اقترب المصريون من عملية التصويت في الاستحقاق الدستوري لانتخابات مجلس الشيوخ (والذي حددته الهيئة الوطنية للانتخابات في 1/7/2025، طبقًا للقرار رقم 6 لسنة 2025) في الأول من أغسطس وستستمر عملية التصويت للجولة الأولى للمصريين بالخارج على مدار يومين، على أن يليه التصويت في الداخل خلال يومي 4 و5 من الشهر نفسه، حتى يتم إعلان النتائج في 12 أغسطس ونشرها في جريدتي الأخبار والجمهورية، وفي حال وجود جولة إعادة سيتم التصويت في 25 أغسطس في الخارج ويوم 27 أغسطس في الداخل، ليتم إعلان النتائج النهائية في 4 سبتمبر 2025.
بدورهم، بدأ المرشحون في الاستعداد للعملية الانتخابية، مع بدء الدعاية الانتخابية في 18 يوليو، بعد الانتهاء من إعلان القوائم النهائية للمترشحين والمرشحين على مقاعد الفردي. وهو ما يتطلب شرح شكل الخريطة الحزبية والتحالفات داخل الانتخابات الحالية، ومدى تغيرها عن انتخابات 2020، والتعريف بماهية مجلس الشيوخ وأهميته والمتوقع منه.
ما هو مجلس الشيوخ؟
تم استحداث مجلس الشيوخ في الدستور المعدل عام 2019، بعد أن تم إلغاؤه في دستور 2014، حيث تم التصويت بالموافقة على التعديلات في أبريل 2019، وعُدل اسمه من مجلس الشورى الذي كان آخره عام 2012 إلى مجلس الشيوخ في الدستور الحالي، وحدد الدستور اختصاصات وسبل انتخاب مجلس الشيوخ في المواد (248: 254)، وكذلك وفقًا لقانون مجلس الشيوخ رقم 141 لسنة 2020 وتعديلاته بالقانون رقم 84 لسنة 2025 والمتعلق بتعديلات المواد الخاصة بالدوائر وتعديل الأعداد المقسمة لدوائر الفردي والقائمة وفقًا لتغير الشكل السكاني، والذي وافق عليه مجلس النواب في يونيو الماضي، وصدق عليه السيد رئيس الجمهورية وتم نشره في الجريدة الرسمية، وذلك على النحو التالي:
- عودة مجلس الشيوخ
غاب مجلس الشورى في دستور 56، فيما تم بموجب هذا الدستور تشكيل أول مجلس نيابي باسم “مجلس الأمة”، ثم عاد مجلس الشورى في تعديل دستور 1971 بعد الاستفتاء الذي تم عام 1980 بهدف توسيع المشاركة السياسية، وهو الدستور الذي استمر حتى يناير 2011، فبعد تنحي الرئيس الأسبق مبارك تم تعطيل الدستور وحل مجلسي الشعب والشورى، وإجراء انتخابات تشريعية جديده عام 2012، وبموجب الفترة الانتقالية بعد ثورة 30 يونيو 2013 تم إصدار قرار من الرئيس المؤقت عدلي منصور بحل مجلس الشورى حتى قررت لجنة الخمسين المشكلة لإعداد الدستور إلغاء مجلس الشورى في دستور 2014. حتى تم استحداثه مرة أخرى باسم مجلس الشيوخ بدلًا من مجلس الشورى، وفقًا للتعديلات الدستورية التي تم إقرارها عام 2019.
- تشكيل مجلس الشيوخ
تنفيذًا للمادة (250) من الدستور بألا يقل أعضاء المجلس عن (180) عضوًا، وحدد القانون رقم 141 لسنة 2020 عدد أعضاء المجلس من 300 عضو، مقسمين على دوائر جمهورية مصر العربية، حيث يتم انتخاب 200 عضو عبر الاقتراع السري المباشر منهم 100 عضو بالنظام الفردي، و100 عضو آخرين يتم انتخابهم بنظام القوائم المغلقة المطلقة، فيما يتم تعيين 100 عضو من قبل رئيس الجمهورية، على أن يحقق تمييزًا إيجابيًا لصالح المرأة لتمثل 10% من إجمالي عدد المقاعد.
فحدد قانون مجلس الشيوخ وتعديلاته بالقانون رقم 84 لسنة 2025 تقسيم الدوائر إلى (27 دائرة تُخصص للانتخاب بالنظـــام الـفـــردي)، وعلى مستوى القوائم تم تخصيص 37 مقعدًا لكل من الدائرة الأولى (دائرة قطاع القاهرة وجنوب ووسط الدلتا)، والدائرة الثانية (دائرة قطاع شمال ووسط وجنوب الصعيد)، و13 مقعدًا لكلٍ من الدائرة الثالثة (دائرة قطاع شرق الدلتا)، والدائرة الرابعة (دائرة قطاع غرب الدلتا). فيما كان مخصصًا 35 مقعدًا في الدائرتين الأولى والثانية تحتوى على 6 سيدات على الأقل لكل قائمة، و15 مقعدًا للدائرتين الثالثة والرابعة على أن تضم 3 سيدات لكلٍ منهما، لتحقيق التمثيل النسبي للسكان.
كما يجب أن تتضمن كل قائمة مخصص لها عدد (13) مقعدًا ثلاث نساء على الأقل، وكل قائمة مخصص لها عدد (37) مقعدًا سبع نساء على الأقل، مع زيادة التأمين من 5 آلاف للقائمة الـ15 إلى 39 ألف جنيهًا، و35 ألف جنيهًا للقائمة الـ35 إلى 111 ألف جنيه للقائمة الـ37 مقعدًا.
- طرق الانتخاب:
وينتخب ثلثا أعضائه بالاقتراع العام السري المباشر، ويعين رئيس الجمهورية الثلث الباقي، وتحديد سن المرشح بألا يقل عن 35 عامًا. وتم تعديل مدة العضوية إلى خمس سنوات، تبدأ من تاريخ أول اجتماع له، بدلًا من كونها 6 سنوات في الدستور السابق، مع تحديد ضرورة إجراء انتخاب المجلس الجديد خلال الستين يومًا السابقة لانتهاء مدته.
ويمكن وصف طريقة الانتخابات المصرية لمجلس الشيوخ بالطريقة المختلطة والتي تجمع بين نظامي “الاقتراع المباشر” وهو الأمر المحقق في ثلثي المجلس بنظام القائمة والفردي، والتعيين لثلث الأعضاء من قبل رئيس الجمهورية، وهي أنظمة تعمل بها عدد من الأنظمة الديمقراطية، فالولايات المتحدة تعتمد على نظام الاقتراع المباشر، والمملكة المتحدة تعتمد على تعيين أغلبية مجلس اللوردات من قبل الملك بتوصية من رئيس الوزراء أو لجنة التعيينات في المجلس، وكذلك الهند التي تمتلك نظامًا نيابيًا ثنائيًا؛ فيقوم رئيس الهند بتعيين 12 عضوًا من ذوي الخبرة في مجالات محددة في مجلس الشيوخ والمسمى بـ”راجيا سابها”. هذا فيما هناك نظام الانتخاب غير المباشر، وهو نظام غير معمول به في مصر، مثل مجلس الشيوخ في ألمانيا Bundesrat، حيث يعد مجلسًا يمثل حكومات الولايات الألمانية، ويتم تعيين أعضائه من قبل هذه الحكومات وليس عن طريق الانتخاب.
- اختصاصات المجلس وما حققه:
وبالرغم من كون مجلس الشيوخ مثالًا لتوسيع المشاركة الديمقراطية، والتي جاء النظام الانتخابي في محاولة لتحقيقه بالرغم من بعض الاعتراضات حول نظام الانتخاب بنظامي القائمة المغلقة والفردي القائمتين على قدرة الأحزاب المادية في السيطرة على مقاعد الفردي نتيجة اتساع حجم الدوائر، إلا أن هناك فجوة بين اختصاصات المجلس ومعرفة المواطن العادي بأهمية مجلس الشيوخ نتيجة غياب الحديث حول اختصاصاته الفعلية، والتي تمهد الطريق لإحكام القوانين التي يصدرها مجلس النواب أو مشروعات القوانين المقترحة من الحكومة، وخروجها بشكل أكثر انضباطًا، مع فتح الطريق أمام الحوار المجتمعي وأصحاب الخبرة.
وهو ما يشير إليه تراجع نسب التصويت في مجلس الشيوخ مقارنةً بالانتخابات الرئاسية وانتخابات النواب، نتيجة عدم معرفة الدور الفعلي لمجلس الشيوخ والمحدد في دستور 2019 في المادتين (248، 249) والقانون رقم 141 لسنة 2020، ويشتمل على:
- توطيد دعائم الديمقراطية ودعم السلم الاجتماعي.
- أخذ الرأي في المعاهدات وتعديلات الدستور والقوانين، ومشروعات الخطة العامة، وكل ما يحيله إليه رئيس الجمهورية من موضوعات تتعلق بالسياسات العامة، والشئون العربية والخارجية.
- بجانب الاقتراحات الخاصة بتعديل مادة أو أكثر من مواد الدستور، ومشروع الخطة العامة للتنمية الاجتماعية والاقتصادية.
- مناقشة مشروعات القوانين ومشروعات القوانين المكملة للدستور التي تحال إليه من رئيس الجمهورية أو مجلس النواب، ويبلغ المجلس رأيه في هذه الأمور إلى رئيس الجمهورية ومجلس النواب.
وفي ضوء هذه الاختصاصات تمثلت مخرجات المجلس السابق التي تم الإعلان عنها في 23 يونيو الماضي على مدار الفصل التشريعي الأول الذي ضم خمس دورات انعقاد عن قيامه بعقد 186 جلسة عامة وجلسة طارئة. وبالنسبة للمحور التشريعي والرقابي والدراسات فقد ناقش المجلس على مدار الفصل التشريعي الأول 40 مشروع قانون، و93 طلب مناقشة عامة، و919 اقتراحًا برغبة، و18 دراسة برلمانية، و9 دراسة للأثر التشريعي.
شكل التحالفات (الخريطة الحزبية)
لتحقيق الأهداف الدستورية القائمة على توطيد دعائم الديمقراطية، فإن اتساع الخريطة الحزبية وترشح المستقلين على قوائم الفردي مشهد إيجابي في العملية الانتخابية، وهو ما يمكن مقارنته بين الانتخابات الحالية وانتخابات مجلس الشيوخ 2020.
- انتخابات 2020
أفرزت انتخابات 2020 ظهور 11 حزبًا على مستوى القوائم ممثلين على النحو التالي:
الأحزاب | قطاع القاهرة وجنوب ووسط الدلتا | قطاع شمال ووسط وجنوب الصعيد | دائرة قطاع شرق الدلتا | دائرة قطاع غرب الدلتا | |
1 | مستقبل وطن | 18 | 21 | 10 | 11 |
2 | الشعب الجمهوري | 3 | 5 | 1 | 1 |
3 | الوفد | 3 | 2 | 0 | 1 |
4 | حماة الوطن | 2 | 2 | 1 | 0 |
5 | المؤتمر | 1 | 2 | 1 | 0 |
6 | المصري الديمقراطي الاجتماعي | 2 | 1 | 0 | 0 |
7 | الإصلاح والتنمية | 3 | 0 | 0 | 0 |
8 | مصر الحديثة | 0 | 1 | 2 | 0 |
9 | الحركة الوطنية المصرية | 2 | 0 | 0 | 0 |
10 | التجمع | 1 | 1 | 0 | 1 |
11 | الحرية | 0 | 0 | 0 | 1 |
أسفر تشكيل القوائم في انتخابات الشيوخ 2020 عن ظهور 11 حزبًا نتيجة فوز القائمة الوطنية من أجل مصر على مستوى الدوائر الأربع، ليمثل حزب مستقبل وطن الأغلبية من خلال سيطرته على 60 مقعدًا، يليه حزب الشعب الجمهوري بنحو 10 مقاعد، والوفد 6 مقاعد، وحماة الوطن 5 مقاعد، وجاءت أحزاب المعارضة ممثلة في الإصلاح والتنمية والمصري الديمقراطي الاجتماعي بواقع 3 مقاعد لكل منهما.
على مستوى الفردي وتعيينات السيد رئيس الجمهورية:
أسفرت تعيينات السيد رئيس الجمهورية عن وجود 8 رؤساء أحزاب ضمن قائمة التعيينات، ممثلة في أحزاب “الشعب الجمهوري، حماة الوطن، حزب الوفد الجديد، وحزب التجمع، وحزب مصر الحديثة، وحزب إرادة جيل، وحزب المؤتمر، وحزب السادات الديمقراطي”.
وأدت تعيينات السيد رئيس الجمهورية إلى زيادة عدد الأحزاب الممثلة داخل المجلس ليصبح 13 حزبًا بدلًا من 11، دون تأثير على الأغلبية الحزبية وفقًا لنص القانون، بألا تؤثر التعيينات على الأكثرية الحزبية داخل البرلمان أو تغير من وضع الأحزاب تحت قبة المجلس.
كما تضمنت قائمة تعيينات رئيس الجمهورية عددًا من أعضاء تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين والخبراء من الإعلام والفن ومجال السياسة.
وعلى مستوى نتائج المشاركة الفردي* جاءت كما يلي:
سيطر كذلك حزب مستقبل وطن على كافة المقاعد بالمحافظات الـ 27، وحسم النتائج في المحافظات التي لم تحسم نتائجها في المرحلة الأولى وذهبت إلى جولة الإعادة، والتي تمثلت في 7 محافظات هي: (قنا، سوهاج، الأقصر، أسوان، بورسعيد، الإسماعيلية، مطروح)، فأصبح حزب مستقبل وطن الاول كذلك بين الأحزاب على مقاعد الفردي بنحو 88 مقعدًا، يليه حزب الشعب الجمهوري بنحو 6 مقاعد، والمستقلون بنحو 6 مقاعد أيضًا.
كما نافس حزب النور على مقاعد الفردي دون تحقيق نتائج، حيث نافس على مقاعد محافظتي كفر الشيخ ودمياط، وشهدت محافظة المنوفية منافسة شديدة كذلك بين المرشحين على مستوى الإعادة بين ممثلي حزب مستقبل وطن، وآخر مستقل، كما لم تستطع أحزاب حماة الوطن والحركة الوطنية والمؤتمر والاتحاد تحقيق أي فوز خلال المرحلتين بالرغم من وصولهما لمرحلة الإعادة في محافظات (سوهاج، قنا، دمياط، مطروح).
- انتخابات 2025
تغير الأمر في هذه الانتخابات حيث أظهرت بعض قوى الحركة المدنية الديمقراطية انفتاحها على المشاركة في الانتخابات القادمة، حيث أعلن حزب الدستور المنسحب من انتخابات الرئاسة 2024، عن المشاركة في انتخابات مجلس النواب القادمة لأول مرة في تاريخ الحزب بمشاركة 30 عضوًا، في ظل عدم فاعلية الانسحاب كاستراتيجية للضغط في ظل ضعف تأثير هذه الأحزاب في الشارع المصري. كما ظهر حزب العدل ضمن مجلس الشيوخ الحالي، وتزايدت مقاعد وترتيب بعض الأحزاب المشاركة في الساحة السياسية، بجانب زيادة أعداد المرشحين على مقاعد الفردي كمستقلين، مما يعطي مؤشرًا لزيادة نسب التمثيل الحزبي في الشارع السياسي، وانخراط الشعب عبر المستقلين نوعًا ما للمشاركة في الاستحقاقات الانتخابية لعام 2025 بشقيها (الشيوخ والنواب)، وهو ما سينعكس على شكل التحالفات القادمة على مستوى القوائم، أو المنافسة على المقاعد الفردية، أو التواجد ضمن قائمة تعيينات السيد رئيس الجمهورية.
فأظهرت النتائج الأولية للترشح لانتخابات مجلس الشيوخ 2025، تغيرًا في عدد الأحزاب المشاركة وعدد الأعضاء الممثلة لهم داخل القوائم الأربعة، وتمثلت في التالي:
أ.على مستوى القوائم
تم تدشين القائمة الوطنية لتضم 12 حزبًا – دون وجود قوائم منافسة – موزعة وفقًا لما يلي:
- حزب مستقبل وطن: 44 مقعدًا.
- حزب حماة الوطن: 19 مقعداً.
- حزب الجبهة الوطنية: 12 مقعدًا.
- الشعب الجمهوري: 5 مقاعد.
- الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي: 5 مقاعد.
- حزب الإصلاح والتنمية: 4 مقاعد.
- حزب العدل: 4 مقاعد.
- حزب التجمع: 2 مقعد.
- حزب الوفد: 2 مقعد.
- حزب المؤتمر: 1 مقعد.
- حزب إراد جيل: 1 مقعد.
- حزب الحرية المصري: 1 مقعد.
ب. على المستوى الفردي:
أما المقاعد الفردية الـ100، فترشح عليها نحو 428 مرشحًا، ما بين حزبيين ومستقلين، وعلى عكس الدورة الأولى ظهر عدد من المرشحين على المقاعد الفردي، منهم 186 مرشحًا مستقلًا، و242 مرشحًا منتميًا لنحو 33 حزبًا، وكان حزب مستقبل وطن هو متصدر القائمة يليه حزب حماة الوطن ثم العدل، أمام تراجع لحزبي الشعب الجمهوري والوفد، وذلك كما في الشكل التالي:
وظهر تحالف انتخابي جديد تمثل في “تحالف الطريق الديمقراطي” الذي يضم (حزب العدل – المصري الديمقراطي الاجتماعي، ومرشحي حزب الإصلاح والتنمية)، هذا بجانب تحالف الأحزاب المصرية، المكون من 42 حزبًا سياسيًا، والذي يقوم بعدة مناقشات بشأن حسم المقاعد الفردية.
وشهدت الانتخابات الحالية مشاركة حزبية ومستقلين بشكل أكبر، كما أفرزت ظهور أحزاب جديدة مثل حزب الوعي والجبهة الوطنية، واتخذ الحزب الأول استراتيجية لجذب المرشحين المستقلين للترشح تحت مظلته آلية للمشاركة، فدعا رئيس حزب الوعي الشباب للانضمام إلى الحزب للترشح في الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، ودعوة النواب السابقين للترشح تحت مظلة الحزب مع الانفتاح على الانضمام لأي تحالف.
الدعاية الانتخابية
ولتحديد الفائزين على مقاعد القائمة ونتيجة وجود قائمة واحدة في كل دائرة من الدوائر الأربع، فإن نجاح القائمة يتطلب وفقًا لنص المادة 25 من قانون انتخابات مجلس الشيوخ، حصول القائمة على نسبة 5% على الأقل من أصوات الناخبين المقيدين بكل دائرة، فإن لم تحصل القائمة على هذه النسبة أعيد فتح باب الترشح لشغل المقاعد المخصصة للدائرة.
وهو ما يتطلب قيام المرشحين والأحزاب بالبدء في الدعاية والتي أعلنت عنها الهيئة الوطنية للانتخابات منذ 18 يوليو الماضي والمستمرة حتى 31 يوليو، من أجل تعريف الأفراد بمجلس الشيوخ وحثهم على التصويت في ظل أن انتخابات الشيوخ هي الأقل مشاركةً بين كافة الاستحقاقات الانتخابية المختلفة، حيث مثلت نسبة التصويت في انتخابات 2020، نحو 14.23% (8 ملايين و959 ألفًا و35 ناخبًا) من إجمالي من يحق لهم التصويت والمقيدين بقواعد الناخبين والذين يبلغ إجماليهم 62 مليونًا و940 ألفًا و165 ناخبًا، بنسبة تصويت صحيحة بنحو 84.58%، إلا أنها كانت تزيد عن انتخابات الشورى عام 2012 حيث كان عدد المشاركين في انتخابات مجلس الشورى بمرحلتيها الأولى والثانية نحو 6 ملايين و43 ألف ناخب بنسبة 12.9%.
وهو ما يتطلب دعاية انتخابية ورسائل مختلفة، وحث الأفراد على المشاركة من خلال التواجد عبر مقار الأحزاب على مستوى الجمهورية، أو الاتصالات الشخصية مثل عقد الندوات والمؤتمرات بالدوائر المختلفة، والتي قد تكون مكلفة نوعًا ما في ظل اتساع حجم الدائرة. وبدأت الأحزاب في الاستعداد للانتخابات قبيل فتح باب البدء في الدعاية الانتخابية، حيث أعلن حزب مستقبل وطن عن استعداد كوادر الحزب للمشاركة، وتفعيل حزب الجبهة الوطنية لغرفة العمليات ومشاركة قيادات الحزب في الفعاليات الجماهيرية لدعم المرشحين، ومشاركة حزب حماة الوطن بجزء من الدعاية لصالح مشروعات مجتمعية، فيما أوضح حزب الشعب الجمهوري أنه سيقوم بترشيد الإنفاق الانتخابي وعمل خطب تخصصية حسب كل دائرة، فيما يقوم حزب العدل بإطلاق حملة رسمية لتدريب مرشحيه على الرسائل ووضع خطة مركزية للحشد، فيما سيعتمد حزب المؤتمر على المؤتمرات الشعبية.
من الطرح السابق، ونتيجة عدم الإشارة الفعلية لدور مجلس الشيوخ في صياغة القوانين ودراسة القرارات والمعاهدات، والتي تُعد اختصاصًا أصيلًا للشراكة في خطة الدولة، إلا أن الثابت الذهني لدى الأفراد هو المادة (٢٥٣) من الدستور التي تشير إلى عدم مسئولية رئيس مجلس الوزراء ونوابه والوزراء وغيرهم من أعضاء الحكومة أمام مجلس الشيوخ، وهو ما يُفقده عنصرًا رقابيًا يتمتع به مجلس النواب، لكن الواقع أن اختصاصات مجلس الشيوخ متنوعة من خلال مساهمته في زيادة المشاركة الديمقراطية بضم ممثلي فئات غير متواجدين في مجلس النواب بجانب الدور في مراجعة التشريعات ومشروعات القوانين التي تم إقرارها من مجلس النواب، لخروج نصوص منضبطة تشريعيًا لكونه مجلسًا يضم ذوي الخبرات في المجالات المختلفة، بجانب مراقبة أداء الحكومة ولكن بسلطات وأدوات تختلف عن البرلمان، كما أنه منبر لتحقيق التواصل والتوافق بين كافة الجهات السياسية.
ختامًا، إن الانتخابات الحالية لمجلس الشيوخ تمثل فرصة لمختلف الأحزاب المصرية التي قررت المشاركة سواء على مستوى القائمة والفردي، لعرض برامجها وتعريف الجمهور بها وببرامجها وبالتالي توسيع قاعدة مؤيديها، وهو ما سينعكس بالضرورة على قوة هذه الأحزاب في الشارع السياسي المصري والانتخابات البرلمانية المقبلة، بجانب أن قدرة الأحزاب على الحفاظ على معدلات قوتها، والعمل على زيادة تمثيلها، سيسهم في تعزيز الحياة الحزبية والنيابية في مصر.
- المصادر:
[1] قرار الهيئة الوطنية للانتخابات رقم 6 لسنة 2025، متاح في: موقع الهيئة الوطنية للانتخابات، https://www.elections.eg/events-menu/important-announcements/197-6-2025
[1] دستور جمهورية مصر العربية، موقع الرئاسة المصرية، متاح في: https://www.presidency.eg/media/46122/%D8%AF%D8%B3%D8%AA%D9%88%D8%B1-%D8%AC%D9%85%D9%87%D9%88%D8%B1%D9%8A%D8%A9-%D9%85%D8%B5%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A%D8%A9-2019.pdf
[1] قانون مجلس الشيوخ، موقع الهيئة الوطنية للانتخابات، متاح في: https://www.elections.eg/images/pdfs/laws/Senate-2020-141.pdf.pdf
[1] قانون مجلس الشيوخ، موقع الهيئة الوطنية للانتخابات، متاح في: https://www.elections.eg/images/pdfs/laws/Senate-2020-141.pdf.pdf
[1] House of Lords Appointments Commission< Available at: https://www.gov.uk/government/organisations/house-of-lords-appointments-commission#:~:text=The%20House%20of%20Lords%20Appointments,sponsored%20by%20the%20Cabinet%20Office.
[1] نتائح انتخابات 2020، موقع الهيئة الوطنة للانتخابات، متاح في: https://www.elections.eg/archive/senate-2020/s-2020-results/s-2020-s1-r1-results
[1] نتائج انتخابات الشيوخ 2020، على موقع الهيئة الوطنية للانتخابات، متاح في: https://www.elections.eg/images/pdfs/laws/senate_2020/50.pdf
[1] بيان حزب الدستور، 10 يوليو، متاح في: https://www.facebook.com/share/p/16iwePrayD/
[1] مداخلة رئيس الحزب على قناة اكسترا نيوز، 3 مايو 2025، متاح في: https://www.youtube.com/watch?v=nzAGrocVUzQ [1] الهيئة العامة للاستعلامات، متاح في: https://www.sis.gov.eg/Story/209601/%D8%A8%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B1%D9%82%D8%A7%D9%85..-%D8%A7%D9%84%D9%88%D8%B7%D9%86%D9%8A%D8%A9-%D9%84%D9%84%D8%A7%D9%86%D8%AA%D8%AE%D8%A7%D8%A8%D8%A7%D8%AA-%D8%AA%D8%B3%D8%AF%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%AA%D8%A7%D8%B1-%D8%B9%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%88%D9%84%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%88%D9%84%D9%89-%D9%84%D8%A7%D9%86%D8%AA%D8%AE%D8%A7%D8%A8%D8%A7%D8%AA-%D9%85%D8%AC%D9%84%D8%B3-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D9%8A%D9%88%D8%AE?lang=ar