يُعد إدراج المجلات العلمية في التصنيفات الدولية دلالة هامة على مكانة الجامعات والمراكز البحثية وقيمة مخرجاتها من البحث العلمي، لذا تهتم كل دولة بإدراج أكبر عدد ممكن من المجلات في مختلف التخصصات في تلك التصنيفات. وتعتمد التصنيفات الدولية مجموعةً من معايير الجودة الصارمة التي يجب أن تتحقق في المجلة، حتى يمكن ضمها إلى قائمة المجلات العلمية بها، وبالتالي فإن إدراج أي مجلة علمية بها هو بمثابة شهادة بالتزام القائمين على المجلة بالانضباط العلمي الصارم في تطبيق معايير النشر، وجودة الأبحاث العلمية المنشورة فيها، وبالتالي جودة الجامعة أو المؤسسة المصدرة للمجلة.
ويساعد تصنيف المجلة في الحفاظ على مراعاة الدقة والجودة فيما يتعلق بالنشر العلمي، وزيادة وضوح البحث العلمي وصلاحيته وتوافره وقراءته، حيث يمكن للمجلات أن تزيد من انتشارها وتأثيرها من خلال فهرسة أو تصنيف منشوراتها من قبل واحدة أو أكثر من قواعد البيانات الموثوقة في العالم، والتي يعد أشهرها على الإطلاق تصنيف “سكوبس” و”كلاريفيت” أو تومسون رويترز سابقًا.
تشترك معظم التصنيفات الدولية في معايير إدراج المجلات في التصنيف، ولكن ربما تكون هناك اختلافات طفيفة ترجع لبعض المعايير الشكلية والفنية التي تخص كل تصنيف أو مجالات التخصص، أو اللغة. وتدور معظم المعايير حول معامل التأثير للمجلة، وعدد الاستشهادات، وعدد الاقتباسات، حيث يتم تعريف معامل التأثير للمجلة بأنه متوسط عدد الاقتباسات والاستشهادات للمقال المنشور في المجلة خلال العام أو العامين السابقين.
أولًا- تصنيف كلاريفيت Clarivate Analytics:
يصدر هذا التصنيف عن شركة تأسست عام 2016، تعود ملكيتها لشركة Onex للاستثمارات الكندية ومصرف Baring البريطاني، حيث قامت هذه الشركة الناشئة بشراء جزء من خدمات شركة طومسون رويترز Thomson Reuters الإعلامية المتعلق بإدارة بيانات حقوق الملكية الفكرية والمجلات العلمية، وبرأس مال قدره 3.5 مليارات دولار. وتقوم الشركة بإدارة قواعد بيانات المجلات العلمية، وإصدار معامل التأثير للمجلات “Impact Factor”، واعتماد المجلات، وغيرها من الخدمات.
يوجد مقر الشركة في ولاية فيلادلفيا الأمريكية، ولها حوالي 100 مكتب فرعي حول العالم، أكبرها مكتب حيدر أباد في الهند، علمًا أن شركة كلاريفيت يتركز عملها على إدارة بيانات المجلات العلمية فقط، ولا تقوم بأعمال النشر، وليس لها علاقة مباشرة بالمجلات العلمية، وذلك عكس التصنيف المهم الثاني، وهو تصنيف Scopus، الذي تعود ملكيته لدار النشر العالمية Elsevier، التي تُعتبر من أكبر دور النشر في العالم.
تصنيف كلاريفيت 2019 – 2020:
مع نشر ملايين الأبحاث سنويًا وكذلك ملايين الاستشهادات والاقتباسات المعروفة في مجتمع البحث العلمي، عملت مؤسسة “JCR”Journal Citation Reports بجمع البيانات وتحليلها للمجلات العلمية ذات معامل التأثير، وإدراجها في تصنيف دولي هو “تصنيف كلاريفيت” الذي صدر في يونيو 2020 هذا العام، وأضاف تصنيف هذا العام بيانات وصفية جديدة للمجلات المجانية مفتوحة المصدر، أو المجلات المزدوجة، وبالتالي تقدم للباحث معلومات شفافة ومحايدة للناشر وعدد الأبحاث المنشورة سواء مجانًا أو برسوم.
احتوى تصنيف كلاريفيت هذا العام على ما يزيد على 21 ألف مجلة علمية، من 83 دولة حول العالم، في 263 مجالًا بحثيًا متنوعًا.
وقد اعتمد تصنيف كلاريفيت أيضًا على ما يسمى معامل الاقتباس الذاتي المحدث للمجلة، وذلك لدعم نزاهة التقارير، فقام بإلغاء 33 مجلة من JCR هذا العام، وهو ما يمثل 0.27٪ من المجلات المدرجة، حيث يتم استبعاد المجلات التي تظهر سلوك اقتباس غير طبيعي، بما في ذلك عندما يكون هناك دليل على الإفراط في الاستشهاد الذاتي، وكثرة الاقتباسات، وذلك لمراعاة معايير الانضباط والجودة العلمية.
بالإضافة إلى ذلك، وجه التصنيف إنذارًا لـ15 مجلة تحتوي على عنصر واحد أو أكثر من عناصر الاستشهادات المشبوهة، التي أثرت على معامل تأثير المجلة نفسها، وذلك بغرض الحد من تشوهات مقياس معامل تأثير المجلات العلمية.
وقد ظهر عدد من المجلات العربية في هذا التصنيف بلغ عددها 67 مجلة، حصلت الإمارات وحدها على 39 مجلة منها، تلتها السعودية بعدد 15 مجلة، ومصر 8 مجلات، والكويت 4 مجلات، وآخرها الأردن بمجلة واحدة.
المجلات المصرية المدرجة في تصنيف كلاريفيت 2020:
بلغ عدد المجلات المصرية ذات معامل التأثير في تصنيف كلاريفيت هذا العام 8 مجلات، يقع معظمها في مجال الهندسة والحاسبات والصحة ومكافحة العدوى. ومن الجدير بالذكر أن مؤسسة كلاريفيت وافقت على ضم 36 مجلة مصرية محلية في Emerging Journals، ويتم حساب الاستشهادات تمهيدًا لوضع معامل تأثير لهم، وبالتالي ضمهم للتصنيف لاحقًا، في خطوة تعتبر مهمة بالنسبة للبحث العلمي في مصر.
جدول (1) يوضح عدد المجلات المصرية المدرجة في تصنيف كلاريفيت لعام 2020

ثانيًا- قاعدة بيانات Scopus:
هي قاعدة بيانات تم اعتمادها منذ عام 2004، تحتوي على ملخصات ومراجعات لمقالات منشورة في مجلات أكاديمية محكمة، وتغطي تقريبًا 22 ألف عنوان من أكثر من خمسة آلاف ناشر، منها 20 ألف مجلة يتم تقييمها بواسطة خبراء في التخصصات العلمية والتقنية والطبية والاجتماعية، بما في ذلك الفنون والعلوم الإنسانية، وتشمل عمليات البحث في قاعدة بيانات سكوبس على البحث في قواعد بيانات براءات الاختراع. ويتم تحديث قائمة المجلات العلمية المحكمة ضمن قاعدة بيانات سكوبس بشكل مستمر، فيتم إضافة مجلات جديدة وخروج مجلات أخرى من التصنيف. وتعتبر قاعدة بيانات سكوبس من أسهل التصنيفات في التعامل مع موقعها الإلكتروني والبحث فيه، خاصة وأنها توفر ملخصًا لأي بحث موجود فيها، وتعتبر هذه الميزة هامة جدًا وغير متوافرة لدى الكثير من قواعد البيانات الأخرى.
يشترط تصنيف سكوبس أن يكون معامل تأثير المجلة أكبر من صفر، أي أنه لا يقبل أي مجلة ليس لها معامل تأثير، وقد بلغ أعلى معامل تأثير حتى الآن 292.278، لمجلة في المجال الطبي، هي ” CA-A CANCER JOURNAL FOR CLINICIANS ” تصدرها الجمعية الأمريكية للسرطان.
وتنتج قاعدة بيانات وتصنيف سكوبس نوعين من المؤشرات هما:
- مؤشر Cite Score: ويمثل عدد الاقتباسات السنوية للأبحاث المنشورة في المجلة العلمية، ويتم احتسابه خلال ثلاث سنوات سابقة، وتعتبر المجلة الأقوى هي المجلة التي يتم الاستشهاد بالأبحاث المنشورة فيها بشكل أكثر.
- مؤشر :h-index ويتعلق بالإنتاج العلمي للباحث، حيث يمثل هذا المؤشر عدد الاستشهادات الخاصة بالباحث من قبل الباحثين اللاحقين.
تصنيف سكوبس 2019 – 2020:
يُعد موقع سكوبس من أكبر قواعد بيانات المجلات والفهرسة في العالم مع تغطية محتوى مؤلفات علمية وتقنية وطبية واجتماعية، فيمكن لمستخدمي سكوبس الحصول على أكبر وأحدث محتوى في العالم بنوعية عالية واختصاصات متعددة، تنشرها خمسة آلاف دار نشر عالمية. تضم قاعدة البيانات أكثر من 22 ألف مجلة محكمةPeer-reviewed) ) منها 3476 مجلة تدعم الوصول الحر (Open Access)، 320 مجلة تجارية ترتبط باختصاص صناعي أو تجاري، وأكثر من 12850 مجلة أكاديمية لديها معامل تأثير أكبر من صفر.
وقد تم الإعلان عن قائمة المجلات العلمية المدرجة في تصنيف سكوباس لعام 2020، والتي تخطت 15 ألف مجلة، وقد ظهرت المجلات العربية بعدد لا بأس به في التصنيف هذا العام تعدى 520 مجلة علمية في التخصصات المختلفة، بعد أن تم حذف بعض المجلات التي كانت ضمن التصنيف الأعوام السابقة. وجاء ترتيب الدول العربية كالآتي:
جدول (2) يوضح عدد المجلات العربية المدرجة في تصنيف سكوبس لعام 2020

المجلات المصرية في تصنيف سكوبس 2020
قام المجلس الأعلى للجامعات المصرية مؤخرًا بتقييم المجلات المصرية التي يتم اعتمادها من قبل لجان الترقيات العلمية لأعضاء هيئة التدريس، وقد بلغ عددها ما يقرب من 600 مجلة مصرية، لم يظهر منها سوى 255 مجلة في تصنيف سكوبس عام 2020، يتركز معظمها على المجالات الهندسية والطبية والتكنولوجية، وقد شهد هذا العام تحسنًا واضحًا، سواء في تصنيف المجلات أو عدد الأبحاث العلمية المصرية المنشورة في مجلات تتبع قاعدة بيانات سكوبس، حيث بلغ عددها حوالي 32 ألف بحث هذا العام بزيادة قدرها 25% عن العام السابق.
وتجدر الإشارة إلى أن المشكلة الأكبر في مصر هي أن معظم الأبحاث، خصوصًا في كليات العلوم الاجتماعية والإنسانية، تُكتب باللغة العربية، بينما هذه التصنيفات الدولية تعطي الأولوية للمجلات التي تكون لغة النشر بها هي اللغة الإنجليزية في الأغلب. ولذا ففي خلال السنوات العشر الأخيرة ظهر عدد من قواعد البيانات العربية، مثل معامل التأثير والاستشهادات المرجعية العربية “ARCIF”، والكشاف العربي للاستشهادات والاقتباسات المرجعية “ARCI”، والتي تعمل على حصر وتصنيف المجلات العلمية العربية في قواعد بيانات كبرى، وإن كانت التصنيفات الدولية الكبرى لا تأخذ بهذه القواعد العربية.




