أصدر معهد الاقتصاد والسلام الدولي النسخة الحادية عشرة من مُؤشر الإرهاب العالمي لعام 2024، وهو تقرير سنوي يُصدره المعهد باللغة الإنجليزية منذُ عام 2012، باستخدام قاعدة البيانات Dragonfly’s Terrorism Tracker، وبعض المصادر الأُخرى، ويُقدم من خلاله مُلخصًا شاملًا للاتجاهات والأنماط العالمية الرئيسة لظاهرة الإرهاب، ويحلل عددًا من الأبعاد المهمة المُرتبطة بها، مثل الظروف الاجتماعية والاقتصادية التي تحدث فيها، وطبيعتها الديناميكية التي تتغير بمرور الوقت.
وقد تناولنا خلال الجزء الأول من هذه السلسلة نظرة شاملة على حصيلة العمليات الإرهابية، والجماعات الإرهابية الأكثر فتكًا خلال 2023. في حين ناقش الجزء الثاني قائمة الدول العشر الأكثر تأثرًا بالإرهاب عالميًا وفقًا لما ورد بالمؤشر. بينما ناقش الجزء الثالث اتجاهات النشاط الإرهابي في مناطق العالم المُختلفة. فيما يناقش هذا الجزء الخصائص التي تميز النشاط الإرهابي عن غيره من أشكال العنف الأخرى، والتداخل بين الإرهاب والجريمة المنظمة في منطقة الساحل الأفريقي.
خصائص الإرهاب
عند النظر إلى العدد الإجمالي للوفيات الناجمة عن المُمارسات الإرهابية، نجد أن المستوى المطلق للإرهاب، أقل بكثير من أشكال العنف الأخرى؛ فوفقًا للمُؤشر، كان إجمالي الوفيات منذ عام 2008 حتى 2021 ناجمًا عن أربعة أعمال مُختلفة من العنف، هي: الإرهاب والصراعات المُسلحة والقتل والانتحار. وفي حين تسبب النشاط الإرهابي في 120 ألف حالة وفاة، تسببت الصراعات المُسلحة في مقتل أكثر من 1.1 مليون شخص، وتسببت جرائم القتل في وفاة 5.5 ملايين شخص، فيما انتحر 8.7 ملايين شخص. ورغم احتمالية التداخل بين الأشكال المُختلفة عن العنف، إلا أن هناك اختلافًا واضحًا في نطاق التهديد المطلق الذي يشكله كل منهما.
ويختلف التهديد النسبي للإرهاب بشكل كبير من دولة إلى أخرى، فعلى سبيل المثال، يبلغ متوسط نسبة جرائم القتل إلى الوفيات الناجمة عن الإرهاب خلال الفترة 2008-2021 على مستوى الدولة 148:1، مما يعني أن هناك 148 جريمة قتل مقابل كل حالة وفاة بسبب الإرهاب. ومع ذلك، توجد 10 دول تقل فيها هذه النسبة عن 10:1، وفي بوركينا فاسو تبلغ هذه النسبة 0.88، مما يعني أن عدد الوفيات الناجمة عن الإرهاب أكبر من جرائم القتل المسجلة خلال هذه الفترة، رغم أن هذا الأمر قد يحدث بسبب عدم الإبلاغ عن بعض جرائم القتل.
ووفقًا للمُؤشر، رغم أن الإرهاب لا يُعتبر أكثر أشكال العنف تدميرًا من حيث إجمالي الوفيات الناجمة عنه، إلا أنه يتسم بالعديد من الخصائص التي تجعله مُؤثرًا “بشكل خاص” عن أشكال العنف الأخرى، وهو ما توضحه النقاط التالية:
• التوزيع المُلتوي لوفيات الإرهاب: يتّخذ التوزيع الإحصائي للوفيات الناجمة عن الإرهاب اتجاهًا ملتويًا، مما يعني أنه من الممكن أن يؤدي هجوم إرهابي واسع النطاق إلى عدد كبير من الوفيات قد تصل إلى المئات أو الآلاف من الأشخاص، مقارنةً بحالة وفاة واحدة أو اثنتين في حادث قتل واحد. ووفقًا للمُؤشر، لا تؤدي نحو نصف الهجمات الإرهابية إلى حدوث وفيات، فيما تؤدي 22% منها إلى وفاة شخص واحد فقط، ويؤدي ما يقرب من 96% من إجمالي الهجمات إلى مقتل أقل من 10 أشخاص. وبالتالي فإن ندرة الهجمات الإرهابية ذات معدل الوفيات المرتفع تعني أن الوفيات الناجمة عنها لها توزيع باريتو الإحصائي؛ إذ إن 80% من إجمالي الوفيات الناجمة عن الإرهاب، تكون ناتجة عما يقرب من 20% من الهجمات. وبعبارة أخرى، رغم ندرة الهجمات الإرهابية واسعة النطاق، إلا أنّ تأثيرها يمكن أن يكون أعلى بكثير من الهجمات الإرهابية المتوسطة.
كما يتخذ توزيع الوفيات الناجمة عن الإرهاب على مستوى المجموعات الإرهابية توزيعًا أكثر تطرفًا مما هو عليه على مستوى الحدث؛ فخلال عامي 2007 و2023 كانت 11 جماعة إرهابية فقط مسئولة عن أكثر من 80% من إجمالي وفيات الإرهاب. وأحد أسباب ذلك هو أن مُعظم الجماعات الإرهابية لا تميل إلى الاستمرار لفترة طويلة. ووفقًا للمُؤشر سجلت 139 جماعة إرهابية هجومًا إرهابيًا واحدًا على الأقل خلال 2007، وبحلول العام التالي سجّلت 73 فقط من هذه الجماعات هجومًا، فيما ظلّت 25 جماعة فقط نشطة خلال 2023، مما يمثل انخفاضًا بنسبة 82% من إجمالي الجماعات النشطة. وبشكل عام، كان متوسط العمر النشط للجماعة الإرهابية من عام 2007 حتى 2023 هو 3 سنوات، مع استمرار 44% من الجماعات لمدة عامين أو أقل.
ويُعدد المُؤشر مجموعة من الأسباب الكامنة وراء انخفاض دورة حياة الجماعات الإرهابية؛ أولها: عدم نمو العديد من الجماعات بالقدر الكافي الذي يمكنها من مواصلة عملياتها على المدى الطويل، وبالتالي يتم تعطيل عملياتها بسهولة أمام ما تتلقاه من ضربات على يد قوات الجيش والشرطة. وثانيها: اتجاه الجماعات الإرهابية باستمرار نحو تغيير جلدها من خلال الدخول في تحالفات مع جماعات أخرى، أو تغيير ولاءاتها، أو تفككها تحت أسماء مُختلفة. وثالثها: ميل الجماعات الصغيرة إلى أن تصبح جزءًا من تنظيمات أكبر، من أجل تعزيز حصولها على المزيد من الموارد.
• اتساع نطاق التأثير النفسي للإرهاب: عادةً ما تحدث الصراعات المسلحة وأحداث القتل والانتحار وسط مستويات مرتفعة من العنف، بينما الهجمات الإرهابية يُمكن أن تحدث عندما تكون مستويات أشكال العُنف الأخرى المُختلفة مُنخفضة. وتهدف الهجمات الإرهابية التي تُنفذ ضد الأهداف العامة إلى خلق حالة من الفوضى وإثارة الخوف، وبالتالي تحظى بتغطية إعلامية واسعة النطاق، مما يؤدي بدوره إلى تضخيم تأثيراتها النفسية.
• احتمالية انتقال عدوى الإرهاب: من الممكن أن تؤدي الهجمات الإرهابية الناجحة في منطقة مُعينة إلى تحفيز الهجمات الانتقامية في أجزاء أخرى من العالم. فعلى سبيل المثال، يزعم المُؤشر أن تفجيرات الكنائس والفنادق في سريلانكا التي أسفرت عن مقتل 321 شخصًا كانت ردًا مباشرًا على إطلاق النار على مسجد كرايستشيرش بنيوزيلندا، والذي أسفر عن مقتل 51 شخصًا.
الإرهاب والجريمة المنظمة في الساحل الأفريقي
ثمّة علاقة واضحة بين تأثير الإرهاب ومستويات النشاط الإجرامي المنظم، وهي علاقة أحادية الجانب إلى حد ما؛ فهناك العديد من البلدان التي لديها معدلات مرتفعة من الجريمة المُنظمة، إلا أنها لا تُعاني من أية تأثيرات مرتبطة بالنشاط الإرهابي، أو أن تأثيره ضئيل للغاية. وفي المُقابل نجد أن الدول ذات التأثير الكبير للإرهاب، لديها مستويات عالية من أعمال الجريمة المُنظمة.
وتتعقد العلاقة بين الجريمة المنظمة والاقتصادات غير القانونية والجماعات المتطرفة العنيفة وتختلف كذلك باختلاف المناطق والسياقات، ويقسمها المُؤشر إلى ثلاثة أنماط: التعايش، والتعاون، والتقارب. ويشير النمط الأول إلى المجموعات التي تُجري عمليات في النطاق الجغرافي نفسه تقريبًا، وقد يُفيد وجودها بعضها بعضًا، لكنها لا تعمل معًا بالضرورة. بينما يُشير النمط التعاوني إلى مستوى مُعين من العمل المُشترك بين مجموعات معينة لتحقيق منافع مُشتركة. في حيث يُقصد بالنمط التقاربي قيام الجماعات الإرهابية والإجرامية بالسيطرة على العناصر الأساسية لعمليات بعضها بعضًا. وبشكل عام تدير الجماعات المسلحة بشكل مباشر مؤسسات إجرامية منظمة، وأحيانًا تقوم بعض الجماعات بدمج العمليات الإجرامية في استراتيجيتها الخاصة بطرق عديدة منها: اختيار الاقتصادات غير المشروعة بشكل مباشر لتجميع الموارد، أو فرض ضرائب على المؤسسات الإجرامية أو غير القانونية التي تعمل في الأراضي التي تسيطر عليها. ويذكر المُؤشر مثالًا على ذلك حركة طالبان الأفغانية؛ إذ مولت عملياتها في أفغانستان من خلال زراعة وتصدير خشخاش الأفيون لإنتاج الهيروين. كما تمكّن تنظيم داعش من تحقيق إيرادات سنوية بقيمة 2.9 مليار دولار من خلال وسائل غير مشروعة مختلفة بما في ذلك الفدية والضرائب القسرية وتهريب النفط من الأراضي التي سيطروا عليها في العراق وسوريا.
ورغم أن الجماعات الإرهابية انخرطت دائمًا على مدار التاريخ في نوع من النشاط الإجرامي لتمويل عملياتها وأنشطتها، إلا أن حاجتها للانخراط في الأنشطة الإجرامية تزايد بشكل ملحوظ بعد هجمات 11 سبتمبر 2001، حيثُ انخفضت رعاية بعض الدول للجماعات الإرهابية بسبب العقوبات المفروضة على الدول التي تدعم النشاط الإرهابي، وهو ما دفع تلك الجماعات إلى البحث عن مصادر جديدة لتعزيز مواردها من خلال المشاركة في النشاط الإجرامي.
ويُرجح المُؤشر أن تتورط الجماعات الإرهابية في الجريمة المنظمة في الدول الضعيفة، فغالبًا ما يكون النشاط الاقتصادي غير المشروع مصدرًا أساسيًا لسبل عيش الأشخاص الذين يعيشون في مناطق النزاع أو تلك التي تفتقر إلى حكم قوي، وتسعى الجماعات الإرهابية إلى رعاية هذا النشاط غير المشروع وتعزيزه والحفاظ عليه من أجل توزيع عوائده الاقتصادية على السكان، وهو ما يسمح للجهات الفاعلة غير الحكومية ببناء الثقة والنفوذ بين السكان المحليين، ويجعل مسألة استئصالها أو تقليل قدراتها من الصعوبة بما كان.
ووفقًا للمُؤشر تختلف قوة الصلة بين نشاط الجماعات الإرهابية والجريمة المنظمة من منطقة جغرافية لأخرى. ويكون هذا الارتباط على درجة عالية من القوة في أفريقيا جنوب الصحراء، وفي منطقة الساحل على وجه الخصوص، التي أصبحت الآن موقعًا لما يقرب من نصف الوفيات الناجمة عن الإرهاب على مستوى العالم. وفي حين تتورط الجماعات الإرهابية المتمركزة في المنطقة في مجموعة واسعة من الأنشطة الاقتصادية غير المشروعة كالاتجار بالبشر وغيرها، تبقى أربعة مجالات رئيسة تلعب فيها تلك الجماعات الدور الأكبر في منطقة الساحل الوسطى التي تضم بوركينا فاسو ومالي والنيجر، وهي: سرقة الماشية، وتعدين الذهب، وتهريب المخدرات، والاختطاف وطلب الفدية. وهو ما يمكن تناوله على النحو التالي:
• تعدين الذهب:
ارتبطت العديد من أشكال الصراع وفي مُقدمتها الإرهاب، ارتباطًا وثيقًا بتعدين الذهب الحرفي وتهريبه في منطقة الساحل الوسطى، حيثُ أدى التوسع السريع في عمليات تعدين الذهب إلى نشوء منافسة قوية بين الجماعات الإرهابية النشطة في المنطقة للسيطرة على هذه العمليات. وانطلاقًا من الأهمية الاستراتيجية لهذه المنطقة، فقد حدثت زيادة كبيرة في الهجمات ضد عمليات استخراج الذهب في السنوات الثلاث الماضية. وفي بوركينا فاسو على سبيل المثال يتم إنتاج ما يصل إلى 20 طن سنويًا، بقيمة سنوية تقديرية تصل إلى 1.5 مليار دولار، وتُمثل السيطرة –حتى ولو بنسبة صغيرة– على عمليات التعدين بها من قبل الجماعات المتطرفة فرصة كبيرة لتعزيز مواردها. كما أن السيطرة على المنطقة التي يتم فيها تعدين الذهب تسمح لهذه الجماعات بأن يكون لها تأثير أكبر بكثير على السكان المحليين. ورغم أن الحكومة في بوركينا فاسو أعلنت إغلاق مواقع الذهب الحرفي عام 2022 في محاولة لتقييد وصول الجماعات الجهادية إلى عائدات تعدين الذهب، إلا أنه ليس من الواضح ما هو التأثير الذي قد يحدثه ذلك، إذ أدت محاولات مماثلة في الماضي إلى نتائج عكسية، حيث استخدمت الجماعات الجهادية عمليات الإغلاق لكسب الدعم الشعبي من المجتمعات المحلية التي تعتمد على نشاط التعدين. ومن المحتمل أيضًا أن تستمر معظم عمليات التعدين النشطة في المناطق التي خرجت من سيطرة الدولة؛ إذ تسيطر الحكومة في بوركينا فاسو على 60% فقط من أراضي البلاد، مما يعني أن جزءًا كبيرًا من المنطقة الغنية بالذهب في شمال البلاد يقع خارج سيطرة النظام.
وفي حين قد تقوم الجماعات الإرهابية في بعض الأحيان باستخراج الذهب وتهريبه، فإن الممارسة الأكثر شيوعًا في المناطق التي تسيطر عليها جماعة نصرة الإسلام والمسلمين في بوركينا فاسو ومالي هي كسب المال من خلال توفير الأمن. على سبيل المثال، في منطقة تعدين الذهب في غابة ديدا، تولّت الجماعة زمام الأمور عام 2021، وحلت محل المليشيات الموالية للحكومة، وبدأت في توفير الأمن والحماية لعمال المناجم المحليين، وفرضت رسومًا أقل من التي كانت تجنيها تلك المليشيات الموالية للحكومة مقابل ما تقدمه من خدمات، وهو ما وفر لها دخلًا ثابتًا. ليس هذا فحسب، بل ساعدها كذلك في بناء علاقات وشراكات في المنطقة لتعزيز سيطرتها.
• سرقة الماشية:
تُعد سرقة الماشية من الأنشطة غير القانونية الشائعة في منطقة الساحل كما هو الحال في أجزاء كثيرة من أفريقيا جنوب الصحراء، وغالبًا ما تكون مُرتبطة بالنزاعات طويلة الأمد التي تنشب بين المكونات العرقية المختلفة. ووفقًا للمُؤشر، أدى الارتفاع الكبير في عدد الجماعات الإرهابية وغيرها من الجهات الفاعلة غير الحكومية في المنطقة إلى زيادة عمليات سرقة الماشية، وكذا زيادة شدة العنف المرتبط بهذا النشاط. فخلال الفترة بين عامي 2018 و2020، سُرق ما يقدر بنحو 126 ألف رأس من الماشية في منطقة موبتي في مالي. وبحلول عام 2022، ارتفع هذا العدد بنحو 130 ألفًا خلال عام واحد. كما جاءت الحملة التي شنها تنظيم داعش في الساحل في أواخر عام 2022 لتوسيع الأراضي الخاضعة لسيطرته في منطقتي غاو وميناكا في شمال مالي، مع ارتفاع حاد في سرقة الماشية، فضلًا عن زيادة العنف في تلك المناطق.
• تهريب المخدرات:
يُعد الاتجار بالمخدرات أحد أكثر الأنشطة غير المشروعة المُربحة ماليًا التي تشارك فيها الجماعات الإرهابية النشطة في منطقة الساحل. وغالبًا ما تنخرط تلك الجماعات في هذا النوع من النشاط عندما تعمل في مناطق بها شبكات نشطة تاريخيًا في إنتاج المخدرات أو نقلها، أو حينما تسيطر على الأراضي التي تتم بها عمليات التهريب من خلال تقديم نفسها على أنها الأكثر قدرة على توفير مناخ آمن للمتاجرين بالمخدرات. وبشكل عام، يتم توجيه عمليات الاتجار بالمخدرات من قبل الجماعات الإجرامية وليست الجماعات الإرهابية بشكل مباشر، حيثُ تقوم الأخيرة بتجميع الإيرادات عن طريق فرض الضرائب على الجماعة الإجرامية مقابل توفير الأمن والحماية لعمليات التهريب.
• الاختطاف والفدية:
حقّقت الجماعات الإرهابية النشطة في منطقة الساحل إيرادات كبيرة من عمليات الاختطاف والفدية على مدار العقدين الماضيين. ووفقًا للمؤشر، أصبح هذا النشاط الآن في جزء رئيسي للموارد الاقتصادية لجماعة نصرة الإسلام والمسلمين التابعة لتنظيم القاعدة، حيث أصبح المدنيون الذين لديهم دور ما في الأعمال أو السياسة في جميع أنحاء مالي وبوركينا فاسو والنيجر ضمن بنك الأهداف الأكثر شيوعًا بالنسبة للجماعة؛ إذ تُشير التقديرات إلى أن عمليات الاختطاف والفدية شكلت 40% من إيراداتها عام 2017.
وفي ضوء ما سبق، يمكن القول إن تصاعد النشاط الإرهابي وأعمال الجريمة المنظمة في منطقة الساحل خلق مشهدًا أمنيًا مُعقدًا محفوفًا بالمخاطر، حيث فقدت عدد من حكومات المنطقة السيطرة على مساحات شاسعة من الأراضي، ولا تزال حالة عدم الاستقرار السياسي قائمة في بلدان المنطقة، ناهيك عن وقوع بعض التطورات خلال العامين الماضيين التي أسهمت في تعقيد هذا المشهد، وأتاحت المزيد من الفرص أمام الجماعات الإرهابية لتعزيز نشاطها ومضاعفة نطاقات سيطرتها، وفي مقدمتها: انتهاء عملية برخان الفرنسية المعنية بمكافحة الإرهاب عام 2022، وانتهاء مهمة بعثة الأمم المتحدة للاستقرار في مالي (مينوسما) نهاية 2023، والانقلاب العسكري الذي شهدته النيجر في يوليو من العام ذاته، فضلًا عن قيام جماعة نصرة الإسلام والمسلمين بتوسيع عملياتها في الدول الساحلية المجاورة في غرب أفريقيا، لا سيما في بنين وتوجو في إطار استراتيجيتها للتوسع الإقليمي التي بدأتها عام 2022.