استقبل المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، يوم الثلاثاء الثامن من يونيو 2021، وفدًا من أعضاء البرلمان الفرنسي؛ للتباحث حول تطورات الوضع السياسي والأمني في الشرق الأوسط.
حضر اللقاء من الجانب الفرنسي كلٌّ من: السيدة فرانسواز دوماس عضو مجلس النواب ورئيسة لجنة الدفاع بمجلس الأمة، وجويندال رويلارد النائب بالمجلس، وأوليفييه مايني مستشار عسكري بالمجلس، وسامي عمورة بالقسم الإداري للمجلس، ويان برايم المستشار السياسي بالسفارة الفرنسية في مصر. فيما حضر اللقاء من الجانب المصري كلٌّ من: الدكتور خالد عكاشة مدير المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، ودكتور توفيق إكليمندوس رئيس وحدة الدراسات الأوروبية، ودكتور أحمد أمل رئيس وحدة الدراسات الإفريقية، والأستاذ أحمد عليبه رئيس وحدة التسلح، والباحثتان ماري ماهر ونوران عوضين من وحدة الشئون العربية والإقليمية بالمركز.
في بداية اللقاء، أوضحت السيدة دوماس أن زيارة الوفد الفرنسي إلى مصر تأتي ضمن جولة شرق أوسطية شملت الإمارات والأردن والعراق، للاستماع إلى تقييم ووجهة نظر المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية وخبرائه وباحثيه بشأن ما يشهده الإقليم، بعد انتهاء المهمة العسكرية الفرنسية ضد تنظيم داعش؛ من تطورات وتعقيدات ذات تأثير على الاستقرار بالمنطقة. وتعد الزيارة إلى مصر هامة في ظل ما يجمع الطرفين المصري الفرنسي من علاقات قوية متعددة الأبعاد، وكذا شراكات استراتيجية، علاوة على ما تمثله الدولة المصرية من مكانة ومركز ثقل في المنطقة.
وبحسب دوماس فإن العلاقة بين مصر وفرنسا قديمة جدًا ومتعددة المحاور والأسس والأعمدة؛ فهي علاقة ثقافية ولغوية واقتصادية وأمنية عسكرية، وتمثل نموذجًا يُحتذى به أمام دول المنطقة، كما أن التعاون المشترك ضد الأشكال المختلفة للإرهاب يقتضي تطوير العلاقات بين البلدين.
وفي هذ السياق، أكد د. خالد عكاشة على ما طرحته دوماس بشأن قوة العلاقات المصرية الفرنسية، وأضاف أنه على مستوى الرأي العام المصري يُنظر إلى فرنسا باعتبارها أهم شريك استراتيجي لمصر في المجتمع الدولي من بين القوى الكبرى.
مداخلة د. خالد عكاشة مدير المركز المصري
انتقل الحديث عقب ذلك إلى تناول تطورات الأوضاع في المنطقة. فعلى صعيد نشاط التنظيمات الإرهابية، أوضح د. خالد عكاشة أن الاصطفاف العالمي لمكافحة الإرهاب كان نشطًا وفعالًا خلال الأعوام من 2015-2019، إلا أن إعلان الانتصار على تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) في العراق وسوريا أدى شأنه شأن مواجهة جائحة الكوفيد إلى خفوت هذا الاصطفاف والتصميم، على الرغم من أن ما تحقق كان بعيدًا عن الانتصار الكامل أو الحاسم. وفي الوقت الذي انشغل فيه العالم بمعالجة تداعيات جائحة كورونا، كان الإرهاب في مرحلة انحسار أو كمون تكتيكي يعيد في إطاره تنظيم قواعده وترتيب تحركاته وتأمين أوضاعه في العديد من المناطق، من أفغانستان إلى العراق وسوريا وصولًا إلى منطقة الساحل والصحراء التي يصفها د. عكاشة بكونها أكثر مناطق العالم خطورة في ملف الإرهاب.
وفي هذا السياق، أشار د. أحمد أمل إلى حضور مقاتلين أجانب داخل ساحات انتشار الإرهاب في إفريقيا. فعلى سبيل المثال، كانت هناك عملية في الصومال نفذها باكستاني، وأخرى في كينيا كان من بين منفذيها يمنيين، ما يعني أن هناك امتدادًا عالميًا للإرهاب في إفريقيا.
مداخلة السيد جويندال رويلارد النائب بمجلس النواب الفرنسي
من جانبه، طرح السيد جويندال رويلارد عددًا من التساؤلات حول تقييم المركز لتطورات الأوضاع فيما يتعلق بالملفين الفلسطيني والإيراني ومنطقة شرق المتوسط.
وفيما يتعلق بتطورات القضية الفلسطينية، أشار د. خالد عكاشة إلى نجاح القيادة المصرية في تحقيق نتائج إيجابية، وأنها ستظل مستمرة في الحوار مع الأطراف حتى الوصول إلى تسوية ما بين الفلسطينيين والإسرائيليين، خاصة مع ما تتمتع به مصر من مساحة ثقل تمكنها من ممارسة دورها بفاعلية.
من جانبه، أوضح أ. أحمد عليبه أنه بشأن مباحثات فيينا الدائرة حاليًا، فإن هناك ثلاثة أهداف أساسية هي: المباحثات مع الجانب الأمريكي حول إحياء اتفاق 5+1، والبرنامج الصاروخي لإيران، والانتشار الإقليمي الإيراني وتأثيراته. وبالنسبة للهدف الأول، فإن هناك مؤشرات على وجود تقدم في المباحثات، وربما تسمح الجولة السادسة بتقييم مقدار التقدم فيه. أما بالنسبة للهدف الثاني، فهو أكثر صعوبة، فالاتفاق النووي يمكن متابعة الالتزام ببنوده وبتنفيذه من خلال هيئات أو أدوات مثل الوكالة الدولية للطاقة الذرية، بينما في حالة البرنامج الصاروخي فإن هذا غير متاح، لا سيما وأن صواريخ إيران موجودة داخل وخارج إيران مع الوكلاء الإقليميين. أما فيما يتعلق بالهدف الثالث الخاص بالانتشار الإقليمي، فقد كان على أجندة الرئيس الأمريكي جو بايدن في البداية، لكنه لم يعد موجودًا الآن.
وعن تطورات الأوضاع بمنطقة شرق المتوسط، أشارت نوران عوضين إلى أن المنطقة تعيش حاليًا حالة من الهدوء النسبي ناتجة عن نجاح التعاون القائم بين مصر ودول قبرص واليونان وفرنسا وإيطاليا، حيث كان لهذا التعاون دور في ازدياد العزلة التركية بمنطقة المتوسط، وهو ما أسهم في تراجع أنشطتها الاستفزازية التي تمثلت ذروتها خلال الفترة من 2018 إلى 2020. كذلك، فقد أسهم هذا التعاون أيضًا في تحول منتدى شرق المتوسط إلى منظمة إقليمية تحظى بدعم دولي.