أحيت روسيا الذكرى التاسعة والسبعين لانتصار القوات السوفيتية على ألمانيا النازية خلال الحرب العالمية الثانية في التاسع من مايو 2024، في الساحة الحمراء، بحضور الرئيس “فلاديمير بوتين”، وقادة بيلاروسيا، وقيرغيزستان، وأوزبكستان، وكازاخستان، وطاجيكستان، وتركمانستان، وجمهورية غينيا بيساو، وكوبا، ولاوس، فيما تغيب رئيس الوزراء الأرميني عن الاحتفال رغم حضوره اجتماع “المجلس الاقتصادي الأعلى للاتحاد الأوراسي”، في موسكو عشية ذكرى يوم النصر.
تضمن الاحتفال عرضًا عسكريًا شارك فيه نحو أكثر من 9 آلاف جندي، من بينهم حوالي ألف جندي شاركوا في أوكرانيا، بجانب حوالي 70 قطعة من المعدات العسكرية، وهو ما يُعد أقل من عام 2023 الذي شهد مشاركة أكثر من 10 آلاف شخص، ونحو 125 قطعة من المعدات العسكرية.
دلالات كاشفة
أضحى الاحتفال بذكرى يوم النصر بالنسبة للرئيس “بوتين” حدثًا مهمًا يتم توظيفه سياسيًا لتوجيه المزيد من الرسائل للداخل الروسي والخارج وتحديدًا القوى الغربية الداعمة لأوكرانيا خاصة منذ اندلاع الحرب، للترويج للسردية الروسية، وهو ما تجلى على النحو التالي:
- حشد الشعب: في سياق التحديات التي يشهدها الروس نتيجة ارتفاع تكلفة الحرب، أتاح الاحتفال للرئيس “بوتين” فرصة لدعم شرعيته مُجددًا في بداية ولايته الجديدة، والتأكيد على أهمية وحدة الشعب في الوقت الراهن من أجل مستقبل آمن للبلاد؛ قائلًا: “تمر روسيا الآن بلحظة فاصلة وصعبة في تاريخها، وإن مصير وطننا الأم ومستقبله يعتمد على كل واحد منا”. مُوضحًا أن “أيام النصر توحد جميع الأجيال”. وهو ما نوه عنه أيضًا في خطاب تنصيبه قائلًا: “نحن أمة مُوحدة وعظيمة، ومعًا سنتغلب على كل العقبات، ونحقق كل ما خططنا له، ومعًا سننتصر”. وعليه يمكن اعتبار أن هذه التصريحات بمثابة محاولة لاحتواء الداخل الروسي، وتأهيله لاحتمالية اللجوء إلى إعلان التعبئة العامة في حالة عدم تمكن القوات الروسية من السيطرة على شرق أوكرانيا، بحلول نهاية هذا العام.
- انتقاد الغرب: وجه الرئيس “بوتين” بعض الرسائل إلى القوى الغربية، في ضوء استمرار التوترات المتصاعدة بينهم، على خلفية دعمهم لأوكرانيا لتعزيز قدراتها الدفاعية لاستعادة أراضيها التي سيطرت عليها روسيا، فضلًا عن انتقاده السياسات الغربية لكونها “تأجج الصراعات” قائلًا: “نشهد اليوم محاولات لتشويه حقيقة الحرب العالمية الثانية، هذه الحقيقة مؤلمة لأولئك الذين اعتادوا على إقامة سياستهم الاستعمارية الفعالة على الازدواجية والأكاذيب”. وتابع: “إن تأجيج المشاعر الانتقامية، والاستهزاء بالتاريخ، والسعي إلى تبرير أتباع النازية الحاليين هو جزء مما يشكل سياسة مشتركة للنخب الغربية لتأجيج الصراعات الإقليمية، والصراعات بين الأعراق والأديان، …”. بحسب ما نشره موقع الكرملين.
- إظهار القوة: اتسم خطاب ذكرى يوم النصر هذا العام بنوع من التحدي الممزوج بالقوة نتيجة التقدم -البطيء- الذي أحرزته القوات الروسية، واستعدادها لاحتمالية شن هجوم الربيع على طول خط الجبهة في الوقت الذي تسيطر فيه موسكو على ما يقرب من 20% من الأراضي الأوكرانية. فضلًا عن إعادة انتخاب الرئيس الروسي لتولي البلاد بدون معارضة، وخاصة بعد وفاة “أليكسي نافالني”، والتخلص من تبعات تمرد قائد “فاجنر”. بجانب استمرار تلويحه باستخدام القوة النووية ردًا على التحركات الغربية علاوة على الترويج بأن استخدام روسيا للقوة يأتي كرد فعل لأنها غير راغبة في المواجهة، وهو ما نوه عنه في الخطاب قائلًا: “ستبذل روسيا قصارى جهدها لتجنب المواجهة العالمية، لكنها لن تسمح لأي شخص بتهديدها، قواتنا الاستراتيجية دائمًا في حالة استعداد قتالي”.
- الإشارة للصين: ثمن الرئيس “بوتين” خلال الخطاب دور الشعب الصيني في إطار حديثه عن الدور الذي قام به الاتحاد السوفيتي ضد النازيين خلال الحرب الوطنية العظمى، مُنوهًا عن أهمية مساعدة الحلفاء، وتابع: “إن روسيا لم تقلل قط من أهمية الجبهة الثانية أو أهمية مساعدة الحلفاء. ونحن نكرم شجاعة جميع أعضاء التحالف المناهض لهتلر، وحركة المقاومة، والحركة السرية والمتمردين، فضلًا عن الشجاعة التي أظهرها شعب الصين الذي يناضل من أجل استقلاله ضد العدوان العسكري الياباني..”. والجدير بالذكر، أن الصين تقاربت مع روسيا بشكل مُتصاعد منذ اندلاع الحرب، في ضوء محاولة موسكو كسر العزلة الغربية التي فرضت عليها.
- تبرير الحرب: سعت روسيا منذ بداية الحرب إلى إقامة ربط بين محاربتها للنازية خلال الحرب العالمية الثانية، وحربها الراهنة في أوكرانيا لمحاربة ما تصفهم بأنهم “النازيين الجدد”، لإضفاء الشرعية على هذه الحرب، والاستمرار في حشد الروس لتحقيق أهداف ما يُعرف بـ “العملية العسكرية الخاصة”، وصولًا للنصر، علاوة على الإشادة بدور المشاركين في القتال في أوكرانيا، قائلًا: “نحني رءوسنا بينما نعتز بذكرى قدامى المحاربين في الحرب الوطنية العظمى الذين لم يعودوا بيننا”. تخليدًا لذكرى المدنيين الذين لقوا حتفهم في القصف الوحشي والهجمات الإرهابية التي ارتكبها النازيون الجدد، وإخوتنا في السلاح الذين سقطوا في النضال ضد النازية الجديدة وفي النضال من أجل روسيا”.
خصوصية السياق
جاء الاحتفال بـذكرى يوم النصر بعد نحو يومين من إدلاء الرئيس الروسي “فلاديمير بوتين” اليمين الدستوري لتولي قيادة البلاد لولاية خامسة تنتهي بحلول عام 2030، بعد فوزه في الانتخابات الرئاسية التي عقدت خلال شهر مارس الماضي. ليكون بذلك أطول حاكم لروسيا سواء كان رئيس أو رئيس للوزراء منذ الإمبراطورة “كاثرين العظيمة” إذا أكمل فترة ولايته الجديدة، مُتجاوزًا الزعيم السوفيتي “جوزيف ستالين”.
بالتوازي مع استمرار الحرب الروسية-الأوكرانية للعام الثالث دون أي آفاق للتسوية تساهم في إمكانية استعادة أوكرانيا لأراضيها التي سيطرت عليها روسيا. وعليه فقد اكتسب الاحتفال أهمية متزايدة في إطار العديد من التحولات التي أثرت بدورها على طرفي الحرب، تتجلى أهمها في:
- تقدم تكتيكي: تمكنت روسيا منذ أكتوبر الماضي من تحقيق تقدم في عدة مناطق على طول خط الجبهة، مُستفيدةً من التحديات التي واجهت القوات الأوكرانية المُنهكة بعد فشل الهجوم المُضاد على خلفية نقص القوات، والذخيرة، والدفاع الجوي بجانب تأخر حزم المساعدات الغربية -وخاصة الأمريكية التي تُقدر بـ 61 مليار دولار نتيجة الخلافات الحزبية في الكونجرس حتى تم إقرارها في أبريل 2024-، بالإضافة إلى محاولة روسيا تجنب أخطاء العام الأول للحرب. كما أثر الاهتمام الدولي بمحاولة وقف الحرب في غزة، واحتواء تبعاتها حتى لا يتسع نطاق الصراع في منطقة الشرق الأوسط على تراجع الدعم الموجه لأوكرانيا.
واتصالًا بذلك؛ لا يزال التقدم الروسي التكتيكي مستمرًا نحو منطقة دونيتسك، بجانب شن هجوم جديد بتجاه منطقة خاركيف سعيًا للاستيلاء على أكبر قدر ممكن من الأراضي الأوكرانية خلال عام 2024، بما ينعكس على تقوية شرعية الرئيس “بوتين” الداخلية في سياق تنامي الخسائر البشرية والمادية التي تكبدتها البلاد خلال العامين الماضيين، فضلًا عن تعزيز موقفه التفاوض عبر تبني سياسة فرض الأمر الواقع وخاصة مع احتمالية إعادة انتخاب الرئيس الأمريكي السابق “دونالد ترامب”، لأن مسألة التفاوض الآن غير واردة مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية في نوفمبر المقبل.
واتصالًا بذلك، أشار اللواء “فاديم سكيبيتسكي” نائب رئيس الاستخبارات العسكرية الأوكرانية خلال مقابلته مع “ذي إيكونوميست“، إلى الوضع الراهن على الجبهة قائلًا: “إن الأمور صعبة كما كانت (…) في الأيام الأولى للغزو الروسي واسع النطاق، وهي على وشك أن تصبح أسوأ”. مُتوقعًا “أن تمضي روسيا أولًا في خطتها للاستيلاء على جميع مناطق دونيتسك ولوهانسك، وهو هدف لم يتغير منذ عام 2022”. “مشكلتنا بسيطة للغاية: ليس لدينا أسلحة. لقد كانوا يعلمون دائمًا أن شهري أبريل ومايو سيكونان وقتًا صعبًا بالنسبة لنا. في المقابل، يعمل الجيش الروسي الآن “كهيئة واحدة، بخطة واضحة، وتحت قيادة واحدة”، بحسب تصريحاته.
- قيود مُتزايدة: في سياق العزلة الدولية التي تفرضها القوى الغربية على موسكو من خلال فرض المزيد من العقوبات؛ تُناقش دول مجموعة السبع الكبرى تقديم حزمة مساعدات تقدر بـ 50 مليار دولار لأوكرانيا من المقترح تمويلها من عائدات الأصول الروسية المُجمدة؛ حيث تسعى واشنطن للتوصل لاتفاق بشأن استخدام هذه الأصول خلال قمة المُقرر عقدها في إيطاليا خلال شهر يونيو المقبل. وقد بلغت قيمة الأصول الروسية التي جمدتها مجموعة السبع نحو 280 مليار دولار من أصول البنك المركزي الروسي؛ إذ احتفظت بمعظمها في أوروبا عبر شركة “يوروكلير”.
وفي هذا الإطار، وافق الاتحاد الأوروبي من حيث المبدأ على اتفاق يقضي باستخدام عائدات الأصول الروسية المجمدة لتزويد أوكرانيا بالأسلحة. موضحًا أن الدفعات الأولى يمكن سدادها بحلول الصيف، وفقًا لموقع “صوت أمريكا“. سبقها فرض قادة الاتحاد الأوروبي الحزمة الثالثة عشرة من العقوبات على موسكو قبل الذكرى السنوية الثانية للحرب، استهدفت إدراج ما يقرب من 200 كيان وفرد مرتبطين بالحكومة الروسية على قائمة العقوبات.
- الاستدارة شرقًا: عملت روسيا على كسر العزلة الغربية عبر التقارب مع الصين؛ إذ ستكون أول زيارة رسمية خارجية للرئيس “بوتين” خلال ولايته الجديدة إلى الصين، خلال يومي 15-16 مايو 2024، والتي ستأتي بعد جولة الرئيس الصيني الأوروبية الأولى منذ خمس سنوات والتي شملت فرنسا، وصربيا والمجر.
أما إيران وكوريا الشمالية فلا تزال تعتمد عليهم موسكو لتذويدها بالأسلحة. فضلًا عن إجراء تدريبات عسكرية مشتركة في ضوء التقارب الثلاثي مع إيران والصين -على سبيل المثال- شاركت الدول الثلاث في التدريبات البحرية التي أجريت في مارس الماضي والتي تُعرف باسم “حزام الأمن البحري 2024” في خليج عمان وبحر العرب.
- تطويق مُتنامٍ: استجابةً لتبعات الحرب في أوكرانيا انتهج حلف “الناتو” استراتيجية قائمة على الردع الاستباقي عبر تعزيز القدرات الدفاعية للحلفاء، واختبار مدى جاهزية قواتهم على مجابهة التهديدات القائمة والمُحتملة من قبل روسيا، تمثل ذلك في إجراء أكبر مناورة عسكرية منذ أكثر من ثلاثة عقود تُعرف بـ “المدافع الصامد-24″، وقد تزامن الاحتفال مع استمرار هذه التدريبات التي ستنتهي بحلول نهاية مايو الجاري.
وهو ما انتقدته روسيا، كما اعتبر “ألكسندر جروشكو” نائب وزير الخارجية الروسي المناورات بأنها تُشكل “عودة لا رجعة فيها” من الحلف لمخططات الحرب الباردة. بجانب تحول بحر البلطيق إلى “بحيرة ناتو” بعد انضمام السويد وفنلندا رسميًا إلى الحلف “الناتو”؛ الأمر الذي يُمثل خطرًا مباشرًا لمصالح موسكو في مجالها الحيوي نظرًا للوجود الدائم لقوات الحلف بالقرب من حدودها.
- توجه مُعلن: ساهمت الحرب في أوكرانيا في إعادة القوى الأوروبية تقييم سياساتهم الدفاعية والأمنية، والعمل على تعزيز قدراتها العسكرية، بجانب إظهار التضامن مع أوكرانيا، بعد فشل الهجوم المضاد، تجلى ذلك في الاتفاقيات الأمنية التي أبرمتها كييف مع المملكة المتحدة، وألمانيا، وفرنسا –على سبيل المثال-.
بالإضافة إلى إدراك القوى الأوروبية بأنهم ليسوا بمأمن عن احتمالات المواجهة المباشرة مع روسيا في ضوء حربها في أوكرانيا؛ إذ حذر وزير الدفاع الألماني “بوريس بيستوريوس “من احتمال تعرض إحدى دول الحلف لهجوم روسي خلال خمس إلى ثماني سنوات مقبلة، وأن أوروبا “تتعامل مع وضع تهديد عسكري.. لم يكن موجودًا منذ 30 عامًا”.
فيما قال “ميكايل بيدن” القائد الأعلى للقوات المسلحة السويدية”: يجب على السويديين أن يستعدوا نفسيًا للحرب”. كما حذر رئيس الوزراء البولندي “دونالد تاسك” من أن أوروبا تمر “بفترة ما قبل الحرب” وأنه لا ينبغي هزيمة أوكرانيا أمام روسيا من أجل مصلحة القارة بأكملها. وإن الحرب “لم تعد مفهومًا من الماضي بل حقيقية وبدأت منذ أكثر من عامين”.
وفي إطار إظهار الدعم لكييف كرر الرئيس الفرنسي “إيمانويل ماكرون” بأنه لا يستبعد إرسال قوات لأوكرانيا” في حال نجاح روسيا في تحقيق اختراق كبير لخطوط الجبهة الأوكرانية، وتقديم كييف بطلب إرسال قوات. فيما قال وزير الخارجية البريطاني “ديفيد كاميرون”: إن أوكرانيا لها الحق في استخدام الأسلحة التي قدمتها لندن لضرب أهداف داخل روسيا، وإن الأمر متروك لكييف للقيام بذلك ولديها هذا الحق. مُضيفًا: “مثلما تضرب روسيا داخل أوكرانيا، يمكنك أن تفهم تمامًا سبب شعور أوكرانيا بالحاجة إلى التأكد من أنها تدافع عن نفسها”.
في المقابل انتقدت موسكو هذه التصريحات، مُحذرةً أنها قد ترد على بريطانيا في حال استخدمت كييف الأسلحة البريطانية لاستهداف الأراضي الروسية، من خلال ضرب المنشآت والمعدات العسكرية البريطانية داخل أوكرانيا وخارجها. كما استدعت الخارجية الروسية سفيري فرنسا وبريطانيا.
- تلويح نووي: لا يزال التلويح الروسي باللجوء لاستخدام القوة النووية إحدى آليات الردع الموجه للغرب، فقد سبق وحذر الرئيس “بوتين” في خطابه في فبراير 2024، مع دخول الحرب عامها الثالث من أن “هناك خطرًا حقيقيًا من اندلاع حرب نووية”. تلا ذلك تصريحه مع التليفزيون الرسمي قائلًا: “ثالوثنا، الثالوث النووي، أحدث من أي ثالوث آخر. نحن والأميركيون فقط لدينا مثل هذا الثالوث. وقد أحرزنا تقدمًا أكبر بكثير هنا” في مارس الماضي. كما تمثل أيضًا في رد روسيا على تصريحات المتعلقة بإرسال قوات إلى أوكرانيا؛ إذ أعلنت وزارة الدفاع الروسية عن إجراء مناورات تستهدف “زيادة جاهزية القوات النووية غير الاستراتيجية للقيام بالمهام القتالية”، بناءً على أوامر الرئيس الروسي بعد أدائه اليمين الدستوري بيوم.
تزامن مع ذلك إعلان وزير الدفاع البيلاروسي عن إجراء تفتيش مفاجئ لحاملات الأسلحة النووية التكتيكية في بيلاروس، بناءً على أوامر من القائد الأعلى للقوات المسلحة البيلاروسية. واتصالًا بذلك، ستنضم بيلاروسيا إلى المرحلة الثانية من التدريبات الروسية، بناءً على دعوة الرئيس “بوتين” وطلب نظيره البيلاروسي.
- استهداف سيبراني: في سياق التوترات المستمرة بين روسيا والقوى الغربية، والتخوف من احتمالية التدخل في انتخابات البرلمان الأوروبي المُقرر عقدها في يونيو المُقبل، اتهمت ألمانيا قبل أيام من بدء الولاية الجديدة للرئيس “بوتين” موسكو بشن هجوم سيبراني على شركات خاصة بالخدمات اللوجستية، والدفاع، وتكنولوجيا المعلومات، والفضاء، بجانب الحزب الاشتراكي الديمقراطي، وفقًا لبيان الداخلية الألمانية. كما تم استدعاء السفير الروسي للاحتجاج على ما اعتبرته الحكومة الألمانية حملة شنتها مجموعة مرتبطة بوكالة المخابرات العسكرية الروسية في موسكو قبل عامين.
فيما قالت جمهورية التشيك: إنها تعرضت لحملة روسية العام الماضي دون توضيح اسم المؤسسات التي تم استهدافها، وفقًا لما نشرته “رويترز“. في المقابل، أصدر المسئول عن السياسة الخارجية والأمنية الأوروبية “جوزيب بوريل” بيانًا نيابة عن دول التكتل يُدين فيه: “الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء، إلى جانب الشركاء الدوليين، بشدة الحملة السيبرانية الخبيثة التي نفذتها منظمة (APT28) التي تسيطر عليها روسيا ضد ألمانيا والتشيك”. كما أصدر حلف “الناتو” بيانًا آخر أعرب فيه عن تضامنه مع ألمانيا والتشيك في أعقاب الحملة السيبرانية التي استهدفتهما. وفي السياق ذاته، أعلن المعهد الوطني للبحوث البولندية، عن استهداف مؤسسات تابعة للحكومة البولندية ببرامج ضارة من قبل جواسيس إلكترونيين روس مُعروفين باسم APT28، التي كانت جزءًا من وكالة المخابرات العسكرية الروسية، بحسب “رويترز“.
ختامًا، بالرغم من أن ذكرى يوم النصر هذا العام تزامن مع التقدم الروسي –البطيء نسبيًا- على جبهة القتال، ومع بداية ولاية الرئيس “بوتين” الجديدة، إلا أن روسيا لا تزال تواجه تحديات أمنية واقتصادية واجتماعية ناجمة عن استمرار الحرب، وفي ضوء استعداد أوكرانيا لتسلم المساعدات الغربية التي من المرجح أن تساهم في الحد من تقدم الروسي أو عرقلته. في المقابل، من المُتوقع أن ترد روسيا على الأسلحة المرتقبة، والإجراءات التي يتخذها حلف “الناتو” عبر إجراء العديد من المناورات العسكرية سواء كانت على المستوى الثنائي أو متعددة الأطراف بالقرب من الحدود الأوكرانية، فضلًا عن استمرار استهداف البنية التحتية الحيوية لأوكرانيا، ومواجهة الغرب بشكل غير مباشر عبر الاستهداف السيبراني. وأخيرًا، من المُرجح أن توظف روسيا وصول هذه المساعدات باعتبارها مُبررًا لإعلان التعبئة العامة لكونها أصبحت مستهدفة مباشرة من الغرب، مُتفاديةً الانتقادات التي قد تواجهها على خلفية تنامي الخسائر البشرية، وخاصة بعد إعلان قرار التعبئة الجزئية في سبتمبر 2022.