شهد العقد الأخير صعود منصات التواصل الاجتماعي لتصبح أحد أهم مكونات المشهد الإعلامي الرقمي عالميًا، وكان تطبيق “تيك توك” الذي أطلقته شركة “بايت دانس” الصينية عام 2016 من أبرز هذه المنصات وأكثرها انتشارًا، خاصة بين الفئات العمرية الشابة. يتميز تيك توك بخاصية عرض مقاطع الفيديو القصيرة بأسلوب تفاعلي يعتمد على خوارزميات متقدمة تقدم محتوى مخصصًا لكل مستخدم؛ مما جعله أداة مؤثرة في تشكيل الاتجاهات الثقافية وأنماط التفاعل الاجتماعي.
ورغم ما يتيحه من فرص للتعبير والإبداع والتواصل، فإن الانتشار السريع للتطبيق أثار مخاوف متزايدة حول تداعياته على الخصوصية، وانتشار المحتوى غير الموثوق، وإمكانية استغلاله في التأثير على المزاج العام، سواء في السياق الاجتماعي أو القضايا العامة. وقد دفعت هذه المخاوف عددًا من الدول إلى فرض قيود أو حظر جزئي أو كامل على التطبيق.
تهدف هذه الورقة إلى تقديم تحليل مركّز لاستخدامات تيك توك، وتقييم المخاطر المرتبطة به، وعرض تجارب دولية يمكن الاستفادة منها في رسم سياسات متوازنة للتعامل مع هذه المنصة.
واقع الانتشار والاستخدام في مصر
بحسب البيانات الرسمية الصادرة عن Data Reportal في 3 مارس 2025، لتطبيق TikTok، شهدت مصر خلال العامين الأخيرين نموًا متسارعًا في قاعدة مستخدمي المنصة، خاصة بين الفئات الشابة:
- عدد المستخدمين البالغين (+18) بلغ نحو 32.94 مليون في أوائل 2024 (يمثلون 46.7% من إجمالي البالغين، و40.2% من مستخدمي الإنترنت)، ثم ارتفع إلى 41.3 مليون في أوائل 2025 (56.1% من البالغين، و42.9% من مستخدمي الإنترنت).
- معدل النمو السنوي: حوالي +25.4%؛ أي زيادة 8.4 مليون مستخدم في عام واحد، مع نمو 6% تقريبًا بين أكتوبر 2024 ويناير 2025 فقط.
- التوزيع حسب الجنس: 64.2% ذكور، مقابل 35.8% إناث، مع ملاحظة أن نسبة الإناث انخفضت عن 2024؛ حيث كانت 38.3%.
- التركيبة العمرية التقديرية: نحو 32.6% من الفئة 18–24 عامًا، و46.2% من الفئة 25–34 عامًا؛ مما يؤكد أن المنصة تهيمن على الشرائح العمرية الأكثر نشاطًا رقميًا.
المقارنة مع المنصات الأخرى في مصر: (2025)
- فيسبوك: حوالي 52.9 مليون مستخدم (71.9% من البالغين).
- إنستجرام: حوالي 24.1 مليون مستخدم (32.8% من البالغين).
- سناب شات: حوالي 14.7 مليون مستخدم (20.1% من البالغين).
يتضح من المقارنة أن تيك توك بات قريبًا جدًا من فيسبوك في حجم الجمهور النشط، متجاوزًا إنستجرام وسناب شات بفارق كبير، وهو ما يفسر تصاعد أهميته كمنصة رئيسية للتأثير الرقمي في مصر.

أضحى تطبيق تيك توك في السياق المصري يتجاوز كونه مجرد منصة ترفيهية، ليغدو فضاءً متعدد الأغراض يجمع بين التفاعل الاجتماعي، والأنشطة الاقتصادية، والتعبير الثقافي، وصولًا إلى التأثير في أنماط التفكير والسلوك الجمعي. غير أنّه لا تتوفر بيانات دقيقة تكشف نسب كل استخدام على حدة؛ الأمر الذي يحد من إمكانية رسم صورة كمية واضحة لهذه الأدوار.
أولًا: الترفيه وصناعة المحتوى القصير
يُعد الجانب الترفيهي هو المدخل الأساسي لاستخدام تيك توك في مصر؛ حيث يجذب التطبيق شرائح واسعة من الشباب والمراهقين من خلال الفيديوهات القصيرة القائمة على الكوميديا، الموسيقى، والرقص. هذا الاستخدام خلق بيئة تفاعلية تعكس الثقافة الشعبية المحلية وتُعيد إنتاجها في صورة رقمية، كما سمح بظهور “مؤثرين جدد” من خارج النطاق التقليدي للإعلام. ومع ذلك، فإن الطابع الترفيهي لا يخلو من مخاطر تتعلق بترسيخ أنماط سطحية من الاستهلاك الثقافي.
ثانيًا: التسويق الرقمي والتجارة الإلكترونية
أصبح تيك توك أداة فاعلة للشركات والعلامات التجارية الصغيرة والكبيرة على السواء؛ حيث يوفر منصة منخفضة التكلفة للوصول إلى ملايين المستخدمين عبر الإعلانات الممولة أو المحتوى الدعائي غير المباشر. وتُظهر التجربة المصرية أنّ عددًا متزايدًا من رواد الأعمال وأصحاب المشروعات الصغيرة يعتمدون على تيك توك في الترويج لمنتجاتهم، بما يسهم في توسيع قاعدة المستهلكين وزيادة فرص النمو الاقتصادي الرقمي.
ثالثًا: التعليم ونشر المعرفة المبسطة
رغم الطابع الترفيهي الغالب، فإن التطبيق يشهد نموًا ملحوظًا في استخدامه لأغراض تعليمية. فقد ظهر محتوى تعليمي مبسط في مجالات مثل تعلم اللغات، المهارات المهنية، والإرشادات الصحية، وهو ما يعكس توظيفًا مبتكرًا للفيديوهات القصيرة في نقل المعرفة لجمهور واسع. غير أنّ هذا الاستخدام يظل محدودًا مقارنة بالاستخدامات الترفيهية، ويواجه تحديات تتعلق بدقة المعلومات ومصداقية المصادر.
رابعًا: التفاعل الاجتماعي وصناعة الهوية الرقمية
يمثل التيك توك فضاءً جديدًا للتواصل وبناء الهويات الفردية والجماعية؛ حيث لا يقتصر دور المستخدمين على استهلاك المحتوى بل يمتد إلى إعادة إنتاجه عبر المشاركة في “الترندات” وصناعة الفيديوهات التفاعلية. هذا التفاعل المستمر يعزز من الإحساس بالانتماء إلى مجتمع رقمي واسع، ويتيح للأفراد التعبير عن هوياتهم الثقافية والاجتماعية.
كما يتجاوز استخدام التطبيق البعد الترفيهي ليشمل أنماطًا من التعبئة الاجتماعية “الرخوة”، فالتطبيق بات أداة لنشر حملات دعم مجتمعي أو تضامن مع قضايا إنسانية وخيرية، مثل جمع التبرعات للمرضى أو تسليط الضوء على حالات اجتماعية تحتاج إلى مساعدة عاجلة. كما يُستخدم أحيانًا في نشر رسائل توعوية سريعة الانتشار تتعلق بالصحة العامة أو مواجهة السلوكيات الضارة.
هذا الدور يعكس قدرة المنصات الرقمية على تحفيز أشكال جديدة من التضامن الاجتماعي غير الرسمي؛ حيث يعتمد التأثير على سرعة الانتشار والتفاعل الجماهيري بدلًا من الأطر التنظيمية التقليدية. الأمر الذي يمنح تطبيق التيك توك دورًا محوريًا كوسيط في نقل القيم المجتمعية، وتعزيز أنماط الاستجابة الجماعية الفورية تجاه الأزمات والأحداث الطارئة، “بغضّ النظر عن كون تلك الاستجابات إيجابية أم سلبية”.
التحديات الخفية: المخاطر الاقتصادية والأمنية والاجتماعية المرتبطة بتطبيق التيك توك
أولًا: مخاطر على مستوى الخصوصية والأمن الرقمي
يمثل التطبيق مصدرًا مركبًا للتهديدات؛ حيث تتداخل مخاطره الرقمية والمجتمعية مع أبعاد الأمن القومي والأمن العام في آن واحد. فمن الناحية التقنية، يثير التطبيق مخاوف تتعلق بحماية البيانات الشخصية في ظل الصلاحيات الواسعة التي يطلبها للوصول إلى الصور والموقع الجغرافي وجهات الاتصال، وهو ما يفتح المجال لاحتمالات استغلالها في الإعلانات الموجهة أو لأغراض خارجية قد تمس الأمن الرقمي للدولة.
وعلى المستوى المجتمعي، تسهم خوارزميات دفع المحتوى في تضخيم الشائعات وحملات التضليل المنظمة، بما ينعكس سلبًا على الاستقرار الداخلي ويقوض الثقة في المؤسسات الرسمية. كما أن المحتوى المثير أو السلبي قد يشجع أنماطًا سلوكية غير منضبطة بين الشباب؛ مما يهدد السلم الاجتماعي. هذه التهديدات مجتمعة تجعل من تيك توك أداة محتملة للاختراق الخارجي والتأثير الداخلي؛ مما يربط بين حماية الأمن السيبراني وصون الأمن القومي والحفاظ على الأمن العام في مصر.
ثانيًا: تأثيرات نفسية وسلوكية
يرتبط استخدام تيك توك لفترات طويلة بظواهر مثل الإدمان الرقمي وتراجع التركيز، خاصة بين الفئات العمرية الصغيرة التي تمثل الشريحة الكبرى من مستخدمي التطبيق. كما أن طبيعة الخوارزميات، القائمة على تغذية المستخدم بالمحتوى الذي يثير انتباهه باستمرار، قد تخلق دوائر مغلقة من المعلومات تؤدي إلى تعزيز سلوكيات معينة أو نشر صور نمطية غير واقعية عن النجاح والجمال والحياة اليومية، وهو ما قد يسهم في اضطرابات مرتبطة بالصحة النفسية مثل القلق أو الاكتئاب.
ثالثًا: انتشار المعلومات المضللة والمحتوى غير الملائم
من أبرز التحديات التي تواجه استخدام تيك توك سرعة انتشار الأخبار والمقاطع غير الدقيقة أو المزيفة، خاصة في أوقات الأزمات. ويُضاف إلى ذلك صعوبة ضبط المحتوى الذي قد يتضمن رسائل تتعارض مع القيم الثقافية أو الأخلاقية السائدة. هذه المعضلة تزداد تعقيدًا في ظل محدودية أدوات الرقابة الذاتية لدى المستخدمين؛ مما يجعل الشباب أكثر عرضة لتبني رؤى أو ممارسات غير متناسبة مع البيئة الاجتماعية المحيطة.
رابعًا: المخاطر الاجتماعية غير المباشرة
على الرغم من الدور الإيجابي في تعزيز التفاعل، فإن تيك توك قد يُستخدم أحيانًا لإحداث أشكال من الاستقطاب الاجتماعي عبر تضخيم قضايا هامشية أو تسليط الضوء على أنماط سلوك غير تقليدية بهدف جذب المشاهدات. هذه الظاهرة، إذا لم تُدار بوعي مجتمعي، قد تؤدي إلى تغييرات تدريجية في منظومة القيم أو إلى تصدير أنماط حياة غير منسجمة مع السياق المحلي.
السياسات الدولية تجاه التيك توك: بين الحظر والتنظيم
رغم محاولات شركة “بايت دانس” المالكة لتطبيق تيك توك التأكيد على استقلالية المنصة ونفي أي ارتباط مباشر مع الحكومة الصينية، فإن المخاوف الدولية لا تزال قائمة، بل وتتزايد. فمصدر القلق الأساسي يتمثل في الطبيعة الاستراتيجية للبيانات التي يجمعها التطبيق، والتي يمكن أن تُستغل في التأثير على الأمن القومي أو التلاعب بالرأي العام في الدول المختلفة. وتتعزز هذه المخاوف في ظل البيئة التشريعية الصارمة داخل الصين؛ حيث يفرض قانون الخصوصية الصيني قيودًا مشددة على كيفية جمع وتخزين البيانات، مع وجود تخوفات من إلزام الشركات المحلية بمشاركة بياناتها مع السلطات.
هذه الاعتبارات دفعت عديدًا من الدول إلى التعامل مع تيك توك باعتباره منصة تحمل شبهة تهديد أمني واستخباراتي؛ الأمر الذي يفسر توجهها إلى فرض قيود متفاوتة وصلت في بعض الحالات إلى الحظر الكلي. وتبرز تجارب الدول المختلفة في هذا السياق كنماذج عملية لتوضيح حجم هذه المخاوف، وكيفية انعكاسها على القرارات السياسية والتشريعية المرتبطة بالتطبيق.
أولًا: حظر التطبيقات على الأجهزة الحكومية فقط
العديد من الدول اختارت حظر استخدام تيك توك ضمن بيئة العمل الحكومي فقط، بدلًا من فرض حظر شامل:
- الاتحاد الأوروبي: البرلمان والمفوضية والمجلس حظروا استخدام التطبيق على الأجهزة الرسمية حرصًا على أمن البيانات.
- المملكة المتحدة: منع تحميل التطبيق على أجهزة الوزراء والموظفين الحكوميين بعد تحذيرات من المركز الوطني للأمن الإلكتروني.
- فرنسا: في 24 مارس 2023، اتخذت الحكومة الفرنسية قرارًا بحظر تثبيت واستخدام التطبيقات الترفيهية مثل تيك توك ونتفلكس وإنستغرام على هواتف العمل الخاصة بـ 2.5 مليون موظف حكومي، وهو إجراء دخل حيّز التنفيذ فورًا من خلال تعميم ملزم، مع استثناء الهواتف الشخصية لموظفي الدولة. وتُعد فرنسا أول دولة توسّع نطاق الحظر ليشمل تطبيقات ترفيهية أخرى على الأجهزة الحكومية، مبررة القرار بأن هذه التطبيقات لا توفر مستويات كافية من الأمن السيبراني وحماية البيانات، وهو ما قد يشكّل خطرًا على بيانات الإدارات العامة وموظفيها.
- وزير الخدمة العامة الفرنسي ستانيسلاس غيريني برر هذا الإجراء بدعوى ضمان الأمن السيبراني للإدارات الحكومية والعاملين فيها. كما لجأت فرنسا في مايو 2024 إلى فرض حظر مؤقت على تيك توك في كاليدونيا الجديدة، أحد أقاليمها في المحيط الهادئ، في إطار جهودها لاحتواء أعمال شغب عنيفة شهدها الإقليم.
- النرويج: في 23 مارس 2023، قرر البرلمان النرويجي حظر تطبيق تيك توك على أجهزة العمل، وذلك بعد تحذير وزارة العدل من عدم وجوب تثبيت التطبيق على الهواتف المخصّصة لموظفي الحكومة. وقالت وزيرة العدل حينها، إميلي إنغر ميل، في بيان لها إن: “التقييمات الأمنية الصادرة عن أجهزة الاستخبارات النرويجية تعتبر روسيا والصين أبرز عوامل التهديد لمصالح النرويج الأمنية”، الحكومة النرويجية رأت أن “هذه الأجهزة تشير أيضًا إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي تُعد ساحة مفضلة لجهات خطرة وأطراف أخرى تسعى للتأثير علينا عبر التضليل والأخبار الزائفة”. وأن الموظفين الحكوميين يمكنهم استخدام تيك توك عند الضرورة المهنية، لكن فقط على أجهزة غير متصلة بشبكة الحكومة. كما دعت كل من العاصمة أوسلو ومدينة بيرغن، ثاني أكبر مدن البلاد، موظفي البلديات إلى إزالة تيك توك من هواتفهم الوظيفية.
ثانيًا: حظر دائم أو مؤقت شامل
بعض الدول فرضت قيودًا أوسع امتدت إلى الحظر المباشر للتطبيق لأسباب متنوعة:
- الهند: في عام 2020، فرضت الهند حظرًا على تيك توك وعشرات التطبيقات الصينية الأخرى مثل وي تشات، بسبب مخاوف تتعلق بالخصوصية والأمن.
وجاء هذا القرار بعد اشتباك مسلح بين القوات الهندية والصينية عند حدود الهيمالايا المتنازع عليها، أسفر عن مقتل 20 جنديًا هنديًا وإصابة العشرات. وبعد منح الشركات فرصة للرد على أسئلة تتعلق بالمتطلبات الأمنية والخصوصية، قررت الحكومة جعل الحظر دائمًا في يناير 2021. - ألبانيا: فرضت ألبانيا حظرًا لمدة عام على تطبيق “تيك توك” في نهاية عام 2024. لم يكن القرار قائمًا على مخاوف أمنية أو ارتباط الشركة بالسلطات الصينية، بل جاء نتيجة مشكلات داخلية تتعلق بتزايد مظاهر العنف. ففي ديسمبر 2024، أعلن رئيس الوزراء الألباني إيدي راما عن حظر التطبيق في مطلع عام 2025، محمّلًا التطبيق مسئولية تصاعد العنف والتنمر بين الشباب. وقال خلال اجتماع شعبي: إن “تيك توك سيُغلق بشكل كامل للجميع، ولن يكون هناك وجود لتيك توك في جمهورية ألبانيا”. وقد أثار هذا القرار غضب مستخدمي التطبيق داخل البلاد.
- نيبال: فرضت حظرًا في أواخر 2023 بدعوى الحفاظ على التآخي الاجتماعي، لكن الحظر رُفع منتصف 2024 بعد تفاهمات مع تيك توك.
ثالثًا: الغرامات التنظيمية والتدقيق الأوروبي
الاتحاد الأوروبي يقود حاليًا حملة رقابية صارمة ضد تيك توك:
- إيرلندا فرضت غرامة ضخمة قدرها 530 مليون يورو بسبب انتهاكات في نقل بيانات المستخدمين إلى الصين والاحتفاظ بها دون وضوح كافٍ للأسباب.
- وفي تطور لاحق، غُرّم التطبيق بنحو 600 مليون دولار إضافية لانتهاكه اللائحة العامة لحماية البيانات (GDPR)، ضمن أكبر الغرامات الأوروبية ضد شركات التكنولوجيا.
رابعًا: الجدل الأمريكي حول الحظر كقضية أمنية
في 13 مارس 2024، صوّت مجلس النواب الأمريكي بأغلبية كبيرة على مشروع قانون يُلزم الشركة الأم لتطبيق تيك توك، ومقرها بكين، بالتخلي عن ملكية التطبيق أو مواجهة حظر شامل في جميع أنحاء البلاد.
وكان هذا الإجراء قد واجه في وقت سابق معارضة من مجلس الشيوخ بسبب مخاوف تتعلق بحرية التعبير، إلا أنه تمت الموافقة عليه في 24 أبريل 2024 كجزء من حزمة تشريعية أوسع. وأُرسل المشروع إلى جو بايدن “الرئيس السابق “. وحينها قالت رئيسة لجنة التجارة في مجلس الشيوخ، ماريا كانتويل: “يتحرك الكونغرس لمنع الخصوم الأجانب من ممارسة التجسس والمراقبة والعمليات الخبيثة، وإلحاق الضرر بالأمريكيين الأكثر عرضة للخطر، وأفراد قواتنا المسلحة، وموظفي الحكومة الأمريكية”.
وفي 17 يناير 2025، وصل القانون في نهاية المطاف إلى المحكمة العليا الأمريكية، التي أيّدت بالإجماع الحظر استنادًا إلى اعتبارات الأمن القومي.
الجدير بالذكر أن أكثر من نصف الولايات الخمسين في الولايات المتحدة قد فرضت بالفعل حظرًا على تيك توك في الأجهزة الحكومية بسبب مخاوف تتعلق بأمن البيانات، كما منحت الحكومة الفيدرالية الوكالات مهلة حتى نهاية مارس 2025 لحذف التطبيق من الأجهزة والأنظمة الرسمية. وفي تطور لموقف الولايات المتحدة الأمريكية تجاه التطبيق أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في يونيو 2025، أنه سيوقّع أمرًا تنفيذيًا جديدًا يمنح تطبيق تيك توك تمديدًا إضافيًا لمدة 90 يومًا لتسوية وضعه داخل الولايات المتحدة، وتجنّب الحظر النهائي.
وختامًا، يتضح أن تيك توك لم يعد مجرد منصة ترفيهية أو وسيلة للتواصل الاجتماعي، بل تحول إلى ظاهرة متعددة الأبعاد تحمل انعكاسات مباشرة على الاقتصاد والأمن القومي والأمن العام. فمن جهة، يمثل التطبيق سوقًا ضخمة تستقطب الشباب وتعيد تشكيل أنماط الاستهلاك والإعلانات، لكنه في الوقت نفسه يفتح المجال أمام فوضى اقتصادية غير منظمة تضر بالقطاع الرسمي. ومن جهة أخرى، تثير آليات جمع البيانات وخوارزميات نشر المحتوى مخاطر أمنية ومجتمعية متزايدة، تتراوح بين اختراق الخصوصية الرقمية، وتأجيج الشائعات، وإضعاف الثقة بالمؤسسات، بما ينعكس على الاستقرار العام. أمام هذه التحديات، يصبح التعامل مع تيك توك ضرورة استراتيجية تتطلب سياسات متكاملة، تجمع بين الرقابة الذكية، والتشريعات الواضحة، وحملات التوعية المجتمعية، لضمان الاستفادة من إمكاناته الاقتصادية والإعلامية، مع الحد من مخاطره على الأمن الوطني.
المصادر:
- Irish Data Protection Commission. (2025, May 2). TikTok fined €530 million for illegally transferring EU user data to China. Reuters.
- Euronews Staff. (2025, January 17). Which countries have banned TikTok? Euronews. Retrieved from [Euronews article].
- Data Protection Commission. (2025, May 2). TikTok fined €530 million by EU regulator over data protection concerns. Reuters.
- Spirlet, T. (2025, May 2). TikTok hit with $600 M fine over data transfers to China. Business Insider. Retrieved from [Business Insider article].
- Sanders, B. (2025, January 17). Law banning TikTok upheld by Supreme Court, app to be banned on Sunday. OurMidland. Retrieved from [OurMidland article].
- Kemp, S. (2025, March 3). Digital 2025: Egypt. DataReportal (We Are Social & Meltwater). Retrieved from DataReportal website.
- Kepios. (2025). Digital in Egypt. DataReportal. Retrieved from DataReportal website (datareportal.com)