توجه الرئيس المصري “عبد الفتاح السيسي” صباح يوم الثلاثاء الثامن والعشرين من مايو 2024 إلى العاصمة الصينية “بكين” تلبية لدعوة الرئيس الصيني “شي جين بينغ”، لحضور الاجتماع الوزاري العاشر لمنتدى التعاون العربي الصيني. وتعد هذه الزيارة الثامنة للرئيس السيسي للصين، واللقاء الحادي عشر بين الزعيمين منذ تولى الرئيس السيسي مقاليد الحكم في عام 2014؛ مما يعكس نوعًا من التوافق والترابط بين قيادتي البلدين بهدف دفع وتطوير العلاقات الثنائية الشاملة، ويمثل نموذجًا ومثالًا فريدًا من نموذج تعاون “الجنوب -الجنوب” البناء القائم على الاحترام المتبادل والمنفعة المشتركة.
دلالات التوقيت
تأتي الزيارة تزامنًا مع الذكرى العاشرة لتدشين الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين البلدين، والذي تم توقيعها في عام 2014؛ مما يجعلها حدثًا استراتيجيًا مهمًا في مسارات العلاقات المصرية الصينية. كما تظهر الزيارة أيضًا المكانة التي تتمتع بها العلاقات المصرية الصينية، حيث خصت القيادة الصينية مصر وثلاث دول عربية أخرى (وهي الإمارات والبحرين وتونس) بزيارة ثنائية، على هامش مشاركتها في المؤتمر الوزاري العاشر لمنتدى التعاون الصيني العربي، الذي أُسس عام 2004 في أروقة جامعة الدول العربية بالقاهرة، والذي يشهد هذا العام مرور الذكرى العشرين على تأسيسه؛ مما يعكس تميز وصلابة العلاقات بين الجانبين.
وتأتي الزيارة في توقيت بالغ الأهمية مع دخول الحرب الإسرائيلية على غزة شهرها السابع في ظل عدوان إسرائيلي غير مسبوق وتواطؤ غربي يستدعي من مصر، ومن البلدان العربية التحرك في أطر استراتيجية ليست بديلة، وإنما مؤثرة على مسار الأوضاع في المنطقة، والتعويل على دور صيني أكبر لدعم القضية، والضغط لإيقاف الحرب على غزة. وبالتالي، تعد الزيارة رسالة للغرب برفض سياسته القائمة على الازدواجية، والتي تدعم بشكل كامل لحكومة الاحتلال الإسرائيلي في حربها الوحشية ضد قطاع غزة، وتأكيد لتطور العلاقات المصرية والعربية مع القوى الشرقية مثل الصين، وتقدير لاحترامها ميثاق الأمم المتحدة وعدم التدخل في شئون الآخرين، ودعمها لقضايا الشعوب العربية وحقوقها في تقرير مصيرها.
وأخيرًا، تعد الزيارة خطوة مهمة في إطار تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، والتي هدفها الرئيسي تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين مصر والصين على المستويات السياسية والاقتصادية والأمنية، علاوة على التنسيق والتشاور بشأن القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك وعلى رأسها القضية الفلسطينية والأمن المائي العربي والأمن الغذائي والإرهاب وتغير المناخ.
اعتبارات عديدة
في سياق استمرار سعي الدولة المصرية نحو تنويع شراكاتها الدولية المتوازنة مع مختلف القوى الدولية، يمثل توطيد الشراكة مع بكين أهمية كبيرة في المرحلة الراهنة وفقًا لعدد من الاعتبارات:
– اعتبار سياسي: في ظل ما فرضته الحرب الإسرائيلية على غزة من ارتفاع حالة الاستقطاب الدولي، تتشارك الصين مع مصر وجهات النظر نفسها والقائمة على ضرورة وقف فوري ودائم لإطلاق النار، ورفض محاولات التهجير القسري للفلسطينيين من أراضيهم، والالتزام الجاد والفوري بحل الدولتين، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية على حدود عام 1967، ودعم إقامة مؤتمر دولي للسلام لحل القضية، والإنفاذ الفوري والمُستدام للمساعدات الإنسانية في غزة، وهو ما سبق وأكده البيان المشترك الصادر عن الدولتين بشأن القضية الفلسطينية في الرابع عشر من يناير الماضي.
وانطلاقًا من تلك القناعات والمواقف المتطابقة والمتشابهة، فإن مصر والدول العربية بحاجة إلى دعم الصين بالمحافل الدولية، وعلى رأسها الأمم المتحدة ومجلس الأمن للمشاركة في الدفع نحو إطلاق طاقات السلام في المنطقة وفقًا لمقررات الشرعية الدولية، ودعم العضوية الكاملة لفلسطين في الأمم المتحدة، باعتبارها شريكًا دوليًا قويًا ومحايدًا، وعضوًا دائمًا في مجلس الأمن، ولها نفوذ كبير في الجمعية العامة للأمم المتحدة لا سيما على الدول الأفريقية. ثم البدء في إعادة إعمار يمكن للصين أن يكون لها فيها دور أساسي بالإضافة إلى إطلاق عملية سياسية تفضي إلى تحقيق حل الدولتين وفقًا لمسار محدد زمنيًا وغير قابل للتغيير يحقق ويضمن إقامة الدولة الفلسطينية.
– اعتبار اقتصادي: تستهدف مصر جذب استثمارات صينية جديدة تصل إلى مليار دولار خلال العام الحالي في القطاعات ذات الأولوية التي حددتها خطة الحكومة المصرية لدعم الصادرات والوصول بها إلى 100 مليار دولار بحلول عام 2030، في ضوء توجه الدولة لتعزيز آليات توطين الصناعة ونقل التكنولوجيا، من خلال التعاون مع القطاع الخاص والاستثمار الأجنبي المباشر؛ مما يسهم في توطين الصناعات الحديثة، وتقليل الفجوة الاستيرادية، وتوفير فرص عمل جديدة في السوق المصري.
وتكتسب الاستثمارات الصينية في مصر أهمية كبيرة نظرًا لمساهمتها الكبيرة في ضخ رءوس الأموال، وإضافة طاقات إنتاجية مهمة جديدة، بالإضافة إلى الخبرة ونقل التكنولوجيا لعدد من القطاعات الصناعية ذات الأولوية ومنها “الهيدروجين الأخضر”، وصناعة السيارات، والاقتصاد الرقمي، والذكاء الاصطناعي، والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والفضاء والطب الحيوي. هذا بخلاف صناعة الملابس والمنسوجات، وصناعة السيارات الكهربائية، والصناعات الغذائية والبتروكيماويات، وتصنيع معدات الحفر والتعدين، وصناعة الفايبر جلاس، وإنتاج الأعلاف، ومعدات تحويل الطاقة الكهربائية وإنتاج الأجهزة المنزلية.
وقد شهدت العلاقات الاقتصادية المصرية الصينية تطورًا ونموًا كبيرًا خلال الفترات الماضية انطلاقًا من المصالح المشتركة وأولوية البعد التنموي لدى الجانبين، لا سيما وأن هناك توافقًا كبيرًا بين رؤية “مصر 2030” ومبادرة “الحزام والطريق” الصينية. وتعد الصين أكبر شريك تجاري لمصر لمدة 12 عامًا متتاليًا، كما ارتفع التبادل التجاري بين البلدين من 10 مليارات دولار في عام 2012 إلى 20 مليار دولار في العام الماضي. ويوجد أكثر من 1500 شركة صينية مسجلة وعاملة في مصر في مجالات مختلفة باستثمارات تقترب من المليار دولار أمريكي.
فضلًا عن العديد من المشروعات الاقتصادية الكبرى التي تقوم بها الصين في مصر وعلى رأسها بناء حي المال والأعمال بالعاصمة الإدارية الجديدة، وتدشين القطار الكهربائي للعاشر من رمضان، ومدينة “تيدا الصينية” في شمال غرب خليج السويس والتي تعد أكبر تجمع صناعي للاستثمارات الصينية بمصر باستثمارات تصل إلى حوالي 3 مليارات دولار، وإطلاق القمر الصناعي المصري مصر سات-2، وإنشاء مصنع الألياف الزجاجية؛ مما يجعل مصر اليوم أكبر قاعدة لإنتاج الألياف الزجاجية، وثالث أكبر منتج للفايبر جلاس في العالم. علاوة على تعزيز التعاون المالي وتمديد الاتفاقية بشأن مبادلة العملات المحلية ونجاح مصر في إصدار سندات الباندا في الصين، وعملية التبادل التجاري بـ”اليوان الصيني”، بخط ائتماني قدره 2. 5 مليارات دولار، وتطوير الموانئ في إطار “مبادرة الحزام والطريق”. هذا بجانب التنسيق في المحافل الاقتصادية الدولية بما في ذلك انضمام مصر للبنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية واستضافتها للاجتماع السنوي للبنك في عام 2023، وكذلك الانضمام لبنك التنمية الجديد رسميًا في عام 2023، والانضمام لعضوية تجمع البريكس في عام 2024؛ مما يثبت المستوى الذي وصلت إليه العلاقات والمكاسب التي تحققت في الجانبين الاقتصادي والتنموي.
– اعتبار أمني وعسكري: يدرك البلدان الأهمية المحورية لضمان أمن وسلامة المنطقة العربية، لا سيما منطقة البحر الأحمر، حيث إن عسكرة تلك المنطقة نتيجة تداعيات استمرار حرب غزة ضررٌ مباشر للأمن العالمي، لأنه يرتبط بمضايق وممرات مائية شديدة الأهمية للعالم ولمصر، إذ يرتبط أمن قناة السويس بأمن تلك المنطقة وللصين، حيث تعتمد في الأساس على جزء من تجارتها على النفط، لأنها في المجمل مستورد صافٍ للطاقة. ومن ثَمّ كان الاهتمام المصري – الصيني بالتأكيد على أولوية تأمين سلامة وأمن الملاحة في البحر الاحمر، الأمر الذي يمكن ملاحظته عبر البيان المشترك الصادر في يناير الماضي.
من ناحية أخرى، تأمل مصر أن تضطلع بكين بدور في حلحلة أزمة “سد النهضة” الإثيوبي بحكم علاقاتها القوية مع أديس أبابا والقاهرة، وخبرتها في إدارة السدود، وتمويلها لمشروعات تنموية كبيرة في البلدين تؤهلها لتكون وسيطًا قد يساعد في إعادة بناء الثقة بين الجانبين، والوصول لصيغة توازن بين الطموحات الإثيوبية والحقوق التاريخية لمصر، وذلك بعد نجاح الوساطة الصينية الأخيرة في المنطقة بين الرياض وطهران. وفي وقت سابق على زيارة الرئيس “السيسي” لبكين، اتخذت إثيوبيا خطوات جديدة لبدء الملء الخامس لسد النهضة بدون تنسيق مع مصر والسودان؛ مما جعله يوجه رسالة حازمة لإثيوبيا خلال كلمته في المنتدى العربي الصيني، رافضًا أي مساس بالأمن المائي المصري، باعتباره قضية وجودية.
نتائج الزيارة
– تعميق الشراكة الثنائية: تزامنًا مع ذكراها العشرية الأولى، حملت الزيارة انطلاقة جديدة للشراكة الاستراتيجية الشاملة بين البلدين، بعد الإعلان عن تدشين “عام الشراكة المصرية-الصينية”، والذي سيشهد العديد من الفعاليات الدبلوماسية والاقتصادية والتجارية والاستثمارية والثقافية والسياحية بهدف دفع وتطوير العلاقات الثنائية في كافة المجالات. وبحسب البيان المشترك الصادر عن البلدين، أعرب الجانب الصيني عن الترحيب بطلب مصر لاستضافة قمة عربية صينية.
وفي هكذا سياق، ثمّن الرئيسان توقيع البلدين على البرنامج التنفيذي للشراكة الاستراتيجية الشاملة للأعوام الخمس المقبلة (2024-2028) في يناير 2024، والذي يُمثل خارطة طريق لتطوير العلاقات الثنائية، والارتقاء بها إلى مستوى أعلى تأسيسًا على ما تحقق من إنجازات ملموسة خلال السنوات الماضية.
وعلى هامش الزيارة، التقى الرئيس “السيسي”، مع تشاو له جي، رئيس اللجنة الدائمة للمجلس الوطني لنواب الشعب الصيني، حيث ثمّن الجانبان العلاقات المتميزة بين برلماني البلدين، والتي انعكست في تشكيل مجموعة الصداقة البرلمانية المصرية الصينية؛ مما يعكس أهمية دور الدبلوماسية البرلمانية في دفع وتعزيز الشراكة بين البلدين.
– تجديد الدعم المتبادل في القضايا الجوهرية: جدد البلدان مرة أخرى خلال الزيارة دعمها المتبادل لبعضهما البعض في المسائل الجوهرية ذات الأولوية لكلا منهما، إذ حرص الجانب الصيني على إعلان دعمه الكامل لحقوق مصر المشروعة في الحفاظ على سيادتها وأمنها واستقرارها في مواجهة التحديات، وكذلك حقها في حماية أمنها المائي والغذائي ومصالحها التنموية. وأيضًا تبادل دعم الجهود لمكافحة الإرهاب. بينما أكدت مصر الالتزام الثابت بمبدأ «الصين الواحدة» وأن تايوان جزء لا يتجزأ من الصين، ورفض أي تدخل خارجي في الشئون الصينية الداخلية، ودعم موقف الجانب الصيني من القضايا التي تتعلق بسيادة الصين ووحدة أراضيها.
وقد تضمن البيان المشترك الصادر عن البلدين توافق الجانبين حول القضايا والمبادرات التي أطلقتها القيادة الصينية في السنوات الأخيرة، بما فيها مبادرة “الأمن العالمي”، و”التنمية العالمية” و”الحضارة العالمية”، وكذلك إصلاح مؤسسات النظام الدولي لتكون أكثر عدالة وانصافًا، مما يدعم التعددية العالمية ويسهم في بناء مجتمع صيني – عربي ذي مصير مشترك في العصر الجديد.
– مواصلة التنسيق المشترك بشأن القضية الفلسطينية: اتفق الجانبان على ضرورة دعم إيقاف الحرب في غزة، ومواصلة التنسيق والتشاور بشأن ضرورة إيجاد حل شامل ودائم للقضية الفلسطينية. وقد أشادت مصر بموقف الصين الداعم للوقف الفوري لإطلاق النار في غزة، ولحق الفلسطينيين المشروع في إقامة دولتهم المستقلة. فيما دعا الرئيس “السيسي” أطراف المجتمع الدولي الفاعلة للاضطلاع بمسئولياتها الأخلاقية والقانونية لـوقف الحرب مؤكدًا الخطورة البالغة للعمليات العسكرية الإسرائيلية في رفح الفلسطينية، على مختلف الأصعدة.
ومن ناحيتها، أبدت الصين رغبتها في التعاون مع مصر في عملية الوساطة الإقليمية، مؤكدة أن القاهرة هي “أكثر الوسطاء خبرة في الشرق الأوسط، وأنها ماضية في دعمها “لحل الدولتين”، لإرساء دعائم الأمن والاستقرار في المنطقة، مجددة دعوتها إلى عقد مؤتمر دولي للسلام لحل النزاع بين إسرائيل والفلسطينيين. وقد سبق، وصوتت بكين لصالح قرار بشأن أحقية دولة فلسطين بالعضوية الكاملة في الأمم المتحدة في العاشر من مايو 2024، ويوصي مجلس الأمن بإعادة النظر بشكل إيجابي في هذه المسألة. كذلك استضافت محادثات للمصالحة بين حركة المقاومة الإسلامية “حماس” وحركة فتح الفلسطينيتين، في أبريل الماضي؛ مما يعكس توفر إرادة سياسية للسعي لتحقيق مصالحة من خلال الحوار.
– تحقيق مكاسب اقتصادية: كان المحور الاقتصادي حاضرًا بقوة خلال الزيارة حيث اتفق البلدان على دفع جهود توطين الصناعة ونقل التكنولوجيا باعتبارها أولوية للتعاون المصري-الصيني خلال الأعوام المقبلة؛ مما يحدث طفرة متكاملة على كافة الأوجه صناعية وزراعية وتجارية، في ضوء مواكبة التوسع في الاستثمارات الصيـنية الصناعية لمجال السيارات الكهربائية والأجهزة الإلكترونية وقطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات وإنتاج الألواح الشمسية والصناعات الكيماوية ومواد البناء، وتكنولوجيا الزراعة الحديثة وغيرها.
وفي سياق متصل، تم توقيع عدد من اتفاقيات التعاون بين البلدين، من بينها خطة التطوير المشترك لمبادرة الحزام والطريق، وتعزيز التعاون في مجال الابتكار التكنولوجي وتكنولوجيا الاتصالات، وعدد من مجالات التعاون الأخرى. وعلى هامش الزيارة، التقى الرئيس السيسي برؤساء كبرى الشركات الصينية مثل الشركة الصينية العامة للهندسة المعمارية “سيسك”، ومجموعة هندسة الطاقة الصينية “تشاينا إينرجي” مؤكدين رغبتهم في التوسع والاستثمار داخل مصر، وهو ما قد يُبشر بجذب استثمارات صينية جديدة في قطاعي البنية التحتية، والطاقة خلال المرحلة المقبلة؛ مما يسهم في عودة النشاط للاقتصاد المصري.
وتخطط الصين من جانبها لزيادة الصادرات مع الجانب المصري بعد الإعلان عن خطة إنشاء أكبر منطقة صناعية بين مصر والصين على ساحل البحر المتوسط في مارس الماضي بعد نجاح تجربة التعاون المصري الصيني في منطقة تيدا مصر للتعاون الاقتصادي، حيث من المقرر أن تشهد الصفقة أكبر استثمار صيني في المنطقة العربية بحوالي 100 مليار دولار. كما أعلنت شركات صينية ضخ استثمارات بحوالي 15 مليار دولار في إنتاج الوقود الأخضر والتصنيع، ووافقت الصين أيضًا على برنامج لمبادلة الديون مع القاهرة للمرة الأولى في تاريخها. بالإضافة إلى العمل على فتح أول بنك صيني في مصر في إطار التعامل بالعملة المحلية لكلا البلدين من أجل خفض الاعتماد على الدولار.
وقد أعلنت شركة تيدا المصرية الصينية للتطوير الصناعي عن دخولها في مفاوضات متقدمة مع 20 شركة تكنولوجية صينية، لضخ رءوس أموال جديدة داخل المنطقة الاقتصادية لقناة السويس خلال الفترة المقبلة. وهناك آفاق كبيرة لتنمية العلاقات التجارية بين مصر والصين واستغلال فرص النفاذ إلى أسواق ثالثة لا سيما الدول الأفريقية، والاستفادة من شبكة اتفاقات التجارة الحرة التي تربط مصر بالعديد من الدول والتجمعات الاقتصادية في العالم. ويُرجح أن يكون هذا العام استثنائيًا في مجال السياحة بالنظر إلى الزيادة الملحوظة في أعداد السياح الصينيين القادمين إلى مصر.
وإجمالًا، تُدلل زيارة الرئيس “السيسي” إلى الصين عن التزام مصر بانتهاج سياسة تنويع شراكاتها الدولية المتوازنة في ظل نظام عالمي يمضي قدمًا بشكل قوي نحو قطبية متعددة. كما تعكس وجود رغبة مشتركة في دفع الشراكة الاستراتيجية الشاملة إلى آفاق جديدة مع بداية عقدها الثاني، انطلاقًا مما تحقق من إنجازات خلال السنوات العشر الماضية، وكذلك توافق الرؤى الاستراتيجية والتنموية بين الجانبين، وتوفر الإرادة السياسية المشتركة للارتقاء بالعلاقات، بما يفتح الباب أمام مرحلة تاريخية جديدة، لا تقتصر ثمارها على مصر والصين فحسب، بل تؤثر على التعاون متعدد الأطراف، خاصة على المستويين العربي والأفريقي.