مر النظام السياسي المصري بمراحل كثيرة وتغيرات مع التحولات الكبرى وأغلبها يتعلق بفكرة التمثيل والوصول لنظام يحقق العدالة يتم فيه تمثيل القوى السياسية والفئات المختلفة بخلاف (الكوتة) التي نص عليها في الدستور، وذلك بهدف منح عدد من الفئات القدرة على التمثيل، نظرًا إلى أن المجتمعات في طور تشكيل حياتها السياسية تنص في قوانين نُظمها الانتخابية على حصة للفئات التي يتعذر تمثيلها.
وفي الواقع فإن بعض الإشكاليات ما زالت مستمرة ولم تنتهِ، والقوى السياسية دائمًا في حالة جدل حولها بهدف الوصول إلى أفضل نظام انتخابي يساعدهم على التمثيل البرلماني بنسبة ترضيهم. والسؤال: ما هي أهم الإشكاليات التاريخية التي عانى منهما النظام السياسي والانتخابي عبر هذا التاريخ الطويل، ولا تزال القوى السياسية تدور في فلكها دون مخرج منها؟. ولعل أهم هذه الإشكاليات:
- التأرجح في النظام السياسي بين الرئاسي والبرلماني والمختلط.
- التأرجح في النظام الانتخابي بين الفردي والقائمة، بخلاف التأرجح بين نوعية القائمة المغلقة والمطلقة.
- التأرجح بين الدوائر الواسعة والضيقة وتأثيرها على عدالة التمثيل وإشكاليات تقسيم الدوائر.
- النسب الفئوية (الكوتة) بين الاستمرار، وضرورة ارتباطها بسقف زمني.
الحياة النيابية منذ ١٨٦٦ وحتى ١٩٥٢
عرفت مصر الحديثة النظام الدستوري منذ مطلع القرن التاسع عشر، حيث صدرت اللائحة التأسيسية لمجلس شورى النواب وانتخاب أعضائه في ٢٢ أكتوبر سنة ١٨٦٦ والتي حددت قواعد الانتخاب، والتي من أهمها أنه يجوز انتخاب من بلغ عمره ٢٥ سنة فما فوق بشرط أن يكون موصوفًا بالرشد والكمال، وأن يكون من الأشخاص المعلومين عند الحكومة بأنه من الأهالي التابعين لها ومن أولاد الوطن.
وجاء في البند الثالث أنه يحدد الفئات المحرومة من الترشح الأشخاص الذين حكم على أموالهم وأملاكهم بأحكام الإفلاس، والفقراء المحتاجين، والأشخاص الذين أعينوا على حالهم قبل الانتخاب بسنة.
كما ألزمت اللائحة أن من له حق الإدلاء بصوته لم يحكم عليهم بالإفلاس، ولا يكون سبق مجازاتهم بالليمان، وألا يكونوا من الأشخاص الداخلين سلك العسكرية تحت السلاح.
وحدد البند السابع من اللائحة أن انتخاب الأعضاء من الأقاليم يلزم أن يكون على حسب التعداد، لذا يلزم انتخاب واحد أو اثنين من كل قسم من أقسام المديريات بحسب كبر القسم وصغره، ويصير انتخاب ثلاثة من مصر، واثنين من الإسكندرية، وواحد من دمياط.
وحددت اللائحة التأسيسية في بندها الثامن الإشراف القضائي، وجاء في البند بعد ما يتم وضع الأوراق بالصناديق تفتح على يد المدير والوكيل ناظر قلم الدعاوى وقاضي المديرية، فينظر إذا كان أكثر من الآراء متفقة على انتخاب واحد من القسم فيصير هو نائبًا عن القسم، وفيما يخص الانتخاب في مصر والإسكندرية ودمياط يصير باتفاق أو أكثرية آراء وجوه وأعيان تلك المدن.
البند التاسع حدد مدة العضوية، حيث يصير انتخاب الأعضاء في كل ثلاث سنين.
والبند العاشر حدد عدد أعضاء المجلس ألا يزيد عن ٧٥ شخصًا.
وفي البند الحادي عشر حدد شرط الانعقاد بضرورة حضور أكثر من الثلث.
في البند السابع عشر من اللائحة التأسيسية منح ولي الأمر حق جمع المجلس أو تأخيره أو تمديد مدته أو تبديل أعضائه وانتخاب غيرهم في مدة معلومة.
وينصب رئيس مجلس شورى النواب ووكيله من قبل الحضرة الخديوية، ويفتتح المجلس بخطاب من الخديوي، وبعدها يصير تقسيم الأعضاء إلى خمسة أقلام بانتخاب نفس الأعضاء بعضهم بعضًا، ورؤساء الأقلام يكون انتخابهم بمعرفة الأعضاء أيضًا.
التمثيل السياسي وقوانين الانتخابات بين ١٨٦٦ و١٩٥٢
كان مشروع قانون الانتخاب الصادر في ١٥ يونيو ١٨٧٩، حدد الفصل الأول من لهم حق الانتخاب وحدد ضرورة دفع رسوم للترشح، ثم حدد فئات يجوز لهم خوض الانتخابات، وهم: العلماء، القسس، وغيرهم من أي مذهب، والحاخامات، والمدرسون، من يحصل على شهادة من جمعية من جمعيات العلوم، أرباب الوظائف من يكون مرتبه ١٠٠٠ قدح، وضباط العسكرية المصرية، الحائزون على نياشين عثمانية، المقيدون بجدول محكمة الاستئناف.
في عهد الخديوي توفيق، المادة الأولى من القانون حددت أن يكون أعضاء مجلس النواب بالانتخاب وأحال شروط الانتخاب للائحة خاصة، ثم المادة الثانية حددت أن تكون مدة العضوية ٥ سنوات، وحددت المكافأة للنائب قدرها ١٠٠ جنيه، وهذا مبلغ في وقتها عظيم للغاية، ومنحت المادة الثالثة والرابعة ما يشبه الحصانة، وحدد مكان الاجتماعات في مصر المحروسة.
كما حدد القانون مدة دور الانعقاد من ١٥ نوفمبر إلى ١٥ فبراير وهذه الجلسات اعتيادية، ويجوز الانعقاد بطلب من الخديوي.
ووفقًا لقانون الانتخابات الصادر في ٢٥ مارس سنة ١٨٨٢ فإن:
- من له حق الانتخاب هو المصري من رعايا الحكومة المحلية، سواء كان مولودًا أو متوطنًا أقام ١٠ سنوات ومنع الأجانب من الترشح.
- بالغ من العمر ٢١ سنة.
- وحدد ٨ فئات يحق لهم الانتخاب وهم: العلماء، والقسس، الحاخامات، المدرسون في المدارس، أرباب الوظائف الملكية، الضباط العسكريون سواء كانوا في الخدمة أو متقاعدين، المحامون، والأطباء، والمهندسون.
- وفي دوائر الانتخاب حدد القانون أن يكون لمصر ١٢٥ نائبًا، وحدد هذا القانون سن الانتخاب بـ٢٥ عامًا.
- حظر القانون هؤلاء من الترشح ممن صدرت عليهم أحكام، والذين حكم عليهم بالإفلاس، والذين يديرون بيوتًا للفحشاء والقمار، أو خدموا في تلك البيوت.
في 7 فبراير 1882 سارع الاحتلال الإنجليزي إلى إلغائها إلى أن عادت بعد ذلك وظلت الحياة النيابية قائمة في عهد السلطان حسين من سنة ١٩١٤ إلى ١٩١٧، وكذلك في عصر السلطان فؤاد من ١٩١٧ وحتى ١٩٢٣ وأوقفت مؤقتًا خلال الحرب العالمية الأولى.
وقد أصدر عباس حلمي قانونًا للانتخاب في أول يوليو ١٩١٣، وحدد سن الانتخاب بعشرين سنة. أما رجال العسكرية الذين تحت السلاح فلا يحق لهم الانتخاب، وكذلك نفس الفئات الأخرى المحظورة كما في قانون ١٨٨٢، وجاءت المادة السابعة تمنح المصريين التوجه حتى ١٥ فبراير بأن يدرج اسمه في جدول الانتخابات.
أما المادة الحادية عشرة فألزمت لجنة الانتخابات بتنقية الجداول الانتخابية من الذين توفوا أو الذين فقدوا الصفات المطلوبة، وحظر القانون مشاركة من لم يكن اسمه مقيدًا في الجداول الانتخابية.
أما المادة الثالثة عشرة فحددت مدة نيابة الناخبين بـ٦ سنوات، واشترطت فيمن ينتخب أن يكون اسمه مقيدًا في جداول الانتخابات، وأن يكون عمره ثلاثين عامًا.
وحددت المادة العشرون أن يكون المرشح للجمعية التشريعية عمره ٣٥ سنة، وأن يكون عارفًا بالقراءة والكتابة، وأن يكون دفع منذ سنتين مال أطيان سنوي يبلغ ٥٠ جنيهًا، أو عوائد مبانٍ قدرها ٢٠ جنيهًا، ويكون الاسم مدرجًا في جدول الانتخابات منذ ٣ سنوات.
ونلاحظ هنا أن المسمى هو المجلس النيابي بالجمعية التشريعية، وكان سابقًا يطلق عليه مجلس شورى النواب، وسنجد التأرجح في التسميات من الصفات التاريخية للحياة النيابية في مصر سنجد ما بعد مرحلة يوليو مجلس الأمة وفي مرحلة الرئيس السادات ومبارك مجلس الشعب، وسنجد بعد ١١ فبراير ٢٠١١، ومع عودة الحياة النيابية أطلق عليه الدستور المصري مجلس النواب بدلًا من مجلس الشعب، والغرفة الثانية بدلًا من مجلس الشورى أصبح مجلس الشيوخ.
وبعد انتهاء الحماية البريطانية عن مصر صدر دستور 1923 الذي ألغى عام 1930 ليستمر العمل بدستور 1930 حتى 13 ديسمبر 1935 حيث صدر أمر ملكي في نهاية عام 1935 مقررًا عودة دستور 1923 الذي استمر العمل به حتى قيام ثورة 23 يوليو 1952، وهنا نلاحظ حالة من عدم الاستقرار الدستوري.
وظلت الحياة النيابية من ١٩٢٣ إلى سنة ١٩٣٦ إبان حكم الملك فؤاد ومن ١٩٣٦ إلى ١٩٣٧ إبان حكم أوصياء العرش، ومن ١٩٣٧ ظلت الحياة النيابية قائمة حتى ٢٣ يوليو ١٩٥٣، ولكن اعتراها الكثير من عدم الاستقرار الذي تجسد في حل البرلمان وتدخل الملك للحل حينما يعلو صوت المعارضة هذا ما حدث في مارس ١٩٢٤ وحدث في ١٩٢٩ من الملك فؤاد؛ وتكررت هذه الإشكالية طوال حقبة الملك فاروق.
وفي ١٥ مارس ١٩٢٢ صدر ما أطلق عليه الملك فؤاد بالأمر الكريم لاستقلال البلاد، وهو بمثابة بيان يعلن فيه استقلال البلاد وعودة الشخصية الدولية والقومية لمصر. وفي ٣ إبريل ١٩٢٢ صدر قرار من عبد الخالق ثروت بتشكيل لجنة لوضع مشروعي الدستور وقانون الانتخاب وبلغ عدد أعضاء اللجنة ٣٢ اسمًا، وهذه اللجنة هي التي وضعت دستور ١٩٢٣ وقد نص هذا الدستور على مجلسين للنواب وآخر للشيوخ يوازي اللوردات في بريطانيا.
في القانون رقم واحد الصادر في ٢٣ يونيو سنة ١٩٢٤ بتحديد مكافأة أعضاء البرلمان حددها بمبلغ ٦٠٠ جنيه مكافأة سنوية يتقاضاها أعضاء النواب والشيوخ، ويستثنى من ذلك الوزراء، ويتقاضى رئيسا مجلس الشيوخ والنواب مكافأة سنوية مساوية لمرتب الوزير، وقد جعل حق البرلمان في سن التشريعات مطلقًا إلا في مسألة فرض ضرائب جديدة أو زيادة الضرائب الحالية ولم يكن هذا الحق معترفًا به في مجلس شورى القوانين سنة ١٨٨٣، وكل ما كان يستطيع أن يفعله أن يطلب من الحكومة تقديم مشروعات قوانين، وكانت الحكومة حرة في تلبية الطلب من عدمه، أما قانون ١٩١٣ قد أكسب الجمعية التشريعية شيئًا من هذا الحق، ولكنه ظل عرضة لسيطرة الحكومة فكانت تستطيع أن تعارض في مناقشة كل مشروع يصدر من أعضاء الجمعية التشريعية.
وعن قانون الانتخاب الصادر في ٢١ أكتوبر سنة ١٩٢٢ حدد القانون من له حق الانتخاب من بلغ من العمر ٢٠ سنة.
وفي المادة الرابعة من مشروع القانون حدد أن يقوم العمد والمأذون بتحرير قوائم الجداول الانتخابية، وتشابه مشروع القانون مع المشروعات السابقة فيمن لا يحق لهم الانتخاب ممكن وقعت عليهم أحكام بالسجن والإفلاس.
المادة ٢٦ حددت شروط من له حق الترشح لعضوية مجلس النواب بألا يقل سنه عن ٣٠ سنة، وأن يجيد القراءة والكتابة، وأن يكون مقيدًا في جداول الانتخابات، وألا يكون من الضباط المستودعين، ولا من الجنود في الإجازة الحرة، وأن يرشحه ثلاثون على الأقل من مندوبي دائرة انتخابه.
والباب الثالث من مشروع القانون يتضمن شروط انتخاب أعضاء مجلس الشيوخ، حيث حدد القانون الاقتراح لعضوية مجلس الشيوخ بمن لا يقل سنه عن ٤٠ سنة.
وحدد القانون طبقات بعينها يحق لها الترشح لعضوية مجلس الشيوخ وهم:
- الوزراء والممثلون السياسيون والأمراء.
- رؤساء مجلس النواب والنواب الذين قضوا مدتين في النيابة.
- وكلاء الوزارات ورؤساء المصالح العامة والمديرون والمحافظون من الدرجة الأولى.
- رؤساء محكمة الاستئناف ومستشاروها والنواب العموميون.
- كبار العلماء والرؤساء الروحيون والضباط المتقاعدون من رتبة لواء فيما فوق.
- نقباء المحامين.
- الملاك الذين يؤدون ضريبة لا تقل عن ١٥٠ في العام.
- الماليون والتجار ورجال الصناعة وأصحاب المهن الحرة ممن لا يقل دخلهم عن ١٥٠٠ جنيه في السنة، وأن يكون اسمه مدرجًا بالجداول الانتخابية، وأن يرشحه على الأقل عشرون مندوب ترشيح.
والباب الخامس من القانون شمل عقوبات جرائم الانتخابات ومن بينها التزوير في جداول الانتخابات بعقوبة سنة حبس وغرامة ١٠٠ جنيه، كما نص القانون على عقوبة إفشاء سر إعطاء الصوت ٦ شهور سجنًا و٥٠ جنيه غرامة.
ومن هذا الاستعراض الطويل نجد أن التأرجح صورة من عدم الاستقرار في النظام الانتخابي ويجب التوصل لنظام أمثل يحقق نوعًا من الاستقرار النسبي. بالتأكيد الوصول للعدالة المطلقة أمر شبه مستحيل ولكن يجب تحقيق عدالة نسبية في التمثيل من أجل الوصول لتمثيل طبيعي بدون تدخل، أي بدون كوتة، وتهيئة هذا المجتمع لتحقيق هذا الهدف، ثم التطور بالنظام السياسي أكثر من ذلك واعتبار النظام شبه الرئاسي مرحلة انتقالية للوصول للديمقراطية البرلمانية.
التمثيل السياسي وقوانين الانتخابات بعد ١٩٥٢
ومنذ قيام ثورة يوليو مر النظام الدستوري المصري بالعديد من المراحل وهي: مرحلة دستور 1953، ثم مرحلة دستور 1956، فمرحلة الدستور المؤقت للجمهورية العربية المتحدة سنة 1958، فمرحلة الإعلان الدستوري للجمهورية العربية المتحدة لسنة 1964، وما يعيب هذه المرحلة التأرجح الدستوري وعدم وجود دستور دائم للبلاد، وبعد ١٩٦٧ أصدر الرئيس جمال عبد الناصر بيان 30 مارس عام 1968، والذي صدر كوثيقة دستورية ترسم معالم المرحلة بعد هزيمة يونيو عام 1967، والذي كفل توفر الضمانات التي تكفل حرية التعبير والنشر والبحث العلمي والصحافة، ورأى البعض أن البيان خطوة على طريق الدستور الدائم.
واتسمت هذه المرحلة بكسر احتكار طبقة كبار الملاك التي كانت مسيطرة على السياسة في العهد الملكي بإقرار نسبة ٥٠ ٪ عمال وفلاحين تلك الطبقة التي عانت من التمييز المتعمد من قبل النظام السياسي في عهد الملك فاروق.
وبعد قدوم الرئيس أنور السادات وضع دستور 1971 الدائم والذي حكمت به مصر أكثر من ٤٠ عامًا وكان نظامًا رئاسيًا يمسك فيه الرئيس بكل خيوط السلطة، وقد طرأ على الدستور تعديلات عدة في أعوام 1980 و2005 و2007، فالتعديل الذي جرى في عام 1980 تم خلاله توسيع نطاق المادة الثانية من الدستور لتصبح مبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع. أما التعديل الذي جرى في عام 2005، فقد تم بهدف تنظيم اختيار رئيس الجمهورية عبر آلية الانتخابات المباشرة، وتعديلات المادة (76) والتي على إثرها أجريت أول انتخابات رئاسية في مصر. في حين أن التعديلات التي تمت في عام 2007 شملت حذف الإشارات إلى النظام الاشتراكي للدولة، كما وضعت -أي التعديلات- الأساس الدستوري لقانون الإرهاب (المادة 179).
سنة الانتخابات | نوع النظام |
انتخابات ١٩٧٩ | فردي |
انتخابات ١٩٨٤ | فردي +قائمة نسبية |
انتخابات ١٩٨٧ | قائمة نسبية +فردي |
انتخابات ١٩٩٠ | فردي بالأغلبية المطلقة |
انتخابات ١٩٩٥ | فردي بالأغلبية المطلقة |
انتخابات ٢٠٠٠ | فردي بالأغلبية المطلقة |
انتخابات ٢٠٠٥ | فردي بالأغلبية المطلقة |
انتخابات ٢٠١٠ | فردي بالأغلبية المطلقة + مقاعد للنساء على مستوي المحافظات |
انتخابات ٢٠١٢ | فردي بالأغلبية المطلقة + قوائم مطلقة |
انتخابات ٢٠١٥ | فردي بالأغلبية المطلقة + قائمة مطلقة |
انتخابات ٢٠٢٠ | قائمة مطلقة + فردي بالأغلبية المطلقة |
ولم يكن النظام الانتخابي مستقرًا بالشكل الكافي في عقد الثمانينيات، حيث تم حل برلمان ١٩٨٤، وكذلك برلمان ١٩٨٧، وذلك لعدم دستورية نظام القوائم كما أقرت المحكمة الدستورية العليا، حيث تم إجراء انتخابات ١٩٨٤ بنظام القوائم التي حرمت المستقلين أي غير المنضمين لأحزاب من الترشح، وكذلك تم حل برلمان ١٩٨٧ في ١٣ أكتوبر ١٩٩٠ بسبب صدور حكم من المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية قانون الانتخابات، الذي لم يضمن للمستقلين حقوقًا مساوية لمرشحي القوائم الحزبية.
ونتيجة لإعلان عدم دستورية قانون الانتخابات التي أجريت وفقًا لانتخابات ١٩٨٧، صدر قانون جديد تم بمقتضاه تم العودة إلى نظام الانتخابات الفردي.
وتجسدت إشكالية هذه المرحلة باستمرار التشرذم التنظيمي وعدم الالتزام داخل حزب الأغلبية الذي سيطر على البرلمان بشكل كبير مع تصاعد نسبي لجماعة الإخوان من ١٧ مقعدًا في ٢٠٠٠ إلى ٨٨ مقعدًا في برلمان ٢٠٠٥ بزيادة تماثل ٥ أمثال، أرجعها البعض للتصويت الاحتجاجي وإثارة المشاعر الدينية بشعار “الإسلام هو الحل”، بالإضافة لانتشار توزيع السلع والمنتجات لإغراء الناس بالانتخاب مع ضعف كبير في تمثيل المعارضة بفضل الضعف الهيكلي للأحزاب وطغيان سطوة المال في الانتخابات.
ويختتم عصر مبارك ببرلمان ٢٠١٠ الذي خلا من مقاعد المعارضة، حيث انتهج الحزب الوطني سياسة المجمع الانتخابي، وكانت الانتخابات عبارة عن حزب وطني أمام حزب وطني وأطلقت المعارضة أنه برلمان التوريث وخرجت مظاهرات منددة به.
وفي المرحلة الانتقالية أجرى المجلس العسكري حينئذ انتخابات برلمانية سيطر فيها حزب الحرية والعدالة التابع للإخوان المسلمين على أغلبية المجلس وبدا في المشهد مخاوف من سيطرة التيار الديني وظهر في البرلمان ظواهر مثل رفض حلف اليمين ورفع الاذان في المجلس، إلا أنه صدر حكما من المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية النظام الانتخابي حيث أجريت الانتخابات بثلثي قائمة وثلث فردي وحيثيات الحكم أن النظام ليس فيه عدالة بين القائمة والفردي.
وجاءت ثورة ٣٠ يونيو بتحرك جميع القوى السياسية وجميع فئات الشعب ضد محاولات الجماعة لاحتكار السلطة، ونجحت في إنقاذ حكم مصر من استيلاء الجماعة عليه وإجراء تعديلات دستورية مهمة تحول دون تحقيق هذا الهدف، واتباع نظاما مختلطا بمنح رئيس الوزراء مزيدا من الاختصاصات والصلاحيات مع اتباع نظاما مزدوجا في انتخابات ٢٠٢٠ حيث يتم تمثيل ٥٠ ٪ بالقائمة، و٥٠ ٪ فردي مع وضع نسب في الدستور للمرأة والشباب والأقباط وذوي الاحتياجات الخاصة، لتحقيق التوازن المطلوب وضمان وجود تمثيل عادل لهذه الفئات.
كما أن النظام السياسي المصري أعاد خلال التعديلات الدستورية مجلس الشورى بعد أن تم إلغاؤه وأطلق عليه وفق التعديلات الدستورية مجلس الشيوخ وأن يدلي برأيه في مشروعات القوانين المكملة للدستور، كما تم إجراء تعديل على مدة الفترة الرئاسية وبدلًا من ٤ سنوات إلى ٦ سنوات مع بعض التعديلات في السلطة القضائية.
وبعد الاستقرار على هذا الوضع وتقسيم الدوائر الانتخابية على هذا الأساس قفز إلى المشهد السياسي جدل جديد يعيد إلى الأذهان حالات التأرجح التاريخي التي تمت الإشارة اليها، حيث قفز في جلسات الحوار الوطني وانقسم المشاركون بين تأييد القائمة المغلقة المطلقة -المُطبقة حاليًا- مُبررين ذلك بأنها تحقق الالتزامات الدستورية من خلال ضمان تمثيل الفئات المحددة في الدستور.
إلا أنه لا شك أن استمرار الحوار الوطني وطرح القضية وأبعادها التاريخية والسياسية وتأثيرها وسياق التطور هو ما سيساهم في بلورة النظام الأمثل الذي يحقق التطور السياسي والتمثيل الأفضل للمواطنين.