في عملية نوعية، قامت الولايات المتحدة في الثالث من يناير الجاري بتصفية “قاسم سليماني” (قائد فيلق القدس، أحد الفروع الستة للحرس الثوري الإيراني الذي تأسس لحماية الثورة الإيرانية فور نجاحها سنة 1979) أثناء خروجه من مطار بغداد. وقد تأسس فيلق القدس سنة 1990 بهدف رئيس هو تنفيذ مخططات السياسة الإيرانية في الخارج، ودعم أذرعها ووكلائها وحلفائها. وتولى “سليماني” قيادة فيلق القدس في عام 1998، وهو العام نفسه الذي تأسس فيه تنظيم “القاعدة”. كما أنه ولد في الشهر نفسه والعام نفسه الذي وُلد فيه زعيمها ومؤسسها الراحل “أسامة بن لادن”، الذي تمت تصفيته في عملية شبيهة في مايو سنة 2011.
مع “سليماني”، حياة وموتًا، يثور الحديث دائمًا عن سياسة التدخل والتوسع الإيراني، عن وكلائها وميليشياتها والجماعات الموالية لها في دول المنطقة والعالم، كما ثار الحديث قبل مقتله وبقوة مع الاحتجاجات التي ثارت ضد السياسة الإيرانية التي شهدتها كلٌّ من العراق ولبنان مؤخرًا، وقمع المتظاهرين المطالبين بالإصلاح من قبل الميليشيات الموالية لها هنا وهناك، ولا تزال التساؤلات كذلك حتى كتابة هذه الكلمات.
أعلن المرشدُ خليفةَ “سليماني” سريعًا عقب مقتله، وهو نائبه “إسماعيل قآني”، الذي عبّر تعيينه سريعًا عن اقتناع وإصرار إيراني على سياسة التدخل، ومتابعة طريق “سليماني” الذي وصفته الولايات المتحدة بالإرهابي الأول في العالم عند تبرير مقتله. وقد أعلن المرشد نفسه في بيان تعيين “قآني” الاستمرار في هذه السياسة التوسعية والتدخلية التي يُكلف بها فيلق القدس والأذرع والوكلاء والميليشيات التابعة له في مختلف دول المنطقة، وتتجاوز ميزانيته مئات المليارات من حق الشعب الإيراني وتنميته ورفاهيته التي لا يمر عام إلا ويهتف برفضه لها وللمرشد معها.
يبقى الحال على ما هو عليه، هذا ما أكده ويؤكده المرشد دائمًا، حين علق على تعيين القائد الجديد: إنه مع تعيين “قآني” “تبقى الأوامر تمامًا على ما كانت عليه” بالنسبة لفليق القدس المكلّف بين فيالق حرس الثورة الستة بتنفيذ عمليات وأهداف السياسة الإيرانية خارج إيران، وجعلها لاعبًا أساسيًّا في العراق ولبنان وسوريا واليمن، ويفاخر بعض ممثلي النظام دائمًا بسيطرته على عواصمها.
هذه السياسة الإيرانية التدخلية هي الترجمة العملية للمبدأ الأيديولوجي الذي وضعه “الخميني” (توفي سنة 1989) بعد انطلاق ونجاح ثورته بقليل، ألا وهو مبدأ “تصدير الثورة” الذي دعم تدريب وتمويل قوى الثورة الإسلامية التي تحقق أهدافها وتربك خصومها، سواء من الأذرع والوكلاء التي ترتبط ببيعة لمرشدها كأحزاب الله المختلفة، في لبنان وسوريا والعراق، والحشد الشعبي وفصائله، أو محل رعايته ودخلت تحت عباءته شأن جماعة أنصار الله الحوثية، أو ترتبط به وبتوجهاته المختلفة مثل حركة الجهاد الإسلامي وحركة حماس الفلسطينيتين.
تجسد هذا المبدأ/ التوجه (تصدير الثورة) في تأسيس ودعم هذه الجماعات الموالية لإيران في الخارج (شيعية وسنية). وقد قُتل مع “سليماني” أحد أبرز قادة هذه الأذرع، وهو “أبو مهدي المهندس”، ورفيقه العراقي المقرب، الذي قُتل معه، وهو قائد ومؤسس حزب الله العراقي، والقائد الأول لـ”فيلق بدر”، وأحد أبرز وجوه الحشد الشعبي العراقي وهيئته التي تم تقنينها عام 2015، والتي تمثل أيضًا أبرز الأذرع الإيرانية الطائفية في العراق، رغم اختلاف فصائلها أحيانًا وتوزع زعاماتها إلا أنها جميعًا تتفق على الولاء والسمع والطاعة للمرشد الولي الفقيه في إيران.
وسنحاول فيما يلي تفسير وقراءة المنطلقات الفكرية والأيديولوجية والسياسية التي تجعل إيران تصر على هذا السلوك محل التحفظ من دول المنطقة، سواء في أدبيات الثورة الإيرانية التأسيسية، كما وردت عند “روح الله الخميني” (توفي سنة 1989) وعند المرشد الحالي “علي خامنئي”، وغيره من قادة التنظيم، وفلسفة تصدير الثورة التي تقوم على أساسها هذه الجماعات الموالية ومبرراتها، والتحولات المهمة التي مر بها هذا التوجه محل التحفظ من دول المنطقة والعالم، ويجعل إيران أيضًا متهمة حسب تقرير الخارجية الأمريكية السنوي بالداعم الأول للإرهاب في العالم بشكل متكرر منذ سنوات.
أولًا- “الخميني” واعتقاد ضرورة تصدير الثورة
رغم نجاح الثورة الإيرانية في إقامة دولتها بعد إسقاط حكم أسرة بهلوي؛ إلا أن مرشد الثورة “آية الله الخميني” أصر منذ البداية على تجاوز منطق وحدود الوطن إلى اعتقاد مبدأ “تصدير الثورة”، وإن لم تتضح في الشكل المعروف والراهن من صناعة الميليشيات والأحزاب العسكرية الشيعية الموالية في البداية، بل كانت مراحل ومحطات تطورت حتى وصلت إلى أوجها الراهن الذي تدعي فيه إيران سيطرتها على 4 عواصم عربية غداة سيطرة الانقلاب الحوثي على العاصمة اليمنية “صنعاء” في 22 سبتمبر سنة 2014، والتكرار المستمر لإصرار نظام الولي الفقيه على لسانه أو لسان مستشاره “علي أكبر ولايتي” الذي أكد في 4 فبراير سنة 2019 استمرار دعم نظامه لحزب الله، وأن وجود إيران وتدخلها في المنطقة هو “أمر لا مفر منه” كما قال ونقلت مختلف وكالات الأنباء[1].
نرى أنه قد انطرحت مسألة تصدير الثورة بشكل طبيعي بعد نجاح الثورة مباشرة، وقد تنازعتها ثلاث رؤى مختلفة، بين القائمين والمشاركين بالثورة، ولكن انتصرت في النهاية رؤية المؤسس “آية الله الخميني” (توفي سنة 1989م) بعد أن رفض جميع الرؤى الأخرى وصاغ منها رؤيته الخاصة.
كانت أولى هذه الرؤى التي رفضها “الخميني” هي الرؤية الوطنية التي مثلتها بعض القوى المدنية والقومية التي شاركت في الثورة الإيرانية، وكانت ترى ضرورة الاعتناء بالداخل الإيراني وترقية الشعب وتنمية الدولة دون الدخول في أي مشاكل مربكة مع الآخرين. ومثّل هذه الرؤية بقايا تيار الحركة الدستورية، والتيار الإصلاحي، المتأثران في ثقافتهما بالثقافة الغربية، وهو التيار الذي بلغ ذروة تقدمه في عهد حكومة “مصدق” وكان كثيرٌ منهم ممن حاول الإصلاح في عهد الشاه بهلوي[2].
وكانت ثاني هذه الرؤى التي رفضها “الخميني” هي رؤية بعض الثوريين الذين رأوا التركيز على الخارج، وآمنوا بعالمية الثورة، وأن حدود الدول (سايكس بيكو) مصطنعة وينبغي هدمها -كما فعلت “داعش” بعد ذلك بعقود وفق المنطلقات نفسها والأهداف ذاتها- انطلاقًا من أن العالم الإسلامي هو عالم واحد، وأن “الإسلام لا يعرف الحدود”، وأن الغرب هو من صنعها، مسكونًا ومنفعلًا بما يراه مؤامرة مستمرة على هذه الأمة.
وتعطي هذه الرؤية -حسب مؤسسة تراث “الخميني”- الأولوية في اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ اﻟﺨﺎرﺟﻴﺔ للمنافع الأيديولوجية على أي مصالح واقعية أخرى، وكانت تعتبر أن أﻳﺔ صورة من صور القبول بالموازين الدولية مرفوضة؛ لأنها لم تكن تعترف بالمنظمات والمؤسسات والقوانين الدولية أساسًا.[3] اﻟﺸﻲء الوحيد الذي كان موضع اهتمام هذه اﻟﻔﺌﺔ هو مواﺻﻠﺔ الجهاد العالمي حتى النهاية، أو ما تعتبره اﻟﻨﻀﺎل حتى اﻟﻘﻀﺎء ﻋﻠﻰ اﻟحكوﻣﺎت اﻟظﺎﻟﻤﺔ وﺗﺤﻘﻴق اﻟﻘﻴم اﻟﺜورﻳﺔ ﺑﺎﺳﺘﺨدام اﻟﻘوة”.
ويبدو أن أنصار هذه الرؤية من الاتجاه المحافظ، الذي صار الأبقى في جسد ثورة “الخميني” والذي كان أقرب إليه بدرجة ما مع الرؤية الثالثة التي تقترب من الرؤية السابقة، ولكن تختلف في أنها تؤمن ببعض الواقعية والانتقائية، فهي تتحين الفرص لاستهداف الخصوم والأعداء، وتتوسط في الجمع “بين الاهتمام بالداخل، وعدم التواني في استخدام كل الوسائل الثورية والقانونية، وحتى العسكرية، لتحقيق هذا الهدف”[4].
لكن “الخميني” ألح -منذ البداية- على مبدأ وعقيدة تصدير الثورة؛ فلم يكن في انعزالية الوطنيين أو القوميين من بقايا الحركة الدستورية، كما لم يكن في راديكالية وانفعالية الثورية الراديكالية الشعبية، ولا في انتقائية الصدفة والممكن عند الرؤية الثالثة، جاعلًا منها سياسة واستراتيجية ثابتة لثورته ونظامه، جامعًا بين النظام والتنظيم، وبين الداخل والخارج في حلقة واحدة يخدم كلٌّ منهما الآخر، ويشبه كل منهما الآخر.
لقد أكد “الخميني” على منطق الحاكمية كما كان يؤكد غيره من الجهاديين، ورأى العالم فسطاطين، إيمانًا وكفرًا، كما رآه أمثال “بن لادن” و”القاعدة” و”داعش”، وحاول دائمًا الولي الفقيه –”الخميني” أم “خامنئي”- احتكار الحديث باسم الأمة والمذهب، مستفيدًا من كل ما أُتيح له، وحاول الاقتراب من كل من أمكن التقارب منه والتحالف معه.
لقد طور من القومية الإيرانية نحو أصلها التاريخي الإمبراطوري التوسعي الاستعلائي، خطابًا وممارسة، حيث “عملت على تخليق عصبية مذهبية تتعاضد مع رباط العصبية القومية، حيث تزداد العصبية قوة ومتانة حين تستند في شحذ الهمم إلى منهجية عقدية وأيديولوجية”.[5] وهم في هذا ليسوا استثناء برأينا، فقد تقاربت الأصولية الدينية مع الأصولية القومية، ووظف كل منهما الآخر حتى في أطوار العداء في أغلب الأحوال. وجدنا ذلك في استثمار “ميشيل عفلق” للتراث الإسلامي، وصورة الرسول كبطل عربي، في “رسالتنا الخالدة”. كما اختلط لدى كل الإسلاميين الربط بين الوحدة القومية والوحدة الإسلامية، وتماهى تصور الأمتين في الحالتين عندهم. كما استلهمت الأصوليات الإسلامية -في كثير من الأحيان- مفردات وحجج ونقد أيديولوجيا اليسار ومناهضة العولمة في مواجهة الرأسمالية والإمبريالية على السواء، طوال العقود الماضية.
وهكذا، لم يصغ “الخميني” شعارات ثورته وأذرعه فقط (الموت لأمريكا، والموت لإسرائيل) من هذه الأيديولوجيا الثورية اليسارية ذات الأصل الديني، بل توسع في استدعائها من دعاوى الممانعة ومحاولة قيادة “العالمثالثية”. وقد انجذب للثورة عند قيامها كثير من الأصوات والتيارات المحسوبة على هذه التيارات، خاصة بعد حادث احتجاز الرهائن داخل السفارة الأمريكية لمدة 444 يومًا بين 4 نوفمبر 1979 حتى 20 يناير 1981. وفي دعوى حربه إسرائيل وما يرونه عملاء الاستعمار، ودعاوى المقاومة، وكان تحالفه مع حزب البعث الحاكم في سوريا ضد خصمه حزب البعث في العراق، ومستثمرًا للأول في تأمين جهود تبشيره المذهبي في صفوف العلويين في سوريا ولبنان، وفي مواجهة عدوهما المشترك في العراق قبل سقوط نظام “صدام حسين” وبعد سقوطه.
كما وظف “الخميني” توظيفًا عظيمًا التماهي والتلاقي في المرجعية والأهداف بينه وبين سائر الحركات الإسلامية والجهادية في العالم السني والشيعي على السواء، حتى لو اختلف مع أطروحاته المؤسسة؛ فصار “حزب الدعوة” الإسلامية العراقي الذي يرأسه “نوري المالكي” فرعًا تابعًا له، رغم اختلاف نظريته السياسية التي وضعها مؤسسه “محمد باقر الصدر” سنة 1958 عن نظرية “الخميني” في ولاية الفقيه وعدم قوله بها.[6] ومنه خرجت فيالق بدر، وعصائب الحق -بعد انشقاقها على جيش المهدي الذي أسسه مقتدى الصدر- وغيرها من الميليشيات العراقية التي كونت فيما بعد جسدًا مؤسسًا نال شرعيته الحكومية الموالية وهو “الحشد الشعبي” الذي تأسس في بداية عام 2015.
كذلك نجحت ثورة “الخميني” عبر تصدير الثورة في خلع الراديكاليين والأكثر نضالية من شباب حركة أمل ليؤسسوا “حزب الله” سنة 1982 رغم اختلاف أطروحاته كذلك عن أطروحات شيوخ ومراجع لبنان، من الراحلين “موسى الصدر” إلى “محمد حسين فضل” إلى “محمد مهدي شمس الدين”، وصولًا إلى الراحل “هاني فحص” و”السيد علي الأمين” اللذين ظلا حتى رحيلهما مع فكرة الدولة الوطنية ضد التوظيف السياسي للطائفية كما تمثله ولاية الفقيه وفرعها في لبنان المتمثل في “حزب الله”.
لقد أصر “الخميني” وخليفته على فصل مبدأ تصدير الثورة عن أي تخوفات في الخارج أو الداخل، واعتباره مبدأ واعتقادًا مستقلًا، ينسجم مع مرجعيته الثورية والجهادية، يلتقط فرصة ويستهدفها كلما أتيح له ذلك، من خلال إنشاء “حزب لله” في لبنان سنة 1982 أو في الخليج سنة 1987، وسرايا ومجموعات مسلحة شيعية نشطة في البحرين، وإنشاء “حزب الله” في سوريا في يناير سنة 2015، ولواء فاطميون في مايو من العام نفسه، وتثوير الهزارة الأفغان بأمر الولي الفقيه لإنقاذ أتباعه.
ويتمظهر الهدف الاعتقادي في تصدير الثورة في كل اتجاه، بدءًا من دعم ميليشيات متعددة، وأحيانًا متعارضة كما في العراق، وتجسير الفجوة من المختلفين جزئيًّا كالصدريين، أو كالمجلس الأعلى للثورة الإسلامية لـ”عمار الحكيم”، بل ومختلفة مذهبيًا كالحوثيين في اليمن منذ إنشائهم تيار الشباب المؤمن سنة 2003 الذي نجحت إيران في تثويره وتقريبه إماميًّا، أو الدعوة لمبدأ عودة كل الفروع لأصلها، كالعلويين في سوريا، كونها فرعًا والإمامية أصلًا، وهو ليس صحيحًا، لكن تم ويتم، أو الحوثية الجارودية في اليمن، والدعم المادي والمعنوي والرمزي والتدريبي لكل هؤلاء.
بل من أجل هذا الهدف، الذي لا يمكن حصره مذهبيًّا، امتد دعم نظام الولي الفقيه لتجسير الفجوة مع كل الجماعات والميليشيات الجهادية السنية؛ فحافظت دائمًا على علاقات مهمة واستراتيجية مع حركات كحركة الجهاد الفلسطيني في فلسطين التي أسسها الراحل “فتحي الشقاقي”، وحركة حماس، ثم شبكة “القاعدة”[7] بغية استنزاف الخصوم إقليميًّا وعالميًّا على السواء، وإرباك وتأزيم الفضاءات التي تعاديها بدلًا من الانتباه لأزماتها.
لقد أدركت الثورة الإسلامية في إيران أن تصدير هذه الثورة هو جزء من أسلحتها للبقاء في الواجهة، وتأزيم الآخرين، والتمويه على أزماتها الداخلية، وتأبيد الصراع بينها وبين العالم الذي يتيح لها تبرير كل شيء، من تخوين المعارضين ورمي كل المعترضين بتهم العمالة والمؤامرة، بدءًا من إدارة الانتخابات المختلفة، أو وأد الانتفاضات والاحتجاجات المتوالية، منذ الحركة الخضراء سنة 2009، أو الانتفاضة الأخيرة التي اندلعت أواخر ديسمبر 2017، وخلال يناير من العام الجاري.
لذا، نرى أن نهج التوسع الإيراني وتصدير الثورة، عبر تأسيس ودعم وتدريب الميليشيات المسلحة الموالية له، هو نهج ثابت ومطلوب لحماية النظام نفسه من الداخل.
ثانيًا- أحزاب الله: توسع إيراني وولاء فوق الوطن
كما لا يعترف العلم بالمكان، لا تعترف الأيديولوجيا بالزمان. ومن هنا تبدو مبادئ أيديولوجيا الثورة الزمانية ثابتة لا تتطور ولا تتكيف، ولا تقبل الإصلاح إلا من داخلها، ومن هذه المبادئ والمنطلقات كان مبدأ تصدير الثورة الذي لم يكن ردًّا على الآخر أو هجومًا عليه ولكن في عمقه حماية للذات الموجوسة بخطر المؤامرة والمحتاجة للحشد لمجابهته من كل حلفائها داخلًا وخارجًا.
شأنه شأن أيديولوجيا الثورة الإسلامية ككل، فإن خطاب وممارسة الثورة الإسلامية الإيرانية مستمر دائمًا، نظرًا لثباتها النظري شبه الجامد عند كتابات المؤسس “الخميني” ورفقائه والمنحبسة في شعاراتها. كذلك، لقد استمر مبدأ تصدير الثورة ومنطلقاته معه، ويزداد حضورًا مع الوقت، وكلما صعد التحدي أو احتدم الصراع أو استُشعر الخطر، كان -كما هو- جزءًا من فكرة ومؤسسة الحرس الثوري الرسمية ومن السياسة الداخلية والخارجية الإيرانية على السواء، وهو الخطاب الذي كان ظاهرًا في تبرير “حزب الله” لتدخله في سوريا بأنه دفاع عن لبنان! أو في تأكيد إيران أن سوريا امتداد لها، حيث تعتبر في عُرف المرشد إحدى المحافظات الإيرانية، أو غير ذلك من التصريحات والأقوال التي تكشف في عمقها عن تلاقي الداخل مع الخارج في المخيال الثوري الإيراني.
ولم يخطئ “حزب الله” حين كان يصف نفسه على لسان الشيخ “نعيم قاسم” بأنه “جزء من إيران في لبنان وليس جزءًا لبنانيًّا يتبع إيران”،[8] وكيف رعت إيران وباركت انشقاق مجموعة “أمل الإسلامية” بقيادة “حسين الموسوي” حينئذ عن حركة أمل الرئيسية، وهو ما يرويه “نعيم قاسم” بقوله: “تابع ممثلون عن المجموعات الإسلامية الرئيسة، مناقشة أفكار عديدة حول رؤيتهم للعمل الإسلامي في لبنان، تمّت صياغتها في ورقة نهائية، ثمّ انتدبوا تسعة أفراد كممثلين عنهم: ثلاثة عن التجمّع العلمائي في البقاع، وثلاثة عن اللجان الإسلامية، وثلاثة عن حركة أمل الإسلامية (المنشقة عن حركة أمل، برئاسة السيد حسين الموسوي)، فحمل التسعة الورقة النهائيّة التي عُرفت بوثيقة التسعة، والتي تضمّنت الأهداف المذكورة، ثمّ رفعوا هذه الوثيقة للإمام الخميني، فوافق عليها، فاكتسبت شرعيّة تبني الولي الفقيه لها”[9]. ولن تعوزنا الأدلة والأمثلة على هذا التصريحات التي تدل على استثمار إيران الثورة في صناعة الميليشيات والأحزاب الموالية، التي تتحرك بأوامر الولي الفقيه للجهاد حسبما يوجههم، غير مبالية ولا عابئة باعتبارها دوليًّا وأمريكيًّا في تقرير الخارجية الأمريكية في مايو من كل عام الداعم الأكبر للإرهاب في العالم، وهو ما يمكن وفق هذا التفسير ضمه لاعتبارها صاحبة أكبر معدل للإعدام فيه كذلك، حسب تقارير المنظمات الحقوقية الدولية والإقليمية.
وسنحاول فيما يلي الإشارة إلى عدد من المنطلقات الفلسفية والفكرية لتوجه إيران المستمر في صناعة الميليشيات وتخليقها، كتلك التي ابتدعتها في السنوات الأخيرة في الساحة السورية بالخصوص، بعد أن حرصت على استيعاب وتوظيف المختلفين معها عند بدايتها، سواء من حركات الإسلام السياسي السني أو الشيعي على السواء.
1- “الخميني” وقيادة العالم وأستاذيته
لم يكن ممكنًا لنظام الولي الفقيه وثورته إلا محاولة الحضور بما يرضي الطموح القومي السابق في عصر دولة بهلوي، والطموح المذهبي كذلك في حركة محدثة تدعو لتجديد المذهب وتتجاوز الغيبة الكبرى الممتدة منذ القرن الرابع الهجري، مع وفاة السفير الرابع للمهدي الثاني عشر سنة 329 هجرية، نحو حضور “الولي الفقيه” في محدثة لم يأتِ بها أحد قبل “الخميني” من أئمة المذهب.
حافظت ثورة “الخميني” على هذا الحضور القوي للنزعة القومية، ولكن بلونها الصفوي؛ فاجتمعت المنطلقات ما بين دينية مرجعية وهوياتية قومية توسعية، ساعية للحضور والمجابهة في سياقات دولية وإقليمية معارضة لها -عروبية ودينية وأيديولوجية- كما كانت تدرك، وعبر حلفاء محتملين كما كان في البداية، من حركات الإسلام السياسي السني أو صناعة منها ولها كأحزاب الله التي بدأت البزوغ منذ عام 1982 مع تأسيس “حزب الله” اللبناني وما تلاه من ميليشيات، لم تقف فقط عند المذهب الإمامي من مذاهب الشيعة، بل مدت الجسور نحو الزيدية، وعبر ونحو العلوية كما سنوضح.
وربما ابتداء يصح القول إن الثورة والنظام الإيراني كأيديولوجيا أصولية ذات أصل مذهبي واقتصادي، رغم أولويتها الوطنية، وبجذرها الفارسي عابرة لها، نحو الطائفة ككل، أو نحو الأمة والعالم أحيانًا. وكان الملائم لتوجهها وإصرارها على تصدير الثورة وصناعة الميليشيات والولاءات أن نظام الثورة الإيرانية وُلد في لحظة زخم سياسي ودولي في إطار الحرب الباردة التي كانت في أعلى درجات سخونتها، وزخم إقليمي بعد صعود البعث وسيطرة “صدام حسين” على الحكم سنة 1979، وانطلاق مسار التسوية والسلام بين مصر وإسرائيل، وكذلك زخم طائفي يدعو للصحوة والحراك في الداخل الإيراني أو العراقي أو وسط الأقليات الشيعية الكبيرة في المنطقة.
على مستوى الخطاب، كان خطاب الأزمة الإسلامية السنية الذي أنتجه سقوط خلافة العثمانيين سنة 1924 لتخرج جماعات إعادتها مكرسة أزمة الهوية وأزمة الشرعية وأزمة الدولة معًا، من حركة “بديع الزمان النورسي” (1877-1961) في تركيا، إلى جماعة الإخوان المسلمين في مصر سنة 1928، إلى الجماعة الإسلامية في باكستان سنة 1941، إلى حزب التحرير الإسلامي سنة 1953، إلى الصعود العنيف للانقلاب الإسلامي منذ الستينيات وطوال السبعينيات في مصر والمغرب وغيرها.
وبين التثوير والتصدير للثورة كان تصور “الخميني” لها، وعيًا وتوظيفًا للزخم الفكري والحركي السابق عليه والمزامن، سواء داخل إيران أو خارجها، والذي كان جزء منه حراكًا شيعيًا إصلاحيًا وحركيًا أيضًا، بعد أن نشأت حركات ودعوات مختلفة شبيهة وليست بعيدة عما كان يمور به العالم السني، تدعو الأمة للصحوة أو النهضة أو تدعو الطائفية لرفع المظلومية عن كاهلها، بعيدة في الغالب عن المرجعيات التقليدية في قم والنجف، وقريبة منها أحيانًا، وهو ما استغله ووظفه “الخميني” في التثوير “صناعة ونجاح الثورة شعبيًّا” التي شاركه فيها عدد من التيارات والجهود، كجهود آية الله طالقاني، وحسن بني صدر، وبعض الاتجاهات اليسارية والليبرالية والدستورية التي أقصاها فيما بعد، وقضى على بقاياها جميعًا بعد نجاحها، أو في تصدير الثورة حيث يمكن تصديرها، حيث صادفت قبولًا لدى الحركات الأخرى، سواء الإسلامية بعامة أو الشيعية بخاصة.
في هذا الزخم، سعى “الخميني” للحضور في الغيبة وطرح ثورته ونفسه كمشروع للحل والنهضة، لتجاوز الأزمة الحادثة والغريبة على مستويات الهوية والمرجعية والشرعية، منذ سقوط خلافة العثمانيين سنة 1924، فكان الشعور بغيبة الخلافة الظل الجامع عند المسلمين السنة، التي كرست غيبة الإمام التاريخية عند المسلمين الشيعة، ضرورية لتمكين الحضور والتأثير لدى الثورة الخمينية التي أجادت الاستثمار فيها.
عاصر “الخميني” أحداثًا كبيرة في المجال الوطني الإيراني والإسلامي بعموم، فقد عاصر الانقلاب على رئيس الوزراء المنتخب “محمد مصدق” سنة 1953، أو اغتيال “علي شريعتي” سنة 1977، كما كان يذكر مقاومة بعض علماء السنة لحكم أتاتورك، ويذكر باستمرار فتوى “التنباك” سنة 1891 التي عارض فيها المرجع الشيعي “محمد حسن الشيرازي” (توفي سنة 1895 ميلادية)، ومنح الملك القاجاري “ناصر الدين شاه” حق بيع وشراء التبغ في إيران لصالح شركة بريطانية. وأيضًا ثورة المشروطة والمستبدة سنة 1905. وكان من أقرب تلامذة المرجع الشيعي “آية الله البروجردي” (توفي سنة 1961) الذي دشن لأول مرة لمشروع التبليغ والتبشير الشيعي ضد التبشير المسيحي وعلى طريقته.
كذلك لم يطرح “روح الله الخميني” نفسه منذ البداية كمجرد شيخ معارض، ولكن حاول الوصل وعدم الفصل مع كل حركات التحديد والإصلاح الشيعي التي سبقته أو زامنته، محاولًا الاستفادة منها بقدر كبير، ومتصالحًا معها، ثم انفصل بمن أخلص لهم منها، كحالة المجموعة التي أنشأت “حزب الله” في لبنان التي تمتد جذورها لحركة أمل، أو دعوة بعض الفرق المنشقة عن الشيعة بعموم تاريخيًا إلى العودة إليها ومد وتجسير الفجوات بين نظام الولي الفقيه -الخليفة- وبينها، وهو ما يفسر التقارب المهم الذي أحدثه النظام الإيراني مع بعض المذاهب في فرق شيعية أخرى، كالجارودية الحوثية في اليمن، أو العلويين في سوريا.
قبل الثورة وبعدها، لا يزال التقارب النظري والأيديولوجي بين نظام الولي الفقيه والكثير من حركات وتنظيمات الإسلام السياسي والجهاديين المنسوبين للسنة جزءًا من استراتيجيته ومنطلقاته، وهو ما أعطى مساحات للحركة والمداورة والتوظيف والتعاون الذي استمر في الأزمات والمصالح المشتركة دائمًا، بدءًا من جماعة الإخوان المسلمين في مصر إلى شبكة “القاعدة” والتورط في أحداث الحادي عشر من سبتمبر سنة 2001، أو دعم حركة طالبان فترة طويلة من الوقت.
2- الرابط بين ولاية الفقيه ومبدأ تصدير الثورة
ثمة رابط بين تأسيس ولاية الفقيه وتصدير الثورة، لعدد من الأسباب أبرزها:
– أن ولاية الفقيه لم تكن إلا تجاوزًا وتطويرًا لفكرة “المرجعية” ودور الحوزة عبر تحريكها من طور السكون والجمود وحفظ العلم إلى تثوير المجتمع نحو السلطة، والدور العام، وكون المرجعية عابرة للوطنية نحو المذهب. وكان طبيعيًا لولاية الفقيه التي نجحت في إقامة نظامها أن تكون عابرة للوطنية عبر نهج التوسع وصناعة أحزاب الله.
– جاءت روافد فكرة الولي الفقيه نفسها من روافد مختلفة، وليست إيرانية أو شيعية فقط، بل اتسعت لما هو إسلامي بعموم، ولما هو تاريخي، ولما هو معاصر. كما تأثرت بلحظة زخم أيديولوجي عالمي وإقليمي حينها. وكما كانت ولاية الفقيه ترجمة للطموح الكامن نحو الزعامة، حيث كان الحضور مطلوبًا في غيبة الإمامة العقدية والخلافة التاريخية في العالم الإسلامي بشقيه، كانت ولاية الفقيه وشعارات المقاومة والممانعة، وتخيل ثورته، مشروعًا عالميًّا للنهوض يستحق تصديره لكل أنحاء العالم، وهو ما يحرك “الخميني”.
سأل صحفي عربي “الخميني” قبل الثورة بقليل: “ألا تعتقدون أن دائرة الأحداث الإيرانية ستمتدّ إلى تركيا أيضًا؟ فأجابه الخميني قائلًا: النهضة الإيرانية المقدسة نهضة إسلامية، لذا من الطبيعي أن يتفاعل معها جميع مسلمي العالم”[10].
فكرة “غيبة الإمام” جاءت من روافد مختلفة، ربما أولها قراءة “الخميني” للتراث الشيعي، ودور مرجعية الفقهاء بعد الغيبة، وكذلك وعيه الزمني بموقف كثير من الدعوات والحركات في العالم السني بعد سقوط الخلافة، والسعي الحثيث الذي بدأ رسميًّا في مؤتمر الخلافة بالقاهرة سنة 1925 لمحاولة استعادتها، ثم سعي لما يمكن أن يسمى حركات استعادة الدولة أو حركات “الانقلاب الإسلامي” أو عبر قراءة غير مباشرة لما سطره إمام سني كأبي المعالي الجويني في كتابه “غياث الأمم في التياث الظلم” الذي سبق فيه إلى بحث مسألة “غيبة الإمام” في المجال السني، واقترح بوضوح وحسم أن يتولى العلماء والفقهاء إدارتها حينئذ، وهو ما لا نستبعد اطّلاع “الخميني” عليه أو على الأقل معرفته أو سماعه به عند تأسيسه لفكرة ولاية الفقيه.
3- تصدير الثورة وتجاوز اللون المذهبي
قبل نجاح ثورته، وفي مرحلته الأولى، أدرك “الخميني” حاجته للآخرين، وضرورة استفادته من كل ما يُتاح له -زخمًا وخبرة- لدعمها. كما أدرك بعد نجاح الثورة كيف يمكن أن يصوغها في نموذج شعاراتي ملهم قابل للتصدير للآخرين، لا ينحصر في لونه المذهبي فقط، الذي كان يعيش صحوة بعيدًا عنها، مثل “موسى الصدر” (توفي سنة 1978) الذي أسس في لبنان “حركة المحرومين” كما جاء في خطاب تأسيسها في 20 يناير سنة 1974 ميلادية، والتي تحول اسمها فيما بعد إلى حركة “أمل” اختصارًا -بالحروف الأولى- لحركة “أفواح المقاومة اللبنانية” في 6 يوليو سنة 1975. كما أسس “محمد باقر الصدر” (أُعدم سنة 1980) ورفقاؤه حزب الدعوة الإسلامية سنة 1958 ميلادية، وبدأ صراع الحزب مع نظام البعث قبل نجاح الثورة الإيرانية بعقد من الزمان سنة 1969، الذي تأثر كذلك بحركة الإخوان المسلمين، وكان لها ارتباط مبكر مع حركة “فدائيي الإسلام” التي تأسست أوائل الخمسينيات من القرن الماضي على يد “نواب صفوي” (أُعدم سنة 1956). كما أن جماعة الإخوان المسلمين قد التقته في المهجر في باريس في ستينيات القرن الماضي، وهي التي اقترحت عليه لقب “المرشد”، حسب البعض، كما خرجت قبل الثورة بسنوات من سجونها.
كذلك، وظف “الخميني” زخم الإسلام السياسي والجهادي الصاعد في الشرق الأوسط حينها، خاصة بعد توقيع اتفاقية السلام مع إسرائيل سنة 1978، واعيًا منذ البداية -وهو من جرب المنفى وتعرف على العالم في أوروبا في ستينيات القرن الماضي- بالخطاب الإسلامي والعالمي حوله، لذا حاول طرح نفسه وحركته كحركة تحررية مقاومة تعادي الإمبريالية الغربية كما يعبر عنها شعاره “الموت لأمريكا والموت لإسرائيل”.
ومما ساعد على تصدير الثورة والنموذج وصناعة الأذرع والوكلاء ما مثلته ثورة “الخميني” الإسلامية في وعي ومخيال الإسلاميين العرب، كنموذج ملهم لغيرها من التنظيمات الثورية والجهادية الإسلامية، حين نجح في إقامة دولته الإسلامية، وإزاحة نظام حكم وضعي علماني كافر -حسب الخطابين- وحكم إحدى كبرى بلاد العالم الإسلامي (إيران في حالتنا).
ومما زاد في ترسيخ هذا المفهوم دعاوى وأغلفة بروباجندا المقاومة والممانعة والموت للأعداء، وتخوين الخصوم ومن تعتبرهم، مما جسر الفجوة الأيديولوجية والمذهبية بين التنظيم والنظام الإيراني وبين غيره من التنظيمات التي لم تصبح تنظيمًا في الخارج. وقد أظهر “الخميني” ذلك منذ وقت مبكر مع ظهوره الأبرز في يونيو سنة 1963 متحدثًا عن علاقات الشاه بإسرائيل وتكفيره بسببها، وهو ما ترتب عليه اعتقاله ونفيه فيما بعد.
كذلك سطر “الخميني” في “الحكومة الإسلامية” مضامين الحاكمية، داعيًا للحكم الإلهي، ورفض التشريع الوضعي وتحريم التحاكم إليه ولمؤسساته، حتى ولو في عباءة كما ينقل عن بعض الفقهاء، حيث يقول: “رجع إليهم فقد رجع إلى الطاغوت في حكمه وقد أمر الله أن يكفر به.. ولقد قال بعض الفقهاء بأنه حتى في الأمور العينية لا يجوز أخذ العين المملوكة -كالعباءة- والتصرف فيها إذا كان استردادها بأمرهم وحكمهم”[11]، وهو ما جعله يبدو في عرف الإسلاميين والجهاديين العرب النموذج الملهم والسابق والحل بالنسبة لهم كما كتب أحدهم في نفس عام ثورته كما سنوضح.
4- “الخميني” والتأثر بالإسلام السياسي السني
تشاركت كل من الحركات السنية والشيعية السياسية، على السواء، والتي ولدت بعد سقوط الخلافة العثمانية سنة 1924، في الإيمان بوجوب استعادتها وإقامة دولة الحاكمية من جديد، بل كان هذا مبرر ميلادها في رفض متزامن مع الاستعمار أو ما خلفه من أنظمة وطنية شبيهة به أو متصالحة معه. وظل يحركها جميعًا إيمان بضرورة الوحدة الإسلامية الشاملة، والمؤمنة بشمول الإسلام كذلك، كسلاح في وجه المؤامرة الغربية والصهيونية على بلاده وخلافته ومحاولات استعادتها.
لم يكن سقوط الخلافة العثمانية سنة 1924 الوقود المحرك لمختلف الحركات الإسلامية والجهادية السنية فقط، بل كان كذلك عند “الخميني” الذي كان استنفاره ودعوته لعلماء الشيعة ومرجعية النجف، استشهادًا بمعارضة علماء السنة لأتاتورك. ففي حديثه للمرجع السيد “محسن الحكيم”، بعد نفيه من تركيا للعراق في أيلول سنة 1965، يحكي أنه زار إحدى قرى تركيا، وقال له أهلها إن العلماء أيام أتاتورك “اجتمعوا وتحركوا ضد قراراته فقام بمحاصرة القرية وقتل أربعين من كبرائهم”. ثم يعلق “الخميني” قائلًا: “فخجلت وفكرت مع نفسي وقلت كيف قام هؤلاء العلماء من أبناء السنة الكرام حينما رأوا الخطر يتهدد الدين الإسلامي، وقدموا أربعين قتيلًا، في حين لم ينزف أي عالم من علماء الشيعة! ولا حتى قطرة دم من أنفه.. في الوقت الذي يتعرض فيه ديننا إلى هذا الخطر الكبير الذي نعرفه، حقيقة إن الأمر يبعث على الخجل”[12].
هكذا، مهد هذا الهدف الأيديولوجي الكبير -استعادة الخلافة والإمامة الإسلامية العالمية- لارتباطات نظام الثورة الإسلامية الإيرانية بسائر تنظيمات هذه الثورة فيما بعد، سواء الارتباطات الباكرة أو المتأخرة منها، كما حجب ومنع عن كل منها الاهتمام والانشغال بالتقليد الديني السلفي أو الخلافات المذهبية التاريخية، بل حاول مؤسسوها وقادتها الأوائل دائمًا إخفاء ميولهم العقدية أو الفقهية جانبًا، في دعوتها العامة لصحوة الأمة أو دولة الخلافة الجديدة، وتجاوز حالة الضعف الإسلامي الناتج عن خلاف أمته.
والتقى تصور “الخميني” وتصور “سيد قطب” على أن هذا الدين تحمله الطلائع المقاتلة من المجاهدين، فيقول “الخميني”: “الإسلام هو دين المجاهدين”[13]. وهكذا، أعلن “الخميني” كذلك، في الذكرى الأولى للثورة الإسلامية في 11 فبراير سنة 1980 تصدير الثورة لمختلف أنحاء العالم، أول مبادئ عقيدته، قائلًا: “إننا نعمل على تصدير ثورتنا إلى مختلف أنحاء العالم، لأنها ثورة إسلامية”[14].
التقت المنطلقات كما التقت الأهداف والشعارات، فالحكم الإلهي عند “الخميني” ليس إلا (الحاكمية) عند “سيد قطب” و”أيمن الظواهري”، وليست استعادة الخلافة وتصدير الثورة الإسلامية إلى العالم إلا الجهادية المعولمة، كما مثلتها “القاعدة” وفروعها فيما بعد.
ثالثًا- تصدير الثورة كان للسنة أولًا
حاول دائمًا الخطاب الإيراني وخطاب أذرعه الجهادية والميليشياوية إظهار لغة سياسية تتحدث عن الدولة وعن الوطن وعن الأمة وتحرير القدس والمقاومة والممانعة، أكثر مما تتحدث عن التكفير وقاموس النفي الديني، فبدت حركات سياسية مسلحة في ظاهرها، وإن استثمرت شعبيًا في كل ما تركه التشيع الصفوي من تعصب وتزمت وتمييز أحيانًا كثيرة. وما حال السنة في إيران ببعيد، أو ما تقوم بها جماعات ضد المخالفين مذهبيًا أو فكريًا من استئصال وعنف. وحتى في حديث انقلابيين على الدولة، كالحوثيين عن الثورة والشرعية، لا يبدون هذا العمق المذهبي الديني الكامن. ونجحت إيران، كما نجحت أذرعها في لبنان وسوريا والعراق، في جذب بعض السنة خاصة من ذوي الخلفيات اليسارية والقومية إليها، فصرنا نسمع عن سنة المالكي في العراق، وعن تنظيمات سنية كإخوان الراحل “فتحي يكن” وبقاياهم، ملتحقين كليةً برؤى وآراء “حزب الله” في لبنان وغيرهم.
كانت استراتيجية إيران في ذلك هي تنحية المذهبي قليلًا، والذي يحمل الطرح والتمييز والتركيز على السياسي والمقاوم الذي يترجم جمعًا وهوية وتحديًا مشتركا.
من هنا، لم يحضر الخلاف السني الشيعي، التاريخي والمعلن أحيانًا، مراعاة للقواعد إلا ثانويًا في هذه الحالة، أمام الأولويات والتحديات المقدمة ومواجهة الأعداء المشتركين، ولا يُستدعى مجددًا إلا حين التصارع على ميدان واحد وساحة واحدة، كما يحدث في العراق وسوريا منذ سنوات قليلة.
ويبدو أن “الخميني” اقتفى في ذلك أثر “حسن البنا” الذي حاول تنحية الخلاف المذهبي جانبًا. فقد سعى “حسن البنا” باكرًا لعلاقة مع الإسلام السياسي الشيعي عبر إنشاء دار للتقريب بين المذاهب في الأربعينيات من القرن الماضي، التي شاركه فيها وتولى أمانتها الإيراني “محمد تقى قمي”، والذي كان يصفه “الخميني” بالعلامة والمصلح الكبير، والذي كان ينزل ضيفًا على المركز العام للإخوان المسلمين في مصر، كما يروي “عمر التلمساني”[15]. كذلك التقى “البنا” المعارضَ الإيراني الإمام “آية الله أبو القاسم الكاشاني” (توفي سنة 1381ه – 1961م) الذي كان مقربًا من “مصدق” وثورته، وكان “الخميني” أحد أتباعه المقربين، أثناء موسم الحج سنة 1948، وكانت بينهما مراسلات ومشاورات حول توحيد الجهود وتنسيقها، وهو ما تقر به وسائل الإعلام الإيرانية ومؤرخو الإخوان على السواء[16].
وقد زار تلميذ “كاشاني” “مجتبى نواب صفوي” (أُعدم سنة 1955) -مؤسس جماعة “فدائيان إسلام”- مقر الإخوان والتقى “سيد قطب” في يناير سنة 1954، وهو اللقاء الذي يصفه “سالم البهنساوي” أحد مؤرخي الإخوان بالطبيعي قائلًا: “ولا غرو في ذلك؛ فمناهج الجماعتين تؤدي إلى هذا التعاون”[17]. وقد ألقى “نواب صفوي” حديث الثلاثاء في عناصر الجماعة وطلابهم الذين حملوه فوق أكتافهم. ودعا الطلاب الشيعة في سوريا للانضمام لجماعة الإخوان[18].
وقد سعى الإخوان -حسب شهادة أحد نشطائهم العراقيين- للتوسط عبر الحكومة العراقية، والمرجعيات الشيعية في النجف، من أجل عدم إعدام “صفوي” الذي تم سنة 1955[19].
ثم كان اللقاء مباشرًا بين “الخميني” و”الإخوان”، قبل الثورة -حسب شهادة القيادي “يوسف ندا”- في مهجره بباريس سنة 1978 على الأرجح، واقترحوا عليه لقب المرشد الذي قبله، وكانت الجماعة أول المهنئين بالثورة بوفد ضم ممثلين من مختلف فروعها، واتفقت على تنشيط العلاقات والدعم المتبادل، خاصة بعد حصار أزمة الرهائن، وترجمة أدبياتها للغة الفارسية والعكس. وعينت إيران من جانبها ضابطًا للاتصال بالتنظيم الدولي للجماعة الأم[20].
وفي عام 1966، ترجم “علي خامنئي” (مرشد إيران الحالي) كتاب “سيد قطب” “المستقبل لهذا الدين” للغة الفارسية، وكتب مقدمة للترجمة يصف فيها “قطب” بـ”المفكر المجاهد” الذي أثبت في كتابه “أن العالم سيتَّجه نحو رسالتنا، وأن المستقبل لهذا الدين”. وظل هذا الارتباط والتوحد السياسي -المتعالي على المذهبي- هو سمة العلاقة الغالبة، رغم انقلابات بعض مؤسسيها عليها شأن الإخواني السوري الراحل “سعيد حوي” الذي كان أحد أعضاء وفد التهنئة بنجاح الثورة عام 1979، لكننا نجده يقول سنة 1987: “عندما انتصر الخميني ظن المخلصون في هذه الأمة أن الخمينية إرجاع للأمر إلى نصابه في حب آل بيت رسول الله وتحرير التشيع من العقائد الزائفة والمواقف الخائنة، خاصة وأن الخميني أعلن في الأيام الأولى من انتصاره أن ثورته إسلامية وليست مذهبية، وأن ثورته لصالح المستضعفين ولصالح تحرير شعوب الأمة الإسلامية عامة ولصالح تحرير فلسطين خاصة، ثم بدأت الأمور تتكشف للمخلصين”.[21] لكن ظل موقفه هامشًا على الموقف الإخواني الغالب الطبيعي والبراجماتي بين الإخوان والثورة الإيرانية كدعوتين -أو حركتين- لتسييس الإسلام، مقاومة للغرب والأنظمة العربية والإسلامية في المنطقة[22].
وتأكيدًا لما سبق، ففي عام واحد، هو عام 1979، كانت ثلاثة أحداث تثبت التأثير والترابط الكبير بين الثورة الإسلامية الإيرانية وسائر التيارات الجهادية بشكل واضح، وتمهد لعلاقتها بتنظيماته القطرية أو العولمية شأن “القاعدة”، وهي:
الأول: هو نجاح الثورة الإسلامية بقيادة “الخميني” واستضافة مصر للشاه. الثاني: هو توحيد مجموعات الجهاد المصرية في تنظيم واحد لأول مرة؛ ففي الشهر الخامس أو السادس من نفس العام كان نجاح مفتي الجهاد المصري في توحيد سائر المجموعات الجهادية، خاصة مجموعتي الجماعة الإسلامية، التي كانت تعرف بـ”مجموعة قبلي” بقيادة “كرم زهدي” و”ناجح إبراهيم” وآخرين، وتضم بين أعضائها “خالد الإسلامبولي” (1955-1982) الذي اغتال الرئيس المصري “محمد أنور السادات” فيما بعد في ذكرى انتصاره على إسرائيل في 6 أكتوبر سنة 1981، والذي خلدت إيران اسمه على واحد من أكبر شوارع عاصمتها حتى الآن.
ولم يكن اغتيال “السادات” من قبل الجهاديين المصريين الذين دفعتهم ثورة “الخميني” للتوحد، ودفعت في أرواحهم الأمل للانقلاب الجهادي، من أجل مبادرته التاريخية في الصلح مع إسرائيل، ولكن أيضًا لاستضافته للشاه، التي كانت عاملًا مهمًا ودافعًا رئيسًا للغضب والانتقام الجهادي، كما يذكر “أيمن الظواهري” في كتابه “فرسان تحت راية النبي”، حيث يقول عن هذا الصعود والنشاط الجهادي الجماهيري خارج الجامعة: “وكان من أهم أنشطتهم المظاهرات والمؤتمرات الحاشدة اعتراضًا على الصلح مع إسرائيل وعلى استقبال السادات لشاه إيران في مصر”[23]. وقد ترافق الغضب وتماهى العدو في التصورين مبكرًا بين إيران والجهاديين المصريين بالخصوص.
الحدث الثالث، تمثل في تحول “فتحي الشقاقي” وتأسيس حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين. فمع هول النجاح وهالته التأثيرية تحول الناصري “فتحي عبدالعزيز الشقاقي” (1951-1995) من أيديولوجيته الأولى نحو الثورة الإسلامية والجهاد الإسلامي متأثرًا بالإمام الثائر “الخميني” كما وصفه في إهداء كتابه، وصار مؤمنًا به وبأيديولوجيته، وظلت حركته من أبرز الحركات الجهادية والمقاومة التي تحتفظ بعلاقات وثيقة مع النظام الإيراني بعد الثورة.
كان أول ما كتبه “الشقاقي” وأصدره في العام نفسه كتابه: “الخميني الحل الإسلامي والبديل” والذي أهداه لمن اعتبرهما رجلي القرن، في رأيه، وهما “حسن البنا” و”الخميني”، ويصف الأخير بقوله: “آية الله الذي التفت حوله ملايين الجماهير العطشى للحرية والعودة إلى الله”[24]. ويعجب “الشقاقي” بمهاجمة “الخميني” الشديدة والساخرة ممن سماهم “المتظاهرين بالقداسة البلهاء من رجال الدين الذين يصورون الإسلام نظامًا روحانيًّا لا علاقة له بالسياسة والشئون الاجتماعية، طالبًا اعتبارهم أعداء من الداخل”[25]. واستمر التوجه مع حركة حماس منذ انفراد الأخيرة بالسلطة في غزة عام 2006 تمرينًا وتدريبًا وتمويلًا دون السلطة الفلسطينية في رام الله[26].
ابتلاع الطائفة: وشعار “عودة الفرع لأصله”
ما لبثت إيران مع الوقت أن استغنت عن اعتمادها أو تحالفها العلني مع حركات الإسلام السياسي والجهادي السني. وربما تجربة الصدام بين نظام البعث السوري وجماعة الإخوان في حماة سنة 1982 كانت دافعًا مؤقتًا نحو ذلك. فسعت نحو تأسيس أحزاب موالية لها من الطائفة الشيعية الإمامية بخاصة، أو الطائفة الشيعية بعموم، ولكن لم تستغنِ في الآن نفسه عن إمكانية توظيفها لعلاقاتها الممكنة مع تنظيمات جهادية مختلفة تتلاقى معها مصالحها، مثل تنفيذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر سنة 2001 التي تم تدريب عناصرها من قبل “حزب الله” الذي كان أسبق في أداء العمليات الانتحارية، أو “القاعدة في العراق” عند تأسيسها، وقد أقام “الزرقاوي” عامين داخل إيران بعد هروبه من هيرات سنة 2001.
لكن اتجه التأثير الرئيس للاعتماد على أذرع أقرب مذهبيًّا وطائفيًّا، فكان أولها “حزب الله” اللبناني سنة 1982، ثم “حزب الله” في الكويت والحجاز سنة 1987، ثم زادت الحاجة لذلك مع الوقت، فتم تدريب ثم دعم الحوثيين في حروبهم السبعة العنيفة ضد الدولة من عام 2004 إلى 2011، ثم حرب عامي 2014/2015 ضد الثورة والشرعية في اليمن التي حاصرتهما وتحاول ابتلاعهما حتى حينه.
وفي سعيها للحوثيين، خاصة من
أتباع الجارودية في الزيدية، وتنحية المذهبي التفصيلي لصالح السياسي الكلي؛ كانت
كسعيها للعلويين والشيعة في سوريا عبر دعوة وشعار “عودة الفرع لأصله” في
تحالف شيعي مذهبي بقيادتها، يحكم عبر نظام وفكرة ولاية الفقيه المحدثة في تراث
الشيعة أصلًا، كما يجذب كل المهمومين بمقاومة، والموجوسين بخطر المؤامرة من الداخل
أو الخارج، وتدعي في كل خطوة منها أنها لا تتدخل إلا لحماية نفسها أو مقاومة الشر
ورفع الظلم عن الشعوب، وهي ظالمتها.
المراجع
[1] انظر تصريح علي أكبر ولايتي في 4 فبراير سنة 2018 على الرابط التالي: https://goo.gl/h2Apab
[2] انظر في ذلك، تصدير الثورة كما يراه الخميني (مؤسسة تنظيم ونشر تراث الخميني الدولية، بدون تاريخ)، ص 3.
[3] المصدر السابق نفسه، ص 5.
[4] المصدر السابق نفسه، ص 5
[5] محمد صقر السلمي، محمد الصياد، الفقيه والدولة والسلطان (الرياض: مركز الخليج للدراسات الإيرانية، ط 1، 1438 هجرية)، ص 24.
[6] حول هذه الفروق انظر: على فياض، نظريات السلطة في الفكر السياسي الشيعي (بيروت: مركز الحضارة لتنمية الفكر الإسلامي، ط 3، 2015).
[7] انظر في هذا: د. هاني نسيره، محمد الشافعي، رجال القاعدة في إيران: الملاذ الآمن والتحالف المشبوه (بيروت: دار جداول للنشر، ط 1، سنة 2016).
[8] نعيم قاسم، حزب الله: المنهج – التجربة- المستقبل (بيروت: دار الهادي، ط5، 2008).
[9] المرجع السابق، ص 25.
[10] انظر هاني نسيره “الهوية الجهادية للنظام الإيراني”، جريدة الشرق الأوسط، 25 يناير 2016.
[11] روح الله الخميني، الحكومة الإسلامية، الطبعة الثالثة بدون تاريخ، مكتبة الشيعة الإليكترونية على الإنترنت، ص 87، وهو عبارة عن محاضرات ألقاها الخميني في الفترة بين 20 يناير و7 فبراير سنة 1970 الموافق 13 ذو القعدة حتى الأول من ذي الحجة سنة 1389 هجرية.
[12] محمد صادق الحسيني، الخميني في رسائل الإصلاح والتغيير (بيروت: مركز الحضارة لتنمية الفكر الإسلامي، سلسلة الفكر الإيراني، ط1، سنة 2009) ص 58 و59.
[13] روح الله الخميني، الحكومة الإسلامية، مرجع سبق ذكره، ص 8.
[14] من كتاب تصدير الثورة كما يراه الخميني، مؤسسة تنظيم ونشر تراث الخميني الدولية بدون تاريخ.
[15] عمر التلمساني، ذكريات لا مذكرات (القاهرة: دار التوزيع والنشر الإسلامية، ط1، سنة 2012)، ص 249.
[16] إذاعة إيران بالعربية، برنامج مع الصادقين، تقديم عبد الحق الكشميري بتاريخ 9 يناير سنة 2012 http://arabic.irib.ir/programs/item/7617، وأيضًا عبد المتعال الجبري، لماذا اغتيل الإمام الشهيد حسن النبا، دار الاعتصام سنة ،1977 ص65
[17] انظر في ذلك سالم البهنساوي، السنة المفترى عليها (الكويت: دار الوفاء، ط 3، سنة 1989) ص 57
[18] للاستزادة حول ذلك انظر محمود عبد الحليم، الإخوان المسلمون أحداث صنعت التاريخ (الإسكندرية: دار الدعوة، ط1 سنة 1985)، 3/266
[19] معن العجلي، الفكر الصحيح في الكلام الصريح، طبعة خاصة سنة 2012.
[20] شهادة يوسف ندا في برنامج شاهد على العصر بقناة الجزيرة بتاريخ 11 أغسطس سنة 2002.
[21] راجع سعيد حوي، الخميني: شذوذ في العقائد، شذوذ في المواقف (عمان- الأردن: دار عمار للنشر، ط 1، 1987) ص 2.
[22] انظر في تفصيل ذلك: فرد هاليداي، إيران والإخوان، علاقات ملتبسة، ترجمة حمد العيسى، ط1 دار مدارك للنشر سنة 2014.
[23] أيمن الظواهري: فرسان تحت راية النبي، ط1 منبر التوحيد والجهاد، طبعة إلكترونية، بدون تاريخ، ص 18.
[24] فتحي الشقاقي، الخميني الحل الإسلامي والبديل، ط1، بدون دار نشر، سنة 1979، ص 1، 5.
[25] فتحي الشقاقي، مرجع سبق ذكره، ص 37.
[26] تحقيق للصحفية ماري كولفين، في الصنداي تايمز، بتاريخ 9 مارس سنة 2008.