في خطوة تاريخية فارقة، أعلن رئيس الوزراء المصري “مصطفى مدبولي” في الثاني والعشرين من شهر فبراير عام 2024 عن توقيع “أكبر صفقة استثمارا أجنبيا مباشرا في تاريخ مصر”. تأتي هذه الصفقة الضخمة، والتي تبلغ قيمتها 35 مليار دولار، لتُشكل علامة فارقة في مسيرة التنمية الاقتصادية المصرية، تُركز الصفقة على تطوير مدينة “رأس الحكمة” الساحلية الجديدة على ساحل البحر الابيض، والتي ستُصبح مركزًا إقليميًا للتكنولوجيا والابتكار والتصنيع. وتُعد هذه الصفقة ثمرة جهود حثيثة بذلتها الحكومة المصرية لجذب الاستثمارات الأجنبية وتحفيز النمو الاقتصادي، خاصة وان مصر تتمتع بموقع جغرافي استراتيجي متميز على مفترق الطرق بين الشرق والغرب. وتمتلك إمكانيات هائلة في مختلف المجالات، مما يجعلها وجهة استثمارية جاذبة للمستثمرين المحليين والأجانب. في هذا تقرير، نُحلل أهمية هذه الصفقة التاريخية ونتائجها المتوقعة على مختلف القطاعات الاقتصادية في مصر. ونُناقش أيضًا الاثار الايجابية على الاقتصاد والمواطن المصري، بالإضافة إلى الإشارة لخطط المستقبلية والخطوات التي يجب اتخاذها لضمان استكمال ذلك النجاح.
أهمية المشروع
في خطوة تاريخية تعزز العلاقات الثنائية بين البلدين، وقعت مصر والإمارات العربية المتحدة اليوم الجمعة 23 فبراير 2024 أضخم صفقة استثمار عقاري بتاريخ مصر. بموجب هذه الصفقة، تستحوذ شركة “القابضة (ADQ)” على حقوق تطوير مشروع رأس الحكمة، وهي منطقة ساحلية تمتد على بعد 350 كيلومتراً تقريباً في شمال غرب القاهرة. تبلغ قيمة الصفقة 35 مليار دولار، ويهدف إلى تنمية المنطقة وتحويلها إلى وجهة سياحية عالمية ومركز م إلى متميز. وتشمل الصفقة تحويل 11 مليار دولار من الودائع التي سيتم استخدامها للاستثمار في مشاريع رئيسية في جميع أنحاء مصر. ومن جهة أخرى، يُتوقع أن يجذب المشروع طوال فترة تطويره استثمارات قد تصل إلى 150 مليار دولار، وهو ما سيساعد على توفير “ملايين” من فرص العمل وضخ السيولة في الاقتصاد المصري. تهدف هذه الخطوة إلى دعم النمو الاقتصادي وازدهار البلاد.
وتُعد منطقة رأس الحكمة مشروعًا طموحًا يهدف إلى إنشاء مدينة ساحلية متكاملة على مساحة 40 الف فدان تضم مرافق سكنية، وتجارية، وسياحية، وترفيهية. كما ستضم المنطقة مركزًا ماليًا ومنطقة حرة مجهزة ببنية تحتية متطورة. وتؤكد هذه الصفقة على التزام الإمارات بدعم مصر ومساعدتها في تحقيق أهدافها التنموية. كما تُظهر ثقة المستثمرين الدوليين في الاقتصاد المصري وإمكاناته الواعدة. وتحتفظ الحكومة المصرية بحصة قدرها 35% في مشروع تطوير رأس الحكمة، مما يُتيح لها المشاركة في عملية التطوير وضمان تحقيق مصالحها الوطنية. وتُعد هذه الصفقة خطوة مهمة نحو ترسيخ مكانة مصر كوجهة استثمارية جاذبة، وتعزيز التعاون الاقتصادي بين مصر والإمارات العربية المتحدة.
الظروف المواتية
لم تكن هذه الصفقة وليدة الصدفة، بل نتاج جهود حثيثة من قبل الحكومة المصرية على مدار سنوات، اتخذت خلالها العديد من الخطوات لتحسين بيئة الاستثمار وجذب المستثمرين الدوليين. إذ استثمرت مصر بشكل كبير في تحسين البنية التحتية، بما في ذلك إنشاء الطرق السريعة والمطارات الجديدة، وتحسين موانئ البحر الابيض، وتطوير شبكات الاتصالات. ساعدت هذه التحسينات في تسهيل التجارة والاستثمار، وجعلت مصر وجهة أكثر جاذبية للمستثمرين. كما نفذت الحكومة المصرية العديد من الإصلاحات الاقتصادية، مثل خفض الضرائب وتبسيط الإجراءات البيروقراطية، مما أدى إلى تحسين مناخ الأعمال وخلق بيئة أكثر استقرارًا للمستثمرين.
كما شاركت مصر في العديد من المؤتمرات الدولية للترويج لنفسها كوجهة استثمارية جاذبة، ونجحت في جذب انتباه العديد من الشركات العالمية. ويُعد مشروع رأس الحكمة نموذجًا فريدًا للاستثمار الأجنبي المباشر، حيث يجمع بين الاستثمار العقاري والسياحي والصناعي. ويقع مشروع رأس الحكمة على ساحل البحر المتوسط، على بعد 350 كيلومتر من القاهرة، مما يجعله موقعًا استراتيجيًا مثاليًا للتجارة والاستثمار. ويتضمن المشروع إنشاء مدينة سكنية متكاملة تضم فنادق فخمة ومراكز تجارية ومناطق صناعية، مما يوفر فرصًا استثمارية متنوعة للمستثمرين. وتعاونت الحكومة المصرية مع مجموعة من الشركات العالمية الرائدة في مجال التطوير العقاري والسياحي والصناعي لتنفيذ مشروع رأس الحكمة.
تُبذل الحكومة المصرية جهودًا كبيرة لجذب المزيد من الاستثمارات المحلية والأجنبية، وذلك من خلال تحسين بيئة الاستثمار، إذ قامت الحكومة المصرية بإصدار قانون الاستثمار الجديد، الذي يُقدم مزايا وتسهيلات للمستثمرين. كما تعمل الحكومة على تحسين البنية التحتية وتطوير الخدمات المقدمة للمستثمرين. كما تُشارك مصر في المؤتمرات الدولية للترويج لفرص الاستثمار المتاحة في مختلف القطاعات. كما تُطلق الحكومة حملات إعلامية للتوعية بأهمية الاستثمار في مصر. وتسعى الحكومة المصرية إلى خلق فرص عمل جديدة من خلال جذب المزيد من الاستثمارات.
ليست تلك هي اخر الاستثمارات المنتظرة للدولة المصرية، إذ تُوجد العديد من القطاعات الواعدة في مصر التي تجذب اهتمام المستثمرين المحليين والأجانب، ومن أهمها: أولاً، قطاع الطاقة، إذ تمتلك مصر احتياطيات كبيرة من الغاز الطبيعي والنفط، مما يجعلها وجهة استثمارية جاذبة في مجال الطاقة. ثانيًا، قطاع الزراعة، حيث تتمتع مصر بمناخ مناسب للزراعة، ومساحات كبيرة من الأراضي الزراعية الخصبة، مما يجعلها وجهة استثمارية جاذبة في مجال الزراعة. ثالثًا، قطاع السياحة، إذ تمتلك مصر العديد من المواقع السياحية الأثرية والتاريخية، مما يجعلها وجهة سياحية جاذبة للمستثمرين في مجال السياحة. رابعًا، قطاع الصناعة، حيث تمتلك مصر قاعدة صناعية قوية، مما يجعلها وجهة استثمارية جاذبة في مجال الصناعة.
تأثيرات اقتصادية واجتماعية
يتوقع أن يكون لمشروع “رأس الحكمة” تأثير إيجابي كبير على الاقتصاد المصري، إذ من المتوقع أن تُساهم الصفقة في زيادة الناتج المحلي الإجم إلى المصري بنسبة 2% على الأقل خلال السنوات الخمس المقبلة. كما ستخلق الصفقة فرص عمل جديدة، حيث من المتوقع أن يتم توظيف 300 ألف شخص بشكل مباشر وغير مباشر خلال فترة تطوير المشروع، مما يؤدي إلى خفض مستويات البطالة في مصر والتي تبلغ حو إلى 7%. وستُساهم الصفقة في زيادة الصادرات المصرية من العقار،السياحي والسكني.
بالإضافة إلى أن الصفقة ستُعزز من ثقة المستثمرين الأجانب في الاقتصاد المصري، مما سيُشجع على المزيد من الاستثمارات في مختلف القطاعات. وستُساهم الصفقة في تحسين بيئة الاستثمار في مصر، مما سيجعلها وجهة أكثر جاذبية للمستثمرين الأجانب. كما ستُساهم الصفقة في تحسين البنية التحتية في مصر، خاصة منطقة رأس الحكمة، مما سيجعلها وجهة أكثر جاذبية للسياح والمستثمرين. وستنخفض قيمة الدين الخارجي المصري بشكل مباشر وغير مباشر، إذ ينخفض بشكل مباشرة بسبب جزء تمويل الصفقة من خلال الودائع البالغة 11 مليار دولار، وسينخفض بشكل غير مباشر بسبب الاستثمارات والأرباح التي من المتوقع أن تبلغ 150 مليار دولار. وأخيراً، ستُعزز الصفقة من التعاون الاقتصادي بين مصر والإمارات العربية المتحدة، وستفتح الصفقة آفاقًا جديدة للتعاون بين البلدين في مختلف المجالات.
أما عن التأثيرات الاجتماعية، فسيُساهم مشروع “رأس الحكمة” في تحسين مستوى معيشة المواطنين المصريين، من خلال توفير فرص عمل جديدة، وتحسين الخدمات التعليمية والصحية، وخلق بيئة اجتماعية آمنة ومستقرة. كما سيُساعد المشروع في تنمية المجتمعات المحلية في المنطقة، من خلال توفير فرص العمل والتعليم والتدريب. بالإضافة إلى تأكيد رئيس الوزراء خلال المؤتمر الصحفي على الحماية الاجتماعية لدى المواطنين الذين يعشون في المنطقة التي سيقام عليها المشروع وحاليًا يتم العمل على مجمع سكني قريب من المشروع حيث لا يتضرر أي مواطن من المشروع، بل أكد أن هؤلاء هم المواطنون الأكثر استفادة من ذلك المشروع، إذ سيوفر فرص عمل كثيرة لهم.
من المتوقع أن يساهم التمويل الوارد من خلال تلك الصفقة بالاضافة إلى التمويل المتوقع الحصول علية من الاتفاقية المبرمة مع صندوق النقد الدولي في القضاء على على الأزمة الدولارية في مصر تماما، والتي كانت تعد العائق الرئيسي امام الاقتصاد المصري بالاضافة إلى عدد من التحديات العالمية الاخرى غير المسبوقة. وفي حالة حل الازمة الدولارية سوف ينتعش الاقتصاد المصري، حيث سيتم القضاء على وجود سعرين صرفا مما أدى إلى وجود بعض الإزعاجات لدى المستثمرين المحليين والأجانب. بالت إلى سوف تنخفض معدلات التضخم، مما يؤدي إلى تحسين مستوى المعيشة لدى المواطنين.
ختاماً، تُعد مصر وجهة استثمارية جاذبة للمستثمرين المحليين والأجانب. وتُبذل الحكومة المصرية جهودًا كبيرة لجذب المزيد من الاستثمارات، وذلك من خلال تحسين بيئة الاستثمار والترويج لفرص الاستثمار المتاحة في مختلف القطاعات. الاستثمار في مصر هو مفتاح النجاح والازدهار، ونُشجع جميع المستثمرين على الاستثمار في مصر والاستفادة من الفرص الواعدة التي تُقدمها.