أبرز مؤتمر حكاية وطن أن القيادة السياسية ايقنت أن استعادة الاستقرار السياسي لن يكتمل بدون اقتصاد قوي ومستدام، فأهتمت بالسير وفق خطة تنمية وإصلاح اقتصادي مرنة ومُتعددة الأبعاد عملت على احتواء التحديات التي شهدها الاقتصاد المصري قبل عام 2014، والتخطيط لإجراء إصلاح شامل ومستدام، كما تكيف مع المقتضيات التي فرضتها الأزمات العالمية، فماذا عن قطاعي الصناعة والتجارة والتعاون الدولي خلال رحلة تسع سنوات؟
ملامح تطور قطاع الصناعة
أظهرت مؤشرات قطاع الصناعة ملامح تطور هذا القطاع منذ عام 2014 وحتى عام 2022؛ حيث ارتفاع معدل نمو الصادرات بنحو 61.3%، وارتفعت الصادرات الصناعية بنسبة 83.5%، وحقق الناتج الصناعي نموا ملحوظا إذ وصل إلى 250%، كما ارتفاع معدل النمو الحقيقي لقطاع الصناعات التحويلية بنسبة 100%.
المؤشر | 2014 | 2022 |
قيمة الصادرات | 21.95 مليار دولار | 35.8 مليار دولار |
قيمة الصادرات الصناعية | 12.1 مليار ولار | 22.2 مليار دولار |
الناتج الصناعي | 357 مليار جنية(خلال العام المالي 2013/2014) | 1.252 تريليون جنية(خلال العام المالي 2022/2023) |
معدلات النمو الحقيقي لقطاع الصناعة التحويلية | 4.77%(خلال العام المالي 2013/2014) | 9.57%(خلال العام المالي 2022/2023) |
وقد تعددت جهود الدولة في هذ الشأن؛ حيث تم إحداث تطوراً فيما يتعلق بنظام تخصيص الأراضي الصناعية، شمل إطلاق الخريطة الاستثمارية بالتعاون مع الهيئة العامة للاستثمار والتي يتم من خلالها تخصيص الأراضي الصناعية، كما أصدر رئيس مجلس الوزراء قرارا بتشكيل لجنة تتولى التخصيص الفوري للأراضي الصناعية وإصدار تراخيص التشغيل.
وارتفع عدد المناطق الصناعية المطروحة من 121 منطقة عام 2014 إلى 147 منطقة صناعية حتى عام 2022، كما حرصت الدولة على طرح عدد من تلك المناطق بالشراكة مع المطورين الصناعيين من القطاع الخاص.
وبجانب المناطق الصناعية، فقد تم إقامة 17 مجمع صناعي في 15 محافظة على مستوى الجمهورية، بتكلفة استثمارية 10 مليار جنية وإجمالي وحدات صناعية تزيد عن 5 آلاف وحدة صناعية، بما يوفر ما يقرب من 48 ألف فرصة عمل. وتم تدشين عدد من المدن الصناعية المتخصصة منها مدينة الجلود بالروبيكي، ومدينة الأثاث بدمياط الجديدة، ومدينة الرخام بالجلالة، ومدينة الدواء منطقة الخانكة، وتم افتتاح المرحلة الأولى من مجمع صناعات الغزل والنسيج بمنطقة الروبيكي.

وعلى صعيد آخر، فقد تم اتخاذ إجراءات إضافية لتحفيز الاستثمار الصناعي، منها: إصدار قانون رقم 153 لسنة 2022 للتجاوز عن 65% من غرامات وفوائد التأخير والضريبة الإضافية على متأخرات الضرائب والجمارك والضريبة العقارية، كما تم إعفاء 19 قطاعا صناعيا من الضريبة العقارية منذ يناير 2022 وتتحمل الخزانة العامة هذه الضريبة لمدة 3 سنوات، فضلا عن مواصلة الحكومة منح قروض بفوائد ميسرة بنسبة 11% لتمويل أنشطة الإنتاج الزراعي والصناعي وتصل قيمة التمويل المخصص لتلك القروض 150 مليار جنية، وكذلك فقد تم منح 24 شركة الرخصة الذهبية، وتم إطلاق استراتيجية تنمية صناعة السيارات من أجل تحقيق الهـــــــــدف الاســـــتراتيجي للدولـــــة المتمثل في تعميق صناعة الســـيارات وكافة الصــــناعات المغذيــة لهــا داخـــل مصـــر، حتــى يــتم الاعتماد على الانتاج المحلي قدر الإمكان.
الرؤية المستقبلية لتعزيز نمو قطاع الصناعة
في إطار رؤية الدولة للوصول إلى صناعة وطنية قوية مستدامة طبقا للاشتراطات العالمية، تم إطـــــــلاق الاســـــــتراتيجية الوطنيــة للصــناعة والتــي ترتكـــــــز علـــــــى جـــــــذب الاســــــتثمارات لتعميــــــق الصــــــناعة، مــــــن خــــــلال استهداف قطاعات صناعية ذات أولويـــة تمتلـــك مصـــر فيهــــا قاعــــدة تصــــنيعية وفرصـــا ومزايـــا تنافســـية على المستويين الإقليمـي والعالمي. وتستهدف الاسـتراتيجية إحراز عـدد مـن الأهـداف الأساسية بحلـول العـام المــــالي 2026/2027، أهمهـــا زيـــادة نصـــيب الصــــناعة مــــن النــــاتج المحلــي الإجمــالي إلــى 20%، والوصـــول إلـــى معدل نمو للصادرات تتراوح بين 18-25% سنويا.
وعملت الدولة على تحديد عدد من الصناعات الاستراتيجية ذات الأولوية والتي تعتمد عليها صناعات اخرى لضمان استدامة سلاسل الإمداد المحلية وتم منحها حوافز استثنائية لجذب كيانات تصنيع عالمية، ومن بين تلك الحوافز: الإلغاء من كافة أنواع الضرائب عدا ضريبة القيمة المضافة لمدة 5 سنوات للتنفيذ والتشغيل في مدة أقصاها 3 سنوات ومع إمكانية استعادة نسبة 50% من قيمة المرافق حال الانتهاء من المشروع في نصف المدة، وجواز مد الاعفاء الضريبي حتى خمس سنوات إضافية وفقا لضوابط محددة.
من الرؤية الوطنية إلى الشراكات الدولية
وبجانب تعظيم الاستفادة من الإمكانيات والمواد الوطنية، فقد هدفت الدولة إلى دفع حدود التعاون الدولي مع شركاء التنمية الثنائيين ومتعددي الأطراف من الحكومات والقطاع الخاص والمجتمع المدني في سبيل دعم أجندة التنمية الوطنية وفق محددات وضوابط تقوم على تعظيم الاستفادة الاقتصادية والاجتماعية من التمويل الإنمائي، وضمان اتساق المشروعات التنموية مع الأولويات الوطنية واهداف التنمية المستدامة وتحسين إدارة التعاون التنموي لتنفيذ المشروعات بشكل فعال.

وقد شهدت رحلة التسع سنوات تنفيذ عدد كبير من المشروعات التنموية بين مصر وشركاء التنمية تصل إلى 352 مشروع بقيمة 22.7 مليار دولار، في عدد من المحاور أبرزها الاستثمار في رأس المال البشري، والأمن الغذائي، وتعزيز الإنتاجية والتوظيف، والاستثمار في البنية التحتية المستدامة، والتحول نحو الاقتصاد المستدام.
فأما عن الاستثمار في رأس المال البشري فقد استهدف عدد من القطاعات ذات الأهمية بالنسبة للمواطن المصري مثل قطاع التعليم والصحة ودعم المرأة والتضامن الاجتماعي وتمثل ذلك في عدد من البرامج منها: برنامج تكامل وكرامة، وبرنامج التغذية المدرسية، وبرنامج فرصة، ومشروع نورة، ومشروع مدارس العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، وانشاء المدارس اليابانية، ودعم تنفيذ الاستراتيجية الوطنية الشاملة لتطوير التعليم قبل الجامعي، وبرنامج التأمين الصحي الشامل، ودعم برنامج تنظيم الاسرة في مصر، ومشروع دعم الاستراتيجية الوطنية للسكان وغيرهم من المشروعات التي تمت بالشراكة مع مجمعة متنوعة من شركاء التنمية.
أما فيما يتعلق بمشروعات الأمن الغذائي فقد استهدفت قطاع الزراعة والتموين والري من خلال مشروعات زيادة السعة التخزينية للصوامع ومشروع توريد القمح والنفط والمشروع الطارئ لدعم الأمن الغذائي والاستجابة المرنة، والتحول العاجل في سلسلة التوريد للمحاصيل الاستراتيجية، ومشروعات استصلاح الأراضي.
وتمثلت مشروعات دعم وتعزيز الإنتاجية والتوظيف في مشروعات الاستثمارات الزراعية المستدامة ورفع مستوى المعيشة، ومشروع من بذور القطن إلى الملابس، وتمكين الشباب ودمجهم في المجتمعات المضيفة. وفيما يتعلق بقطاع السياحة، جاء مشروع استكمال المتحف المصري الكبير والاستثمار المستدام في السياحة المصرية ضمن ابرز مشروعات القطاع، بالإضافة لعشرات المشروعات التي تستهدف قطاع التجارة والصناعة وقطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة.
وفي مجال الاستثمار في البنية التحتية المستدامة جاء مشروع محطة بنبان للطاقة الشمسية، ومحطة رياح الزعفرانة وجبل الزيت وخليج السويس، ومشروع توصيل الغاز للمنازل، ومحطة معالجة مياه مصرف بحر البقر، والبرنامج الشامل لتمويل الإسكان الاجتماعي، وقناطر أسيوط الجديدة، ومشروع المرحلة الأولى لخط مترو الانفاق الرابع بالقاهرة الكبرى، ومشروع تطوير سكك حديد مصر، وأول ميناء جاف بمدينة السادس من أكتوبر، وغيرهم.
أما عن التحول نحو الاقتصاد المستدام فقد تم تنفيذ عدد من المشروعات والبرامج تخدم قطاع البيئة والتنمية المحلية والحوكمة الاقتصادية وتحفيز التجارة، من أبرزها: البرنامج القومي لإدارة المخلفات الصلبة ومشروع تحسين جودة الهواء، ومكافحة تغير المناخ في القاهرة الكبرى، ومشروع الإدارة المستدامة للملوثات العضوية الثابتة.
برنامج نوفي: بديل وطني للتعاون الدولي في مجال المناخ والتنمية
وفي سياق متصل، أطلقت الدولة المنصة الوطنية لبرنامج نوفّي كبرنامج وطني يمثل نموذجًا إقليميا فاعلاً ومتكاملا قابلا للتطبيق دوليا وفقا لمعايير مؤسسات التمويل الدولية والإقليمية للتعامل مع تحديات تغير المناخ ومنهجا للتمويل العادل والمختلط للتعامل مع قضايا التكيف والتخفيف والصمود، وصمم البرنامج بناء علي العلاقة بين أمن الطاقة والمياه والغذاء.

وقد ساهمت وزارة التعاون الدولي في تطوير عمل مؤسسات التمويل الدولية من خلال إطلاق خطة شرم الشيخ والتي نصت على تحقيق ثلاث أهداف، وهم: زيادة حجم تمويل المناخ المتاح للدول النامية، وتيسير النفاذ للتمويل، وتبني أدوات تمويل ميسرة، فضلا عن تدشين مفهوم التمويل العادل وهو التمويل الذي يوازن بين المسئولية التاريخية وزيادة التمويلات المستدامة المخصصة للعمل المناخي وبين ضمان الوصول العادل إلى تمويلات تراعي أولويات واحتياجات الدول بما لا يترك أحد خلف الركب.
ومع تعدد تلك المشروعات وتنوعها لتخدم عدد كبير من القطاعات، تم رصد عدد من الملاحظات تتمثل في:
- تتفق كافة تلك التمويلات الميسرة مع أهداف التنمية المستدامة، وهو ما يعزز قيادة الدولة لجهود التعاون الإنمائي مع شركاء التنمية، ويؤكد أن القرارات المتعلقة بالتمويلات الإنمائية يتم اتخاذها بشكل سليم ودقيق ويعكس رؤية الدولة وسعيها لتحقيق التنمية المستدامة.
- تم تنفيذ هذه المشروعات بالتعاون الوثيق مع شركات القطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني اتساقا مع سياسة الحوكمة في تحفيز مشاركة القطاع الخاص في التنمية.
- أدى نجاح كافة برامج التمويل إلى التوسع في الشراكات الدولية وتجسد ذلك في انضمام مصر لبنك التنمية الجديد التابع لتجمع البريكس، ورئاسة وزارة التعاون الدولي لنحو 68 لجنة مشتركة والتي تعد أحد منصات تعاون الجنوب- جنوب.
- حققت وزارة التعاون الدولي كافة تلك النجاحات من خلال اتباعها مبدأ الشفافية المتبادلة مع شركاء التنمية من خلال النظام المميكن لإدارة البيانات ومتابعة مشروعات التمويل التنموي الميسر وإتاحة كافة المعلومات عبر الموقع الإلكتروني للوزارة ومواصلة نشر التقارير السنوية.