تشهد انتخابات الكنيست المقبلة في إسرائيل، المقرر إجراؤها في 17 سبتمبر الجاري، منافسة شرسة يخوضها رئيس الوزراء الأطول خدمةً في تاريخ إسرائيل “بنيامين نتنياهو”، لإعادة انتخابه هذه المرة في ظل ما يواجهه من صعوبات وتحديات. فبعد فشله في تشكيل حكومة بعد الانتخابات التي تمت في أبريل الماضي (2019)، والتي حصل فيها الليكود على 36 مقعدًا، وصلت محادثات التحالف إلى طريق مسدود بسبب الخلافات بين الأحزاب الأرثوذكسية المتطرفة وحزب “إسرائيل بيتنا” حول مشروع قانون التجنيد العسكري.
ولا شك أن “نتنياهو” سيعمل بكل الطرق للفوز في الانتخابات المقبلة ليظل على رأس الهرم السياسي بإسرائيل، رغم ما يواجهه في الفترة الراهنة من العديد من التحديات، وعلى رأسها اتهامه في قضايا فساد، فضلًا عن المنافسة الحادة التي يخوضها الليكود مع تحالف “كاحول لافان”. وقد تضاعف قلق “نتنياهو” بعد أن أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق “إيهود باراك” عودته إلى الحياة السياسية، وتأسيس حزب جديد باسم “إسرائيل ديمقراطية”، لمنافسة “نتنياهو” في الانتخابات القادمة.
ملامح استراتيجية جديدة لحملة “نتنياهو” الانتخابية
كل تلك العوامل دفعت “نتنياهو” إلى إطلاق استراتيجية جديدة لحملته الانتخابية ولمواصلة هجومه على الأحزاب اليمينية المتشددة لإقناع الناخبين بالتصويت لليكود في الانتخابات القادمة. وتتضمن تلك الاستراتيجية العمل على بناء قاعدة انتخابية قوية من خلال استغلال كل الفرص المتاحة لضمان تقدُّم الليكود في الانتخابات القادمة. ونشير فيما يلي إلى أهم ملامح هذه الاستراتيجية.
1- محاولات لجذب أصوات اليهود الروس
في إطار خطته للحملة الانتخابية القادمة، يسعى “بنيامين نتنياهو” لكسب أصوات الإسرائيليين ذوي الأصول الروسية بشكل أساسي، حيث يحاول استقطاب ناخبي هذا القطاع الذين كان يصوت أغلبهم في السابق لحزب “يسرائيل بيتينو” برئاسة “أفيغدور ليبرمان”، الخصم اللدود لـ”نتنياهو”، وهو ما يشكل ضغطًا كبيرًا على “ليبرمان” قد يضطره إلى الإعلان عن دعم “نتنياهو” وتراجعه عن موقفه والموافقة على الدخول في الائتلاف الحكومي. وفي هذا السياق، قام “نتنياهو” بزيارة أوكرانيا، وهي أول زيارة يقوم بها رئيس وزراء إسرائيلي منذ 20 عامًا. وتأتي زيارة “نتنياهو” لكييف قبل أقل من شهر من إجراء الانتخابات بهدف جذب أصوات الناخبين ذوي الأصول الروسية. وتحمل أوكرانيا أهمية خاصة بالنسبة لـ”نتنياهو”، حيث كانت تضم أعدادًا كبيرة من اليهود في الفترة التي كانت خلالها جزءًا من الاتحاد السوفيتي، هاجر أغلبهم إلى إسرائيل، وإن بقيت هناك أقلية كبيرة بها من اليهود حتى اليوم (400 ألف يهودي).
وفي محاولة أخرى لاستمالة أصوات اليهود الروس، علّق حزب الليكود لافتة إعلانية ضخمة على الجدار الخارجي لمقره في تل أبيب، المعروف باسم “قلعة زئيف” تظهر فيها صورة “نتنياهو” مع الرئيس الروسي “فلاديمير بوتين”، وكتب عليها “نتنياهو.. مستوى آخر”؛ ويريد “نتنياهو” إيصال رسالة عن طريق تلك اللافتة مفادها أنه الزعيم الإسرائيلي الذي رفع من مكانة إسرائيل على المستوى الدولي وأقام علاقات وطيدة مع كبار زعماء العالم.
2- محاولة نقل المزيد من السفارات الأجنبية للقدس
على صعيدٍ آخر، جاءت زيارة “نتنياهو” لأوكرانيا لتحمل هدفًا آخر هو محاولة إقناع الرئيس الأوكراني ذي الأصل اليهودي بنقل السفارة الأوكرانية للقدس، لكن من الواضح أن طلب “نتنياهو” قد قوبل بالرفض، وأعلن الرئيس الأوكراني عن نية بلاده فتح مركز تكنولوجي كبديل للسفارة في القدس.
وتتضمن خطة “نتنياهو” القيام بزيارات لعدد من الدول، مثل الهند واليابان ومصر وغيرها. وقد بدأ مكتبه في التجهيز لتلك الزيارات قبيل الانتخابات. وفي السياق ذاته، أعدّ “نتنياهو” مع وزير خارجيته “يسرائيل كاتس”، خطة حكومية لتقديم المغريات والمحفزات لعدد من الدول الفقيرة حتى تسير على نهج الولايات المتحدة وتنقل سفارات بلادها من تل أبيب إلى القدس. ووصف “كاتس” هذه الخطة بأنها هدف وطني وسياسي واستراتيجي من الدرجة الأولى، وقال إنه سيعرضها قريبًا على الحكومة للمصادقة عليها. وأكد أنه يعتبرها أولوية قصوى. ورغم الأزمة المالية التي تعاني منها وزارة الخارجية، فقد خصص “كاتس” لهذا الهدف مبلغ 50 مليون شيكل (15 مليون دولار) كبداية، وستتم المشاركة في تمويل النفقات بالسفارة.
ووفقًا لما ورد ببعض الصحف العبرية، فقد تم الكشف عن بعض الأسماء من الدول المقصودة والحوافز المقدمة لها، ومنها هندوراس والسلفادور اللتان وافقتا على نقل سفارتيهما إلى القدس، لكنهما طالبتا بفتح سفارة إسرائيلية كاملة في عاصمتيهما أولًا. كما أن دولًا أخرى وافقت بعدما وعدها “نتنياهو” و”كاتس” بالحصول على الدعم ومشاريع التنمية والمساعدة الاقتصادية، وفتح الأبواب لها في الولايات المتحدة.
وجدير بالذكر أنه منذ اعتراف الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” بالقدس عاصمة لإسرائيل، قامت غواتيمالا فقط بالنقل الكامل لسفارتها إلى القدس. وفي المقابل، فقد تراجعت باراغواي، التي كانت قد افتتحت سفارة لها في القدس في مايو الماضي، لكنها أعادت السفارة إلى تل أبيب. واكتفت المجر بافتتاح ممثلية تجارية عوضًا عن السفارة التي بقيت بتل أبيب. ورغم الوعود الكثيرة فإن الرئيس البرازيلي “خافيير بولسونارو” لم ينقل سفارة بلاده إلى القدس، واكتفى بالإعلان عن فتح مكتب تجاري. كما أن هناك خلافات داخلية في كلٍّ من رومانيا وجمهورية التشيك تمنع قادتهما من تنفيذ الوعد بشأن نقل سفارتيهما للقدس.
3- العمل على جذب أصوات اليمين.. بالماريجوانا أحيانًا!
أكد “نتنياهو” في تصريحاته لصحيفة “إسرائيل اليوم” أنه ملتزم تجاه ناخبي الليكود بعدم تشكيل حكومة وحدة وطنية، وتعهد بإقامة حكومة يمينية عقب الانتخابات تستمر في قيادة إسرائيل إلى إنجازات غير مسبوقة، وتسعى للحفاظ على أمن الإسرائيليين. وفي سبيل جذب أكبر عدد ممكن من أصوات اليمين، كشف رئيس الوزراء الإسرائيلي “بنيامين نتنياهو”، عن اتفاق مع حزب “زيهوت” اليميني المتطرف، يقضي بانسحاب هذا الحزب من الانتخابات، مقابل وعد بتشريع استخدام الماريجوانا لأغراض طبية. وفي وقت سابق، قال “موشي فيجلين” زعيم حزب زيهوت اليهودي القومي، إنه حصل على وعد أيضًا بحقيبة وزارية مقابل امتناعه عن عدم تقديم مرشحين للانتخابات المقبلة.
ومن المؤكد أن “نتنياهو” سيفعل كل ما في وسعه لجمع أصوات اليمين، وضمان عدم تشتت الأصوات لضمان الفوز في الانتخابات القادمة.
4- نتنياهو وباراك.. هجوم متبادل
عاد “إيهود باراك” أو “الجنرال” كما يلقبه البعض، إلى الواجهة السياسية في إسرائيل على إثر فشل “بنيامين نتنياهو” في تشكيل الحكومة وحل الكنيست في الانتخابات الأخيرة، ويُعد “باراك” من أبرز المعارضين لحكومة “نتنياهو” الحالية ولجميع سياساته ومواقفه. وقد جاء إعلان عودته للحياة السياسية ومشاركته في الانتخابات المقبلة ليهدد مصير “بنيامبن نتنياهو”. ففي يونيو الماضي، أعلن “باراك” عودته للعمل السياسي، وتأسيس حزب جديد، وهو ما أثار ردودًا كثيرة في الأوساط السياسية. وركز “باراك” في انتقاده لـ”نتنياهو” على أكثر النقاط إيلامًا له، واصفًا حكمه بالفاسد، واتهمه بخيانة الأمانة، وتلقي رشاوى، والغش، والاحتيال، والتربح من المال العام، مشيرًا إلى القضية رقم (3000) المتهم فيها “نتنياهو” بالتربح من صفقة غواصات اشترتها إسرائيل من شركة ألمانية، عبر ترجيح مناقصات لصالح أصدقاء مقربين منه، وهي القضية التي أثارت ردود أفعال غاضبة داخل إسرائيل.
كما لفت “باراك” إلى تربح “نتنياهو” أيضًا من رجال الأعمال والأثرياء في إسرائيل من خلال القضية المعروفة إعلاميًّا باسم القضية رقم (1000). وواصل “باراك” هجومه على “نتنياهو” عبر “تويتر”، من خلال فيديو ساخر يعرض القضايا المتهم فيها، ومنها قضية وزير التعليم الحاخام “رافي بيرتس” وتصريحاته حول علاج تغيير التوجه الجنسي للمثليين التي أثارت موجة غضب وانتقادات واسعة في إسرائيل ومطالبات من جانب العديد من السياسيين وقادة الأحزاب والمؤسسات الداعمة للمثليين بإقالته، وانتقاد سلبية “نتنياهو” في التعامل مع هذا الأمر.
ويعود “باراك” لخوض الانتخابات في معسكر يسار الوسط بهدف إسقاط “نتنياهو”، عبر اجتذاب أصوات اليسار، من خلال ترؤس قائمة تضم أحزاب اليسار وتحديدًا حزبي العمل وميريتس. لهذا، فإنّ عودة “باراك” تساهم في اشتعال الساحة الانتخابية؛ إذ إن كلًّا من “نتنياهو” و”باراك” يحمل رصيدًا سياسيًّا متميزًا، لكن رصيد “باراك” غير مقتصر على الجانب السياسي فقط، بل يتعدى ذلك إلى رصيد عسكري وأمني كبير كرجل ساهم في عدد من العمليات العسكرية التي رفعت من مكانته داخل الرأي العام الإسرائيلي.
5- منع نائبتي الكونجرس من زيارة إسرائيل
قام رئيس الوزراء الإسرائيلي “بنيامين نتنياهو” بمنع نائبتي الكونجرس الأمريكيتين “رشيدة طليب” و”إلهان عمر” من زيارة إسرائيل، وأعلن أن هذا المنع جاء للحيلولة دون إلحاق الضرر بإسرائيل، حيث ادعى أن برنامج الرحلة أظهر أن نية النائبتين هي إلحاق الضرر بإسرائيل. وقد جاء ذلك على خلفية دعم النائبتين لحركة “مقاطعة إسرائيل” BDS، ورفضهما للسياسات الإسرائيلية، وتأييدهما الكبير للقضية الفلسطينية. إضافة إلى ذلك، فهما تتمتعان بعلاقة سيئة مع “ترامب” نفسه. وفي أعقاب إعلانهما عن الزيارة، صرح الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” بأن سماح إسرائيل للنائبتين بزيارة البلاد سيدل على ضعف رهيب.
جدير بالذكر أن “طليب” و”عمر” هما أول امرأتين مسلمتين يتم انتخابهما بالكونجرس، وهما من الجناح التقدمي للحزب الديمقراطي، وأبدت الاثنتان دعمهما لحركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات المؤيدة للفلسطينيين في العديد من المناسبات.
وبحسب القانون الإسرائيلي يمكن رفض دخول داعمي الحركة لإسرائيل، لكن السفير الإسرائيلي في الولايات المتحدة “رون ديرمر” أكد بعد الإعلان عن الزيارة أنه سيتم السماح لهما بالدخول احترامًا للكونجرس الأمريكي والعلاقات الأمريكية-الإسرائيلية، لكن ذلك لم يحدث، حيث رأى “نتنياهو” أن منعهما يعد فرصة لإظهار إصراره وقوته في محاربة الحركة العالمية لمقاطعة إسرائيل. وقد عكس الرفض الإسرائيلي خوف “نتنياهو” من التأثير على شعبيته قبيل إجراء الانتخابات المقبلة.
6- صك الولاء.. تكريس لديكتاتورية نتنياهو
تعرض “نتنياهو” لانتقادات لاذعة فور الإعلان عن مطالبته أعضاء حزب الليكود بالتوقيع على وثيقة ولاء تعهدوا فيها بدعم “نتنياهو”، بغض النظر عن نتائج الانتخابات، وقام 40 قياديًّا في الحزب بالتوقيع على الوثيقة؛ ويعد التوقيع التزامًا غير مسبوق في السياسة الإسرائيلية. وقد جاءت تلك الخطوة في أعقاب إعلان “أفيغدور ليبرمان”، رئيس حزب “يسرائيل بيتنو”، ووزير الخارجية السابق، خلال لقاء تلفزيوني، أنه سيتوجه إلى “أصدقائه في الليكود” لاختيار بديل لـ”نتنياهو” إذا لم يتمكّن من تشكيل الحكومة المقبلة. وعرض “ليبرمان” اسم رئيس الكنيست الحالي “يولي أدلشتاين”، كشخصية ليكودية يمكنها أن تكون بديلًا لـ”نتنياهو”، في محاولة لفرض حكومة وحدة وطنيّة تضم أيضًا تحالف “كاحول لافان” برئاسة الجنرال “بيني جانتس”.
وتعرض “نتنياهو” للنقد بشكل واسع فور الإعلان عن تلك الواقعة، ووصفته بعض الصحف الإسرائيلية بأنه يكرس لديكتاتورية، وشبهوا حكومته بحكومة “كيم جونغ أون” بكوريا الشمالية. وفي استهزاء من حزب الليكود، وضع نشطاء من حزب “العمل” لافتة في وسط تل أبيب وطلبوا من المارة التعهد بعبادة البشر!، في حين أعلنت قائمة “اليمين الموحد” أنها ستطلب من أعضائها الحصول على تعهد بالولاء لقيمها.
وأظهر هذا التوجه غير المسبوق في الحياة السياسية الإسرائيلية -المطالبة بصكوك ولاء- مدى استعداد “نتنياهو” لفعل أي شيء للحيلولة دون تمكن خصومه من إزاحته من الحكم، حتى لو كان الثمن هو التضحية بالديمقراطية التي تدعي إسرائيل أنها واحتها الوحيدة في المنطقة!
7- احتواء ليبرمان
كان “أفيجدور ليبرمان” قد استقال من منصب وزير الدفاع عشية الانتخابات الماضية، بعد خلاف مع “نتنياهو” على كيفية التعامل مع ملف قطاع غزة. وبعد الانتخابات، اشترط “ليبرمان” دخوله الحكومة بسن قانون تجنيد الحريديم. وبعد الخلاف الذي وقع بينهما، تحوّل “ليبرمان” إلى معضلة “نتنياهو” الأصعب، ما دفع “نتنياهو” إلى احتوائه بكل الطرق الممكنة لتجنب تأثير “ليبرمان” عليه في الانتخابات القادمة. وفي هذا الإطار، صرح “نتنياهو”، خلال محادثة مغلقة، بأنه لا يرفض “ليبرمان” كشريك في حكومة مقبلة قد يشكلها حال فوزه بانتخابات الكنيست، كما أعلن “ليبرمان” أنه لا يرفض أيضًا الجلوس في حكومة يرأسها “نتنياهو”، شرط أن تكون حكومة وحدة بمشاركة حزب “أزرق أبيض” برئاسة “بيني جانتس”.
ولفتت الإذاعة العبرية إلى أن “نتنياهو” و”ليبرمان” سيواصلان التهجمات المتبادلة بينهما حتى يوم انتخابات الكنيست، لكنهما سيُبقيان احتمال التعاون بينهما. ومؤخرًا، التقى “أفيغدور ليبرمان” مسئولين كبارًا في حزب الليكود وبحث معهم عزل “نتنياهو” عن قيادة الحزب.
وعقب توقيع تحالف “كاحول لافان” اتفاقية توزيع فائض الأصوات مع حزب إسرائيل بيتنا، توقع الكثير من المحللين الإسرائيليين أن هذا الاتفاق يعني بالدرجة الأولى أن “أفيجدور ليبرمان” سيكون رقمًا مهمًّا في معادلة قيادة “كاحول لافان” لإسرائيل في الفترة القادمة، حيث تعهد “جانتس” بتشكيل “أقوى حكومة أمنية” والتي ستستعيد الردع إذا تم انتخابه رئيسًا للوزراء خلال الانتخابات العامة المقبلة. ومن الجدير بالذكر أن “ليبرمان” هو من يطالب بحكومة أمنية تتبنى خطة للإطاحة بحكم حماس في غزة عبر حرب نهائية تضع نهاية لمعاناة سكان جنوب إسرائيل من قذائف حماس والحركات الموالية لها في غزة.
ولا شك أن تحالف “أبيض أزرق” يُعد الأكثر خطورة على مستقبل “نتنياهو” السياسي، خاصة بعد ما حققه من نجاح في الانتخابات السابقة، وحصوله على نسب متقاربه مع الليكود، مما شكل تهديدًا على الليكود الذي سيطر على الساحة السياسية في إسرائيل لسنوات طويلة. في هذا الإطار، يمكن فهم لماذا لوّح “نتنياهو” باحتمال تنفيذ عملية واسعة النطاق في غزة ردًّا على عمليات إطلاق الصواريخ من القطاع. كما أكد صراحة أنه سيقود حملة موسعة بغض النظر عن الانتخابات، إذا دعت الحاجة لذلك. مضيفًا أنه “بالانتخابات أو من دونها سنقوم بما يلزم من أجل أمن إسرائيل”.
مؤشرات استطلاعات الرأي العام حول الانتخابات القادمة
اختلفت نتائج استطلاعات الرأي التي أعدتها الجهات الإسرائيلية المختلفة في محاولة لقراءة المشهد السياسي في إسرائيل وتوقع نتائج الانتخابات القادمة. وفي هذا السياق، أظهر استطلاع للرأي أعدته القناة 13 الإسرائيلية أن “إيهود باراك” سيحصل على 6 مقاعد في انتخابات الكنيست المقبلة، وأنه مع حزب “أبيض أزرق” سيحصل على 32 مقعدًا، أما “القائمة العربية الموحدة” فستحصل على 12 مقعدًا، فيما سيحصد ميريتس على 6 مقابل 5 مقاعد للعمل. فيما بيّن استطلاع للرأي أعده موقع “إسرائيل اليوم” حصول “أزرق-أبيض” على 32 مقعدًا، بينما يحصل الليكود وفقًا للاستطلاع على 30 مقعدًا.
كما كشف استطلاع رأي جديد أجرته قناة “i24News“، قبل ثلاثة أسابيع من إجراء الانتخابات، عن تغلب حزب “أزرق أبيض” على حزب “الليكود”، وبذلك يصبح الحزب الأكبر في الكنيست القادم. ووفقًا للاستطلاع، إذا أجريت الانتخابات اليوم، فسيحصل تحالف “أزرق أبيض” بزعامة “بيني غانتس” على 32 مقعدًا، وبالمقابل يحصل حزب “الليكود”، بزعامة “بنيامين نتنياهو” على 30 مقعدًا فقط. وبالتالي تحصل كتلة اليمين التي يتزعمها “نتنياهو” على 55 مقعدًا، فيما تحصل كتلة المركز – يسار على 54 مقعدًا.
وأظهر الاستطلاع أن حزب “يسرائيل بيتينو”، برئاسة “أفيغدور ليبرمان” يستمر بالتقدم فيما يحصل على 11 مقعدًا، وكذلك تحصل القائمة المشتركة العربية على 11 مقعدًا أيضًا. أما تحالف “يمينا” برئاسة “إيليت شاكيد” فسيحصل على 10 مقاعد مقابل 8 مقاعد لحزب “شاس” المتدين، و7 مقاعد لحزب “يهودت هتوراه”، ويحصل “المعسكر الديمقراطي” برئاسة “نيتسان هوروفيتس”، الذي يضم حزب “ميرتس”، وحزب “إسرائيل ديمقراطية” برئاسة “إيهود باراك”، وانضمام النائبة “ستاف شفير” التي انفصلت عن حزب “العمل”، على 6 مقاعد، ويحصل تحالف “العمل – جيشير” برئاسة “عمير بيرتس” على 5 مقاعد فقط. ووفقًا للاستطلاع ذاته، لم يعبر حزب “عوتسماه يهوديت” نسبة الحسم. وقد أعلن رئيس حزب “زهوت” “موشيه فيجلين” عن انسحاب حزبه من الانتخابات.
وأظهر 40% من المستطلعة آراؤهم أن “بنيامين نتنياهو” هو الأنسب لتوليه منصب الحكومة الإسرائيلية، فيما أجاب 24% لصالح “بيني غانتس”.
وأظهرت نتائج استطلاع رأي أجراه موقع “القناة 12” “ماكو”، أن كلًا من حزب الليكود بزعامة “نتنياهو” وحزب “أزرق أبيض” سيحصل على 30 مقعدًا. كما أكد استطلاع للرأي لصحيفة “معاريف” أن “بنيامين نتنياهو” لن يتمكن من تشكيل حكومة يمينية دون إشراك “يسرائيل بيتينو” برئاسة “أفيغدور ليبرمان”، إذ إن معسكر اليمين والحريديم، باستثناء “يسرائيل بيتينو”، سيحصل على 57 مقعدًا من أصل 120 في الانتخابات المقبلة، ويحصل معسكر الوسط يسار، بحسب نتائج استطلاع “معاريف”، على 43 مقعدًا. ووفقًا للاستطلاع، تحصل القائمة التي تجمع حزب الليكود، و”كولانو” على 32 مقعدًا، فيما يحصل “كاحول لافان” على 30 مقعدًا، وتحل القائمة المشتركة في المرتبة الثالثة بإجمالي 11 مقعدًا، وبينما تحصل قائمة “اليمين الموحد” برئاسة “إيليت شاكيد”، التي تضم “اليمين الجديد” و”البيت اليهودي” و”الاتحاد القومي”، على 10 مقاعد، في حين تحصل شاس أرييه درعي على 8 مقاعد.
وبيّنت الاستطلاعات التي نشرتها “القناة 12″، وصحيفتا “معاريف” و”ماكور ريشون”، تراوح قوّة حزب الليكود بين 29 مقعدًا و32 مقعدًا، بينما تتراوح قوّة “كاحول لافان” بين 28 مقعدًا و30 مقعدًا. وتعني النتائج تراجعًا كبيرًا في قوّة كل من “كاحول لافان” و”الليكود” عن الانتخابات السابقة لصالح الأحزاب الصغرى في كلا المعسكرين، مثل “اتحاد أحزاب اليمين” و”اليمين الجديد” و”العمل”. إلا أن الفائز الأكبر في هذه الاستطلاعات هو حزب “يسرائيل بيتينو”، الذي يرأسه وزير الأمن السابق “أفيغدور ليبرمان”، مع نجاحه -حتى الآن- في مضاعفة قوّته في استطلاعات الرأي من 5 مقاعد في الانتخابات الأخيرة إلى ما لا يقل عن 8 مقاعد في معظم استطلاعات الرأي، وصولًا إلى 10 مقاعد.
وفي سياق آخر، أظهر استطلاع جديد للرأي أعده معهد “ميدغام” لصالح “القناة 12” في التلفزيون الإسرائيلي احتفاظ كلٍّ من حزبي “الليكود” و”أزرق أبيض” بقوّتيهما، بفارق مقعد واحد لصالح الليكود. ووفقًا للاستطلاع، حظي “الليكود” بـ30 مقعدًا، و”كاحول لافان” بـ29 مقعدًا، والقائمة المشتركة بـ11 مقعدًا، وتحالف اليمين بـ11 مقعدًا، ويسرائيل بيتينو بـ10 مقاعد، ويهدوت هتوراه بـ8 مقاعد، وشاس بـ7 مقاعد، وتحالف العمل وغيشر بـ7 مقاعد، والمعسكر الديمقراطي بـ7 مقاعد. ويُشير الاستطلاع إلى أن “الليكود” وكتلة اليمين والأحزاب الدينية المتشددة لن تكون قادرة على تشكيل حكومة بهذا العدد من المقاعد، ولا حزب “أزرق أبيض” مع حلفائه. وهذا يعني أن حزب “يسرائيل بيتينو” بزعامة “أفيغدور” سيكون حاسمًا لنتائج الانتخابات القادمة.
وعلى الرغم من ذلك، ما زال “نتنياهو” بالنسبة للمصوتين في الاستطلاع يتصدر قائمة الأكثر ملاءمة لتشكيل الحكومة المقبلة بـ41 في المائة، مقابل 32 في المائة لـ”بيني غانتس” من حزب “أزرق أبيض”.
وطُلب خلال الاستطلاع من أعضاء “الليكود” اختيار مرشّحهم لخلافة “نتنياهو” من داخل حزبه إذا لم يتمكّن من تشكيل الحكومة المقبلة، فجاء عضو الكنيست “جدعون ساعر” كأبرز خصوم “نتنياهو” داخل “الليكود”، في المرتبة الأولى. وجاءت النتائج لصالح “ساعر” بنسبة 22 في المائة، ووزير الأمن الداخلي “غلعاد إردان” بنسبة 12 في المائة، ووزيرة الثقافة “ميري ريغيف” بنسبة 12 في المائة، ووزير الخارجية “يسرائيل كاتس” بنسبة 9 في المائة، ورئيس الكنيست “يولي إدلشتاين” بنسبة 6 في المائة.
وتُثير هذه النتائج مخاوف حول بقاء حالة عدم اليقين في إسرائيل. وتوجد أمام “نتنياهو” احتمالات عدة، منها الاشتراك في ائتلاف مع “أزرق أبيض” أو الاتفاق مع “ليبرمان” أو مواجهة الفشل مرة أخرى في تشكيل حكومة في إسرائيل.