أشار وزير السياحة أحمد عيسى خلال مشاركته في الجلسة العامة لمجلس الشيوخ يناير 2024، إلى أن هناك نموًا بنسبة 33٪ في نصيب مصر من حركة السياحة العالمية لعام 2023 مقارنة بعام 2019، حيث كان نصيبها من إجمالي حركة السياحة العالمية 0.9٪ في 2019 مقابل 1.2٪ في 2023، وأضاف الوزير خلال حديثه في الجلسة النقاشية الوزارية لمنظمة الأمم المتحدة للسياحة، أن مصر تستهدف من خلال الاستراتيجية الوطنية المصرية للسياحة المستدامة 2030 الوصول بنصيبها من حركة السياحة العالمية في عام 2028 من 1.6% إلى 1.7%، عن طريق زيادة معدلات الحركة السياحية الوافدة إلى مصر بين 25% و30% سنويًا، مما يؤهلها لجذب 30 مليون سائح.
تم إجراء مقارنة تحليلية لما توفر من بيانات سياحية لعامي 2010 & 2023، باعتبارهما أفضل الأعوام السياحية أداءً، من أجل التعرف على مدى تطور أداء المقصد السياحي المصري خلال الفترة البينية والمقدر مداها بثلاثة عشر عامًا، بالإضافة إلى التعرف على قدرة صناعة السياحة في مصر لتحقيق مستهدفات الاستراتيجية السابق الإشارة إليها.
أولًا: أعداد السائحين
استطاع السوق السياحي المصري أن يجذب 14.7 مليون سائح عام 2010، واحتلت مصر المركز 18 بين أكثر الدول الجاذبة للسياحة في 2010، وأصبح رقمًا قياسيًا ظل متفردًا لسنوات عديدة، نظرًا لما شهدته مصر من تقلبات سياسية وأمنية وتأثيرات عالمية أصابت سوق السياحة العالمي عامة ومصر خاصة. ولكن يأتي عام 2023 وتستعيد صناعة السياحة أمجادها وتحقق رقمًا قياسيًا جديدًا في أعداد السائحين الوافدين بحوالي 14.9 مليون سائح (انظر الشكل التالي).
المصدر: الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء
ثانيًا: الإيرادات السياحية
حققت السياحة المصرية عام 2010 إيرادات قُدرت بحوالي 12.5 مليار دولار، وفرت 20% من حصيلة النقد الأجنبي الوارد للبلاد في هذا العام، أما في العام المالي 2022-2023 فقد حققت السياحة المصرية رقمًا قياسيًا جديدًا على مستوى الإيرادات السياحية بتحقيق ما يقارب 15 مليار دولار، تمثل حوالي 19.3% من إجمالي دخل العملة الصعبة للبلاد. وتشير الأرقام إلى زيادة متوسط ما ينفقه السائح، حيث نجد أن المتوسط العام لإنفاق السائح في عام 2010 كان يقدر بحوالي 850 دولارًا، بينما أصبح يقدر بحوالي 1،006 دولار في عام 2023 بمعدل زيادة 18.4%.
المصدر: الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء & https://ecss.com.eg/37814/
ثالثًا: الليالي السياحية
في عام 2010 شهدت المقاصد المصرية زيادة كبيرة في أعداد الليالي السياحية والذي يعتبر الأكبر في تاريخ السياحة المصرية بـ147 مليون ليلة سياحية، بمتوسط 10 ليلة/سائح. على الرغم من أن 2010 أصبح العام الثاني من حيث أعداد السائحين بعد 2023، فإنه ما زال الأعلى من حيث متوسط عدد الليالي التي يقضيها السائح في مصر. وعلى سبيل التقريب، وحتى يتم نشر بيانات عام 2023، فقد وصل إجمالي عدد الليالي السياحية في عام 2022 (الأحدث في توفر البيانات) إلى 131 مليون ليلة سياحية، بمتوسط 8.8 ليلة/سائح، وهو المعدل الذي من المتوقع له أن يتحسن مع توافر بيانات عام 2023.
المصدر: الكتاب الإحصائي للسياحة 2018 &
رابعًا: الأسواق السياحية
استطاعت مصر جذب العديد من الجنسيات المختلفة نظرًا لتعدد المنتجات السياحية التي تقدمها، فقد تصدر الأوروبيون عام 2010 بنسبة 75% من إجمالي السائحين. ومع أن الأوروبيين ما زالوا يتصدرون مصادر السياحة الأخرى، إلا أن نسبتهم انخفضت لتصبح 63% في عام 2022. وجاء العرب بالمرتبة الثانية لعام 2010 بنسبة 14%، وارتفعت إلى نسبة 26% بعام 2022، ليأتي بعدهم الأمريكيون وأصحاب الجنسيات الأخرى.
المصدر: الكتاب الإحصائي للسياحة 2018 &
خامسًا: الغرف الفندقية
امتلاك الغرف الفندقية المناسبة من حيث العدد والنوع، يعتبر إحدى الركائز الرئيسية التي تعتمد عليها الدول السياحية في بناء استراتيجيتها السياحية وتسعى لامتلاكها لتحقيق أهدافها. امتلكت مصر عام 2010، 153 ألف غرفة، بينما ارتفع عدد الغرف بعام 2023 لتصل إلى 220 ألف غرفة بنسبة زيادة قدرها 44%، منها 14209 غرفة تم افتتاحها أو إعادة تشغيلها خلال عام 2023، ومن المقرر أن يتم افتتاح 25 ألف غرفة فندقية جديدة خلال عام 2024 طبقًا لتصريحات وزير السياحة، حيث تستهدف مصر الوصول إلى 432 ألف غرفة بحلول عام 2028.
المصدر: الكتاب الإحصائي للسياحة 2018 &
لقد تم إجراء المقارنة التحليلية بالاعتماد على أحدث البيانات التي أمكن التوصل اليها، والتي رغم زيادتها وتحسن جودتها بشكل متواصل إلا أنها تعاني من ثغرات لا بد من سدها، فبعض البيانات تقف عند عام 2018، مثل البيانات الخاصة بوسائل وصول السائحين، كما أن بيانات الدول الرئيسية المصدرة للسائحين لعام 2023 لم يتم نشرها بعد، كذلك ما زال على السلطات المختصة إنتاج وإتاحة البيانات المتعلقة بالأنماط السياحية، ونصيب المدن والمقاصد السياحية من السائحين، ومعدلات إنفاق السائحين من الجنسيات المختلفة، وغيرها من البيانات التي تُسهم إتاحتها في تعميق الفهم وتطوير خطط عمل فعالة لتطوير قطاع السياحة.
أبرزت المقارنة التحليلية للبيانات السياحية المتوفرة مدى التقلبات والتحديات التي واجهت السوق السياحي المصري خلال فترة 13 عامًا، حيث جاء البعض منها لأسباب محلية مثل ثورتي 25 يناير 2011 و30 يونيو 2013 والظروف الأمنية والاقتصادية، بينما كانت بعض الأسباب الأخرى عالمية مثل جائحة كورونا وتبعاتها الاقتصادية والنزاعات الدولية، وتأثر مصر الجيوسياسي بها. اتضح من خلال المقارنة أن أعداد السائحين لم تشهد زيادة منذ عام 2010 إلا بعد 13 عامًا، بينما جاءت الإيرادات السياحية أفضل من خلال تخطي إيرادات عام 2010 بعامي 2018 & 2022 وزاد متوسط إنفاق السائحين على المنتجات السياحية. جاء متوسط إقامة السائحين داخل المقاصد السياحية المصرية مخيبًا للآمال انتظارًا لإتاحة بيانات عام 2023، حيث لم يشهد تطورًا خلال تلك الفترة ما يبرز أهمية تطوير وتنويع المنتج السياحي المصري.
ظهرت الأسواق السياحية على حال ثابت، حيث حافظت الدول الأوروبية على تصدر الأسواق المصدرة للسياحة إلى مصر، وجاءت الأسواق العربية وصيفة لها، بينما تتسابق الأسواق الأمريكية والأسواق المختلفة الأخرى. وبالنظر إلى مساهمة السوق الصيني في أعداد السائحين، نجد أن أعدادهم ضئيلة جدًا لا تتناسب مع إمكانات المنتج المصري ولا أعداد السائحين الصينيين عالميًا والتي تقدر بما يعادل 150 مليون سائح في عام 2019 قبل جائحة كورونا، وهي بذلك تعتبر السوق الأكثر تصديرًا للسائحين الدوليين، وتقدر أعدادهم الواصلة إلى مصر ما بين 4000 & 5000 سائح أسبوعيًا خلال عام 2023 وفقًا لتصريحات وزير السياحة والآثار، ويستهدف الوصول إلى 3 ملايين سائح صيني سنويًا بحلول عام 2028. يتضح من ذلك أن استراتيجيات استهداف الأسواق السياحية تحتاج إلى تكثيف الاستهداف لأسواق بعينها، كالسوق الصيني، وتطوير الاستهداف لشرائح ذات إنفاق عالٍ لتُسهم في زيادة الإيرادات السياحية.
شهدت الغرف الفندقية تطورًا خلال تلك الفترة، حيث زادت بنسبة 44%، ما أتاح استيعاب تلك الزيادة في الأعداد السياحية، ومن المستهدف الوصول إلى 432 ألف غرفة بحلول عام 2028 لاستيعاب 30 مليون سائح، لذلك تحتاج المقاصد السياحية لتكثيف الاستثمار الفندقي بمعدل 20% سنويًا، بتنوع درجات الإقامة بناء على دراسات شرائح السوق المستهدفة.
إن بناء تحول رقمي قوي وتحسين الاستدامة وشبكات النقل والتأثير الاجتماعي هي بعض الأهداف الرئيسية التي تتبناها المدن اليوم من أجل زيادة القدرة التنافسية وتحسين منتجها السياحي وتقديم رحلة سلسة للعملاء. كما تُعد التطورات التكنولوجية مثل إنترنت الأشياء والذكاء الاصطناعي، من بين أمور أخرى، عوامل تشكل سلوك المستهلك المتطور. فالمسافرون الآن يبحثون عن مقدمي خدمات يقدمون إنترنت عالي السرعة، وخيارات حجز مرنة، وبيئات مريحة تسمح للسائحين بالعمل عن بعد. ظهر ذلك من خلال تقرير أفضل 100 مدينة في مؤشر المقاصد السياحية لعام 2023 السنوي الصادر عن شركة أبحاث السوق العالمية يورومونيتور إنترناشيونال، والذي يبرز دور الثورة التكنولوجية في العمل على تغيير مستقبل المدن واستراتيجياتها لدفع النمو الاقتصادي والكفاءة والسلامة العامة ونوعية الحياة.
طبقًا لتلك المتطلبات التي تسارع الدول السياحية لامتلاكها وتعظيم تطبيقها لتطوير صناعة السياحة بها، فإن الدولة المصرية مطالبة بالتعرف على تلك المتطلبات وتضمينها كأولويات باستراتيجيات تطوير المقاصد السياحية المصرية، ووضع تصور استثماري يجمع القطاع الحكومي والخاص نظرًا لطبيعة الاستثمار المطلوب، لتوفير تلك المتطلبات وإحداث نقلة نوعية في إمكانات وجودة المنتج السياحي المصري.
المصادر:
https://www.facebook.com/photo/?fbid=856614913175597&set=pcb.856615429842212
https://www.facebook.com/photo/?fbid=859293326241089&set=pcb.859293576241064
تقرير “أفضل 100 مدينة في مؤشر المقاصد السياحية”، يورومونيتور إنترناشيونال، 2023.
تقرير” الأهمية الاقتصادية لقطاع السياحة فى مصر”، المنتدى الاستراتيجى للسياسات العامة ودراسات التنمية “دراية”،2022 .






























