أصدر معهد الاقتصاد والسلام الدولي النسخة الحادية عشرة من مُؤشر الإرهاب العالمي لعام 2024، وهو تقرير سنوي يُصدره المعهد باللغة الإنجليزية منذُ عام 2012، باستخدام قاعدة البيانات Dragonfly’s Terrorism Tracker، وبعض المصادر الأُخرى، ويُقدم من خلاله مُلخصًا شاملًا للاتجاهات والأنماط العالمية الرئيسة لظاهرة الإرهاب، ويحلل عددًا من الأبعاد المهمة المُرتبطة، بها مثل الظروف الاجتماعية والاقتصادية التي تحدث فيها، وطبيعتها الديناميكية التي تتغير بمرور الوقت. وقد تناولنا خلال الجزء الأول من هذه السلسلة نظرة شاملة على حصيلة العمليات الإرهابية، والجماعات الإرهابية الأكثر فتكًا خلال 2023. بينما ناقش الجزء الثاني قائمة الدول العشر الأكثر تأثرًا بالإرهاب عالميًا وفقًا لما ورد بالمؤشر. فيما يناقش هذا الجزء اتجاهات النشاط الإرهابي في مناطق العالم المُختلفة خلال عام 2023.
ملامح ومظاهر الإرهاب العالمي (2007-2023)
مرّ النشاط الإرهابي خلال الفترة التي يرصدها المُؤشر بعدة مراحل مُتميزة؛ فخلال عامي 2007 و2008 تركّز هذا النشاط في العراق وأفغانستان ردًا على تدخلات الولايات المتحدة وحلفائها، وعلى إثر ذلك انتقلت عدوى الإرهاب إلى باكستان التي اتخذ النشاط الإرهابي بها منحىً تصاعديًا من عام 2008 إلى 2013. فيما أدّت أحداث الربيع العربي وصعود تنظيم داعش إلى زيادة النشاط الإرهابي في جميع أنحاء الشرق الأوسط من عام 2011 حتى 2013، لا سيما في العراق وسوريا.
وفي الوقت ذاته، أدى صعود جماعة بوكو حرام إلى تنامي النشاط الإرهابي في نيجيريا حتى بلغ ذروته عام 2015 بعد مقتل ما يقرب من 11 ألف شخص جرّاء الهجمات الإرهابية خلال عام واحد. بينما بدأت الوفيات الناجمة عن الإرهاب تتراجع منذ عام 2016، وشهد العراق انخفاضًا ملحوظًا في النشاط الإرهابي بدءًا من 2017، في حين شهدت أفغانستان زيادة في هذا النشاط منذ 2016 حتى 2021، تلاه انخفاض ملحوظ خلال 2022، بعد صعود حركة طالبان إلى السلطة. وخلال الفترة نفسها شهدت منطقة الساحل الأفريقي ارتفاعًا كبيرًا في الهجمات الإرهابية والوفيات الناجمة عنها، خاصةً في بوركينا فاسو ومالي والصومال.
ويرصد المُؤشر أبرز الملامح والمظاهر والاتجاهات المرتبطة بالنشاط الإرهابي خلال الفترة من 2007 وحتى عام 2023، ويمكن استعراضها فيما يلي:
• تنامي الخطر الإرهابي في منطقة الساحل: رغم تجدد العنف في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لا تزال منطقة الساحل هي مركز الإرهاب؛ حيثُ شهدت 48% من إجمالي وفيات الإرهاب على مستوى العالم خلال 2023، مُقارنةً بـ 42% عام 2022 و1% فقط خلال 2007. وقد شهدت كل من بوركينا فاسو والنيجر ونيجيريا والكاميرون زيادة في عدد القتلى بنسبة 33% على الأقل خلال العام الماضي. وحتى مع انخفاض الوفيات في مالي وتشاد، كان إجمالي الوفيات في منطقة الساحل أعلى بنسبة 38% عما كان عليه عام 2022.
• تراجع وفيّات الإرهاب في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: انخفضت الوفيات الناجمة عن الإرهاب في العراق بنسبة 99% منذ ذروتها عام 2007. ويشير هذا إلى اتجاه أوسع في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حيث انخفضت الأنشطة الإرهابية بشكل خاص على مدى السنوات السبع الماضية، وهو ما أرجعه المُؤشر إلى جملة من العوامل؛ أولها: تراجع التصعيد المُرتبط بالحرب الأهلية في سوريا. وثانيها: التحول العملياتي لتنظيم داعش من منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى منطقة الساحل. وثالثها: تعزيز التعاون في مكافحة الإرهاب على المستويين الوطني والدولي. وقد ساهمت تلك التطورات والجهود بشكل جماعي في تخفيف تأثير الإرهاب في جميع أنحاء الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، باستثناء عودة العنف في أواخر عام 2023 في إسرائيل وفلسطين.
• تراجع النشاط الإرهابي ذي الدوافع الدينية والسياسية في الغرب: بلغ إجمالي الوفيات الناجمة عن الإرهاب التي شهدتها الدول الغربية ذروته عام 2016 عندما تُوفي 194 شخصًا، في حين بلغت الهجمات ذروتها في العام التالي ووصلت إلى 176 هجومًا. ووفقًا للمُؤشر فإن غالبية هذه الوفيات كان سببها الجماعات الإرهابية الإسلاموية. ومع ذلك، تراجع النشاط الإرهابي ذو الدوافع الدينية والسياسية بشكل ملحوظ على مدار السنوات الخمس الماضية. وخلال 2023، انخفض إجمالي عدد الهجمات الإرهابية في الغرب إلى 23 هجومًا نزولًا من 51 هجومًا عام 2022. لكن رغم انخفاض تعداد الهجمات الإرهابية التي شهدتها الدول الغربية، ظل عدد الوفيات الناجمة عنها ثابتًا نسبيًا، ويتراوح من 20 إلى 30 سنويًا منذ عام 2020.
بينما كانت الهجمات الإرهابية ذات الدوافع السياسية خلال 2023 أعلى شكل من أنماط الإرهاب التي شهدتها الدول الغربية؛ إذ وقع 13 هجومًا بدافع سياسي مُقارنةً بهجومين فقط بدافع ديني. فيما أكد المُؤشر على وجود بعض المُؤشرات الدالة على أن أحداث 7 أكتوبر قد تؤدي إلى زيادة النشاط الإرهابي في أوروبا؛ حيثُ أحبطت أجهزة الأمن في أوروبا العديد من الهجمات الإرهابية المخطط لها في ديسمبر 2023.
• تنامي النشاط الإرهابي في بؤر الصراع: كان الصراع هو المُحرك الرئيسي للإرهاب منذ عام 2007؛ فمن بين 145 ألفًا و376 حالة وفاة مُرتبطة بالإرهاب بين عامي 2007 و2023 وقع 98% منها في بلدان مُتورطة في نزاع. وخلال العام الماضي حدثت 98% من إجمالي الوفيات الناجمة عن الإرهاب في البلدان التي تُعاني من مستوى مُعين من الصراع، بانخفاض طفيف عن 99% عام 2022. ووفقًا للمُؤشر تميل الهجمات الإرهابية إلى أن تكون أكثر فتكًا في النطاقات الجغرافية التي تشهد صراعات أكثر من غيرها؛ بمتوسط ما يقرب من 3 أشخاص لكل هجوم في بلدان النزاع خلال 2023، مُقارنةً بـ 0.04 شخص لكل هجوم خارج مناطق النزاع.
ورغم انخفاض الوفيات الناجمة عن الإرهاب في الحروب منذ ذروتها عام 2017، ارتفعت الوفيات في الصراعات البسيطة، حيث تم تسجيل أكثر من 3000 حالة وفاة بسبب الإرهاب في حالات الصراع البسيطة خلال 2023. ويُجادل المُؤشر بأن الدول المتورطة في الصراع أكثر عرضة للإرهاب، ويرجع ذلك جزئيًا إلى عدم وجود مؤسسات للدولة تعمل بشكل كامل، بالإضافة إلى أن الإرهاب هو أيضًا أحد التكتيكات العديدة التي يستخدمها المتمردون والقوات شبه العسكرية في الصراع الأهلي. على سبيل المثال، تقوم الجماعات الإرهابية مثل تنظيم داعش وبوكو حرام بتنفيذ هجمات عسكرية تقليدية في سياق النزاع الجهادي بين الجماعتين، إلى جانب ممارستهما لنشاطها الإرهابي واسع النطاق.
اتجاهات النشاط الإرهابي في أقاليم العالم المختلفة
انخفض تأثير النشاط الإرهابي في خمس من تسع مناطق يشملها المؤشر خلال 2023، وكان التحسن الأكبر في أمريكا الجنوبية، حيثُ لم تُسجل فنزويلا والإكوادور هجمات ووفيات للمرة الثانية منذ عام 2013، وتبعتها أمريكا الشمالية وأمريكا الجنوبية، مُسجلةً انخفاضًا بنسبة 13% و38% على الترتيب، فيما لم تُسجل نتائج المُؤشر أي تغييرات في منطقتي أمريكا الوسطى والبحر الكاريبي. بينما سجلت روسيا وأوراسيا تدهورًا هامشيًا خلال العام الماضي. ويوضح الجدول التالي مناطق العالم حسب متوسط درجاتها في مؤشر الإرهاب العالمي لعام 2023، بالإضافة إلى التغييرات في النتيجة عن العام السابق.
ولا تزال منطقة جنوب آسيا هي الأكثر تأثرًا بالإرهاب على مستوى العالم، وهو المركز الذي لطالما احتلته منذ عام 2007. وبالمثل، ظلت أمريكا الوسطى ومنطقة البحر الكاريبي المنطقة الأقل تأثرًا بالإرهاب عام 2023 للسنة الحادية عشرة على التوالي، مع تسجيل 33 حالة وفاة بسبب الإرهاب منذُ عام 2007، ووقع 24% منها عام 2009، فيما سجلت المنطقة هجومًا واحدًا فقط خلال 2023.
وقد شهدت منطقة أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى أكبر تدهور إقليمي على مدى العقد الماضي، مع ارتفاع الحوادث الإرهابية والإصابات بنسبة 239% منذ عام 2013. بينما تحسنت اتجاهات النشاط الإرهابي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وأوروبا خلال العقد الماضي، مع انخفاض الهجمات بنسبة 74%، والوفيات بنسبة 63%. وفي أوروبا، كان هناك انخفاض بنسبة 88% في الوفيات الناجمة عن الإرهاب، و63% في الهجمات الإرهابية على مدى السنوات العشر الفائتة. وفيما يلي ملامح واتجاهات النشاط الإرهابي في أقاليم العالم المختلفة وفقًا لما ورد بالمُؤشر:
• آسيا والمحيط الهادئ:
تحسّنت تسع دول في منطقة آسيا والمحيط الهادئ خلال 2023، بينما تدهورت دولة واحدة فقط، مما أدى إلى تراجع متوسط تأثير الإرهاب في المنطقة للعام الخامس على التوالي ووصل عند أدنى مستوى له منذ عام 2013. وتعد ميانمار الدولة الأكثر تضررًا في المنطقة للعام الثالث على التوالي، حيث سجلت 444 هجومًا و354 حالة وفاة خلال 2023، انخفاضًا بنسبة 47.8% في الهجمات و26.3% في الوفيات مُقارنةً بعام 2022. فيما لا تزال الفلبين تحتل المرتبة الثانية من حيثُ أعلى مستوى من الإرهاب في المنطقة؛ إذ سجلت 34 هجومًا و39 حالة وفاة خلال 2023.
• أمريكا الوسطى ومنطقة البحر الكاريبي:
ظلّت منطقة أمريكا الوسطى والبحر الكاريبي خالية إلى حد كبير من النشاط الإرهابي على مدى العقد الماضي، رغم تأثرها الشديد بأشكال الصراع الأخرى. وكانت المكسيك الدولة الوحيدة في المنطقة التي شهدت نشاطًا إرهابيًا منذ عام 2007، بينما لم تواجه 11 من أصل 12 دولة أي حادث إرهابي خلال السنوات الخمس الماضية. وتاريخيًا، كان الإرهاب في المكسيك ذا دوافع أيديولوجية أو سياسية، ولم يتم تضمين النشاط الإجرامي الذي تمارسه العصابات كنشاط إرهابي في هذا المُؤشر. ومع ذلك، في حين أن مستوى الإرهاب في المكسيك منخفض، فإن أشكال العنف الأخرى مرتفعة للغاية، حيثُ قُتل ما لا يقل عن 64 صحفيًا عام 2023، ارتفاعًا من 13 صحفيًا خلال 2022. فيما لا تزال مُعدلات جرائم القتل في البلاد من أعلى المعدلات في العالم، ولا يزال نشاط الكارتلات يُهيمن على مشهد الجريمة رغم انخفاض النشاط الإرهابي.
• أوروبا:
بات تأثير الإرهاب في أوروبا الآن أقل مما كان عليه منذ بداية المؤشر، حيثُ شهدت الدول الأوروبية 46 هجومًا و7 وفيات خلال 2023، مُقارنةً بـ 362 هجومًا و736 حالة وفاة أثناء ذروة النشاط الإرهابي عام 2016. وقد سجلت خمس دول فقط حالات وفاة بسبب الإرهاب خلال 2023، ولم تسجل 17 دولة من أصل 36 دولة في المنطقة أي حالة وفاة. ومع ذلك، شهدت 12 دولة تدهورًا في درجاتها على مدار العقد الماضي، مع حدوث أقوى التدهورات في ألمانيا وبلجيكا، انعكاسًا لتزايد مستوى الإرهاب الكامن في المنطقة، الذي على الرغم من انخفاضه منذ ذروته عام 2016، إلا أنه لا يزال جاهزًا للاشتعال في المستقبل القريب.
ووفقًا للمُؤشر، سجّلت تركيا أعلى مستويات الإرهاب في المنطقة، على الرغم من تحسن درجاتها خلال سبع سنوات من السنوات العشر الماضية، وحققت ثاني أكبر تحسن في أوروبا خلال 2023، حيث شهدت 4 هجمات إرهابية وحالتي وفاة عام 2023، مُقارنةً بـ 591 حالة وفاة و247 هجومًا عام 2016.
ورغم الانخفاض المُستمر في مستويات الإرهاب، إلا أنه ثمة علامات شهدتها الدول الأوروبية خلال 2023 تُثير المخاوف من تهديدات إرهابية مُحتملة، حيثُ تم إحباط العديد من المخططات الإرهابية بعد أحداث 7 أكتوبر في إسرائيل، كما سجل تنظيم داعش أول هجوم له منذ عدة سنوات عام 2023، عندما أدى هجوم على مشجعي كرة قدم سويديين في بلجيكا إلى مقتل شخصين. ومع استمرار تصاعد التوترات في الشرق الأوسط نتيجة للعملية العسكرية الإسرائيلية في غزة، يُرجح المُؤشر احتمالية وقوع أنشطة إرهابية في أوروبا.
• الشرق الأوسط وشمال أفريقيا:
كان هناك مستوى عالٍ من التباين بين دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا؛ ففي حين سجلت 9 دول تحسينات كبيرة، سجلت 7 دول تدهورًا كبيرًا، فيما كانت 5 دول خالية تمامًا من النشاط الإرهابي على مدى السنوات الخمس الماضية. وكان هناك انخفاض كبير في إجمالي عدد الهجمات الإرهابية؛ إذ بلغت 580 هجومًا خلال 2023 نزولًا من 788 هجومًا خلال 2022، إلا أن إجمالي عدد الوفيات ارتفع من 878 إلى 2035 حالة وفاة.
ويصنف المُؤشر إسرائيل على أنها الدولة الأكثر تأثرًا فالمنطقة، فيما تأتي سوريا في المرتبة التالية، حيثُ شهدت ارتفاعًا مثيرًا للقلق في النشاط الإرهابي عام 2023، وارتفع إجمالي القتلى في البلاد من 226 إلى 650 حالة وفاة، ويتزايد مستوى الإرهاب بشكل مطرد منذ عام 2015. وثمة دلائل تشير إلى أن تنظيم داعش ينشط بشكل متزايد في البلاد رغم فقدانه لسيطرته الإقليمية، وقد يُصبح أكثر نشاطًا إذا انسحبت القوات الأمريكية من الأراضي السورية.
ووفقًا للمُؤشر شهدت ليبيا أكبر تحسن في المنطقة، فلأول مرة منذُ عام 2010 لم تُسجل البلاد هجمات إرهابية أو وفيات، وتم تسجيل 30 حالة وفاة فقط خلال السنوات الخمس الماضية، مُقارنةً بـ 537 حالة وفاة خلال السنوات الخمس السابقة لعام 2019. فيما حدث ثاني أكبر تحسن في الجزائر، التي لم تشهد أيضًا أي هجمات أو وفيات بسبب الإرهاب عام 2023، وسجلت انخفاضًا مستدامًا في النشاط الإرهابي، مقارنةً بأي بلد في المنطقة، مع انخفاض مجموع نقاطها الإجمالية على مؤشر الإرهاب العالمي لمدة عشر سنوات من الأعوام الـ 12 الماضية.
• أمريكا الشمالية:
تحسّن مستوى تأثير الإرهاب في أمريكا الشمالية خلال 2023 بسبب تحسن الوضع في كندا، إذ شهدت هجومًا ووفاة واحدة، بانخفاض عن 8 هجمات و12 وفاة خلال 2018. وفي المقابل، زاد تأثير الإرهاب في الولايات المتحدة، مع مقتل 16 شخصًا في 7 هجمات. وتعاني كلا البلدين من مستويات أعلى بكثير من الإرهاب عما كانت عليه قبل عقد من الزمن. ووفقًا للمُؤشر شهدت الولايات المتحدة خلال العقد الفائت تحولًا من الإرهاب ذي الدوافع الدينية إلى نمط النشاط الإرهابي ذي الدوافع السياسية، فمنذُ 2007 وقع 60 هجومًا بدافع سياسي مُقابل 14 هجومًا بدافع ديني. وقد لوحظ هذا التغيير بشكل خاص منذ 2017، حيث ارتبطت 5 من الهجمات الـ 7 خلال 2023 بأفراد لديهم تعاطف أو علاقات مع اليمين المتطرف، في حين لم تقع هجمات ذات دوافع دينية.
ووفقًا للمُؤشر، لم يكن الإرهاب في أمريكا الشمالية مرتبطًا إلى حد كبير بجماعات إرهابية محددة، بل إن معظم مرتكبي الهجمات الإرهابية كانوا أفرادًا لهم علاقات بأيديولوجيات معينة، ولكن ليس لديهم عضوية رسمية في جماعة أو حزب مُعين. فمن بين 113 هجومًا خلال الفترة (2007 – 2023) كان 15 هجومًا فقط مرتبطًا بجماعات إرهابية مُحددة. ويشير هذا إلى وجود جهات فاعلة مستقلة أو غير متصلة بشكل وثيق تشكل مشهد الإرهاب في الولايات المتحدة، مما يسلط الضوء على التحديات الناشئة في فهم الإرهاب ومكافحته.
• روسيا وأوراسيا:
بشكل عام، سجّلت المنطقة 6 هجمات إرهابية و4 وفيات بسبب الإرهاب خلال 2023. فيما شهدت انخفاضًا كبيرًا في النشاط الإرهابي على مدار الخمسة عشر عامًا الماضية. ووفقًا للمُؤشر، لا تزال روسيا الدولة الأكثر تضررًا من الإرهاب في المنطقة، حيثُ سجلت 3 هجمات إرهابية خلال 2023، انخفاضًا من 4 عام 2022. بينما ظلّ عدد الوفيات دون تغيير منذ عام 2021 بمعدل حالتي وفاة سنويًا، ويمثل هذا انخفاضًا بنسبة 99% مقارنةً بذروة النشاط الإرهابي في البلاد عام 2010، عندما تم تسجيل 327 هجومًا و274 حالة وفاة. وقد سجّلت طاجيكستان أكبر تحسن في درجة المُؤشر في المنطقة عام 2023، حيثُ لم تشهد البلاد أي حوادث إرهابية، ولم تُسجل وفيات ناجمة عن الإرهاب منذُ عام 2019.
• أمريكا الجنوبية:
تحسّن تأثير الإرهاب في أمريكا الجنوبية خلال 2023، حيث حسنت ثماني دول درجاتها ولم تسجل دولتان أي تغيير. وكانت كولومبيا الدولة الوحيدة في المنطقة التي سجلت تدهورًا في النتيجة بين عامي 2022 و2023. ووفقًا للمُؤشر، زاد إجمالي الوفيات الناجمة عن الإرهاب في المنطقة بنسبة 83%، من 46 عام 2022 إلى 84 حالة وفاة خلال 2023، وجميعها سُجلت في كولومبيا. فيما لا يزال المستوى العام للإرهاب على المستوى نفسه الذي كان عليه قبل عقد من الزمن. وعلى الرغم من أن تشيلي والبرازيل شهدتا زيادة كبيرة في الإرهاب في السنوات العشر الماضية، فإن بقية المنطقة، بقيادة بيرو وباراجواي، سجلت تحسنًا كبيرًا.
• جنوب آسيا:
حصلت منطقة جنوب آسيا على أعلى متوسط لدرجات المُؤشر، وهو المركز الذي احتفظت به طوال العقد الماضي. لكن رغم ذلك فإن هذا المتوسط آخذ في التحسن منذ 2019، وهو ما أرجعه المُؤشر إلى انخفاض تعداد الهجمات الإرهابية والوفيات الناجمة عنها في كل من نيبال وسريلانكا وأفغانستان. وللمرة الأولى منذ عام 2007، انخفض عدد الوفيات داخل المنطقة إلى أقل من 900 حالة وفاة، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى الانخفاض الكبير في أفغانستان. فيما تُعد باكستان الآن الدولة الأكثر تأثرًا في المنطقة، وقد شهدت زيادة مستمرة في الحوادث والوفيات منذ عام 2019. وخلال 2023 شهدت البلاد زيادة في عدد الهجمات بنسبة 34% من 365 إلى 490 هجومًا. وبالمثل، ارتفع عدد الوفيات بنسبة 35% من 509 إلى 689 حالة وفاة. ومع ذلك، تحسنت باكستان بشكل كبير مقارنةً بما كانت عليه قبل عقد من الزمن، حيث انخفض عدد القتلى والجرحى بنسبة 54% و66% على الترتيب.
• أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى:
تدهور متوسط تأثير الإرهاب بشكل طفيف في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى خلال 2023؛ فمن بين 28 دولة سجلت تدهورًا عالميًا بين عامي 2022 – 2023، كانت 10 دول في منطقة جنوب الصحراء الكبرى. ووفقًا للمُؤشر هناك درجة عالية من التباين في النشاط الإرهابي بالمنطقة، حيث سجلت 15 دولة تحسنًا. وفي المجمل، حصلت 22 دولة في المنطقة على درجة صفر في المُؤشر، مما يعني أنها لم تسجل أي حادث إرهابي في السنوات الخمس الماضية. وقد انخفض تعداد الهجمات الإرهابية في المنطقة بنسبة 12% خلال 2023 لتصل إلى 1205 هجومًا، نزولًا من 1368 هجومًا خلال 2022. لكن ارتفع عدد الوفيات بنسبة 21% ليصل إلى 4916 حالة وفاة.
ووفقًا للمُؤشر سجّلت أنجولا أكبر تدهور في درجة المُؤشر في المنطقة خلال 2023، إذ قُتل ثلاثة جنود ومدنيان برازيليان في هجوم مسلح على مركبة عسكرية في مايو 2023، وأعلنت جبهة تحرير جيب كابيندا مسئوليتها عن الهجوم. فيما شهدت أوغندا ثاني أكبر تدهور في المنطقة خلال 2023، وشهدت البلاد تجدد نشاط تنظيم داعش. كما سجلت كل من بنين وتوجو تدهورًا مُستمرًا خلال 2023 مدفوعًا بانتشار الجماعات الجهادية المُتطرفة في منطقة الساحل. بينما كانت تنزانيا الدولة الأكثر تحسنا في المنطقة في عام 2023، كما لم تسجل بوروندي وكوت ديفوار أي حوادث للسنة الثانية على التوالي، ورواندا للسنة الرابعة على التوالي.