ماذا يحدث في البورصة؟
تكبدت البورصة المصرية خسائر خلال شهري مارس وأبريل 2024 وأشار خبراء سوق المال إلى أن هذا الهبوط جاء لأسباب عدة منها؛ أولًا: بعد قرار لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي المصري باتخاذ قرار رفع سعر الفائدة البنكية بواقع 800 نقطة أساس أي 8% مقسمة على اجتماعين فبراير 200 نقطة أساس 2% ومارس بواقع 600 نقطة أساس 6% مع قرار تحرير الصرف، وثانيًا: بعد صدور الخبر الذي كذبته وزارة المالية بخصوص فرض ضريبة الأرباح الرأسمالية على أرباح البورصة للمتداولين، ثالثًا: مراجعة المؤسسات الدولية لسوق الأسهم المصرية وتخفيض ترتيب الأسهم المصرية، رابعًا تابعات الهبوط البيع الإجباري (مارجين كول).
سحب سيولة المؤسسات المحلية والتوجه لشراء أذون الخزانة
شهدت الفترة الماضية، إقبالًا هائلًا من الاستثمارات المحلية والأجنبية على شراء أذون الخزانة الخاصة بالحكومة المصرية بعد رفع الفائدة 600 نقطة أساس أي 6% أخيرًا وسبقها 200 نقطة أي 2% وبهذا فقد ارتفعت الفائدة البنكية بإجمالي 8% خلال الاجتماعين السابقين للجنة السياسات النقدية التابعة للبنك المركزي 2024، وتزامن ذلك مع توصل مصر لاتفاق مع صندوق النقد الدولي على زيادة قيمة القرض المقدم إلى 8 مليارات دولار مما دفع العديد من المستثمرين المؤسسات والأفراد إلى إعادة هيكلة استثماراتهم، فهذا الارتفاع دفع العديد من المؤسسات خاصة العربية والأجنبية لتوزيع محافظها بين التركيز بنسبة تخطت 90% على أذون الخزانة على الأقل لمدة ستة أشهر والتي قد وصلت فائدتها إلى 40%، وبقاء الجزء المتبقي من استثمار النسبة المتبقية في سوق المال. ومن ناحية أخرى قرر الأفراد إعادة تقسيم محافظهم الاستثمارية مثلما حدث عام 2018 فاتجهوا إلى نقل استثماراتهم من سوق المال إلى الشهادات البنكية مرتفعة العائد منعدمة المخاطر، التي وصلت لعائد مغر بلغ 30% لأجل عام.
وكما كانت المؤسسات المحلية الدافع الرئيسي للصعود خلال العام الماضي وبداية العام الحالي 2024 والدفع بالمؤشر إلى قمم رقمية جديدة للمؤشر لتتجاوز 34000 نقطة، كانت أيضًا السبب الرئيسي وراء التراجع؛ حيث قامت المؤسسات المحلية (المصرية) باتخاذ استراتيجية البيع وجني الأرباح بعد الصعود القوي لسوق المال وتحويل مسار الأموال إلى فائدة مرتفعة عديمة المخاطر.
وعلقت عضو مجلس إدارة البورصة، رانيا يعقوب، على سبب تراجع مؤشرات البورصة إلى أن المبيعات القوية للمؤسسات المحلية لجني الأرباح بعد صعود دام أكثر من عامين، واتجاه هذه المؤسسات للبحث عن بدائل استثمارية أكثر أمانًا مثل أذون الخزانة، والتي تشهد إقبالًا واسعًا من المستثمرين الأجانب، مستبعدة أن يكون للتوترات الجيوسياسية تأثير كبير على أداء البورصة. وأرجع خبراء سوق المال أسباب الهبوط إلى زيادة سعر الفائدة وأنها كانت وراء تشجيع مستثمرين متنوعين لنقل استثماراتهم إلى الشهادات البنكية بدلًا من سوق المال، وارتفاع سعر الجنيه أمام الدولار بعد تحرير سعر الصرف مما خفض من تقييمات المستثمرين للأسهم.
شائعة تحصيل ضريبة الأرباح الرأسمالية
انتشرت بداية الأسبوع الثالث من شهر أبريل 2024 شائعة (فزاعة سوق الأسهم المصرية منذ أكثر من عشر سنوات) حول اتخاذ الحكومة المصرية قرارًا بتحصيل ضريبة الأرباح الرأسمالية من خلال اتفاق وزارة المالية وشركة مصر للمقاصة المسئولة عن تسوية معاملات الأوراق المالية بالسوق المصري بحساب أرباح المستثمرين في سوق الأسهم وخصم تكلفة الفرصة البديلة والتي كمثال نسبة الفائدة البنكية والخسارة المحققة من التعاملات ثم تحصل ضريبة الأرباح الرأسمالية على صافي الربح من المستثمرين على المتعاملين في سوق الأسهم المصرية، وبناءً عليه انهارت مؤشرات البورصة المصرية على الفور كرد سريع وواضح من المستثمرين يدل على رفض تطبيق تلك الضريبة، وعلى الرغم من نفي الحكومة المصرية ممثلة في وزارة المالية هذه الشائعة في بيان صحفي مؤكدة عدم وجود إلزام للمستثمرين بتقديم إقرار ضريبي بشأن الأرباح الرأسمالية للأوراق المالية المقيدة، ولكنها لم تلغ ولم تطبق حتى الآن، إلا أن البورصة لا تزال في اتجاه هابط، وتتكبد خسائر يومية.
وأضاف بعض خبراء سوق المال المصري، في تصريحات لقناةCNN بالعربية، أن “الخسائر التي حدثت بعد الأنباء عن بدء تطبيق تحصيل ضريبة أرباح رأسمالية على المتعاملين قد تؤدي إلى دراسة تأجيل تحصيل هذه الضريبة”، حيث إن ضريبة الأرباح الرأسمالية سبق تأجيلها لمدة عامين بعد أن سبق وأقر البرلمان المصري تعديلات على قانون ضريبة الدخل تضمنت تخفيض ضريبة الأرباح الرأسمالية بنسبة 10% على نسبة 50% من المكاسب المحققة من بيع الأسهم في الشركات المقيدة، على أن تنخفض إلى 25% بعد عامين من إقرار التعديلات بهدف تشجيع الطروحات العامة الأولية. وكان من المفترض بدء تحصيلها خلال شهر أبريل 2024 إلا أنه حتى الآن لم يتم الاستقرار على آلية تحصيلها. وأضاف البعض أيضًا “كان من الأفضل تطبيق ضريبة الدمغة المعمول بها سابقًا على المتعاملين المصريين بالبورصة أسوة بالأجانب لتحقيق العدالة الضريبية“.
مراجعة مؤسسة فوتسي راسل FTSE Russell لسوق الأسهم المصرية
وفي الوقت ذاته هناك عامل آخر ساعد على هبوط البورصة المصرية، وهو قيام مؤسسة “فوتسي راسل” FTSE Russell وهي شركة عالمية رائدة في مجال توفير المعايير والتحليلات وحلول البيانات للمستثمرين في جميع أنحاء العالم، ويتبعها كثير من صناديق الاستثمار العالمية، أثناء مراجعتها لسوق الأسهم المصرية، بالإعلان عن قيام المؤسسة بإبقاء البورصة المصرية تحت المراقبة لاحتمال خفض تصنيفها من الأسواق الناشئة الثانوية إلى وضع الأسواق غير المصنفة في تحديث مارس 2024، وذلك بسبب شكوى المؤسسات الأجنبية من الصعوبات في تحويل أرباحهم للخارج بسبب عدم توفر النقد الأجنبي، مما أثر على قرارات صناديق الاستثمار الأجنبية بالسلب على الاستثمار بالبورصة المصرية، وحتى مع تأجيل مؤسسة “فوتسي” اتخاذ قرارها في مراجعة يونيو 2024 المقبل لا تزال المؤسسات الأجنبية تترقب الاستثمار بسوق البورصة المصرية.
تابعات الهبوط البيع الإجباري (مارجين كول)
بعد الهبوط الحاد لأسهم سوق الأوراق المالية المصرية بقطاعاتها المختلفة للأسباب السابق ذكرها تأتي تابعات الهبوط وهو البيع الاجباري للمحافظ المدينة؛ لأن نسب ائتمان تلك المحافظ مع الهبوط اختلت سلبًا، مما أدى إلى زيادة حدة التراجعات واستمرار عمليات البيع الاضطراري الإجباري للأسهم “مارجين كول” بعد خسائر محافظ المستثمرين.
توقعات أعضاء مجلس إدارات الشركات والبورصة المصرية لأداء البورصة خلال الفترة المقبلة قصيرة المدى
- يتوقع خبراء سوق المال المصري تعافيًا جزئيًا للبورصة خلال الفترة المقبلة، وارتداد مؤشرات البورصة، ومن ثَمّ أسعار أسهم إيجابية، ولكن دون أن تصل لمستوياتها السابقة قبل الهبوط الحاد حتى الربع الرابع من السنة الذي يبدأ بشهر أكتوبر 2024، وذلك لضعف الأداء خلال أشهر الصيف بالإضافة إلى عدم وجود محفزات قوية تدفع المستثمرين لإعادة الشراء بقوة.
- وجاءت النصيحة أيضًا الاحتفاظ بالسيولة، وتجنب الشراء العشوائي غير الممنهج خلال الفترة الحالية، والتوجه نحو عمليات المتاجرة السريعة والتي تعد الحالة الآمنة للسوق الآن.
- إذا استقرت الأمور الاقتصادية وظلت مصر داخل تصنيف المؤسسات الدولية مع الطروحات الجديدة فقد يدفع ذلك السيولة مجددًا نحو البورصة.