ملخص تنفيذي:
تثير الأزمة الإقليمية الراهنة بين إيران والولايات المتحدة حالة من التوتر والقلق في المنطقة العربية خاصة في الخليج العربي، إذ أن الولايات المتحدة اتخذت مؤخرا حزمة من الاجراءات العقابية ضد إيران بهدف الضغط على النظام الحاكم لتغيير سياسات إيران، تلك السياسات التي تهدد أمن حلفاء الولايات المتحدة الأمريكية بالمنطقة، وتدعم الإرهاب الدولي الممثل بعدة تنظيمات يعتبروا وكلاء لإيران في عدة دول عربية وفي جوار لإسرائيل، سواء في العراق أو اليمن أو سوريا أو لبنان.
وأمام هذه الاجراءات اتخذت عدة خطوات تصعيدية من كل من الولايات المتحدة وإيران تؤثر على استمرارية الاتفاق النووي المبرم بين إيران ومجموعة (5+1) منذ عام 2015، وتصاعدت التطورات بتهديدات أطلقتها إيران وتحركات عسكرية للولايات المتحدة في المنطقة، بما ينذر في استمرار التصعيد ويزيد من فرص المواجهة العسكرية. ولم تفلح حتى الآن التصريحات المعلنة من الدولتين حول رغبتهما في احتواء الموقف والتهدئة.
وفي خضم هذه التطورات تظهر مواقف العديد من الدول باعتبارهم فاعلين بدرجة أو بأخرى في الأزمة، ولهم دور قائم في أي مرحلة من مراحلها. كالدول المشاركة في الاتفاق النووي (بريطانيا، فرنسا، ألمانيا، روسيا، الصين)، وعلى المستوى الإقليمي تظهر إسرائيل في المشهد كالمستفيد الأوضح من أية ضغوط تمارسها الولايات المتحدة على إيران. وعلى صعيد آخر دول الخليج يكتنفها الحماس مع الحذر الحماس بالضغوط المفروضة على إيران وتقويض نفوذها، والحذر من رد فعل إيران ووكلائها، ومن تحول المنطقة لمسرح عمليات عسكرية إذا خرجت الأمور عن السيطرة، إذا فقدت الولايات المتحدة القدرة على إحكام الضغط على إيران.
إزاء هذا المشهد المربك والمتسارع، يقدم “المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية” هذه الدراسة للمساهمة في تقديم رؤية تحليلية واستشرافية للأزمة الامريكية – الإيرانية وتداعياتها المحتملة في المنطقة. وتسعى هذه الدراسة لاستشراف انعكاسات هذه المرحلة من استراتيجية الولايات المتحدة لردع إيران على المنطقة العربية، والتي تشهد استخدام للأداة العسكرية بدرجات مختلفة بدأت بالردع والاستعداد فهل تتطور للمواجهات المباشرة بين القوات الأمريكية وإيران، وهل يكون الخليج العربي هو مسرح العمليات العسكرية المحتملة؟ هل يمكن احتواء الأزمة الحالية دون اللجوء للعمل العسكري؟ ما الدور المنوط بوكلاء إيران في المنطقة؟ العديد من التساؤلات تسعى الدراسة للإجابة عليها من خلال المحاور التالية:
وتتناول هذه الدراسة خمس محاور كالتالى :
المحور الأول:
ويستعرض الموقف العسكرى الراهن، ويتناول شكل الانتشار الامريكيى فى الاقليمى والذى يعكس توجه الولايات المتحدة للاستعداد لمواجهة عسكرية محتملة ضد ايران ، فى ظل توالى الحشد العسكرى الاسترايتجية فى الخليج بالاضافة إلى نمط الانتشار غير التقليدى فى الاقليم ، لكن تكتيكا يبدو أن الولايات المتحدة تستعرض قواتها أمام ايران كمقدمة حرب نفسية ، فى إطار تطوير خطة التدخل الهجومى إذا ما قررت الحرب وبالتالى لا يزال هناك مسافة بين استعراض القوة فى وضع الاستعداد للحرب وبين اتخاذ قرار الحرب ، كما يستعرض هذا المحور أدوار ميزان القوى الايرانى وأدوار الوكلاء الاقليمين فى مشهد التصعيد الذى ظهرت تجلياته من خلال القيام بعمليات ارهابية استهدفت دولتى الامارات والمملكة العربية السعودية .
المحور الثانى :
استراتيجية “ترامب” تجاه إيران ، والتى بدت تصعيدية على عكس حالة المهادنة التى كانت ينتهجها سلفه أوباما الذى كان يعول على أن اندماج طهران في الأسواق العالمية سيعدل من سياساتها العدوانية لتصبح قوة إقليمية بناءةً. لكن ترامب التى لم تركز فقط على مدي التزام ايران بتنفيذ بنود الاتفاق النووي الذي تم التوصل إليه في منتصف عام ٢٠١٥، وفشله – وفق تصريحات صقور الإدارة الأمريكية – في وضع حد لطموحات طهران النووية، بل أضيف لها محدد الدور الإقليمي الإيراني في منطقة الشرق الأوسط، الذي تنظر إليه الإدارة الأمريكية على أنه مزعزع للاستقرار في المنطقة، وكذلك الدعم العسكري والمالي للميلشيات الشيعية في عديد من الدول العربية.
المحور الثالث :
ويتضمن موقف الدول الأوروبية المشاركة في الاتفاق النوويمن التطورات الجارية ، لاسيما توافق الدول الأوروبية المشاركة في الاتفاق النووي (بريطانيا وفرنسا وألمانيا) علي رفض أي تصعيد، أمريكيا كان أم إيرانيا. ولكنهم يبدون علي وشك تبني الرواية الأمريكية والسعودية التي تري في إيران المصدر الرئيس لعدم الاستقرار في المنطقة، و يهددون طهران بإجراءات إن نفذت تهديداتها، فمثلا قال وزير الخارجية البريطاني أن انتهاك الاتفاق النووي “سيكون له تبعات”.
المحور الرابع :
ويتناول الموقف الروسي والذى يتقارب أيضا مع موقف الصين فى ضرورة التركيز على ملف الاتفاق النووي وضرورة الحفاظ عليه ، إضافة إلى عدم شرعية العقوبات الأمريكية ضد طهران، بخاصة ضد قطاعها النفطي؛ وهوما يقود إلى رفض التدخل العسكرى الامريكي ضد ايران ، وايضا توجهات الاطراف حيال هذا الملف فى مجلس الامن . كما يحلل هذا المحور موقف روسيا بالنظر إلى العلاقة مع ايران فى الملف السورى ، وهو ما يعزز توجه روسيا تجاه رفض التصعيد.
المحور الخامس :
ويستعرض موقف حلفاء الولايات المتحدة فى الشرق الاوسط من التصعيد الجارى، سواء بالنسبة للحلفاء فى الخليج أو اسرائيل، وفى المقابل موقف وكلاء ايران الاقلميين وأدوارهم فى احماء المعركة الجارية وفع مستوى التوتر الحالى فى المنطقة .
وإيمانا بدور الفكر في تحديد رؤية واضحة في خضم هذه الحالة الضبابية يقدم المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية هذه الدراسة لتحليل أبعاد هذه الأزمة واستشراف اتجاهها خلال الأيام القادمة.
