سعى الرئيس جو بايدن خلال خطاب حالة الاتحاد تسليط الضوء على إنجازاته، والتطلع لتولي فترة رئاسية ثانية، مقارنًا رؤيته لمستقبل البلاد مع الجمهوريين، بالإضافة إلى تهدئة المخاوف بشأن عمره ولياقته البدنية، ووضع قواعد أكثر صرامة للهجرة وخفض أسعار الأدوية. وتذكير الناخبين بالوضع الذي ورثه عندما تولى منصبه في عام 2021 وسط تفشي الوباء وانكماش الاقتصاد.
رسم بايدن مستقبلًا متفائلًا للبلاد مع تنفيذ التشريعات الضخمة التي وقّع عليها لتصبح قانونًا خلال أول عامين له في منصبه. وحذّر من أن التقدم الذي يراه في الداخل والخارج هشّ ومعرض للخطر إذا عاد ترامب إلى البيت الأبيض. لذا بدأ بايدن خطابه بدفاع قوي عن حلفاء الولايات المتحدة في الخارج، ودعا الكونجرس إلى الموافقة على مزيد من التمويل لأوكرانيا وسط حربها ضد روسيا، وأدان انتقاد ترامب الأخير لحلف شمال الأطلسي.
ملامح خطاب حالة الاتحاد
أولًا: القضايا الداخلية
حالة الديمقراطية: وصف بايدن في خطابه الوقت الحالي بأنه “لحظة غير مسبوقة” في أمريكا، وقارن بين خطابه وخطاب الرئيس السابق فرانكلين ديلانو روزفلت في عام 1941، مباشرة قبل دخول الولايات المتحدة الحرب العالمية الثانية. “الليلة، أتيت إلى القاعة نفسها لأخاطب الأمة. الآن، نحن الذين نواجه لحظة غير مسبوقة في تاريخ الاتحاد. ونعم، هدفي الليلة هو إيقاظ الكونجرس وتنبيه الشعب الأمريكي إلى أن هذا ليس هو الحال”.
وأشار بايدن بشكل مباشر إلى تمرد 6 يناير 2021 في مبنى الكابيتول، وانتقد الذين قللوا من شأنه. قائلًا: “يسعى سلفي –وبعضكم هنا– إلى دفن الحقيقة بشأن السادس من يناير، لن أفعل ذلك. هذه لحظة لقول الحقيقة ودفن الأكاذيب. هذه حقيقة بسيطة. لا يمكنك أن تحب وطنك إلا عندما تفوز”.
مهاجمة ترامب: ردد بايدن خلال الخطاب اسم ترامب 13 مرة من خلال الإشارة بسخرية إلى “سلفي”، وانتقد تعليقات الرئيس السابق الأخيرة حول جميع القضايا من السياسة الخارجية إلى إصلاح الهجرة. وربط الرئيس إشادة ترامب بأولئك الذين اجتاحوا مبنى الكابيتول في محاولة لتخريب انتخابات 2020 بالتهديدات المناهضة للديمقراطية في الخارج.
وأكد بايدن خلال الخطاب أن “المساعدات لأوكرانيا يتم حظرها من قبل أولئك الذين يريدون الابتعاد عن قيادتنا العالمية”. “لم يمض وقت طويل، عندما قال رئيس جمهوري يدعى رونالد ريغان: يا سيد جورباتشوف، اهدم هذا الجدار. الآن، يقول سلفي، وهو رئيس جمهوري سابق، لبوتين: افعل ما تريد بحق الجحيم. لقد قال الرئيس السابق في الواقع إنه يجب الانحناء للزعيم الروسي. أعتقد أنه أمر شائن وخطير وغير مقبول”.
أزمة الحدود: انتقد بايدن الجمهوريين في الكونجرس لعرقلتهم اتفاق الحدود والأمن القومي بين الحزبين بعد أن أشار ترامب إلى معارضته لمشروع القانون. مستشهدًا بتعليقات ترامب المتكررة بأن المهاجرين “يسممون دماء بلادنا”، وتعهد بايدن بتوحيد الأمة بدلًا من تقسيمها. وجاء خطاب بايدن بشأن أمن الحدود امتدادًا لدعواته المتكررة للجمهوريين لتمرير إجراءات أمنية صارمة على الحدود، ويدرس الرئيس الأمريكي أيضًا اتخاذ إجراء تنفيذي. خاصة أن قضية الهجرة تثير خلافًا واسعًا بين بايدن وخصمه ترامب، فثلث الأمريكيين يقولون إنهم لا يتفقون مع تعامل الرئيس الحالي مع قضية الحدود، إذ يتظاهر مئات الأمريكيين على طول الحدود مع المكسيك للاحتجاج على ما يسمونه “غزو المهاجرين”.
الوضع الاقتصادي: ركز بايدن في خطابه على النجاح الاقتصادي الذي حققته إدارته. حيث أثبت الاقتصاد الأمريكي أن تقديرات العديد من الخبراء الذين توقعوا حدوث ركود في عام 2023 لا أساس لها من الصحة. وأشاد بايدن بوضع اقتصاد بلاده القوي وتعافيه بعد أزمة جائحة كوفيد قائلًا: “أيها الناس، لقد ورثت اقتصادًا كان على حافة الهاوية.. الآن أصبح اقتصادنا موضع حسد العالم بكل ما للكلمة من معنى. 15 مليون وظيفة جديدة في ثلاث سنوات فقط – وهذا رقم قياسي، والبطالة عند أدنى مستوياتها منذ 50 عامًا”.
وتظهر استطلاعات الرأي أن العديد من الناخبين لا يزالون يشعرون بالاستياء بشأن الاتجاه الذي تتجه إليه البلاد، على الرغم من الاقتصاد الذي يعود بمعظم المقاييس إلى مرحلة التعافي من سنوات كوفيد-19. وعند سؤالهم في الاستطلاعات، ليس لدى العديد من الأمريكيين فكرة تذكر عن الإنجازات التي عمل عليها بايدن والتي ساعدت في إعادة الاقتصاد. وهذا جزء من السبب وراء إشارة بايدن في خطابه إلى “أعظم قصة عودة لم يتم سردها مطلقًا” وهو جزء من الرد على ما يعتبره تغطية إعلامية سلبية مستمرة، واعتراف بأنه يستطيع فعل المزيد لشرح أجندته للأمريكيين العاديين.
ولهذا السبب اختار بايدن التركيز بشكل كبير على الموضوعات الشعبوية، مثل رفع معدلات الضرائب على الأثرياء والشركات وخفض تكلفة الأدوية الموصوفة، والتي يثق الديمقراطيون في أنهم سيفوزون بها. وخفض التضخم من 9٪ إلى 3٪. وأكد بايدن أن إدارته تعمل على خفض الأسعار، مشيرًا إلى أن الرقائق الإلكترونية صُنعت على الأراضي الأمريكية للمرة الأولى بدلًا من استيرادها، وأن إدارته نجحت في توفير 150 مليار دولار للاستثمار في القطاع الخاص والطاقة النظيفة.
جذب الناخبين المعتدلين: ركز خطاب حالة الاتحاد على الناخبين المعتدلين، بمن فيهم أنصار نيكي هيلي التي انسحبت من الانتخابات التمهيدية بعد هزيمتها أمام ترامب. حيث تحدث بايدن خلال الخطاب عن “الأبواب المفتوحة للداعمين للديمقراطية”. ويأتي توجه بايدن بعد أن أشارت العديد من استطلاعات الرأي إلى أن ناخبي هيلي يفضلون التصويت لصالح بايدن أو البقاء في منازلهم بدلًا من التصويت لصالح ترامب.
الإجهاض: تعهد بايدن باستعادة قضية “رو ضد وايد”، وفي حديثه، اقتبس بايدن من حكم المحكمة العليا الذي أبطل قضية رو ضد وايد، والذي ألغى فعليًا الضمانة الوطنية للإجهاض. وقال بايدن: “إذا أكملت في البيت الأبيض، فسوف أعمل على استعادة حقوق الإجهاض في جميع أنحاء البلاد، وهو الوعد الذي يعترف بأنه سيتطلب الكثير من التعاون من الكونجرس ليتحقق”.
النظام التعليمي: تطرق بايدن أيضًا إلى نظام التعليم الأمريكي، قائلًا: إن “أفضل نظام تعليمي في العالم” ضروري لدفع الاقتصاد، واستشهد بدراسات تشير إلى أن الأطفال الذين يذهبون إلى مرحلة ما قبل المدرسة هم أكثر عرضة بنسبة 50٪ تقريبًا لإنهاء دراستهم الثانوية “بغض النظر عن خلفيتهم”.
كما روج للتغييرات التي أدخلها على نظام القروض الطلابية في الولايات المتحدة، مما أدى إلى خفض ديون ما يقرب من 4 ملايين أمريكي “بما في ذلك الممرضات ورجال الإطفاء”. وأضاف: “مثل هذا التخفيف مفيد للاقتصاد لأن الناس أصبحوا الآن قادرين على شراء منزل، وبدء مشروع تجاري، وحتى تكوين أسرة، بينما نقوم بذلك، أريد أن أمنح معلمي المدارس العامة علاوة”.
دحض المخاوف المتعلقة بعمره ولياقته: يُعد خطاب حالة الاتحاد حاسمًا بالنسبة لبايدن البالغ 81 عامًا والذي يواجه تشكيكًا بسبب سنه المتقدمة بينما يحاول إقناع الناخبين المترددين بقدرته على هزيمة ترامب. فقد أصبحت الأسئلة حول عمر بايدن وملاءمته للمنصب إحدى القضايا الجوهرية التي تواجهها حملته الرئاسية. وهي أحد الأسباب الرئيسية التي تجعل العديد من الديمقراطيين يقولون إنهم يفضلون مرشحًا آخر. وبصرف النظر عن جوهر خطابه، فإن الطريقة التي تحدث بها بايدن وكيف بدا أثناء حديثه كانت عوامل مهمة في كيفية إقناع الناخبين به. حيث خرج الرئيس متحمسًا وألقى خطابًا حيويًا كان بعيدًا كل البعد عن التلعثم والتي أثارت قلق المؤيدين.
واللافت في الخطاب إشارة بايدن إلى أن ترامب في عمره نفسه تقريبًا، وذلك عندما قال: “لقد علمتني حياتي أن أعتنق الحرية والديمقراطية. مستقبل يقوم على القيم الأساسية التي حددت أمريكا: الصدق واللياقة والكرامة والمساواة. أن يحترم الجميع. لإعطاء الجميع فرصة عادلة. لا نعطي الكراهية ملاذًا آمنًا”. الآن يرى بعض الأشخاص الآخرين في عمري قصة مختلفة: قصة أمريكية عن الاستياء والانتقام والقصاص. هذا ليس أنا.
ثانيًا: القضايا الخارجية
دعم الحلفاء: بدأ بايدن خطابه بدفاع قوي عن حلفاء الولايات المتحدة في الخارج، ودعا الكونجرس إلى الموافقة على مزيد من التمويل لأوكرانيا وسط حربها ضد روسيا، وأدان انتقادات ترامب الأخيرة لحلف شمال الأطلسي. وقارن بايدن هذه اللحظة بعام 1941، عندما وقفت الولايات المتحدة على حافة الهاوية عند دخولها الحرب العالمية الثانية، وذكّر الأمريكيين بأن “التاريخ يراقب” كيف سيكون رد فعل الأمة على الأزمات التي تتكشف في جميع أنحاء العالم.
ووجه بايدن هجومًا واضحًا ضد الرئيس فلاديمير بوتين، وقال بايدن: “إذا كان أي شخص في هذه القاعة يعتقد أن بوتين سيتوقف عند أوكرانيا، فأنا أؤكد لكم أنه لن يفعل ذلك. إذا انسحبت الولايات المتحدة، فإن ذلك سيعرض أوكرانيا للخطر. أوروبا في خطر، والعالم الحر سيكون في خطر”. كما حمل بايدن رسالة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين: “لن ننسحب”، “لن ننحني! لن ننحني! بالمعنى الحرفي، التاريخ يراقب”.
الوضع في غزة: خلال خطاب حالة الاتحاد، ارتدى عدد كبير من الديمقراطيين والجمهوريين دبابيس وملصقات تكريمًا للرهائن الإسرائيليين الذين لا يزالون محتجزين في غزة. في المقابل، ارتدى العديد من التقدميين في مجلس النواب الكوفية الفلسطينية، واتخذ موكب بايدن طريقًا غير مباشر إلى مبنى الكابيتول، حيث حاول المئات من المتظاهرين المؤيدين لوقف إطلاق النار تعطيل طريقه من البيت الأبيض.
أعلن بايدن في خطابه أنه أمر الجيش الأمريكي بإنشاء ميناء مؤقت على ساحل غزة يهدف إلى زيادة تدفق المساعدات إلى المنطقة المحاصرة. وبينما كرر بايدن إيمانه بحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها ضد حماس، أدان الأزمة الإنسانية في غزة، وقال: “يجب على إسرائيل أن تسمح بدخول المزيد من المساعدات إلى غزة، وأن تضمن عدم وقوع العاملين في المجال الإنساني في مرمى النيران، وأقول هذا لقيادة إسرائيل لا يمكن أن تكون المساعدة الإنسانية اعتبارًا ثانويًا أو ورقة مساومة، فحماية وإنقاذ أرواح الأبرياء يجب أن تكون الأولوية”.
وحمّل إسرائيل مسئولية حماية المدنيين الأبرياء في غزة، مشيرًا إلى أن الحرب تسببت في خسائر بشرية أكبر من المدنيين الأبرياء مقارنة بجميع الحروب السابقة في غزة مجتمعة، وقتلت أكثر من 30 ألف فلسطيني، بينهم آلاف من النساء والأطفال الأبرياء. واتهم حماس بذبح 1200 إسرائيلي من النساء والفتيات والرجال والفتيان، إضافة إلى معاناة العديد من النساء من العنف الجنسي، مشيرًا إلى أن “7 أكتوبر هو يوم أكثر دموية للشعب اليهودي منذ المحرقة”.
حاول بايدن مخاطبة ود الرافضين لسياسته في غزة وجذب أصوات الجاليات العربية والمسلمة في الولايات المتحدة وذلك عبر الإشارة إلى دعمه جهود حل الدولتين وذكر “بينما نتطلع إلى المستقبل، فإن الحل الحقيقي الوحيد هو حل الدولتين، وأقول هذا باعتباري مؤيدًا مدى الحياة لإسرائيل والرئيس الأمريكي الوحيد الذي زار إسرائيل في زمن الحرب، فلا يوجد طريق آخر يضمن أمن إسرائيل وديمقراطيتها، ويضمن للفلسطينيين أن يعيشوا بسلام وكرامة”.
المواجهة الاستراتيجية مع الصين: بعد عام من المحاولات للحد من توتر العلاقات الأمريكية الصينية، والتي فاقمتها زيارة رئيسة مجلس النواب آنذاك نانسي بيلوسي إلى تايوان في عام 2022، ونشر سفن أمريكية وصينية بالقرب من الجزيرة، وإسقاط الجيش الأمريكي بالون تجسس صيني العام الماضي. أكد بايدن في خطابه أن واشنطن “تقف ضد ممارسات الصين الاقتصادية غير العادلة، والدفاع عن السلام والاستقرار عبر مضيق تايوان”. وأشار إلى أن إدارته قامت “بتعزيز التحالفات في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، وضمان عدم استخدام الصين للتكنولوجيات الاستراتيجية الأمريكية: لم يفعل دونالد ترامب أيًا من هذا، على الرغم من كلماته”. ونفى بايدن أن الولايات المتحدة تخسر الأرض أمام القوة الرائدة في آسيا. وقال: “لسنوات سمعت أن الصين تنمو بينما تتخلف بلادنا عن الركب، ولكن العكس هو الصحيح: نحن الذين ننمو، واقتصادنا هو الأفضل في العالم”،
سياقات حاكمة
جاء خطاب حالة الاتحاد في ظل وجود عدد من السياقات التي تحيط بالسياسة الأمريكية في الداخل والخارج، تمثلت في:
- يأتي خطاب حالة الاتحاد بعد تصريحات ترامب، التي شجع فيها روسيا على الهجوم على دول حلف شمال الأطلسي “الناتو” التي لم ترفع نفقاتها الدفاعية إلى 2% من ناتجها المحلي. وفي الوقت الذي يشك فيه قادة الدول الأوروبية في مستقبل القيادة الأمريكية في ولاية ترامب الثانية. وتستشعر أوروبا بأنها في مأزق هو الأسوأ وأن بداية المأزق جاءت بشكوى الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب تجاه حلف شمال الأطلسي بشأن الحلفاء، وأن لديه قناعة أبدية بأن الولايات المتحدة تتعرض للسرقة.
- جاء خطاب حالة الاتحاد في ظل عدم تمرير مجلس النواب الأمريكي حزمة مساعدات قدرها 60 مليار دولار تقريبًا مخصصة لأوكرانيا، كان قد أقرها مجلس الشيوخ، وهو ما اعتبره البعض مؤشرًا ربما على تغير المواقف الأمريكية بشأن الالتزامات الأمنية تجاه أوروبا في إطار حلف “الناتو”. بالإضافة إلى إعلان أوكرانيا الانسحاب من المركز الاستراتيجي أفدييفكا بعد أن تسبب القتال في خسائر فادحة للأوكرانيين.
- ألقى بايدن خطاب حالة الاتحاد في اليوم نفسه الذي انضمت فيه السويد رسميًا إلى حلف شمال الأطلسي، وكان رئيس وزراء السويد من بين الحضور كضيف على البيت الأبيض ليشهد خطاب بايدن. ورحب بايدن بانضمام السويد إلى “أقوى تحالف عسكري شهده العالم على الإطلاق”.
- يأتي الخطاب بعد التقرير الذي نشره روبرت هور، المدعي الخاص المسئول عن التحقيق في الوثائق السرية التي يحتفظ بها بايدن منذ كان عضوًا في مجلس الشيوخ ونائبًا للرئيس. وتوصل هور في تقريره بأن ذاكرة الرئيس محدودة ولا يستطيع تذكر اللحظات المهمة في حياته المهنية أو الشخصية، ومن بينها تاريخ وفاة نجله. لذا حاول بايدن خلال الخطاب أن تكون نبرته حماسية لجذب انتباه أكبر حشد له قبل نوفمبر، مما يمنح الناخبين القلقين بشأن عمره وقدرته على التحمل مقياسًا حاسمًا لتحديد ما إذا كان الرئيس البالغ من العمر 81 عامًا سيستمر لأربع سنوات أخرى في منصبه.
- ألقى بايدن خطاب حالة الاتحاد وهو مثقل باستطلاعات الرأي غير المواتية. حيث وصلت نسبة تأييده الآن حوالي 38%، أي أعلى بنقطة واحدة من أدنى مستوى تاريخي لرئيس حالي، وأقل بكثير من عتبة الـ 50% التي تعد ضرورية لإعادة انتخابه. وبمقارنته بترامب، فقد منحت “نيويورك تايمز” ترامب أفضلية بخمس نقاط مئوية (48 مقابل 43%)، و”وول ستريت جورنال” نقطتين (47 مقابل 45)، و”سي بي إس نيوز” أربع نقاط (52 مقابل 48). “فوكس نيوز” بنقطتين (49 مقابل 47). وفي “الولايات المتأرجحة”، أظهر استطلاع للرأي أجرته Morning Consult أن بايدن يتخلف عن ترامب في أريزونا وجورجيا وبنسلفانيا وميشيجان ونورث كارولينا ونيفادا وويسكونسن. وبخلاف ترامب والجمهوريين، يظن أكثر من 50% من الديمقراطيين أنفسهم أن بايدن لا يملك القدرة الصحية على قيادة البيت الأبيض.
- منح الخطاب بايدن الفرصة لتقديم أكبر انتصارات إدارته مباشرة إلى الشعب الأمريكي، متجاوزًا وسائل الإعلام التقليدية، التي اشتكى بايدن كثيرًا من أنها تحجب إنجازاته وقاعدة دعمه. لقد فاق أداء اقتصاد الولايات المتحدة توقعات الخبراء منذ العام الماضي، عندما اعتقد العديد من الاقتصاديين أنه سيشهد ركودًا في الوقت الحالي. لكن الأمريكيين لا يشعرون بهذا القدر من التفاؤل. وفي استطلاع تلو الآخر، أعربوا عن رفضهم الشديد لحالة الاقتصاد.
- ألقى الرئيس خطابه أمام كونجرس معطلًا وغير فعال تاريخيًا. ففي مجلس النواب الذي يقوده الحزب الجمهوري، تولى رئيس المجلس مايك جونسون السلطة قبل خمسة أشهر بعد الإطاحة الفوضوية برئيس المجلس السابق كيفن مكارثي. ولا يزال المشرعون يكافحون من أجل الموافقة على مشاريع قوانين التمويل للعام الحالي، وقد وصلوا إلى طريق مسدود منذ أشهر بشأن مشاريع قوانين المساعدات الخارجية لمساعدة أوكرانيا على درء الغزو الروسي ودعم حرب إسرائيل ضد حماس.
ختامًا، نجح بايدن في خطاب “حالة الاتحاد” لعام 2024 في إثارة غضب الجمهوريين، وتسليط الضوء على بعض نجاحات الإدارة الديمقراطية، ولكنه في الوقت ذاته كشف عن ضعف السياسة الخارجية الأمريكية، فلم يجرؤ طوال الخطاب أن يضع أي نهج للتعامل مع تصاعد التوترات مع الصين، بالإضافة إلى غياب أي رؤية مستقبلية للبلاد للتعامل مع الحرب الروسية الأوكرانية، وليس من الواضح بعد مدى نجاح بايدن في توظيف خطابه لتعزيز فرص استمراره في السباق الانتخابي في ظل تدني استطلاعات الرأي المؤيدة له، وإن كان سيواجه بتحديات كبيرة، نظرًا لتقدم عمره وظروفه الصحية.