تتسم العلاقات المصرية–الكورية الجنوبية بمستوى متقدم من التنسيق الثنائي؛ إذ شهدت خلال السنوات الأخيرة تطورًا ملحوظًا في مستويات التعاون الثنائي، لا سيما في مجالات الصناعة والطاقة والاستثمار والتكنولوجيا. ويعود هذا الزخم إلى تقارب الرؤى الاقتصادية والتنموية بين البلدين، وإلى إدراك مشترك لأهمية تأسيس شراكات استراتيجية قادرة على دعم مسارات التحول الاقتصادي في كلٍّ من مصر وكوريا الجنوبية.
وفي هذا السياق، جاءت الزيارة الرسمية لرئيس جمهورية كوريا الجنوبية إلى مصر خلال نوفمبر2025 بالتزامن مع الاحتفال بالذكرى الثلاثين لتأسيس العلاقات الدبلوماسية بين الجانبين، لتؤكد تحول العلاقات المصرية الكورية الجنوبية إلى مستوى “اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة”، التي تم الاتفاق عليها في القمة الكورية المصرية. لا تعد هذه الزيارة مجرد حدث بروتوكولي، بل هي محطة مفصلية ترسم ملامح خريطة جديدة للتعاون الاقتصادي تهدف فيها مصر لتحقيق “قفزة إنمائية ضخمة على غرار التجربة الكورية”. إن الأطروحة الرئيسية لهذه الشراكة تكمن في تركيز كوريا، كقوة صناعية وتكنولوجية عالمية، ومصر كـبوابة محورية لأسواق أفريقيا، خاصة أن تلك الزيارة جزء من جولة إقليمية شملت الإمارات وتركيا، وتُعد أول زيارة للرئيس الكوري إلى منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا منذ تولّيه منصبه في يونيو 2025، بما يعكس تزايد اهتمام سيول بإعادة صياغة حضورها ودورها في المنطقة.
وتأتي هذه الزيارة امتدادًا لمسار تعاون استراتيجي ترسّخ منذ زيارة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى كوريا الجنوبية عام 2016، وهي الزيارة التي أسهمت في توسيع حجم الاستثمارات الكورية في مصر، وفي اختيار القاهرة شريكًا استراتيجيًا لسيول في مجال التعاون الإنمائي. كما دعمت تنفيذ عدد من المشروعات التنموية عبر آليات التمويل الميسّر والدعم الفني ونقل الخبرات، بما يعكس رغبة متبادلة في تعزيز التعاون القائم وتطويره بما يتوافق مع المتغيرات الإقليمية والدولية.
أولًا: العلاقات التجارية بين مصر وكوريا الجنوبية
جدول (1): حجم التجارة بين مصر وكوريا الجنوبية
(القيمة: مليار دولار)
| البيان | 2021 | 2022 | 2023 | 2024 | يناير- أغسطس 2025 |
| الصادرات المصرية إلى كوريا الجنوبية | 618.6 مليون دولار | 1.93 | 392.9 مليون دولار | 84.1 مليون دولار | 49.8 مليون دولار |
| الواردات من كوريا الجنوبية | 1.8 | 1.91 | 1.6 | 1.4 | 843.5 مليون دولار |
| حجم التجارة | 2.4 | 3.8 | 1.2 | 2.2 | 893.3 مليون دولار |
| عجز الميزان التجاري | 1.2 | 0.02- | 1.1 | 0.6 | 793.7 مليون دولار |
Source:TrademMap- CAPMAS
يُظهر الجدول (1) تغيّر مستويات التجارة بين مصر وكوريا الجنوبية خلال الفترة 2021–2025. فقد ارتفعت الصادرات المصرية من 618.6 مليون دولار في 2021 إلى 1.9 مليار دولار في 2022، ثم انخفضت إلى 392.9 مليون دولار في 2023، وتراجعت مرة أخرى إلى 84.1 مليون دولار في 2024، ويرجع هذا التراجع في الصادرات المصرية إلى كوريا الجنوبية بشكل أساسي إلى انخفاض صادرات الوقود المعدني. فبعد أن بلغت صادرات هذا البند نحو 1.8 مليار دولار في عام 2022، تراجعت إلى حوالي 98 ألف دولار فقط في عام 2024. ثم وصلت في الفترة من يناير إلى أغسطس 2025 إلى 49.8 مليون دولار. أما الواردات من كوريا الجنوبية، فقد تزايدت بشكل طفيف من 1.8 مليار دولار في 2021 إلى 1.9 مليار دولار في 2022، ثم انخفضت إلى 1.6 مليار دولار في 2023 و1.4 مليار دولار في 2024، وبلغت 843.5 مليون دولار خلال الفترة من يناير إلى أغسطس 2025.
وبالنسبة لإجمالي حجم التجارة بين البلدين، فقد ارتفع من 2.4 مليار دولار في 2021 إلى 3.8 مليارات دولار في 2022، ثم انخفض إلى 1.2 مليار دولار في 2023، قبل أن يرتفع إلى 2.2 مليار دولار في 2024، ليصل خلال الفترة من يناير إلى أغسطس 2025 إلى 893.3 مليون دولار. كما يشير عجز الميزان التجاري إلى مستويات متفاوتة؛ إذ سجل 1.2 مليار دولار في 2021، ثم تسجيل فائض بقيمة 0.02 مليار دولار في 2022 ثم تراجع إلى 1.1 مليار دولار في 2023، وإلى 0.6 مليار دولار في 2024، ووصل خلال الفترة من يناير إلى أغسطس 2025 إلى 793.7 مليون دولار.
شكل (1): أهم المجموعات السلعية التي صدرتها مصر إلى كوريا الجنوبية (مليون دولار)

Source: CAPMAS
يحتل السوق الكوري المرتبة 62 من الأسواق التصديرية المصرية، ويمثل 1.9%من إجمالي قيمة الصادرات المصرية لدول العالم بقيمة صادرات مصرية إلى كوريا الجنوبية حوالي 84.1 مليون دولار 2024. ويُبيّن الشكل (1) تطوّر أهم المجموعات السلعية التي صدّرتها مصر إلى كوريا الجنوبية خلال الفترة يناير–أغسطس من عامي 2024 و2025. ويتضح أن صادرات الحديد والصلب سجّلت أعلى قيمة بين السلع المعروضة؛ حيث بلغت 45.2 مليون دولار في 2024 ثم انخفضت إلى 18.4 مليون دولار في 2025. كما تظهر صادرات نفايات صناعة الأغذية عند مستوى قريب في الفترتين؛ إذ بلغت 11.8 مليون دولار في 2024 مقابل 11.0 مليون دولار في 2025.
وفيما يخص مُحضّرات الحبوب، فقد ارتفعت من 2.1 مليون دولار في 2024 إلى 3.0 ملايين دولار في 2025. بينما سجّلت صادرات مصنوعات الحجر والأسمنت قيمة 5.2 مليون دولار في 2024 ثم تراجعت إلى 2.7 مليون دولار في 2025. أما الأسمدة فقد ارتفعت من 1.7 مليون دولار خلال الفترة يناير–أغسطس 2024 إلى 2.5 مليون دولار في الفترة المقابلة من 2025.
شكل (2): أهم المجموعات السلعية التي استوردتها مصر من كوريا الجنوبية (مليون دولار)

Source: CAPMAS
تحتل كوريا الجنوبية المرتبة السابعة عشرة في قائمة أهم الدول المصدرة لمصر بقيمة واردات بلغت 1.4 مليار دولار أمريكي، لتمثل 1.5% من إجمالي قيمة الواردات المصرية من دول العالم.
يُبرز الشكل (2) تطوّر أهم المجموعات السلعية التي استوردتها مصر من كوريا الجنوبية خلال الفترة يناير–أغسطس من عامي 2024 و2025. وتُظهر البيانات أن واردات السيارات والجرارات والدراجات سجّلت أعلى القيم بين السلع المعروضة؛ حيث بلغت 419 مليون دولار في 2024 ثم انخفضت إلى 211 مليون دولار في 2025.
كما ارتفعت واردات المراجل والآلات وأجزائها من 101.9 مليون دولار في 2024 إلى 152.4 مليون دولار في 2025. بينما سجلت واردات اللدائن ومصنوعاتها تراجعًا من 137.8 مليون دولار إلى 108.9 ملايين دولار خلال الفترة نفسها. وفي مجموعة الآلات والأجهزة الكهربائية والآلية، بلغت الواردات 147.8 مليون دولار في 2024 ثم انخفضت إلى 101.8 مليون دولار في 2025. أما واردات أجهزة البصريات والسينما فقد ارتفعت من 47.6 مليون دولار إلى 64.1 مليون دولار بين الفترتين.
ثانيًا: الاستثمارات والشراكات الاستراتيجية
على مستوي الاستثمارات، تشير البيانات إلى ارتفاع ملحوظ في مستوى الاستثمارات الثنائية بين مصر وكوريا الجنوبية خلال السنوات الأخيرة. فقد بلغت قيمة استثمارات كوريا الجنوبية في مصر 413.8 مليون دولار خلال العام المالي 2024/2025، مقارنة بـ288.3 مليون دولار في العام المالي 2023/2024، مسجلة بذلك زيادة ملحوظة تشير إلى تزايد اهتمام المستثمرين الكوريين بالفرص الاقتصادية في السوق المصرية. بالتوازى شهدت الاستثمارات المصرية في كوريا الجنوبية نمواً كبيراً؛ حيث بلغت 296.9 مليون دولار في العام المالي 2024/2025 مقابل 179.6 مليون دولار في العام المالي السابق، وهو ما يعكس رغبة متنامية من الجانب المصري في تعزيز وجوده الاقتصادي في كوريا الجنوبية.
محفظة التعاون التنموي، يتضح من هيكل محفظة التعاون التنموي بين مصر وكوريا الجنوبية أن حجم المشروعات الجارية يتجاوز 1.3 مليار دولار موزعًا على قطاعات تُعد من ركائز التحول الاقتصادي، وعلى رأسها النقل، والتعليم الفني، والتدريب المهني، والطاقة، والتحول الرقمي. ويعكس تنوّع هذه المحفظة توجهاً نحو تعزيز القدرات الإنتاجية والتكنولوجية عبر مشروعات ذات تأثير هيكلي، مثل تطوير نظم إشارات السكك الحديدية في عدة خطوط، إلى جانب التوسع في التعليم التكنولوجي من خلال المرحلة الثانية لجامعة بني سويف التكنولوجية التي تستهدف المواءمة مع احتياجات القطاع الصناعي في مجالات الميكاترونيك والإلكترونيات وتكنولوجيا المعلومات. ويمتد هذا المسار إلى التعاون في تنمية المهارات المستقبلية؛ إذ تم في عام 2025 التوقيع على منحة بقيمة 10 ملايين دولار لدعم مشروع التدريب المهني في مجال صيانة السيارات الخضراء، بما يشير إلى توجه نحو ربط الشراكة الثنائية بالتحولات الصناعية العالمية.
على صعيد تحويلات العاملين، سجلت تحويلات المصريين العاملين في كوريا الجنوبية ارتفاعاً طفيفاً لتصل إلى 7.7 مليون دولار خلال العام المالي 2023/2024، مقارنة بـ7.2 مليون دولار في العام المالي 2022/2023. وبالمثل، بلغت تحويلات العاملين الكوريين في مصر 4.8 مليون دولار خلال العام المالي 2023/2024، مقابل 4 ملايين دولار في العام المالي 2022/2023؛ مما يعكس استمرار حركة رأس المال البشري بين البلدين ودورها في دعم التبادل الاقتصادي.
ثالثًا: نتائج القمة المصرية- الكورية
شهدت القمة المصرية–الكورية تعزيز أطر التعاون بين البلدين على مختلف الأصعدة، بدءًا من الجانب الاقتصادي؛ حيث اتفق الجانبان على توسيع آفاق التعاون في ضوء ما تمتلكه مصر من بنية صناعية متقدمة وموقع جغرافي استراتيجي، وما تتمتع به كوريا من خبرة تنموية راسخة وشركات عالمية رائدة.
وفي هذا السياق، تم الاتفاق على زيادة حجم أعمال الشركات الكورية واستثماراتها في القطاعات ذات الأولوية لمصر، مع التركيز بشكل خاص على توطين هذه الصناعات داخل مصر. وتشمل هذه القطاعات الاستراتيجية: الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والذكاء الاصطناعي، وصناعة السيارات وبناء السفن، والبتروكيماويات والتعدين.
كما أنه سيتم مواصلة العمل على ابرام اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بين كوريا ومصر (CEPA)، باعتبارها إطارًا مؤسسيًا يعزز بيئة الاستثمار ويمكّن من تعميق التعاون الاقتصادي، إلى جانب دعم التعاون في المناطق الاقتصادية الحرة واستكمال اتفاقية الضمان الاجتماعي التي توفر مزايا مباشرة لمواطني البلدين.
ويعكس هذا المسار المتكامل من التعاون الاقتصادي والاجتماعي والتعليمي مرحلة جديدة في العلاقات المصرية–الكورية، تقوم على رؤية مشتركة للتنمية والسلام وتعزيز الروابط بين الشعوب، وتؤسس لشراكة أوسع في المستقبل. وقد تجسد هذا الاهتمام في إطار تحول أوسع في السياسة الخارجية الكورية تجاه الشرق الأوسط، من خلال إعلان الرئيس الكوري عن مبادرة SHINE، التي تقوم على خمسة محاور رئيسية هي الاستقرار، والوئام، والابتكار، والشبكات، والتعليم. وتشكل هذه المبادرة إطارًا جديدًا للتعاون بين مصر وكوريا بما يعزز فرص الشراكة في مجالات التنمية والسلام والتكامل الثقافي، وقد اكتسب إعلان المبادرة زخمًا خاصًا لتزامنه مع الزيارة إلى القاهرة؛ مما يعكس إدراكًا متبادلًا لأهمية الدور الإقليمي لكل من مصر وكوريا وما يمتلكه البلدان من مقومات جيوسياسية واقتصادية تؤهلهما لإقامة شراكات استراتيجية واسعة النطاق.
رابعًا الأهمية والدلالات
- دلالات تتعلق بتوجهات الرئيس الكوري وجولته الإقليمية
تعكس الجولة التي يقوم بها الرئيس الكوري إلى الشرق الأوسط وتشمل مصر والإمارات وتركيا توجهًا استراتيجيًا جديدًا في السياسة الخارجية الكورية، يقوم على إعادة تموضع تدريجي داخل المنطقة بوصفها فضاءً محوريًا لمصالح كوريا الاقتصادية والسياسية. هذا التحرك يأتي في سياق عالمي تتصاعد فيه التنافسية على سلاسل التوريد والموارد التكنولوجية، وهو ما يدفع كوريا إلى البحث عن شراكات واسعة خارج محيطها الآسيوي التقليدي. ومن ثم تبدو زيارة القاهرة امتدادًا لخط تحرك أوسع يربط بين سياسة كوريا في آسيا –والتي ظهر جانب منها في قمة الآسيان– وبين انفتاحها على الشرق الأوسط كمجال للتنويع الاقتصادي والاستراتيجي.
وفي هذا الإطار، يحمل إعلان الرئيس الكوري لمبادرة SHINE خلال الزيارة رسالة واضحة مفادها أن كوريا تسعى لتأسيس إطار دبلوماسي شامل للتعاون في المنطقة، يقوم على محاور الاستقرار والابتكار والشبكات والتعليم. طرح المبادرة من القاهرة تحديدًا يعكس رغبة كوريا في أن تكون مصر نقطة انطلاق لهذا التوجه، بما لها من ثقل جيوسياسي وإقليمي. كما أن التركيز على التعاون الصناعي وتوطين الإنتاج يعبر عن محاولة كورية لبناء مراكز تصنيع خارج شرق آسيا، مدفوعة بتحولات المنافسة الدولية وتحديات سلاسل الإمداد، وهو ما يجعل مصر شريكًا مثاليًا بفضل موقعها الجغرافي وبنيتها الصناعية.
كذلك تكشف الجولة عن رغبة كوريا في تأمين أسواق جديدة في القطاعات المستقبلية، وخاصة الذكاء الاصطناعي والاتصالات والصناعات الثقيلة. اختيار هذه القطاعات على وجه التحديد يشير إلى تحول في العقل الاستراتيجي الكوري نحو بناء تحالفات تكنولوجية تضمن لها الحفاظ على موقعها العالمي في ظل احتدام المنافسة بين القوى الكبرى. وبذلك تصبح جولة الرئيس الكوري جزءًا من توجه أشمل يربط الدائرة الآسيوية بالدائرة الشرق أوسطية عبر شبكة من الشراكات الصناعية والتكنولوجية.
- الدلالات بالنسبة لمصر والشراكة الاقتصادية الجديدة
بالنسبة لمصر، تمثل هذه التطورات انتقالًا بالعلاقات المصرية–الكورية إلى مستوى جديد من الشراكة الاستراتيجية العميقة، لا سيما مع إعلان التوجه بتسريع إبرام اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة (CEPA) التي من شأنها أن تؤسس لمرحلة أكثر استدامة في التعاون التجاري والاستثماري. هذه الاتفاقية من الممكن أن تمنح مصر مزايا هيكلية تتجاوز مجرد زيادة الاستثمارات؛ إذ تسهم في دمج الاقتصاد المصري داخل سلاسل الإنتاج الكورية عالميًا، بما يرفع من قدرة مصر على التصدير ويعزز تنافسيتها الصناعية.
كما يكتسب التعاون المصري الكوري في القطاعات الجديدة مثل الذكاء الاصطناعي، الاتصالات، السيارات، وبناء السفن أهمية خاصة في ضوء التوجه المصري نحو تعميق الصناعة ونقل التكنولوجيا. فإقدام الشركات الكورية على توطين صناعاتها داخل مصر يمثل خطوة نوعية في تطوير القدرات الإنتاجية المصرية، بما يدعم التحول نحو اقتصاد أكثر اعتمادًا على التكنولوجيا ويخلق فرص عمل عالية المهارة. وإلى جانب ذلك، يسهم التعاون في التعليم واستكمال اتفاقية الضمان الاجتماعي في إرساء قاعدة اجتماعية وإنسانية داعمة للشراكة طويلة الأمد بين البلدين.
وتبرز زيارة الرئيس الكوري كذلك مكانة مصر المتزايدة في الحسابات الآسيوية، لا سيما مع اختيار القاهرة كمنصة لإطلاق مبادرة SHINE. هذا الاختيار يعبّر عن إدراك كوريا للدور المحوري لمصر في محيطها الإقليمي، سواء من حيث موقعها الجغرافي الذي يربط آسيا بأفريقيا وأوروبا، أو من حيث بنيتها التحتية اللوجستية والمناطق الاقتصادية التي تتيح تحوّل مصر إلى مركز تصنيع وتصدير للمنتجات الكورية. وبذلك تمثل الشراكة المصرية–الكورية نموذجًا لتفاعل استراتيجي جديد في المنطقة يقوم على التكنولوجيا والصناعة والابتكار، وعلى رؤية مشتركة لتعزيز الاستقرار والتنمية.
في الختام، إن إبرام الشراكة الاستراتيجية الاقتصادية الشاملة وتحويلها من وثائق إلى واقع ملموس يتطلب التركيز على توطين التكنولوجيا بدلاً من الاكتفاء بتجميعها، بما يضمن تحقيق طفرة إنمائية حقيقية تقود الاقتصاد المصري نحو المستقبل. وفي هذا السياق، تغتنم مصر الفرصة لتعميق حضورها داخل سلاسل القيمة الدولية، عبر جذب الصناعات عالية التقنية، وبناء قدرات بشرية مؤهلة، وتحويل الشراكات الكبرى –وفي مقدمتها الشراكة المصرية الكورية– إلى رافعة لتحول اقتصادي مستدام يعزز مكانتها الإقليمية والدولية.
الدراسات الاقتصادية وقضايا الطاقة































