راجعت وكالة موديز للتصنيف الائتماني نظرتها المستقبلية لمصر ورفعتها إلى إيجابية بدلًا من السلبية مع تثبيتها للتصنيف الائتماني لمصر عندCAA1، تلك هي النتائج الأولية الإيجابية التي يمكن تسميتها بثمار قرار التسعير العادل للجنيه المصري والتي تأتي على خلفية القرارات التي اتخذها المركزي المصري في 6 مارس 2024 بإعادة تسعير الجنيه المصري بالسعر العادل له وتركه لظروف العرض والطلب بالسوق ورفع أسعار الفائدة بنسبة 6% والتي أعلن من خلالها اعتزامه اتباع سياسة ائتمانية انكماشية تستهدف الحفاظ على مستويات التضخم والانخفاض بها إلى مستويات الرقم الأحادي (أقل من 10%).
ما هي وكالات التصنيف الائتماني وكيف تعمل؟
وكالات التصنيف الائتماني تعد من العناصر الأساسية في النظام المالي العالمي، حيث تقوم بتقديم تقييمات مستقلة وموضوعية لقدرة الدول والشركات على سداد الديون. تلعب هذه الوكالات دورًا حيويًا في تقديم المعلومات والتوجيه للمستثمرين والمقترضين حول الأخطار والفرص المتعلقة بالاستثمارات والقروض، ويعتمد عدد كبير من الاقتصاديين والمستثمرين على التقارير الصادرة من وكالات التصنيف الائتماني لاتخاذ القرارات المالية المهمة، سواءً كان ذلك في تقييم الاستثمارات أو تحليل الديون. ومن المهم فهم كيفية عمل هذه الوكالات وكيفية تأثير تصنيفاتها على الأسواق المالية العالمية، تعمل وكالات التصنيف الائتماني عن طريق تقييم درجات الائتمان للدول والشركات والمنتجات المالية. يعتمد تصنيف الائتمان على العديد من العوامل، بما في ذلك التاريخ الائتماني، والقدرة على سداد الديون، والظروف الاقتصادية العامة. وكثيرًا ما تستخدم وكالات التصنيف الائتماني أنظمة تصنيف تتراوح من AAA كأعلى تصنيفا إلى D كأدنى، ومن أبرز وكالات التصنيف الائتماني العالمية هي:
- وكالة استاندرد آند بورز (Standard & Poor’s): تأسست في عام 1860، وتشتهر بتقديم تصنيفات الائتمان للدول والشركات.
- وكالة موديز (Moody’s): تأسست في عام 1909، وتعتبر واحدة من أكبر وكالات التصنيف الائتماني في العالم. يتميز تصنيفها بالعمق والتحليل الشامل.
- وكالة فيتش (Fitch): تأسست في عام 1913، وتُعتبر منافسًا رئيسيًا لموديز وستاندرد آند بورز. تشتهر بتصنيفاتها المتعمقة للسندات والمنتجات المالية.
تتعامل هذه الوكالات مع تقييم الديون السيادية والشركاتية، ويتم استخدام تقييماتها كأداة رئيسية لتحديد تكلفة الاقتراض وقبول المخاطر. على سبيل المثال، إذا تم تقييم دولة بتصنيف AAA، فإنها ستكون عادةً قادرة على الحصول على أسعار فائدة أقل عند اقتراض الأموال مقارنة بدولة ذات تصنيف أقل.
وتصدر هذه الوكالات نوعين من البيانات؛ أولها: هو التصنيف الائتماني للدول والمؤسسات والذي يُعتبر تقييمًا مستقلًا وموضوعيًا لقدرة الدولة أو الشركة على سداد ديونها حيث يستخدم التصنيف الائتماني أسلوبًا من طرق تصنيف الائتمان لتقديم تصور عام عن مدى موثوقية المقترض في سداد الديون. ويتمثل التصنيف الائتماني عادة في تصنيف الحروف (مثل AAA، AA، A، BBB، وهكذا) أو يكون عبارة عن تصنيفات رقمية (مثل 1,2,3، وهكذا)، حيث يتم تخصيص الدرجة الأعلى للمخاطر المنخفضة والدرجة الأدنى للمخاطر العالية..
أما النظرة المستقبلية والتي تصدرها أيضًا وكالة التصنيف الائتماني إلى جانب التقييم والتي تعتبر هي موضوع هذا التقرير فهي تعكس النظرة المستقبلية بتوقعات الوكالة الائتمانية بشأن اتجاه التصنيف الائتماني للشركة أو الدولة في المستقبل القريب إلى المتوسط. وتُظهر النظرة المستقبلية تقديرات الوكالة للعوامل التي يمكن أن تؤثر على تصنيف الائتمان، مثل التطورات الاقتصادية، والسياسية، والمالية، والاجتماعية. تتضمن النظرة المستقبلية عادةً ثلاثة أوضاع رئيسية:
- إيجابية (Positive) : تعكس توقعات إيجابية بشأن تحسن الظروف المالية أو الاقتصادية المتوقعة في المستقبل، مما قد يؤدي إلى ترقية تصنيف الائتمان.
- مستقرة (Stable) : تشير إلى توقعات بثبات الظروف المالية والاقتصادية الحالية دون تغيير يذكر في التصنيف الائتماني.
- سلبية (Negative): تعكس توقعات سلبية بشأن تدهور الظروف المالية أو الاقتصادية المتوقعة في المستقبل، مما قد يؤدي إلى خفض تصنيف الائتمان.
ماذا يعني تحسن النظرة الائتمانية المستقبلية لمصر إلى إيجابية وما هي مكاسب مصر؟
عندما تغير وكالة موديز النظرة الائتمانية المستقبلية لمصر إلى إيجابية، يعني ذلك أن موديز تتوقع تحسنًا في الظروف المالية والاقتصادية المتوقعة لمصر في المستقبل القريب إلى المتوسط. هذا التغيير في النظرة الائتمانية مؤشرًا مهمًا على توقعات موديز بارتفاع في تصنيف الائتمان الخاص بمصر في المستقبل، وذلك في حال استمرار التحسن في الأداء الاقتصادي والمالي للبلاد.
تغيير النظرة الائتمانية إلى إيجابية يمكن أن يعكس الثقة في الاقتصاد المصري، وإشارة إلى أن هناك عوامل إيجابية تسهم في تحسين قدرة مصر على سداد ديونها في المستقبل. ومن بين هذه العوامل احتمال تحسن النمو الاقتصادي، وتحسن في سياسات الحكومة، وتحسين في البيئة التجارية، وزيادة في الاستثمارات، وتقدم في إصلاحات هيكلية تعزز قوة الاقتصاد، وهو الأمر الذي سيساهم في تحسين ثقة المستثمرين والمقترضين في مصر، وبالتالي يمكن أن يساعد في خفض تكلفة الاقتراض وزيادة الاستثمارات، مما يعزز النمو الاقتصادي ويدعم التنمية المستدامة في المستقبل.
تلك هي النتائج الأولية الإيجابية التي يمكن تسميتها بثمار قرار التسعير العادل للجنيه المصري، والتي تأتي على خلفية القرارات التي اتخذها المركزي المصري في 6 مارس 2024 بإعادة تسعير الجنيه المصري بالسعر العادل له وتركه لظروف العرض والطلب بالسوق ورفع أسعار الفائدة بنسبة 6% والتي أعلن من خلالها اعتزامه اتباع سياسة ائتمانية انكماشية تستهدف الحفاظ على مستويات التضخم والانخفاض بها إلى مستويات الرقم الأحادي (أقل من 10%).
نائب رئيس وحدة الاقتصاد ودراسات الطاقة