تعرف وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى اختصارًا باسم “أونروا” (UNRWA)، وهي وكالة غوث وتنمية بشرية، أُسِّست بقرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1949. وتعمل على تقديم الدعم والحماية وكسب التأييد لقرابة 5.6 ملايين لاجئ فلسطيني مسجَّلين لديها في الأردن ولبنان وسوريا والضفة الغربية وقطاع غزة، إلى أن تنتهيَ معاناتهم. وتعتمد الأونروا في تمويلها على التبرُّعات الطوعية التي تقدِّمها الدول الأعضاء في منظمة الأمم المتحدة. وعلى الرغم من أهمية الدور الذي تعلبه، فقد تعرضت لانتقادات حادة، بل ومعلومات مضللة، طالت موظفيها وعملياتها بفلسطين، وهو ما تفاقم سوءًا منذ بدء الحرب الإسرائيلية على غزة في 7 أكتوبر2023. ومن ثَمّ، تهدف هذه الورقة إلى الوقوف على أهم الأدوار التي لعبتها في تلك الحرب، مع تحليل الأكاذيب التي تعرضت لها.
أولًا: الأونروا وفلسطين.. حدود الأدوار
الأونروا أحد أكبر برامج الأمم المتحدة، حيث يعمل بها أكثر من 30 ألف موظف في خمس مناطق عمليات، وتتفرد من نوعها كونها تقدم الخدمات إلى المستفيدين مباشرة. ويقع مقرها الرئيس في عمان وغزة، وتحتفظ بمكتب ميداني في كل منطقة من مناطق عملياتها (الأردن، ولبنان، وسوريا، والضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية، وقطاع غزة)، بجانب مكاتب اتصال في نيويورك وواشنطن وبروكسل والقاهرة.
وأكبر منصب في الوكالة هو منصب المفوض العام الذي يشغله حاليًّا “فيليب لازاريني” (Philippe Lazzarini) منذ مارس 2020، وهو اقتصادي، وإداري، يحمل الجنسيتين السويسرية والإيطالية. وقد بدأ العمل لدى الأمم المتحدة في عام 2003، وقدم خدماته من خلال العديد من المناصب، كان آخرها هو منصب نائب المنسق الخاص والمنسق المقيم والإنساني في مكتب منسق الأمم المتحدة الخاص في لبنان قبل تعيينه مفوضًا عامًا للوكالة.
وعمومًا، نشأت الأونروا بموجب قرار من الجمعية العامة رقم 302 (د-4)، مع تفويض أولي يتمثل في تقديم برامج الإغاثة والتشغيل المباشرة للاجئين الفلسطينيين، من أجل منع ظروف المجاعة والضيق وتعزيز ظروف السلام والاستقرار. وتتولى مسئوليتها من وكالة الأمم المتحدة لإغاثة اللاجئين الفلسطينيين (UNRPR) التي أُسِّست عام 1948. واستجابة للتطورات في المنطقة، تقوم الجمعية العامة بشكل متكرر بتمديد وتوسيع ولاية الأونروا، لتنخرط في مجموعة واسعة من الأنشطة الإنسانية والتنموية، بجانب أنشطة الحماية بناءً على احتياجات المستفيدين.
ولقد أشار قرار الجمعية العامة رقم 614 (د-7) عام 1952 إلى الحاجة إلى زيادة نفقات الإغاثة في ميزانية الأونروا. وعام 1955، أشار القرار رقم 916 (د-10) إلى الحاجة العاجلة لتقديم الإغاثة لسكان الحدود في الأردن، وقطاع غزة، واللاجئين في مصر. ولقد أوصت قرارات الجمعية العامة عامي 1958 و1959 بأن تقوم الوكالة بزيادة البرامج المتعلقة بالتعليم والتدريب المهني والدعم الذاتي لهم.
وفي أعقاب الأعمال العدائية التي وقعت يونيو 1967، والتي أسفرت عن لجوء 300 ألف شخص، بما في ذلك حوالي 120 ألف لاجئ فلسطيني باتوا بلا مأوى أو غادروا منازلهم، طالب القرار 2252 (ES-V) من الأونروا الاستمرار في تقديم المساعدة الإنسانية لهم. وبعد غزو إسرائيل للبنان عام 1982، اتسع نطاق هذا التفويض ليشمل أولئك الذين نزحوا بسبب الأعمال العدائية اللاحقة. وفي العام نفسه، أضيف القرار 37/120 (ي) صراحة الحماية إلى قائمة مسئوليات الأونروا، وحث الوكالة على اتخاذ تدابير فعالة لضمان السلامة والأمن والحقوق القانونية والإنسانية لهم في الأراضي المحتلة.
وفي الفترة من 1992 إلى 2002، تعاونت الأونروا مع مكتب منسق الأمم المتحدة الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط (UNSCO) والوكالات المتخصصة الأخرى التابعة لمنظومة الأمم المتحدة للمساهمة في تنمية الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي في الأراضي الفلسطينية المحتلة. وعام 1993، بعد توقيع إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية على إعلان المبادئ بشأن ترتيبات الحكم الذاتي المؤقت، بدأت الأونروا في تطوير برنامجها لتنفيذ السلام، والذي عمل على تلبية حاجات الفلسطينيين وأولوياتهم خلال الفترة الانتقالية. وتحظى الأونروا في ذلك بتفويض بالعمل مع الحكومات على صعيد التدابير المؤقتة وتوفير الإغاثة والمساعدة للاجئين الفلسطينيين، وصولًا إلى “حل عادل” لقضية اللاجئين الفلسطينيين.
ثانيًا: الأونروا والأوضاع الإنسانية المتدهورة في غزة
منذ بداية الحرب الإسرائيلية على غزة، دأبت وكالات الأمم المتحدة على التأكيد على الحاجة الماسة لتغيير آليات تدفق المساعدات الإنسانية إلى غزة مع تزايد خطر المجاعة، وتعرض المزيد من الناس لتفشي الأمراض الفتاكة. فقد أكد رؤساء برنامج الأغذية العالمي، ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف)، ومنظمة الصحة العالمية، أن إيصال الإمدادات الكافية إلى غزة، يعتمد على فتح المزيد من المعابر الحدودية، والسماح لعدد أكبر من الشاحنات بالمرور عبر نقاط التفتيش الحدودية يوميًا، والحد من القيود المفروضة على حرية حركة العاملين في مجال تقديم المساعدة الإنسانية، وضمانات السلامة للأشخاص الذين يحتاجون إلى المساعدات وكذلك من يوزعونها.
إذ يعتمد جميع سكان غزة على المساعدات للبقاء على قيد الحياة في ظل غياب القدرة على إنتاج أو استيراد الغذاء، ولكن لا تستطيع المساعدات الإنسانية وحدها تلبية الاحتياجات الأساسية لسكان القطاع. بالرغم من تمكن الأمم المتحدة ووكالات المعونة الدولية والمنظمات غير الحكومية من إيصال مساعدات إنسانية محدودة، على الرغم من الظروف الصعبة للغاية، لكن الكميات أقل بكثير مما هو مطلوب لمنع مزيج قاتل من الجوع وسوء التغذية والمرض. وينتشر نقص الغذاء والمياه النظيفة والمساعدات الطبية بشكل حاد في المناطق الشمالية.
فقد ساهمت الأونروا في رسم صورة واقعية للأحوال الإنسانية المتردية في غزة في ظل الصعوبات التي تقوض العمل الإنساني بسبب إغلاق جميع المعابر باستثناء معبرين حدوديين في الجنوب من ناحية، وعملية الفحص متعددة المراحل للشاحنات القادمة إلى غزة من ناحية ثانية. فبمجرد دخول القطاع، تتقوض الجهود الرامية إلى إنشاء نقاط توزيع للمساعدات بسبب عمليات القصف والتغير المستمر في جبهات القتال، مما يهدد سلامة سكان غزة، وكذلك العاملون في الأمم المتحدة والمجال الإنساني الذين يسعون جاهدين لإيصال المساعدات. وفي هذا الإطار، دفعت المديرة التنفيذية لبرنامج الأغذية العالمي “سيندي ماكين” بأن الفلسطينيين في غزة يواجهون خطر الموت جوعًا على بعد أميال قليلة من الشاحنات المحملة بالأغذية، وأن المجاعة لا يمكن تفاديها إلا بتوفير الإمدادات الكافية، وإتاحة الفرصة للوصول الآمن إلى كل من يحتاج إلى المساعدات أينما كانوا”. ولقد أشار أحدث تقرير للتصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي (IPC) إلى انعدام الأمن الغذائي في غزة، وأكد التقرير أن جميع سكان غزة (2.2 مليون شخص) “يعانون أزمة أو مستويات أسوأ من الانعدام الحاد للأمن الغذائي”. إذ إن العديد من البالغين يعانون الجوع حتى يتمكن الأطفال من تناول الطعام.
والجدير بالذكر أن وكالات الإغاثة تحتاج بشدة إلى تصريح إسرائيلي لاستخدام ميناء نشط قريب من قطاع غزة ونقاط العبور الحدودية إلى الشمال. ويتيح ميناء أشدود، الذي يقع على بعد حوالي 40 كيلومترًا إلى الشمال، إمكانية إيصال كميات أكبر بكثير من المساعدات ثم نقلها بالشاحنات مباشرة إلى المناطق الشمالية المتضررة بشدة في القطاع، والتي لم يتمكن سوى عدد قليل من القوافل من الوصول إليها. وفي هذا الإطار، يقول “لازاريني” إن “تدفق المساعدات كان شحيحًا مقارنة ببحر من الاحتياجات الإنسانية”. كما أكد على عدم كفاية المساعدات لوقف الجوع المتفاقم بين السكان.
ثالثًا: الاتهامات بحق الأونروا في أعقاب طوفان الأقصى
وبشكل عام، فقد تعرضت الأونروا لانتقادات شديدة بعد أن اتهمت إسرائيل 12 من موظفيها بالتورط في هجوم حماس في 7 أكتوبر2023، وبعد أن علقت عدة دول مساعداتها، على الرغم من تأكيد الأمم المتحدة على أن إسرائيل لم تزودها بأي دليل. وعلى خلفية ذلك، أطلقت الأمم المتحدة تحقيقًا داخليًا مستقلًا في تلك المزاعم، إلا أنها أججت القلق بين موظفي الوكالة، ودفعت المستوطنين والمتظاهرين في الضفة الغربية المحتلة إلى استهدافهم، إلى حد المطالبة بتفكيك الوكالة نفسها، الأمر الذي ينظر له الفلسطينيون بوصفه خيانة من قبل المجتمع الدولي.
وفي 17 يناير 2024، أعلن المفوض العام للأونروا عن إجراء مراجعة مستقلة لتحديد وتقييم مدى كفاية ودرجة تنفيذ آليات وإجراءات الوكالة لضمان حيادها. ففي 5 فبراير 2024، قام الأمين العام بتعيين مجموعة مراجعة برئاسة “كاثرين كولونا”، وزيرة الخارجية الفرنسية السابقة، لتقييم ما إن كانت الوكالة تفعل كل ما في وسعها لضمان الحياد والرد على الادعاءات التي وردت شفويًا من المسئولين الإسرائيليين بشأن التورط المزعوم لـ 12 من موظفي الأونروا في هجوم 7 أكتوبر ضد إسرائيل. وبعد التأكد من أنهم بالفعل موظفون فيها، قرر المفوض العام إنهاء عملهم فورًا وفقًا لأنظمة الموظفين المعمول بها. وقد صدر هذا القرار، وعُمم من خلال بيان رسمي. وبناءً على طلب الأمين العام للأمم المتحدة، أطلق مكتب خدمات الرقابة الداخلية، وهو أعلى هيئة تحقيق في الأمم المتحدة، تحقيقًا في هذه الادعاءات المحددة، وطلب الأمين العام للأمم المتحدة تقريرًا في غضون أربعة أسابيع من بدء مكتب خدمات الرقابة الداخلية عمله. وفي 27 يناير 2024، أصدر المفوض العام للأونروا بيانًا آخر ردًا على قيام العديد من الدول المانحة بتعليق أو إيقاف أو تجميد تمويل الأونروا بشكل مؤقت.
كما أكدت الأونروا أن بعض موظفيها الذين أُطلق سراحهم من السجون الإسرائيلية في غزة بعد الاحتجاز قالوا إنهم تعرضوا لضغوط من السلطات الإسرائيلية ليدلوا بأقوال كاذبة بأن الوكالة على صلة بحركة حماس، وأن موظفين بها شاركوا في هجمات السابع من أكتوبر. وهو ما جاء في تقرير أعدته الأونروا في فبراير 2024، والذي تضمن تفاصيل مزاعم بسوء المعاملة في السجون الإسرائيلية أدلى بها فلسطينيون مجهولون، بينهم عدد من العاملين بالوكالة، وسط دعوات لفتح سلسلة من التحقيقات في انتهاكات حقوق الإنسان عندما تنتهي الحرب. وذكر التقرير، الذي اطلعت وكالة أنباء رويترز على نسخة منه، أن عددًا من الموظفين الفلسطينيين في الأونروا احتجزهم الجيش الإسرائيلي، وتعرضوا لمعاملة سيئة وانتهاكات، علاوة على الضرب المبرح، والإغراق إلى حد الاختناق، والتهديد بإيذاء ذويهم.
وإلى جانب هؤلاء الموظفين، نقلت العديد من وسائل الإعلام ادعاءات مفادها أن حوالي 10% من جميع موظفي الأونروا في غزة، أو حوالي 1200 شخص، لديهم صلات بحماس أو الجهاد الإسلامي الفلسطيني. بيد أن الأونروا لم تتلق أي معلومات أو دليل من السلطات الإسرائيلية أو أي دولة عضو أخرى بشأن هذا الادعاء الذي تداولته وسائل الإعلام الدولية ثم كرره أحد المسئولين الحكوميين الإسرائيليين من خلال مؤتمر صحفي. والجدير بالذكر أن الأونروا تقوم بإجراء فحوصات مرجعية مفصلة لأي موظف تقوم بتعيينه، كما تشارك أسماء وأرقام الموظفين ووظائفهم كل عام في جميع مناطق العمليات الخمس مع السلطات المضيفة، ومع إسرائيل كقوة محتلة، وهذا يعني أن الدول المضيفة وإسرائيل على اطلاع كامل وعلى علم بتفاصيل جميع الموظفين العاملين فيها. كما تتلقى الدول الأعضاء الأخرى في الأمم المتحدة هذه القوائم عند الطلب، ولم تتلق الأونروا أي إشارة من السلطات المعنية عن أي تورط لموظفيها في الجماعات المسلحة.
وقد ذكر المسئولون الإسرائيليون أن مشكلة الأونروا لا تكمن في بعض الأفراد المتورطين في طوفان الأقصى فحسب، لأنها تشكل ملاذًا لأيديولوجية حماس المتطرفة. بيد أن الأونروا تتمسك بقيم الأمم المتحدة والمبادئ الإنسانية الأساسية، وخصوصًا فيما يتعلق بسوء سلوك الموظفين، والادعاءات المتعلقة بانتهاكات الحياد، وتتخذ إجراءات عندما يثبت أن أي موظف قد تصرف بشكل مخالف، وتشمل مجموعة عقوبات تأديبية كالغرامات والإيقاف وخفض الرتبة، وحتى إنهاء الخدمة. ومنذ عام 2022، نُظر 66 تحقيقًا من أصل 30 ألف موظف في جميع أنحاء الأونروا وليس فقط في غزة، لمجموعة من الانتهاكات المتعلقة بالانحياز لحماس والجماعات الأخرى، ولا تزال بعض هذه التحقيقات مستمرة.
كما نقلت العديد من وسائل الإعلام ادعاءات بأن إسرائيل وثقت تعميق العلاقات بين الأونروا وحركة حماس في قطاع غزة منذ عام 2007. وكما هو الحال في أي مكان آخر حول العالم، تعمل الأمم المتحدة في بيئات معقدة، بما في ذلك المناطق الخاضعة لسيطرة حكومة الأمر الواقع أو الجماعات المسلحة، وتتعاون الأمم المتحدة مع جميع الأطراف لتسهيل تقديم الخدمات والمساعدات الإنسانية. وفي قطاع غزة، يتم الانخراط مع سلطات الأمر الواقع على المستوى التشغيلي بهدف تقديم المساعدات الإنسانية وضمان سلامة الموظفين. فتعمل الأونروا في بيئة صراعية، وتستلزم أنشطتها التنسيق وضمان عدم التعارض بين الأطراف ذات الصلة، لتمكينها من تنفيذ مهامها الإنسانية، وبالتالي فإن الوكالة على اتصال دائم مع السلطات الإسرائيلية ومع سلطات الأمر الواقع في وقت واحد لإبلاغها عن تحركاتها وعملياتها.
وإلى جانب ذلك، دفع البعض بأن حماس تُحوّل المساعدات المقدمة من الأونروا، وإن لم تتلق الأخيرة أي ادعاءات محددة فيما يتعلق بأي تحويل منهجي للمساعدات في غزة من قبل حماس أو غيرها. وفي حالة الكشف عن ذلك، ستدين الأونروا وستبلغ الجهات المانحة لها على الفور لتحديد الخطوات المناسبة. وعمومًا، تستخدم الأونروا طريقة التنفيذ المباشر (بدون وسطاء)، مما يعني أنها تتمتع بالسيطرة الكاملة على سلسلة التوريد بدءًا من استلام البضائع عند نقاط العبور في غزة وحتى إحضارها إلى مستودعاتها ونقاط التوزيع، وتسلم المساعدات مباشرة إلى المستفيدين المسجلين، وتنسق جميع تحركات المساعدات بما في ذلك الوقود من نقطة الانطلاق إلى نقطة الوصول داخل غزة بما في ذلك السلطات الإسرائيلية، من أجل تجنب النزاع وضمان المرور الآمن لتحركات قافلة المساعدات، وضمان السلامة للعاملين في المجال الإنساني. ويراقب أفراد الأمن التابعون للأمم المتحدة القوافل. كما تتخذ الأونروا إجراءات لضمان عدم وجود أي علاقات مالية لها مع أي فرد أو منظمة مدرجة على قائمة العقوبات الموحدة لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.
إضافة إلى ذلك، دفعت إسرائيل بأن حماس قامت بتخزين الأسلحة في مدارس الأونروا، وحفرت الأنفاق تحت مبانيها دون أن تفعل الوكالة الكثير لوقف ذلك. والجدير بالذكر أنه منذ منتصف العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، تعرض حياد مواقع الأونروا التي يحميها القانون الدولي لانتهاكات أدانتها الأونروا بشدة. ففي عام 2014، أدانت الأونروا تخزين الصواريخ والذخائر داخل مدارسها، وقدمت احتجاجًا لسلطات الأمر الواقع، وأبلغت السلطة الفلسطينية وإسرائيل وكذلك الجهات المانحة الرئيسة لها، علاوة على التقارير السنوية المقدمة إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة. فعندما يُكتشف نفق تحت منشآت الأونروا، تتبع الوكالة بروتوكولًا مشابهًا للبروتوكول المستخدم عندما تكتشف أن منشآتها تستخدم لتخزين الذخائر، وتقوم بسد التجاويف عن طريق الأسمنت كي لا تستخدم مرافقها لأي غرض. وخلال الربعين الثاني والثالث من عام 2023، قامت الأونروا بتقييم 99% من منشآت الوكالة النشطة وتم الانتهاء من تقييم جميع منشآت غزة في سبتمبر 2023.
كما ادعت إسرائيل أن مدارس الأونروا التي تستخدم الكتب المدرسية المعتمدة من قبل السلطة الفلسطينية بها مواد تمجد الإرهابيين وتعزز الكراهية لإسرائيل. بيد أن الأونروا تستخدم الكتب المدرسية التي تقدمها الحكومة المضيفة، بما يتماشى مع أفضل ممارسات الأمم المتحدة لتوفير التعليم الجيد في بيئات اللاجئين، وتقوم بمراجعة جميع الكتب المستخدمة في مدارسها لتحديد الأقسام التي قد لا تتماشى مع قيم الأمم المتحدة ومعايير اليونسكو للتدريس، ولا تتسامح الأونروا مع خطاب الكراهية والتحريض على التمييز أو العنف، ويعد استخدام مناهج البلد المضيف في حالات اللاجئين أمرًا معتادًا بالنسبة للأمم المتحدة في جميع أنحاء العالم.
كما يُزعم أن تقرير مكتب محاسبة الحكومة الأمريكية لعام 2019 ذكر أن الأونروا لم تنفذ دائمًا تدابير لمعالجة المحتوى الإشكالي في الكتب المدرسية. في حين أكد تقرير عام 2019 على التزام الأونروا الثابت بقيم الأمم المتحدة، وتقوم بمراجعة منتظمة ودقيقة لجميع الكتب المدرسية والمواد التعليمية المستخدمة في المدارس لضمان توافقها مع قيم الأمم المتحدة ومعايير اليونسكو، وتعزيز التميز التعليمي وتعزيز التسامح وحقوق الإنسان.
ختامًا، تُمول الأونروا بالكامل تقريبًا من خلال المساهمات الطوعية المقدمة من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، وتتلقى أيضًا بعض التمويل من الميزانية العامة للأمم المتحدة، وهي وكالة فريدة من نوعها من حيث التزامها طويل الأمد تجاه اللاجئين، فقد ساهمت في التنمية البشرية لأربعة أجيال من لاجئي فلسطين.
مستشار مركز الدراسات الاستراتيجية للقوات المسلحة
أكاديمية ناصر العسكرية العليا