توقفت الحرب الإسرائيلية–الإيرانية في 24 يونيو 2025، بعد 12 يومًا من العمليات العسكرية المكثفة والمتواصلة على مدار الساعة. وفي اليوم التالي مباشرة لإعلان وقف إطلاق النار، توجه وزير الدفاع الإيراني، عزيز ناصر زادة، إلى جمهورية الصين الشعبية؛ حيث اجتمع بنظيره الصيني، دونغ جونغ، في زيارة أثارت تساؤلات عديدة على مستوى وسائل الإعلام العالمية، حول مدى التقارب بين بكين وطهران، وتأثيره المحتمل في موازين القوى في الصراع مع الجانب الإسرائيلي، لا سيما فيما يتعلق برفع كفاءة الترسانة العسكرية الإيرانية. كما تُثير الزيارة تساؤلات أخرى عن ما إذا كانت تمثل انسحابًا روسيًا كاملًا من معادلة الشرق الأوسط، وخطوة إضافية تعزز من الحضور الصيني على الساحة الدولية.
كان للصين موقف حذر جدًا في التعامل مع العمليات العسكرية بين إيران وإسرائيل؛ حيث تركز رد الفعل الصيني على التنديد بعدم شرعية الهجمات الاستباقية الإسرائيلية على إيران وضرورة الحوار واللجوء إلى الدبلوماسية. بالإضافة إلى عدم تركيز وسائل الإعلام الصينية على متابعة الأزمة بشكل مكثف. وعدم التدخل في هذه الحالة يشبه عدم التدخل الصيني في أزمة البحر الأحمر، للضغط على الجانب الإيراني لكبح جماح مليشيات الحوثي لإيقاف الهجمات، بالرغم من الدعوات الدولية المستمرة. وإلى الآن، فإن الوجود الصيني في منطقة الشرق الأوسط يرتكز على العامل الاقتصادي ومحاولة إيجاد التوازن بين الشراكات الإقليمية، مع بصمة عسكرية طفيفة.
الحياد المحسوب:
بحسب الدراسة المنشورة بتاريخ 18 يونيو 2025 في مركز الفكر البلجيكي BTH، ففي خلال فترة الحرب الإيرانية–العراقية في الثمانينيات، برزت الصين كموردٍ أساسي للأسلحة لإيران مثل الدبابات والصواريخ المضادة للسفن -بإجمالي مبيعاتٍ يزيد عن ملياري دولار. وفي التسعينيات، ساعدت الصين أيضًا في تطوير البرنامج النووي الإيراني الناشئ من خلال بناء مفاعلاتٍ بحثية ومنشآتٍ أخرى، لكن الضغوط الأمريكية في منتصف التسعينيات دفعت بكين إلى تقليص هذا التعاون النووي المباشر. وبحسب Jane’s Weekly، جهّزت إيران منشأةً لإنتاج الصواريخ بالتعاون مع الصين تحت اسم “مصنع نصر-1” في 7 مارس 2010. بالإضافة إلى تطوير عديد من القدرات الدفاعية بحسب العقيدة الشرقية القتالية الحديثة التي تم ابتكارها منذ الألفية الثانية (A2/AD)، بالتوازي مع التقارب مع الجانب الروسي، والذي كان بوابةً لتحديث عديد من الفروع في الجيش الإيراني، وكان أبرز المستفيدين منه سلاح الدفاع الجوي. وبحلول عام 2021، شَهِدَ توقيع اتفاقية الشراكة الاستراتيجية لمدة 25 سنة، على أن تنتهي عام 2046، وتشمل استثماراتٍ صينية بقيمة 400 مليار دولار في مجالات البنية التحتية، والطاقة، والدفاع، ويتضمّن بندًا للتعاون العسكري وتبادل المعلومات الأمنية، مع الأخذ في الاعتبار أن الصين تُعد أكبر مشترٍ للنفط الإيراني بنسبة 90٪، وفي يونيو 2025، وصلت واردات الصين من النفط الإيراني إلى 1.8 مليون برميل يوميًا – وهو رقمٌ قياسي تاريخي، بحسب موقع Tehran Times
وعلى الرغم من ذلك، تفادى الجانب الصيني إعلان دعمه المباشر للجانب الإيراني، وتحديدًا في المجال العسكري، ونفى صحة أي تقارير تشير إلى هذا التعاون، وأبرزها تقرير فاينانشال تايمز الصادر في يناير الماضي، وذلك عقب الضربة التي نفذتها إسرائيل في أكتوبر من العام الماضي، والتي استهدفت بطاريات دفاع جوي ومنشآت لتصنيع الصواريخ، بهدف تدمير خلاطات الوقود الصلب اللازمة لإنتاج الصواريخ البالستية متوسطة المدى.
وقد تم رصد السفينتين الإيرانيتين “غُلبون” و”جيران”، اللتين نقلتا أكثر من 1,000 طن من نترات الصوديوم -وهي مادة تُستخدم في تصنيع نترات الأمونيوم، المكون الرئيسي للوقود الصلب المستخدم في الصواريخ. ووفقًا لما ذكره مسئولان إيرانيان لم يتم الإفصاح عنهم، فإن هذه الكمية من نترات الصوديوم يمكن أن تُنتج ما يقارب 960 طنًا من نترات الأمونيوم، والتي تُشكل نحو 70٪ من تركيبة الوقود الصلب المستخدم في الصواريخ. وتُقدّر هذه الكمية بأنها كافية لإنتاج 1,300 طن من الوقود الصلب؛ مما يُتيح تزويد نحو 260 صاروخًا إيرانيًا متوسط المدى بالوقود، مثل صواريخ “خيبر شكن” أو “حاج قاسم”، وبهذا النوع من الدعم يمكن للقوة الصاروخية الإيرانية الاستمرار في إنتاج هذه الفئة من الصواريخ إلى أن يتم تعويض الخلاطات المحلية ولهذا السبب عملت إسرائيل على مهاجمة مخابئ تخزين الصواريخ ومنشآت التصنيع واستهداف منصات الإطلاق في العمليات الأخيرة.
تُعد الصين ثاني أكبر شريك تجاري لإسرائيل بعد الولايات المتحدة بحسب المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية IISS حيث بلغ حجم التبادل التجاري بينهما نحو 17 مليار دولار قبل عام 2024. ويتركز هذا التعاون في مجالات تكنولوجيا الزراعة، وأشباه الموصلات، والبرمجيات، والأجهزة الطبية، إلى جانب الاستثمارات في البنية التحتية مثل الطرق، والموانئ، والسكك الحديدية.
أما في المجال الدفاعي والتصنيع العسكري، فقد اقتصر التعاون على مستوى محدود خلال فترة التسعينيات، شمل بيع تصميمات طائرة J-10، إضافةً إلى تقنيات خاصة بصواريخ جو-جو والطائرات الانتحارية بدون طيار من نوع Harpy، وذلك بحسب تقريرٍ نُشر على موقع The National Interest في أغسطس 2021. غير أن التدخل الأمريكي حال دون استمرار التعاون بين البلدين في المجال الدفاعي، بينما استمر التعاون بينهما في باقي المجالات المدنية والتجارية.
إعادة بناء الجيش
بحسب التقرير السنوي الصادر عن “المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية (IISS)”، يمتلك الجيش الإيراني ما مجموعه 86 بطارية دفاع جوي من مختلف الطرازات متوسطة المدى، مثل بطاريات “هوك” الأمريكية، إلى جانب المنظومات الإيرانية “خوراد”، و”رعد”، و”مرصاد”، والتي تُعد نسخًا محلية مكافئة للمنظومة الروسية “بوك”. كما تشمل الترسانة الدفاعية منظومات بعيدة المدى مثل “إس-200″ و”إس-300″ الروسية، و”بافار-373” الإيرانية المصنّفة كمكافئ محلي لها.
تعتمد جميع هذه المنظومات على التوجيه الراداري، وتُدار ضمن شبكات دفاع جوي تهدف إلى تأمين العاصمة والمواقع الاستراتيجية والمدن الرئيسية. ويتم تعزيز هذه الشبكات بمنظومات إنذار مبكر بعيدة المدى، قادرة على كشف الأهداف الجوية المختلفة من مسافات بعيدة. وتُشكّل هذه الدفاعات حائط الصد الرئيسي في العقيدة الدفاعية الإيرانية، خصوصًا بعد تراجع المستوى التقني والجاهزية القتالية لسلاح الجو الإيراني ، بجانب وجود عديد من عربات ومنظومات الدفاع الجوي التي تتعامل مع الأهداف شديدة الانخفاض وقصيرة المدى والرشاشات السريعة التي كانت أكثر المنظومات التي تم استخدامها في الحرب الأخيرة.
في الإطار العام للعقيدة العسكرية الإيرانية، يُسند إلى سلاح الجو دور محوري في تقديم الدعم الجوي للقوات البرية والبحرية، بالإضافة إلى تنفيذ عمليات هجومية باستخدام ذخائر موجهة بعيدة المدى، وذلك من خلال مقاتلات تكتيكية وقاذفات مثل سو-24، سو-22، وميراج، F1. أما مهمة الاعتراض الجوي، فتُؤدي بشكل محدود ضمن ما يُعرف بـ”دفاع المنطقة” (Zone Defense) ، وتُنفَّذ قرب القواعد الجوية وفوق المدن، وليس على مسافات بعيدة عن بطاريات الدفاع الجوي.
وتُعزى هذه المحدودية في قواعد الاشتباك إلى افتقار الأسطول الجوي الإيراني للتحديث؛ إذ يعتمد على أكثر من 100 مقاتلة من الجيل الرابع تعود إلى سبعينيات القرن الماضي، بما في ذلك طائرات F-14، F-5، F-4، ميج-29، وF-7. ورغم جهود القيادة الجوية للحفاظ على جاهزية هذه الطائرات عبر تحديثات محلية محدودة، فإن قدرتها القتالية باتت غير متوافقة مع تطورات الحرب الجوية الحديثة، سواء من حيث التكنولوجيا أو التسليح.
وفقًا للبيانات الرسمية الإسرائيلية، فقد نجح سلاح الجو الإسرائيلي، في الساعات الأولى من انطلاق العمليات العسكرية بتاريخ 13 يونيو، في تحييد 80 بطارية دفاع جوي إيرانية من مختلف الأنواع. وقد أظهرت المعطيات الميدانية وصور الاستهدافات أن الهجمات تركزت على المنظومات المتوسطة التي تتمتع بقدرة عالية على المناورة، إضافة إلى المنظومات الثابتة ورادارات الإنذار المبكر. أما منظومات الدفاع الجوي بعيدة المدى من طراز S-300 الروسية، فقد كانت قد تكبّدت خسائر كبيرة خلال الهجوم الإسرائيلي الذي نُفّذ في أكتوبر الماضي، ولم يتم تعويضها بشكل كافٍ أو تطويرها إلى نسخ أكثر تطورًا يمكنها التصدي للهجمات الأخيرة.
بالتوازي، تكبّد سلاح الجو الإيراني خسارة مؤكدة لخمس مقاتلات على الأرض، في وقت أفاد فيه طيارون إسرائيليون أن الطائرات الإيرانية انطلقت فعلًا في مهامٍ اعتراضية خلال الليلة الأولى من الهجوم، لكنها لم تتابع مسار الاشتباك؛ حيث عادت إلى قواعدها الجوية دون خوض مواجهة مباشرة. لا تزال أسباب هذا القرار مجهولة، سواء كانت تعود لتقدير الطيارين أنفسهم أو لتوجيهات صادرة من قيادتهم.
هذا الانسحاب الجوي المفاجئ، تزامنًا مع انهيار الخطوط الدفاعية الأمامية، وفّر فرصة كبيرة للطيران الإسرائيلي لاختراق الأجواء الغربية لإيران والتوغل لاحقًا شرقًا؛ مما أتاح له السيطرة الجوية الكاملة على مسرح العمليات الإيراني خلال الأيام الأولى من الحملة.
كل هذه العوامل مجتمعة شكّلت بيئة عملياتية مثالية للهيمنة الجوية الإسرائيلية؛ مما فرض على القيادة الإيرانية بعد إعلان وقف إطلاق النار التحرك بسرعة لتعويض الخسائر الكبيرة على مستوى الدفاع الجوي، إلى جانب البحث عن بدائل حديثة لسلاح الجو المتقادم. وتُعدّ الصين، في هذا السياق، طرفًا قادرًا على تقديم حلول استراتيجية لتعويض الفجوات في القدرات الدفاعية والهجومية الإيرانية.
حلول وعقبات
لعب الجانب الصيني دورًا محوريًا في إعادة بناء القدرات الإيرانية على المستويين التكتيكي والاستراتيجي، من خلال خطوات متدرجة ومتسارعة. وتتوزع هذه الإسهام على أربعة محاور رئيسية تشمل القوات الجوية، والدفاع الجوي، والقوة الصاروخية، إلى جانب البرنامج النووي.
على مستوى القوات الجوية: تشهد الصناعات الجوية الصينية فترة ازدهار استثنائية، بعد أن أثبتت كفاءتها خلال المعركة الجوية بين الهند وباكستان، وبرزت عالميًا عبر صواريخها بعيدة المدى. تُنتج الصين جميع فئات المقاتلات متعددة المهام، بدءًا من الطائرات الخفيفة التكتيكية مثل J-10 بنسختيها C وD، مرورًا بـJ-11 التي تعادل مقاتلات SU-27 الروسية، ووصولًا إلى المقاتلات الثقيلة من طراز J-16. كما تشمل الترسانة الصينية مقاتلات الجيل الخامس مثل J-20 وJ-31/35 . من اللافت أن وزير الدفاع الإيراني ظهر في الإعلام الصيني داخل قمرة طائرة J-10؛ مما يوحي بتوجه إيراني أولي نحو هذه الطائرة، التي تُعد خيارًا منطقيًا؛ نظرًا لاعتماد تصميمها على النموذج الغربي لمقاتلات F-16، بما يتناسب مع خبرات الطيارين الإيرانيين الذين يقودون بالفعل طائرات أمريكية الصنع من طراز F-4 وF-14 . وتُوفر J-10 مزيجًا قويًا من تنوّع الذخائر، وقدرات الرصد الكهروبصرية، إلى جانب تكلفة تشغيل منخفضة، وزمن استعداد وإقلاع أقل من باقي الطائرات؛ مما يجعلها مثالية للعمليات الدفاعية إذا تم الحصول على أعداد كبيرة منها.
على مستوى الدفاع الجوي: تستطيع إيران الاستفادة من الرادارات الصينية للإنذار المبكر، مثل رادار JY-27 الذي يعمل في نطاق VHF ويبلغ مداه 390 كم، مع قدرة على كشف الطائرات الشبحية من مسافة 200 كم، وفقًا لما تشير إليه الشركة المصنعة. رغم أن هذا الرادار يُعد الأحدث في الترسانة الصينية، فإن مداه أقل من نظرائه مثل JY-26 و YLC-8. أما المنظومات الصاروخية بعيدة المدى المضادة للصواريخ البالستية، فتشمل HQ-9 ونسختها التصديرية FD-2000، المكافئة للـS-300 PMU-2 الروسية التي كانت إيران تمتلكها؛ مما يُسهّل تعويض البطاريات المفقودة واستعادة القدرة سريعًا. بالإضافة إلى ذلك، تُقدّم منظومة HQ-18 بديلًا عن S-300V، وهي من بين الأفضل في اعتراض الصواريخ البالستية، بينما تُعد HQ-22 نظيرة لمنظومة BUK-M3 المتطورة، وهي متوافقة مع نظم محراب ورعد الإيرانية التي تعتمد على التصميم الروسي.
وعلى صعيد القوة الصاروخية، تملك الصين القدرة على تزويد إيران بالوقود الصلب اللازم لتطوير الصواريخ البالستية سريعة الإعداد والإطلاق، كما يمكنها دعم تطوير منظومات التوجيه الهجينة التي تجمع بين التوجيه بالقصور الذاتي والأنظمة الفضائية، بهدف تقليل نسبة الخطأ في ضرب الأهداف، وهو جانب ضعيف ظَهَر في تجارب إيران السابقة. ويمكن لهذه التطويرات أن تتم عبر منشآت الصواريخ التي تُعاد تهيئتها، أو من خلال تمرير نسخ تصديرية من الصواريخ الصينية مثل DF-17 وDF-21، والتي تعمل بالوقود الصلب وتستخدم مركبات انزلاقية فرط صوتية، تتجاوز سرعة الصوت بعشر مرات في المرحلة النهائية؛ مما يسمح لها باختراق أنظمة الدفاع الجوي متعددة الطبقات.
على مستوى دعم البرنامج النووي الإيراني: تمتلك الصين من السجل التاريخي والخبرة ما يُؤهلها لدعم طموحات إيران النووية من جديد. فوفقًا لوكالة WION، ساعدت الصين منذ بداية الألفية الثانية في بناء مفاعل نووي وتوفير أربعة مفاعلات بحثية إضافية، كما ساعدت في بناء مصنع لتخصيب سادس فلوريد اليورانيوم قرب أصفهان، وهو ما يُشير إلى قدرة سريعة على إعادة بناء القدرات النووية الإيرانية، لا سيما في ظل وصول مستويات التخصيب إلى 60%، وهي نسبة تُعد قريبة من العتبة اللازمة لإنتاج سلاح نووي.
انطلاقًا من كل ذلك، تبدو الصين الشريك الأمثل لإنقاذ إيران في هذا التوقيت، خاصة في ظل انشغال روسيا بالحرب المستمرة في أوكرانيا، وما تسبّبت به من تراجع في قدرتها على تصدير الأسلحة والطائرات ومنظومات الدفاع الجوي. ويتزامن ذلك مع خفوت الدور الروسي في شرق المتوسط، ومحاولة موسكو الحفاظ على موطئ قدمها في قاعدة طرطوس، وهو ما يفتح الباب واسعًا أمام الصين لتكون الطرف البديل في هذا المشهد الاستراتيجي المعقد.
العقبات: تظل العقبة الرئيسية التي تواجه إعادة بناء القدرات العسكرية الإيرانية متمثلة في الاستراتيجية الإسرائيلية المستقبلية للتعامل مع هذه القدرات، مع طرح تساؤل جوهري حول احتمال تنفيذ ضربات استباقية مُحكَمة تهدف إلى إحباط أي محاولات لإعادة الإعمار العسكري، على غرار ما يحدث حاليًا مع حزب الله. وتتزايد هذه المخاوف في ظل الأجواء الإيرانية المفتوحة والمُهيّأة لاستيعاب أي مجهود جوي إسرائيلي، سواء عبر المقاتلات التكتيكية أو الطائرات المُسيّرة بمختلف أنواعها، دون وجود ردع أو منظومة دفاع فاعلة تُعوق تنفيذ مثل هذه العمليات. وهو ما يجعل عملية إعادة البناء العسكري أكثر تعقيدًا وهشاشة. في المقابل، قد يتم التوصل إلى تفاهمات غير مُعلنة مع الجانب الصيني تقضي بتمرير أنظمة تسليح منخفضة الأداء أو مُخفّفة القدرات، بما يضمن عدم الإخلال بالتفوق النوعي الإسرائيلي في المنطقة ويخفف حدة التوترات مع الغرب، لا سيما في ظل التدقيق الدولي المتزايد على أي دعم خارجي للقدرات العسكرية الإيرانية. كما أن أي دعم صيني لإيران في برنامجها النووي خاصة للاستخدامات العسكرية قد يواجه برفض أمريكي وغربي كبير.
ختامًا، يبدو أن إيران تعول كثيرًا على التدخل الصيني لإعادة توازن الردع الاستراتيجي في المنطقة، لكن هذا التدخل سيكون محسوبًا بعناية، بحيث يراعي المصالح المشتركة مع الجانب الإسرائيلي. فالصين، في سعيها لتحقيق أقصى استفادة اقتصادية من الشراكة مع إيران، مع الحفاظ على موقع استراتيجي في الشرق الأوسط، ستكون مضطرة لتقديم دعم محدود القدرات أو متدرج التطور، يمنع التصعيد ويُبقي على التفوق النوعي الإسرائيلي، وبالتالي يُرضي الأطراف الغربية أيضًا. أما بالنسبة لإيران، فالخيارات أمامها تضيق يومًا بعد يوم بفعل العقوبات الدولية، التي كانت العامل الحاسم في تآكل قدراتها العسكرية ومنعها من إجراء تحديثات جوهرية في قوتها العسكرية. ونتيجة لذلك، لم يتبقَ أمامها سوى الطرفين الروسي والصيني كشريكين محتملين، مع ترجيح كفة الصين على المدى القصير بسبب انشغال روسيا المستمر في أوكرانيا. في هذا السياق، فإن إيران بحاجة ملحة لإعادة بناء قوتها الجوية، مدعومة بمنظومة دفاع جوي فاعلة وشبكة رادارات متقدمة، تستطيع من خلالها فرض حد أدنى من الردع أمام أي مغامرة جوية إسرائيلية محتملة. إلا أن هذا المسار يواجه تحديات حقيقية، أبرزها استمرار التهديدات الإسرائيلية على المستويين الأمني والعسكري، والتي تستهدف بشكل واضح تعطيل أي جهود إيرانية لإعادة بناء قدراتها العسكرية، عبر عمليات استباقية دقيقة أو تحركات محسوبة تهدف إلى إبقاء طهران في دائرة الإنهاك العسكري.
مراجع:
- Vinod Janardhanan, China hand: Did you know Chinese cooperation in Iranian nuclear programme goes back decades?,WION, Jun 23, 2025
- Jinhan Li, Iran-Israel conflict: ‘China has no appetite to be involved’. DW ,17 june 25
https://www.dw.com/en/iran-israel-conflict-china-has-no-appetite-to-be-involved/a-72944742
- Jerusalem Post, Israel calls on China to rein in Iran’s military and nuclear ambitions – report, JULY 2, 2025.
https://www.jpost.com/middle-east/iran-news/article-859692
- Financial times, Ships carrying missile propellant ingredients set to sail from China to Iran, say officials,March19,2025.
https://www.ft.com/content/f0bc9fcc-11b3-4615-bd24-163f8938f2a5
- Tehran Times, Iran’s oil exports to China hit record high in June, June 29, 2025
https://www.tehrantimes.com/news/515068/Iran-s-oil-exports-to-China-hit-record-high-in-June
- Sumit Ahlawat, China Unveils “Stealth Killer” Radar That Media Claims Can Track Both F-22 & F-35 & Guide Precision Strikes ,The Eursian times . May 25, 2025
- Seth J. Frantzman, 12-day Iran conflict, Breaking defense , 1 July 2025