أظهرت أحدث البيانات الصادرة عن مؤسسة S&P Global أن مؤشر مديري المشتريات في مصر قد ارتفع خلال شهر يونيو 2024، ليصل إلى أعلى مستوى له منذ 3 سنوات منذ أغسطس 2021. ويقدم هذا المؤشر لمحة إيجابية عن حالة الاقتصاد المصري، حيث يشير إلى استقرار الظروف التشغيلية ونمو خفيف في بعض القطاعات. ويشير هذا الارتفاع إلى بوادر تعافي محتملة للقطاع، حيث تبدأ الشركات في استعادة ثقتها ونشاطها.
يعد مؤشر مديري المشتريات (PMI) مقياسًا مركبًا مصممًا لإعطاء لقطة ذات رقم واحد للتشغيل لظروف اقتصاد القطاع الخاص غير النفطي، ويعد من المؤشرات الاقتصادية الرائدة لقطاعات التصنيع والبناء والخدمات. ويستمد المؤشر عن طريق مسح قطاع كبير من مديري المشتريات في القطاع الخاص فيما يتعلق بظروف العمل، بما في ذلك إنتاج العمالة والأسعار والطلبيات الجديدة والتسليمات والمخزونات. يشير الرقم فوق 50.0 إلى أن الصناعة تتوسع، بينما يشير الرقم تحت 50.0 إلى أن الصناعة تتعاقد.
وفيما يلي تطور قيم المؤشر خلال الفترة (أغسطس 2023- يونيو 2024)، والتي أظهرت ارتفاعًا لمؤشر مديري المشتريات الرئيسي من 49.6 في مايو إلى 49.9 نقطة في يونيو، ليظل قريبًا من مستوى 50 نقطة الذي يفصل بين النمو والانكماش. على الرغم من عدم وصوله إلى مستوى النمو الكامل، فإن هذا الارتفاع يمثل تحسنًا طفيفًا في الأداء الاقتصادي.
مؤشرات إيجابية في قطاعات رئيسية
شهد القطاع الخاص غير المنتج للنفط في مصر نموًا في الأعمال الجديدة لأول مرة منذ ما يقرب من 3 سنوات. كما أظهرت مؤشرات الإنتاج تحسنًا، حيث اقتربت مستويات الإنتاج من الاستقرار. وعلاوة على ذلك، شهدت الشركات المصرية زيادة في حجم المبيعات لأول مرة منذ أغسطس 2021؛ مما يشير إلى تحسن في الطلب.
فقد شهد النشاط التجاري في القطاع غير النفطي المصري انخفاضًا معتدلًا خلال شهر يونيو؛ مما يعكس صورة مختلطة عبر القطاعات. واجهت قطاعات التصنيع والجملة والتجزئة انخفاضات في النشاط، بينما شهدت قطاعات الخدمات والبناء ارتفاعًا.
عوامل تدعم التحسن:
يعود هذا التحسن في مؤشرات الأعمال إلى عدة عوامل، بما في ذلك:
- استقرار الظروف الاقتصادية: ساعدت التحركات الأخيرة الرامية إلى تحسين توافر العملة على مستوى السياسات النقدية في تخفيف ضغوط الأسعار وتحسين آفاق الطلب؛ مما أدى إلى شعور أكبر بالثقة بين الشركات، كما ارتفعت ثقة الشركات تجاه التوقعات المستقبلية خلال شهر مايو، مدفوعة بآمال بتحسن الظروف الاقتصادية.
- زيادة الطلب: شهدت الشركات المصرية غير المنتجة للنفط زيادة في الطلب على سلعها وخدماتها، كما أن طلبات التصدير الجديدة ارتفعت للمرة الثانية خلال ثلاثة أشهر وسط ارتفاع الطلب الخارجي؛ مما أدى إلى نمو في الأعمال الجديدة وارتفاع المبيعات، كما انخفضت مشتريات المدخلات بأبطأ وتيرة منذ فبراير 2022.
- تحسن في الإنتاج وشراء مستلزمات الإنتاج: اقتربت مستويات الإنتاج من الاستقرار؛ مما يشير إلى أن الشركات تعمل بكفاءة أكبر وتلبي الطلب المتزايد. وعلى الرغم من استمرار انخفاض متوسط مستويات الإنتاج، فإنها تقترب من نطاق النمو. وتشير البيانات إلى استفادة الشركات من تحسن القدرة الإنتاجية، مدعومة بزيادة شراء مستلزمات الإنتاج. وإذا استمرت المبيعات والمشتريات في الارتفاع خلال النصف الثاني من العام، فمن المرجح أن تشهد الشركات حافزًا وحاجة لتوسيع نطاق إنتاجها.
- انحسار الضغوط التضخمية للأسعار؛ يُعدّ انحسار ضغوط الأسعار خبرًا إيجابيًا آخر. فقد كانت ضغوط الأسعار أقل حدة بكثير مما كانت عليه في الربع الأول من العام، عندما واجهت البلاد أزمة العملة الأجنبية. وبينما شهد شهر يونيو أسرع ارتفاع في أسعار مستلزمات الإنتاج منذ ثلاثة أشهر، إلا أن الشركات ذكرت أن هذا الارتفاع يرجع إلى تقلبات أسعار السوق وليس إلى اتجاه تصاعدي للتضخم.
- ارتفاع معدلات التوظيف لبعض الشركات؛ شجعت هذه الآفاق المحسنة الشركات على زيادة أعداد موظفيها للمرة الثانية خلال 3 أشهر مدفوعة بارتفاع المبيعات، بينما أفادت العديد من الشركات بتسريح بعض العاملين وعدم إحلال آخرين مكانهم لتصبح بذلك أعداد الموظفين في الاقتصاد المصري مستقرة نسبًيا في شهر يونيو.
ومن ناحية أخرى، واجهت الشركات مستوى مرتفع نسبيًا من تضخم الأجور في مايو، لتنعكس على ارتفاع حجم تكاليف الرواتب بمعدلات سريعة في ثلاث سنوات ونصف، والمرتبطة بارتفاع رواتب الموظفين وسط ضغوط تكلفة المعيشة. ومع ذلك، لوحظ ذلك مع تراجع الثقة في النشاط المستقبلي، فقد خيم عدم اليقين بشان الآفاق الاقتصادية في أعقاب التطورات المالية الأخيرة.
بشكل عام، يقدم مؤشر مديري المشتريات في يوليو 2024 صورة إيجابية للاقتصاد المصري. بينما لا يزال النمو بطيئًا، إلا أن هناك مؤشرات على استقرار الظروف وتحسن في بعض القطاعات الرئيسية. وتشير هذه المؤشرات إلى أن الاقتصاد المصري على مسار التحسن، مع توقعات بانتعاش أوسع في المستقبل القريب.