أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية منتصف يناير الجاري 2021، إدراج تنظيمَي “ولاية سيناء” و”حسم” الإرهابيين على قوائم مكافحة الإرهاب، بجانب اسمين من قيادات تنظيم “حسم” هما: علاء علي محمد، الملقب بـ”علاء السماحي”، المقيم في تركيا. ويحيى السيد إبراهيم، الملقب بـ”يحيى موسى”، القيادي في التنظيم نفسه، والمقيم أيضًا في تركيا، وفقًا لبيان وزارة الخزانة الأمريكية، باعتبارهم من التنظيمات الإرهابية والأفراد ذوي النشاط الإرهابي الذي يشكل تهديدًا للأمن القومي الأمريكي وأمن مواطني الولايات المتحدة، وتجميد أرصدتهم وأصولهم في الولايات المتحدة، أو في المؤسسات الخاضعة لنفوذ وسيطرة أمريكيين، وإخطار المؤسسات المالية الأمريكية بقرار الحظر، وطلب حجْز أرصدة الفرد أو الكيان، ويبقى التصنيف ساري المفعول حتى يتم إلغاؤه رسميًا من قِبل الحكومة الأمريكية، أو تنتهي فترة صلاحية القرار أو يبطُل وفقًا للقانون الأمريكي.
يُعتبر الملمح الجديد في قرار وزارة الخزانة الأمريكية الأخير هو وضع أسماء من قيادات جيل الوسط بجماعة الإخوان المقيمين في تركيا على لائحة الإرهاب الأمريكية نتيجة العلاقة مع تنظيم “حسم” الإرهابي، ومسئوليتهم عن بعض العمليات الإرهابية التي وقعت في مصر خلال الفترة ما بين 2015-2018، وهو ما يطرح العديد من التساؤلات حول توقيت وأسباب القرار، وعلاقة تنظيم “حسم” بقيادات إخوانية.
توقيت إصدار القرار
دفع توقيت إصدار قرار وزارة الخزانة بتصنيف تنظيمي “حسم” و”ولاية سيناء” الداعشية كجماعة إرهابية قبل أيام من انتهاء ولاية حكم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الكثير من التحليلات المتعددة، لكن من الثابت أن القرار الأخير في إطار المراجعة الدورية لوزارة الخزانة الأمريكية ووزارة الخارجية للوائح الإرهاب الأمريكية؛ حيث يعتبر قرار اعتبار تنظيمي حسم وولاية سيناء ضمن قوائم الإرهاب الأمريكية، هو تأكيد على قرار سابق للولايات المتحدة الأمريكية تم اتخاذه في عام 2018 حيث وضعت الولايات المتحدة الأمريكية تنظيم حسم وتنظيم داعش سيناء على لوائح الإرهاب من عامين، وما جاء في قرار وزارة الخزانة الأمريكية منتصف يناير الجاري هو تأكيد على استمرار اعتبار التنظيم جماعة إرهابية. لكن الملفت في القرار هو وضع شخصين من قيادات جيل الوسط لجماعة الإخوان على لوائح الإرهاب الأمريكية باعتبارهما مسئولين عن تنظيم “حسم” الإرهابي والمقيمين في تركيا، وهو ما يمكن تفسيره في إطار محاولة إدارة ترامب إنهاء كافة الملفات العالقة الخاصة بنشاط مكافحة الإرهاب بالمنطقة، في إطار سياسة التوجيه للساكن الجديد للبيت البيضاوي، الرئيس “بايدن”؛ إلا أنَّها كشفت حقائق كانت لزمنٍ تتجاهلها الإدارة الأمريكية، ولا تعلن عنها ضمن صفقات سياسية إقليمية مع بعض القوى حول علاقة قيادات من تنظيم الإخوان وبعض العمليات الإرهابية في الداخل المصري.
العلاقة بين تنظيم “حسم” والإخوان
منذ أن نشأ تنظيم حسم الإرهابي في مصر خلال عام 2015، وقيامه بتنفيذ العديد من العمليات الإرهابية، وهناك علاقة إنكار من قبل جماعة الإخوان المسلمين عن تبعية التنظيم لعناصر قيادية في تنظيم الإخوان، وخصوصًا مع اتهام السلطات المصرية القيادي في جماعة الإخوان “يحيى موسى” (وهو أحد قيادات الصف الثاني في تنظيم الإخوان والمتحدث الرسمي السابق لوزارة الصحة في عهد جماعة الإخوان 2012) بالاشتراك في التخطيط لعملية اغتيال النائب العام المصري الأسبق هشام بركات (يونيو 2015)، والذي قوبل بالنفي من قبل جماعة الإخوان المسلمين. ومع إصدار وزارة الخزانة الأمريكية قرار اعتبار “يحيى موسى” عنصرًا إرهابيًا يهدد الأمن الأمريكي بناء على الكثير من الأدلة التي وضعتها وزارة الخزانة الأمريكية، فذلك يؤكد على علاقة العديد من قيادات جماعة الإخوان بتنظيمات إرهابية نفذت العديد من العمليات الإرهابية في العمق المصري (الوادي والدلتا)، خلال الفترة ما بين عام 2015-2018، وهي الفترة التي شهدت نشاط تنظيم “حسم” في الداخل المصري حتى آخر عملية للتنظيم (معهد الأورام) بالقاهرة. وهو الأمر نفسه الذي ينطبق على الإخواني “علاء السماحي” الذي وضعته وزارة الخزانة الأمريكية على قوائم الإرهابي، وهو أحد القيادات الوسطى لجماعة الإخوان والمتهم بالتخطيط لمحاولة استهداف النائب العام المساعد (سبتمبر 2016)، ومفتي الجمهورية الأسبق الشيخ علي جمعة (أغسطس 2016)، حيث يعتبر “السماحي” المشرف على فرع تنظيم “حسم” المسمى (لواء الثورة) بجانب الاشتراك في قيادة تنظيم “حسم”.
فقد أشار قرار وزارة الخزانة الأمريكية للعلاقة بين تنظيم “حسم” وقيادات إخوانية، حيث أقر القرار بأن تنظيم حركة “سواعد مصر”، المعروف باسم “حسم”، نفذ العديد من العمليات الإرهابية ضد شخصيات حكومية وأمنية في القاهرة وغيرها من أنحاء مصر، وأعلنت حركة “حسم” مسئوليتها عن اغتيال الضابط في جهاز الأمن الوطني المصري “إبراهيم عزازي” ومحاولة اغتيال مفتي الجمهورية السابق “علي جمعة”، وفقًا لبيان للخارجية الأمريكية نشر الأربعاء 13 يناير الجاري 2020، وأضاف بيان الخارجية الأمريكية: “كان بعض قادة حركة حسم مرتبطين في السابق بجماعة الإخوان المسلمين المصرية”، ومن ثم يعزز قرار وزارة الخزانة الأمريكية الأخير التقديرات الخاصة بعلاقة تنظيمي “حسم” و”لواء الثورة” مع قيادات عدة بتنظيم جماعة الإخوان المسلمين، مما يساعد على التحرك المصري عبر المجتمع الدولي في عملية مواجهة الإرهاب، والربط بين أنشطة العديد من قيادات جماعة الإخوان وبعض العمليات الإرهابية التي وقعت في مصر خلال السنوات الست الماضية، وبشكل رئيسي تلك العمليات الإرهابية التي وقعت في العمق المصري (الوادي والدلتا)، خلال الفترة من 2015-2018.
في المجمل، يُعتبر قرار وزارة الخزانة الأمريكية باعتبار “يحيى موسى” و”علاء السماحي” إرهابيين خطوة مؤثرة في شكل ومسار العلاقة بين تنظيم جماعة الإخوان المسلمين والولايات المتحدة الأمريكية، بجانب انعكاس هذا القرار على العلاقة بين الولايات المتحدة وتركيا لإيواء العنصريين المتهمين بالإرهاب في الداخل التركي، وحصولهم على الجنسية التركية، مما يضع تركيا في مواجهة الولايات المتحدة الأمريكية، وخصوصًا مع إقدام الولايات المتحدة الأمريكية على تجميد أرصدة أي مؤسسات لها علاقة بالمتهمين بالداخل التركي. ومن جانب آخر، يُعتبر القرار الأمريكي الأخير مدخلًا رئيسيًا أمام بعض الدول الأوروبية -ومنها فرنسا- لإثبات وجهة النظر الخاصة بإيواء تركيا عناصر إرهابية تهدد أمن الدول الأوروبية مع إمكانية اتخاذ بعض الدول الأوروبية نفس المسار الأمريكي بتصنيف تنظيم “حسم” وبعض القيادات الإخوانية المرتبطة بالتنظيم على لوائح الإرهاب للاتحاد الأوروبي، وهو المسار الذي يمكن أن يشكل تطورًا رئيسيًا لوضعية جماعة الإخوان المسلمين في أوروبا.