في 22 أكتوبر 2025 استضافت بروكسل القمة الأولى بين مصر والاتحاد الأوروبي في حدث يعد محطة فارقة في تاريخ العلاقات بين الجانبين، فقد جاءت القمة لتجسد قناعة مشتركة بضرورة الانتقال من التعاون التقليدي إلى شراكة استراتيجية شاملة، تمتد من الاقتصاد والتجارة إلى السياسة والتنمية والحقوق، وقد أكد البيان الختامي هذا التوجه بوضوح، من خلال التأكيد على التزام الطرفين بتحقيق الاستقرار والأمن والسلام كدعائم لأي عملية تنموية، ومشددًا على أن الشراكة لا تقوم فقط على المصالح المادية بل على الحوكمة الرشيدة، سيادة القانون، واحترام حقوق الإنسان، بما يعكس توجهًا لبناء علاقة متوازنة تقوم على المصالح المشتركة والاحترام المتبادل.
من جانب آخر أكدت القمة على المكانة المحورية لمصر في الاستقرار الإقليمي، وأشاد الاتحاد الأوروبي بجهود القاهرة في إدارة الملفات الحساسة وفي مقدمتها القضية الفلسطينية؛ حيث لعبت مصر دورًا رئيسيًا في الوساطة واحتواء التصعيد، وشدد الطرفان على ضرورة التمسك بحل الدولتين ورفض الاستيطان، وهو ما عكس توافقًا استراتيجيًا حول الملفات المرتبطة بالأمن الإقليمي بالمنطقة، وفي خطوة عملية، تم الإعلان عن عقد مؤتمر دولي لإعادة إعمار غزة تستضيفه القاهرة بعد تثبيت وقف إطلاق النار، في إشارة إلى ثقة المجتمع الدولي في قدرة مصر على قيادة جهود إعادة البناء وتعزيز دورها كفاعل أساسي في مسارات السلام والتنمية.
ما القمة الأوروبية المصرية؟
القمة الأوروبية المصرية التي انعقدت في بروكسل يوم 22 أكتوبر 2025 مثلت الاجتماع الأول من نوعه بين قادة الاتحاد الأوروبي ومصر، لتشكل نقطة تحول بارزة في مسار العلاقات الثنائية وترفعها إلى مستوى استراتيجي؛ حيث جاءت القمة تتويجًا لمسار ممتد من التعاون بين الجانبين، وقد بدأ بتوقيع اتفاقية الشراكة عام 2004، ثم أولويات الشراكة للفترة 2017–2020، وصولًا إلى إطلاق الشراكة الاستراتيجية والشاملة في مارس 2024، التي أرست إطارًا أشمل للتعاون السياسي والاقتصادي والأمني، ومن ثم يعد انعقاد القمة تحولًا جوهريًا في طبيعة العلاقة، من مجرد علاقة “مانح و متلق” تقليدية إلى شراكة متكافئة قائمة على المصالح المشتركة والالتزامات المتبادلة، هذه الشراكة لم تعد محصورة في التعاون الاقتصادي والتجاري فحسب، بل امتدت لتشمل ملفات الطاقة والتحول الأخضر والأمن والدفاع والسياسة الدولية، وهو ما يعكس إدراكًا متبادلًا لدور مصر المحوري بالنسبة للاتحاد الأوروبي كشريك أساسي لا يمكن الاستغناء عنه في محيط المتوسط وأفريقيا.
لماذا عقدت القمة الأوروبية–المصرية؟
انعقاد القمة لم يكن حدثًا بروتوكوليًا عابرًا، بل جاء استجابة لجملة من التحولات الجيوسياسية والاقتصادية التي فرضت نفسها على المشهدين الإقليمي والدولي، وجعلت من التعاون بين الاتحاد الأوروبي ومصر ضرورة استراتيجية، يمكن سرد تلك المتغيرات في التالي:
أولًا: تغير البيئة الجيوسياسية: إذ تسبب اندلاع الحرب في غزة وما ترتب عليها من أزمة إنسانية غير مسبوقة، في وضع مصر في قلب جهود الوساطة الإقليمية؛ الأمر الذي أكسبها ثقلًا إضافيًا في حسابات أوروبا، كما أن الحرب الروسية الأوكرانية التي اندلعت في فبراير من عام 2022 وما نتج عنها من اضطرابات في أسواق الطاقة والغذاء، دفعت أوروبا للبحث عن شركاء موثوقين لتعويض الفجوات، وهو ما يجعل مصر، بموقعها وقدراتها، خيارًا استراتيجيًا لتعويض الاحتياج الأوروبي، يضاف إلى ذلك الأزمات المتفاقمة في ليبيا والسودان والقرن الأفريقي، والتي تؤثر مباشرة على استقرار الإقليم، بما يعزز الحاجة لتعاون أمني وسياسي أوثق مع القاهرة.
ثانيًا: المصالح الأوروبية في المتوسط: ترى أوروبا في مصر شريكًا محوريًا لضبط ملف الهجرة، خاصة بعد تنامي الضغوط على السواحل الأوروبية بفعل تدفقات المهاجرين، وهو ما دفع أوروبا إلى تبني سياسة دمج الحماية والردع وخلق مسارات قانونية منظّمة وقد سبق أن أقر الاتحاد الأوروبي حزمة تعاون للهجرة تشمل دعمًا ماليًا قدره 200 مليون يورو (2024–2027)، وفعل شراكة المواهب لفتح قنوات هجرة قانونية وربط المهارات بالأسواق الأوروبية، إلى جانب تعزيز إدارة الحدود ومكافحة التهريب والاتجار بالبشر، ومن الجدير بالذكر أن مصر تحتضن أحد أكبر تجمعات اللاجئين في المنطقة؛ وتُظهر أوراق المفوضية السامية لشئون اللاجئين أن عدد اللاجئين وطالبي اللجوء المسجّلين في مصر تجاوز مليون شخص منتصف 2025، مع تقديرات حكومية بوصول السودانيين الفارّين منذ 2023 إلى نحو 1.5 مليو؛ مما يفسّر لماذا تعتبرها بروكسل ركيزة في إدارة الملف إقليميًا، لكن وعلى الجانب الآخر فقد أعلنت الحكومة المصرية رسميًا أن مصر تستضيف «قرابة 10 ملايين أجنبي» من جنسيات متعددة، ويمكن تفسير الفوارق بين بيانات الجانبين في التحديات التي يواجهها لاجئو مصر لاستيفاء متطلبات القيد والتسجيل في مكاتب المفوضية السامية لشئون اللاجئين والتي يتم تنظيمها وفق اتفاقية 1951، كما تُقدِّر المنظمة الدولية للهجرة إجمالي «المهاجرين الدوليين» في مصر بنحو 9 ملايين (تقدير 2022 المُستخدَم على نطاق واسع في وثائق الأمم المتحدة)، وهو تعريف يشمل المقيمين لأسباب عمل أو دراسة أو لمّ شمل، لكنه يظل أدنى من رقم الحكومة الأحدث.
أما عن ملف الطاقة، فمصر أضحت مِفصلًا لأمن الطاقة الأوروبي بعد اضطراب إمدادات الغاز الروسية، احتاجت أوروبا إلى بدائل سريعة ومتنوّعة وقد تم بناء عليه توقيع مذكرة تفاهم ثلاثية مع الاتحاد الاوروبي لزيادة إمدادات شرق المتوسط لأوروبا عبر مصانع إسالة مصر في إدكو ودمياط؛ وهذا يفسّر مركزية مصر في معادلة الغاز الأوروبية؛ حيث أكدت وزارة الطاقة الأمريكية أن مصر هي الدولة الوحيدة في شرق المتوسط التي تمتلك قدرة تصدير LNG حتى منتصف 2025، وتُستخدم بنيتها أيضًا كممر لتسييل غاز الجوار وإعادة تصديره؛ مما يمنحها وزناً بنيوياً في أمن الطاقة الأوروبي حتى مع تقلبات الإنتاج المحلي.
إلى جانب الغاز، تضع بروكسل والقاهرة رهانًا استراتيجيًا على الكهرباء الخضراء العابرة للحدود مشروع GREGY ( كابل HVDC تحت البحر ~954 كم، قدرة حتى 3,000 ميغاواط، ثنائي الاتجاه) مدرج ضمن قوائم مبادرة Global Gateway/PCI-PMI، لمدّ أوروبا بطاقة متجددة من مصر وتعزيز أمن الشبكات لدى الجانبين. وقد نصّ بيان القمة صراحة على دعم GREGY ضمن مشروعات الربط والشبكات.
ثالثًا: المصالح المصرية: على الجانب الآخر، تنظر القاهرة إلى القمة باعتبارها فرصة لتعزيز المصالح المصرية المباشرة مع أحد أهم شركائها الدوليين. فالعلاقات الراسخة مع الاتحاد الأوروبي تمثل ركيزة أساسية في دعم جهود التنمية والإصلاح الاقتصادي. وتسعى مصر إلى البناء على مخرجات برامج الإصلاح الاقتصادي التي طبّقتها خلال السنوات الماضية، والتي انعكست في تحسن أداء معظم المؤشرات الاقتصادية، إلى جانب رفع التصنيف الائتماني لمصر من قبل مؤسسات التصنيف العالمية، وهو ما منح الاقتصاد المصري قدرًا أكبر من الثقة لدى المستثمرين الدوليين، هذه النتائج فتحت أمام مصر آفاقًا جديدة للنمو وجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، خاصة في القطاعات ذات الأولوية مثل الطاقة المتجددة، البنية التحتية، والصناعات التحويلية. ومن ثم، فإن القاهرة ترى في الاتحاد الأوروبي شريكًا قادرًا على توفير الدعم المالي والاستثماري والتكنولوجي، بما يعزز مسارها نحو تحقيق تنمية شاملة ومستدامة، ويعطي دفعة قوية لبرامج الإصلاح الجارية.
ومن ثم فمصر تمثل “حزمة نفاذ” متكاملة للاتحاد الاوروبي تشمل تعاونًا عمليًا في الهجرة القانونية وإدارة الحدود لتخفيف الضغوط على المتوسط، وبنية غاز وإسالة وتصدير تخدم أمن الإمدادات الأوروبي، وممر كهرباء خضراء قاري قيد التطوير، هذا المزيج الذي ثبّته بيان القمة بالأرقام والمشاريع والأُطر المؤسسية -هو ما يجعلها شريكًا لا بديل عنه في حسابات بروكسل للمتوسط.
أهداف ونتائج القمة الاقتصادية
مثل البُعد الاقتصادي أبرز محاور القمة؛ حيث تم الإعلان عن حزمة دعم بقيمة 7.4 مليار يورو (5 مليارات قروض ميسرة، 1.8 مليار استثمارات، 600 مليون منح) ، كما أُطلقت آلية استثمارية مشتركة (EU–Egypt Investment Mechanism) لتعبئة 5 مليارات يورو حتى 2027، بتمويل من الصندوق الأوروبي للتنمية المستدامة بلس أداة EFSD+ (European Fund for Sustainable Development Plus)، ومن الجدير بالذكر أن ذلك الصندوق يعمل من خلال ثلاث آليات رئيسية وهي الضمانات المالية التي يتم تقديمها للمستثمرين (شركات – بنوك – صناديق استثمار) لتقليل المخاطر في البيئات عالية المخاطر، والتمويل الميسر من بنوك التنمية (مثل EIB – البنك الأوروبي للاستثمار، EBRD – البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية) لتقليل التكلفة على الدول الشريكة، وتعبئة رأس المال من القطاع الخاص الأوروبي عبر ضمانات وعقود شراكة، بحيث يُضخ التمويل في قطاعات البنية التحتية، الطاقة، المياه، المناخ، والزراعة، ومن الجدير بالذكر أن ميزانية ذلك الصندوق تبلغ حوالي 53.4 مليار يورو خلال الفترة من 2021 وحتى 2027.
من جانب آخر، استهدفت القمة أيضًا تحديث اتفاقية الشراكة التجارية الموقعة عام 2004 والتي استهدفت إنشاء منطقة تجارة حرة تدريجية بين مصر والاتحاد الأوروبي مع إزالة تدريجية للتعريفات الجمركية على السلع الصناعية الأوربية، وإعطاء تفضيلات محدودة للمنتجات الزراعية، إلا أنه منذ ذلك الحين ظهرت عديد من المتغيرات العالمية مثل أزمة سلاسل التوريد بعد جائحة كوفيد-19 والحرب في أوكرانيا، ظهور آليات أوروبية جديدة مثل Carbon Border Adjustment Mechanism (CBAM) وهو ما استوجب إطلاق مسار إصلاح في World Trade Organization (WTO) للتكيّف مع الاقتصاد الرقمي والاقتصاد الأخضر وهو ما يستدعي تحديث تلك الاتفاقية.
وقد خرجت القمة بتوقيع مذكرات تفاهم بقيمة 4 مليارات يورو كمساعدات ماكرو مالية متزامنة مع برنامج صندوق النقد، إضافة إلى الإعلان عن مؤتمرات استثمارية جديدة في 2026 لتسليط الضوء على فرص الاستثمار داخل مصر. هذه النتائج تعكس توجهًا أوروبيًا لاعتبار مصر بوابة رئيسية للتجارة والاستثمار بين أوروبا وأفريقيا، وحرص القاهرة على استقطاب استثمارات نوعية في قطاعات التكنولوجيا الخضراء والصناعات الغذائية والنسيج والأسمدة.
| التبادل التجاري بين مصر والاتحاد الأوروبي (مليار يورو) | الصين | امريكا | |||||||||
| واردات مصر | صادرات مصر | اجمالي التجارة | واردات مصر | صادرات مصر | اجمالي التجارة | واردات مصر | صادرات مصر | اجمالي التجارة | |||
| 2024 | 19.9 | 12.6 | 32.5 | 15.5 | 0.39 | 15.89 | 7.6 | 2.2 | 9.8 | ||
| 2023 | 21.2 | 11.6 | 32.8 | 13.2 | 1.09 | 14.29 | 5.2 | 2 | 7.2 | ||
| 2022 | 20.9 | 16.3 | 37.3 | 14.7 | 1.85 | 16.55 | 6.9 | 2.3 | 9.2 | ||
| 2021 | 21.5 | 9.2 | 30.7 | 14.4 | 1.5 | 15.90 | 6.4 | 2.5 | 9.2 | ||
| 2020 | 18.1 | 6.4 | 24.5 | 11.7 | 0.753 | 12.45 | 4.8 | 1.6 | 9.2 | ||
| 2019 | 19.0 | 8.3 | 27.3 | 11.7 | 0.546 | 12.25 | 5 | 2.2 | 9.2 | ||
| 2018 | 18.0 | 7.6 | 25.7 | 11.6 | 1.04 | 12.64 | 5.4 | 1.7 | 9.2 | ||
| 2017 | 18.4 | 7.4 | 25.8 | 8.1 | 0.696 | 8.80 | 3.9 | 1.4 | 9.2 | ||
| 2016 | 19.1 | 5.9 | 25.1 | 8.9 | 0.497 | 9.40 | 3.8 | 1.14 | 9.2 | ||
| 2015 | 19.1 | 6.4 | 25.5 | 9.7 | 0.44 | 10.14 | 4.3 | 1.2 | 9.2 | ||
| 2014 | 15.6 | 7.6 | 23.2 | 8.1 | 0.329 | 8.43 | 5.2 | 1.1 | 9.2 | ||
جدول رقم 1: التبادل التجاري بين مصر والاتحاد الأوروبي (مليار يورو)
وبالنظر إلى بيانات التجارة بين مصر والاتحاد الاوروبي فهي تُظهر أن الاتحاد الأوروبي يظل الشريك التجاري الأكبر لمصر بفارق واضح عن بقية الشركاء، فقد بلغ حجم التبادل التجاري في عام 2024 نحو 32.5 مليار يورو، وهو مستوى مستقر مقارنة بالسنوات السابقة رغم التباطؤ الاقتصادي العالمي، وتُعد أوروبا السوق الأهم للمنتجات المصرية، إذ بلغت الصادرات إليها 12.6 مليار يورو عام 2024 مقابل 6.4 فقط في 2020؛ مما يعكس زيادة تدريجية في قدرة مصر على النفاذ إلى الأسواق الأوروبية بفضل اتفاقية الشراكة واتساع صادرات الغاز والأسمدة والمنتجات الزراعية. كما أن الواردات الأوروبية –التي تتركز في الآلات والمعدات والمنتجات الكيماوية– حافظت على استقرارها حول 19–21 مليار يورو سنويًا؛ مما يؤكد عمق الترابط الإنتاجي والتجاري بين الجانبين.
وبمقارنة بيانات تجارة مصر مع الاتحاد الأوروبي بنظيرتها مع أمريكا والصين يتضح أن هناك فجوة كبيرة في حجم التبادل التجاري؛ إذ تتجاوز تجارة مصر مع أوروبا ضعف تجارتها مع الصين (15.9 مليار يورو عام 2024) وأكثر من ثلاثة أضعاف تجارتها مع الولايات المتحدة (9.8 مليارات في العام نفسه). كما تُظهر الأرقام أن الاتحاد الأوروبي هو الوجهة الأولى لصادرات مصر؛ حيث تستوعب السوق الأوروبية أكثر من 12 مليار يورو من الصادرات المصرية مقابل أقل من 2.5 مليار دولار للصين والولايات المتحدة مجتمعتين، وهو ما يعكس أهمية السوق الأوروبية لمصر ليس فقط من حيث الحجم، بل من حيث الجودة والقيمة المضافة للصادرات، فالاتحاد الأوروبي يُمثل منفذًا رئيسيًا للغاز الطبيعي المصري بعد أزمة الطاقة في 2022، كما يُعد الشريك الأكبر في تجارة السلع الزراعية والمنسوجات، ومن ثمّ فإن أوروبا ليست مجرد شريك تجاري، بل مركز توازن اقتصادي واستثماري في العلاقات الخارجية لمصر، وتشكّل عصبًا رئيسيًا لاستراتيجية القاهرة في تعزيز صادراتها ذات المكون الصناعي والتكنولوجي عالي القيمة.
ثالثًا: البُعد الاجتماعي الإنساني والبعيد المدى
القمة لم تغفل البعد الاجتماعي والإنساني؛ حيث خُصصت 200 مليون يورو لمشروعات مرتبطة بالهجرة لدعم مصر في استضافة اللاجئين، مع تفعيل شراكة المواهب (Talent Partnership) التي تتيح مسارات قانونية للهجرة. كما جرى التركيز على دعم التعليم الفني والتدريب المهني (TVET)، وتعزيز مشاركة مصر في برنامج Erasmus+، إضافة إلى التعاون في مجالات حقوق الإنسان، سيادة القانون، وتمكين المرأة والشباب. الهدف الاستراتيجي الأبعد كان تحويل العلاقة إلى شراكة شاملة طويلة الأمد (SCP) وبناء تحالف في قضايا الطاقة والتحول الأخضر.
وقد شهدت القمة الإعلان عن مشاريع بقيمة 75 مليون يورو لدعم الإصلاحات الاجتماعية الاقتصادية المحلية، 110.5 مليون يورو للتعليم والتوظيف، 50 مليون يورو للتحول الأخضر، إضافة إلى مشاريع بقيمة 200 مليون يورو يبدأ تنفيذها في 2025/2026، كما جرى التأكيد على حماية الهوية الثقافية عبر التعاون في مواجهة تهريب الآثار وتدريب الكوادر المصرية في الحفظ والترميم.
تمثل القمة الأوروبية المصرية في أكتوبر 2025 علامة فارقة في مسار العلاقات بين الجانبين؛ إذ رسّخت الانتقال من مجرد تعاون تقليدي إلى شراكة استراتيجية شاملة متعددة الأبعاد، فقد عكست المخرجات التوافق الواضح على أن التحديات المشتركة سواء في الأمن أو الاقتصاد أو الطاقة أو الهجرة لا يمكن التعامل معها إلا من خلال تعاون مؤسسي طويل الأجل يقوم على الثقة والاحترام المتبادل.
كما أبرزت القمة الدور المحوري لمصر كفاعل إقليمي رئيسي لا غنى عنه لأمن المتوسط وأفريقيا، فيما أظهر الاتحاد الأوروبي استعداده لتوظيف موارده المالية والمؤسسية لدعم القاهرة في مواجهة الضغوط الاقتصادية والاجتماعية، ويؤكد ذلك أن العلاقة بين الطرفين لم تعد علاقة “مانح ومتلق”، بل تحولت إلى شراكة قائمة على تبادل المنافع، تتجاوز المدى القصير إلى صياغة رؤية مشتركة لمستقبل أكثر استقرارًا واستدامة.
وبينما جرى الاتفاق على عقد القمة المقبلة في القاهرة عام 2027، فإن ما تحقق في بروكسل يؤسس لمرحلة جديدة من التعاون، يُنتظر أن تُترجم إلى برامج عملية تعزز مكانة مصر كبوابة استراتيجية لأوروبا في الجنوب، وتدعم في الوقت ذاته تطلعات الشعب المصري نحو تنمية شاملة ومستدامة.
نائب رئيس وحدة الاقتصاد ودراسات الطاقة






























