تلعب مصر دورًا مهمًا في مجال الطاقة الجديدة والمتجددة. فمصر لديها موارد غنية من الطاقة المتجددة، مثل طاقة الرياح والشمس والطاقة الحرارية، وتستغل هذه الموارد لتوليد الكهرباء وتلبية الاحتياجات المتزايدة للطاقة في البلاد. بالإضافة للجهود المبذولة من الدولة المصرية لزيادة حجم الطاقة الكهربائية المولدة بصفة عامة وتطوير شبكات نقل الكهرباء وتوزيعها، وهناك جهود موازية لزيادة الاعتماد على الطاقة الجديدة والمتجددة، حيث أطلقت مصر الاستراتيجية المتكاملة للطاقة الجديدة والمتجددة 2035 وتضع هذه الاستراتيجية رؤية طموحة تستهدف زيادة نسبة الطاقة الجديدة والمتجددة لتصل إلى 42% بحلول عام 2035، وتسعى مصر إلى زيادة تلك النسبة من خلال مشروعات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والطاقة النووية.
أبرز مشروعات الطاقة الجديدة والمتجددة
كان قطاع الكهرباء والطاقة المتجددة في مصر يواجه تحديات عديدة، وتعود هذه التحديات إلى الفترة ما قبل عام 2014، وكان من بين أهم هذه التحديات الزيادة الكبيرة في الطلب على الطاقة في مختلف القطاعات، والتي تسببت في ضغوط كبيرة على أنظمة الكهرباء، مما أدى لمحدودية مصادر الوقود، وكذلك تقادمت محطات توليد الكهرباء، واعتمدت نسبة عالية جدًا من إجمالي الكهرباء المنتجة على الوقود الأحفوري، لذلك أولت الدولة قضية الكهرباء والطاقة أولوية رئيسية، إذ تعتبر الكهرباء أساسًا للتنمية في مجالات الحياة الاقتصادية والاجتماعية. كما تم اعتبار تأمين الإمداد بالكهرباء مسألة أمن قومي، وبالتالي كانت هناك حاجة ملحة لاتخاذ التدابير اللازمة للتغلب على هذه التحديات، وتمت مواجهة تلك التحديات من خلال عدة إجراءات، مثل زيادة الاستثمارات في قطاع الكهرباء والطاقة المتجددة، وتحسين البنية التحتية لتوليد ونقل الكهرباء، وتنويع مصادر الطاقة للانتقال إلى مزيدٍ من الطاقة المتجددة، ولذلك نفذت مصر عدة مشروعات:
فمن أبرز مشروعات الطاقة الشمسية إنشاء محطة محولات بنبان (1) بأسوان، بقدرة 1465 ميجاوات في يوليو 2018، وتعتبر أكبر محطة من نوعها في العالم، بتكلفة إجمالية بلغت حوالي 2 مليار دولار أمريكي. وفي ديسمبر 2021 تم افتتاح محطة محولات بنبان 3 لتوسيع المحطة من جهد (22/220) لتصبح (22/500)، وبلغت تكلفة توسعة المحطة نحو 49.6 مليون جنيه مصري و23.8 مليون دولار أمريكي و500 ألف يورو، وفازت محطة بنبان بالجائزة السنوية لمجموعة البنك الدولي عام 2019، كأفضل مشروعات البنك تميزًا على مستوى العالم، وهي المرة الأولى التي تفوز بها مصر بهذه الجائزة. وجارٍ تطوير ثلاثة مشروعات طاقة شمسية، بالتعاون بين القطاع الخاص والحكومي، بقدرات تصل إلى 720 ميجاوات. كما تم إنشاء محطة للرياح بجبل الزيت (جنوب رأس غارب)، بقدرة إجمالية بلغت نحو 580 ميجاوات، وفاز المشروع كأفضل الأعمال الإنشائية في العالم لعام 2022 وفقًا لتصنيف مؤسسة ENR الأمريكية العالمية. بالإضافة إلى مزرعة رياح الزعفرانة، بقدرة 545 ميجاوات التي تضم 700 توربينة، وتم تنفيذ المحطة على عدة مراحل، وهي من أبرز مشروعات طاقة الرياح، وجارٍ تطوير خمسة مشروعات لطاقة الرياح بخليج السويس بالتعاون مع القطاع الخاص بقدرات 2800 ميجاوات. وتظهر التوقعات العالمية أن الطاقة الشمسية وطاقة الرياح ستولدان أكثر من ثلث إجمالي الطاقة بحلول عام 2030، بارتفاع من 12% حاليًا، بينما ستستمر الانخفاضات الرئيسية في التكلفة التي شوهدت على مدار السنوات العشر الماضية، مع انخفاض أسعار الطاقة الشمسية وطاقة الرياح إلى النصف تقريبًا مرة أخرى بحلول عام 2030. وفي سياق متصل، تمّ إنشاء محطة توليد طاقة كهرومائية نظيفة صديقة للبيئة بقناطر أسيوط بتكلفة إجمالية بلغت 44.3 مليون جنيه و68 مليون يورو، وقد تم ربط إنتاج محطة أسيوط الكهرومائية مع محطة محولات المعصرة بمركز الفتح وربطها على الشبكة القومية لإنارة محافظة أسيوط بالكامل في حالة وجود أعطال كهرباء.
وبالنسبة للطاقة النووية يجري إنشاء محطة الضبعة النووية بمحافظة مطروح التي تتضمن 4 مفاعلات نووية من الجيل الثالث المطور، والذي يتميز بارتفاع معدلات الأمان، وتبلغ القيمة التقديرية للمشروع 28 مليار دولار وفقًا للتعاقد وجداول المدفوعات، ومن المتوقع انتهاء المشروع عام 2032. وفاز مشروع الضبعة بجائزة روساتوم لأفضل 3 مشروعات نووية عام 2019 من حيث البدء أو الانطلاقة على مستوى العالم، وتعتبر هذه الجائزة الأولى من نوعها التي يحصل عليها مشروع بمنطقة الشرق الأوسط.
أثر مشروعات الطاقة الجديدة والمتجددة على الاقتصاد المصري
تُسهم الاستثمارات في البنية التحتية للطاقة الجديدة والمتجددة في تعزيز النمو الاقتصادي، كما أن استثمارات الطاقة المتجددة تؤدي إلى خلق فرص عمل. ويمكن لذلك أن يعزز الاستثمارات الأخرى والفاعلية والكفاءة في استخدام الطاقة. علاوة على ذلك، يمكن أن يؤدي استخدام الطاقة المتجددة إلى تعزيز استقلالية الدول في مجال الطاقة وتقليل اعتمادها على الدول التي تمتلك مصادر النفط والغاز، من خلال تنويع مصادر الطاقة واستخدام مصادر متجددة محلية. وفي هذا الصدد، فإن مصر غنية بمصادر الطاقة المتجددة، وخاصة طاقة الرياح والطاقة الشمسية، مما يؤهلها لتكون واحدة من أكبر منتجي الطاقة المتجددة. كما تم اتخاذ إجراءات لتشجيع مشاريع الاستثمار في مجال الطاقة الجديدة والمتجددة من خلال تخفيض الرسوم الجمركية الموحدة على المعدات والآلات اللازمة لتنفيذ هذه المشاريع إلى 2% فقط، بدلًا من 5%. كما تم أيضًا تخفيض قيمة الضريبة المضافة إلى 5% بدلًا من 14%، وبالإضافة إلى ذلك تم توفير الأراضي لمشاريع الطاقة المتجددة عن طريق تقديم حق انتفاع بأسعار تعتمد على الطاقة المنتجة، وذلك وفقًا لقانون الطاقة المتجددة. هذه الإجراءات تهدف إلى تخفيض التكاليف وتعزيز جاذبية الاستثمار في مشروعات الطاقة المتجددة في مصر وتوفير الأراضي مقابل حق الانتفاع، مما يوفر فرصًا للمستثمرين للحصول على الأراضي اللازمة لإقامة مشاريع الطاقة المتجددة بتكلفة أقل، فتحديد قيمة حق الانتفاع بناءً على الطاقة المنتجة يشجع على زيادة الإنتاجية وتعزيز الاستدامة في قطاع الطاقة المتجددة. ونتيجة لذلك تضاعف حجم الاستثمارات الأجنبية في مجال الطاقة المتجددة إلى 3.5 مليارات دولار، خلال العام المالي 2021/2022 مقارنة بالعام المالي 2020/2021، وهو ما يؤكد على توسع الاستثمارات الأجنبية في مصر بهذا المجال. ونتيجة لتلك الجهود، تقدم ترتيب مصر في مؤشر جاذبية الدول في قطاع الطاقة المتجددة 10 مراكز لتصبح في الترتيب 29 عام 2022، مقارنة بالترتيب 39 عام 2015، كما تم توقيع 4 مذكرات تفاهم بحجم استثمارات 35 مليار دولار، كما تقدمت مصر 32 رتبة في مؤشر إدارة وتنظيم الطاقة المتجددة، وهو مؤشر فرعي من مؤشرات التنافسية العالمي، كما أنه من المنتظر أن يكون هناك ارتفاع متوقع في إجمالي إنتاج مصر الكهربائي من مصادر الطاقة الجديدة والمتجددة بحوالي 4.1 جيجاوات بحلول عام 2027.
الدراسات الاقتصادية وقضايا الطاقة































