتعد الفرقاطة أكبر قطعة بحرية يتم تصنيعها محليًا 100%، وتم الانتهاء من تصنيعها خلال عامين، وتعتبر من الأفضل في فئتها عالميًا لما تحتويه من منظومات رصد وتسليح متطور لتعزز أسطول الفرقاطات الموجودة بالفعل لدى البحرية المصرية.
*بجانب عرض مُسيرات جديدة من الفئة كبيرة الحجم ذات المدى البعيد والحمولة القتالية الكبيرة مثل “أحمس” و”6-أكتوبر” و”30-يونيو” التي بإمكانها الطيران بسرعة 260 كم/ساعة وزمن بقائها يصل إلى 30 ساعة.
* طائرات “طابا- 1 / 2 ” الهدفية في الأساس هدف تدريبي لقوات الدفاع الجوى لمحاكاة الأهداف المعادية.
* أيضًا تم الكشف عن “صائد الدرونز والمسيرات الانتحارية”، وهي من إنتاج “الشركة العربية العالمية للبصريات”، إذ تعتبر منظومة الاشتباك المطورة بنظام الاتزان وتتبع الأهداف آليًا، والتي شهدت تحديثًا في نسختها الحالية، ليطلق عليها “صائد المسيرات” المدعومة بمدفع عيار 14 ونصف ملليمتر.
*راجمة الصواريخ “رعد 200″، والتي تم إنتاجها في أحد مصانع الإنتاج الحربي بتصميم وتنفيذ مصري بنسبة 100%. وتعمل على جنزير سريع، وتقوم بضرب عدد كبير من الصواريخ في وقت واحد، ومزودة بأنظمة إلكترونية حديثة لتوجيه الصواريخ عن بعد. في حين يعمل نظام الرماية بشكل أحادي أو بنظام الرشقات. وتبلغ سرعة الإطلاق 20 صاروخًا في 12 ثانية.
* شهد المعرض عرض المدرعة “تمساح 6″، وهي سيارة مدرعة حاملة جنود، تعرض لأول مرة، إذ تحتوي على كبسولة يمكن فكها وتغييرها، كما يمكنها أن تحمل 9 جنود، وتتمتع المدرعة بمستوى كبير من الحماية ضد المقذوفات والألغام br6 ومستوى حماية stranga3.
* القنابل الجوية ( حافظ )، هي قنابل حُرة تصل أوزانها حتى (2000 رطل )، بقُدرة اختراق للخرسانة المسلحة حتى (180 سم) .
* مركز القيادة والسيطرة الآلي المتحرك مُتعدد المهام للسيطرة على أعمال قتال القوات وتأمين المجال الجوي والحدود، تصميم وتصنيع مصري بنسبة100%.
* مركبة مشاة قتالية مجنزرة جديدة تحمل اسم سينا Sena 200 التي تستوعب 6 مقاتلين مع منظومة تسليح يتم التحكم بها عن بعد RCWS .
* نظام النبض الكهرومغناطيسي عالي الطاقة الجديد EDE-100A، تصميم وتصنيع مصري 100% بقدرة تصل إلى 50 هرتز.
*نظام رصد واستهداف من طراز Striker مزود بنمط للرؤية الليلية ويتم دمجه على سلاح المدرعات.
* منظومة التحكم والاشتباك عن بعد المصرية Eagle- 1 المزودة بكاميرا حرارية وهي قادرة على (كشف الأفراد من مسافة 5200 متر وكشف المركبات من مسافة 9400 متر وسلاح أساسي 12.7 M2 بصندوق ذخيرة بسعة تصل إلى 400 طلقة.
*ذخائر من عيار 105 و120 المصنوعة من سبيكة “التنجستين” المصممة لاختراق الدروع الثقيلة.
*مقذوفات “ثيرموباريك ” لقواذف RPG المحمولة كتفًا الجديدة مع مقذوف “كوبرا تاندم” المصمم لاختراق الدروع التفاعلية.
*رادار ” EMBR-16A ” الذي تم تطويره وإنتاجه بمصنع بنها للإلكترونيات التابع لوزارة الإنتاج الحربي، ويصل مدى كشفه الأقصى حتى 350 كم على ارتفاع يصل إلى 20 كم.
* نظام مصري الصنع تساعى لنثرة الألغام المضادة للدبابات ولغم إلكتروني مطور مضاد للدبابات.
* منظومة الحماية الذاتية للمركبات من الأسلحة الموجهة بالليزر وتتكون من جهاز إنذار LWR، وقذائف دخان، ومنظومة تشتيت الأسلحة الموجهة بالليزر ويعمل كلا النظامين معًا.
*جهاز التشويش والإعاقة المصري على الطائرات بدون طيار من طراز DJ-400 يستخدم للتصدي لتهديدات الطائرات بدون طيار الصغيرة ومنها الطائرات بدون طيار التجارية والFPV.
2- الاهتمام الشديد بالمسيرات والوسائل المضادة لها
ظهرت المُسيّرات بكثرة في EDEX-2023 من الكثير من المصنعين بسبب ما تقدمه في مسرح العمليات من فوائد تكتيكية والتي تزيد بمرور السنين وبالأخص بعد الحرب الروسية- الأوكرانية من مختلف الفئات:
*المُسيّرات الانتحارية وبالأخص الأنواع الصغيرة التي من الممكن أن يحملها الفرد المقاتل بسهولة ويطلقها ويتحكم بها بواسطة التطبيقات الإلكترونية على هاتفه أو الألواح الإلكترونية “Taps” مثل Switch Blade” “Aerovirnmentالأمريكية وما يشابهها من الدول الأخرى، وظهرت المُسيَرات الانتحارية الكبيرة والمشابهة لـ “Shahed ” الإيرانية مثل ASN-301” “Avicالصينية، والتي أصبحت عقبة كبيرة للدفاعات الجوية بفضل سرعتها القليلة وتصميمها الذكي الذي يساعدها على التملص واختراق أقوى شبكات الدفاع الجوي، ولكن أيضًا تم ظهور فئة جديدة تمثلت في المُسيَّرات الانتحارية التي تعمل بنمط الفريق لتبحث عن الأهداف بواسطة الذكاء الاصطناعي وتشتبك معها أوتوماتيكيًا مثل التي تنتجها شركات أرمينية تحت اسم ” AAS Devil-3 ” وهي البلد التي عانت بشدة من المُسيّرات الانتحارية في حرب “نجورنو-كاراباخ” لتتعلم من الدرس جيدًا.
* المُسيّرات كبيرة الحجم ظهرت بنوعين من التصميمات “الشبحية” قليل البصمة الرادارية مثل التركية “TAI Anka-3” والاعتيادية مثل المصرية “30 يونيو” والتركية “Baykar Akinci” التي تنتجها الكثير من الدول والتي تستطيع حمل المزيد من التسليح بمدى بعيد، والتي من الممكن أن تقلل الاعتماد على الطائرات المقاتلة المعتادة ذات التكنولوجية المعقدة، فبوجود المُسيّرات الكبيرة تستطيع أداء المهمات بفاعلية كبيرة وبتكلفة قليلة وظهور بعض الأنواع تحديدًا التي تستطيع حمل صواريخ كروز مجنحة بعيدة المدى وتصل إلى 250 كم.
* المُسيّرات متوسطة الحجم نالت الاهتمام الأكبر من المصنعين تمثلت في التركيز على الانتقال من المحرك المكبسي “Piston engine”إلى المحرك النفاث “Jet Engine” مثل “CAIG WL-10” الصينية المشابهة لمثيلتها الأمريكية “Avenger”، والعمل على زيادة الحمولة القتالية من خلال زيادة عدد الحوامل للصواريخ على جناح المسيرة وتعزيز قدرتها الدفاعية بواسطة إضافة “حواضن التشويش الرادارية-ECM POD “وإمكانية تزوديها بمنظومات دفاع ذاتية تطلق أشراك الرادارية والحرارية –Chaf/Flares مثل “Baykar TB-2/3″ و”Anka-2 TAI” التركية والصينية “CAIG WL-2″ و”CASC CH-4” .
*المُسيّرات المعروفة باسم ” Collaborative Combat Aircraft” CCA وهي الفئة الجديدة من المُسيّرات المعززة بالذكاء الاصطناعي من شركة “KAI” الكورية الجنوبية وهي مصممة لتعاون الطائرات المقاتلة الاعتيادية في أداء المهمات المختلفة سواء كانت “جو/ جو” و”جو/ أرض” وحتى مهمات التشويش الإلكتروني لمهمات تحييد الدفاعات الجوية. حيث إن الطيار المقاتل يستطيع التحكم في أكثر من مُسيّرة في وقت واحد بمهمات مختلفة دون الحاجة إلى المزيد من الطائرات المقاتلة المرافقة، والباهر كثيرًا هو إمكانية التحكم بهم، ليس فقط من الطائرات المقاتلة، ولكن من طائرات التدريب الخفيفة مما يجعلنا نرى مستقبل الحروب الجوية يتجهه بشدة نحو المزيد من الجمع بين الطائرات المقاتلة وبالأخص من الأجيال الجديدة والمُسيّرات المعاونة.
3- التركيز في إبراز منظومات محددة من الجو والبر والبحر
المنظومات البحرية : شهد EDEX- 2023 منافسة شديدة بين الشركات المتخصصة في صناعة المنظومات البحرية، وبالأخص المنتجة لقطع السطح المتمثلة في القراويطات والفرقاطات وحتى حاملات المروحيات. مع غياب المسيرات البحرية الانتحارية بشكل غير متوقع بعد الأداء الجيد في الحرب الروسية- الأوكرانية، ولكن التركيز الأكبر على إبراز بدائل كثيرة للمنتج الأمريكي في قطع السطح. مع عدم التركيز على الغواصات بأنواعها المختلفة، وأبرز العارضين كانت الشركات الأوروبية المتمثلة في الشركات الفرنسية والألمانية والتركية. بجانب الشركات الأسرية وبالأخص الصينية والهندية. أما الذخائر البحرية فظهرت بشكل موسع بمدى قتالي متعدد من جميع الشركات، وبالأخص العملاق الأوروبي MBDA.
المنظومات البرية : كان التركيز الأكبر على المدرعات وناقلات الجنود المقاتلة بالمقارنة مع دبابات القتال الرئيسية والمدفعية بعيدة المدى، وتنتجها العديد من الدول من جميع أنحاء العالم، مع ظهور مميز للصواريخ أرض/أرض التكتيكية بعيدة المدى، وبالأخص الكورية الجنوبية من طراز “Hanwha Chunmoo ” و”Norinco Ar-3″ الصينية و”TRG-230 ” التركية، أيضًا ظهر اهتمام كبير للصواريخ المضادة للدروع ذات المنشأ الأوروبي والآسيوي، مع ظهور باهت لمنظومات الدفاع الجوي برز العملاق الأوروبي MBDA-Aster” وعائلة الـ “CASIC HQ” الصينية للدفاع الجوي وغياب روسي تام في هذا التخصص.
المنظومات الجوية : منافسة شديدة ظهرت على مستوى الطائرات المقاتلة وبالأخص في فئة الجيل الرابع المتقدم، ومع الدروس المستفادة من الحرب الروسية – الأوكرانية ظهرت تطويرات ثورية على مستوى أنظمة الدفاع الذاتية للطائرات، مع تعزيز القدرات بواسطة طائرات الدعم الإلكتروني المستخدمة لفتح الثغرات في شبكات الدفاعية المعقدة. مثل الأنظمة الأوربية من شركة Hensoldt الألمانية وDassult الفرنسية وShaanxi الصينية، لدعم المقاتلات مختلفة المنشأ مثل “F- 16 BLK70″ إحدى أفضل النسخ للمقاتلة التكتيكية الأمريكية الأكثر مبيعًا برادار ثوري وقدرة على إطلاق مختلف القذائف، و”F- 15 EX” رأس الحربة المستقبلي لسلاح الجو الأمريكي المعزز بالقدرات التكنولوجية لحمل المزيد من الذخيرة لمسافات بعيدة جدًا، وبالأخص صواريخ الكروز وحتى المسيرات المقاتلة المعروفة تحت اسم Long Shot Project .ومن أوروبا “Rafale” الفرنسية بنسختها الحديثة F4 التي تعزز قدراتها على الحرب الإلكترونية لاختراق الدفاعات الجوية، والقيام بمهمات الهجوم الدقيق والاشتباك الجوي بكفائة عالية بواسطة الصواريخ بعيدة المدى وخوذة التوجيه للصواريخ قصيرة المدى و”EF- 2000″. الأوروبية والنسخة T4 التي تستخدم تغليفًا للحماية الذاتية ورادار ثوري من الأفضل في أوروبا وإمكانية حمل ذخائر دقيقة ومميزة. تعتمد عليها أسلحة الجو الأوروبية في المستقبل لكسب السيطرة الجوية، ومن آسيا “J- 10” والنسخة C الصينية بتصميم جديد يدعم المناورة البعيدة، ورادار قوي وتسليح بعيد المدى جدًا، والوافد الجديد “KF- 21” الكورية الجنوبية، وهي مشروع مبشر جدًا وحجر أساس لنسخة الجيل الخامس للبلاد، بجانب ظهور الجيل الخامس لأول مرة المتمثلة في المقاتلة التركية “KAAN TAI”، التي يعول عليها سلاح الجو التركي لتكون كبديل فعال لـ F- 35، وتأتي بتصميم منخفض البصمة جدًا وستستخدم أنظمة وتسليحًا محليًّا بالكامل كمشروع مستقل. لاستبدال الأجيال القديمة من المقاتلات العاملة، وكان هناك اهتمام شديد بالعديد من الطائرات المقاتلة التكتيكية الخفيفة، التي تستخدم أيضًا في عمليات التدريب، وهي من طراز “FA- 50″ الكورية و”Hurjet” التركية و”L- 15″ الصينية و”T- 7″ الأمريكية و”M- 346″ الإيطالية و”JF- 17″ الباكستانية وهذه الفئة تعتبر حلًا فعالًا مع مصاريف تشغيل مناسبة للقيام بالمهمات المختلفة.
ختامًا.. النسخة الثالثة لمعرض EDEX شهدت آخر ما توصلت له شركات التسليح من خبرات ومنظومات قتالية، وبالأخص على الصعيد الهجومي من الجو والبر والبحر مع إبراز المسيرات ووسائل مقاومتها، والمنظومات الجوية والبحرية بمختلف أنواعهم في إشارة واضحة للاستفادة من الخبرات السابقة للعمليات العسكرية مع تركيز الشركات بخطط تسويقية مخصصة للقارة الأفريقية، تتمثل في المنظومات التي تجمع ما بين الفاعلية القتالية ومصاريف التشغيل المنخفضة، وبالأخص المنظومات التي تتكامل بواسطة أكثر من منظومة في وقت واحد. ليتم التسويق لهم بشكل تجاري بحت لزيادة المبيعات مع إظهار المرونة الكافية لأي تعديلات خاصة للزبائن. مما يؤكد اهتمام الشركات بالسوق الأفريقي الذي ينمو بشكل ثابت وقد ينبئ بأن النسخ القادمة من EDEX ستكون أكثر جذبًا للمنظومات الأكثر ابتكارًا وفتكًا.