في الرابع من يونيو ٢٠٢١، أعلنت الحكومة النيجيرية حظر موقع التواصل الاجتماعي “تويتر” في البلاد لمدة غير محددة، وذلك بعد أيام من حذف الموقع تغريدة للرئيس “محمد بخاري”. وبذلك تنضم نيجيريا إلى صفوف الصين وكوريا الشمالية وإيران في إصدار حظر على تويتر. وفي الثامن من يونيو ٢٠٢١ رفع ما يقرب من 200 نيجيري دعوى قضائية لرفع الحظر، واصفين قرار الحكومة بأنه يقمع أي صوت مخالف، ولم يقتصر الأمر على مُحاولة منع الأفراد من استخدامه، بل تجريم أي محاولة لاستخدام المنصة.
نقاط خلافية بين تويتر والحكومة النيجيرية
كشفت شبكة أفرو باروميتر Afrobarometer البحثية في دراسة استقصائية عام 2020، أن 35٪ من النيجيريين يستخدمون تويتر للحصول على الأخبار عدة مرات في الأسبوع، وخاصةً الشباب بنسبة 46٪، مُقابل كبار السن بنسبة 8٪. كما أوضحت الدراسة أن 61٪ يعارضون القيود الحكومية على وسائل الإعلام الرقمية ووسائل التواصل الاجتماعي، مُقابل 23٪ وافقوا على تنظيم الحكومة لعملية الوصول إلى موقع تويتر. وعلاوةً على ذلك، يُقدر مركز استطلاع الرأي العام والبحوث في نيجيريا (NOPC) NOI Polls أن 39.6 مليون نيجيري يستخدمون تويتر، 20٪ للإعلانات التجارية و18٪ للبحث عن فرص العمل. وبالرغم من هذه الأرقام لعدد المستخدمين لموقع تويتر، توجد نقاط خلافية بين الحكومة النيجيرية وتويتر، حيث تُوضح الحكومة النيجيرية مُبررات حظر موقع تويتر، كما يلي:
حذف تغريدة الرئيس “بخاري”: تصاعدت التوترات بين تويتر والحكومة النيجيرية بعد الإعلان عن حظر موقع تويتر بسبب حذف تويتر تغريدة للرئيس النيجيري “محمد بخاري” في الثاني من يونيو 2021، هدّد فيها “بخاري” بمُعاقبة الحركات الانفصالية في جنوب شرق البلاد، حيث قامت هذه الحركات بسلسلة من الهجمات على البنية التحتية العامة ومكاتب مفوضية الانتخابات الوطنية، وأشار فيها إلى الحرب الأهلية في نيجيريا قبل أربعة عقود.
تقويض وحدة واستقرار البلاد: اتُّهم تويتر بسلسلة من الانتهاكات في نيجيريا من خلال نشر المعلومات والأخبار المضللة، حيث قالت الحكومة النيجيرية إن تعليق تويتر ضروري نتيجة استخدام المنصة أنشطة لزعزعة استقرار البلاد ووجود الشركات من خلال تنظيم الاحتجاجات عام 2020 ضد وحدة مُكافحة السرقة الخاصة في الشرطة Special Anti-Robbery Squad، واتهام “جاك دورسي”، مؤسس موقع تويتر، بالمسئولية عن الخسائر التي تكبدتها نيجيريا في أعقاب هذه الاحتجاجات. بالإضافة إلى ذلك، أكد “لاي محمد” وزير الإعلام والثقافة النيجيري، أن زعيم السكان المحليين في بيافرا (IPOB)، “نامدي كانو”، المقيم خارج نيجيريا، يستخدم تويتر لزعزعة استقرار نيجيريا من خلال إصدار توجيهات لأعضائه.
اختيار مدينة أكرا بدلًا من لاجوس كمقر شركة تويتر في إفريقيا: أعلن تويتر عن إنشاء أول مكتب إفريقي له في أكرا عاصمة غانا في أبريل 2021، وجاء هذا القرار لجهود غانا في دعم حرية التعبير عن الرأي، على الرغم من وجود أكبر عددٍ من مستخدمي تويتر في إفريقيا في نيجيريا، بما يزيد على العدد الإجمالي لسكان غانا، ولكنّ هناك بعض الاعتبارات الجيوسياسية، بما في ذلك الإمكانات المتاحة في غانا على صعيد حرية التعبير والنفاذ إلى الإنترنت، واختيار عاصمتها لاستضافة الأمانة العامة لاتفاقية التجارة الحرة القارية الإفريقية.
تداعيات سلبية
يُظهر حجب موقع تويتر في نيجيريا مشكلات متعددة تتمثل بالأساس في الخسائر الاقتصادية المباشرة المترتبة على لجوء النيجيريين إلى الشبكات الخاصة الافتراضية VPN المجانية بدلًا من تلك القائمة على الرسوم والأكثر أمانًا، ويأتي الاستخدام الواسع لهذه الشبكات بتكاليف كبيرة، والتعرض لسرقة البيانات وأعمال القرصنة الأخرى، وإبطاء الاتصال بالإنترنت، وتُقدر منظمة مُراقبة أمن الشبكات والإنترنت NetBlocks، أن كل يوم من حظر تويتر سيكلف الاقتصاد النيجيري أكثر من 2 مليار نيرة نيجيرية.
فبعد فترة من دخول حظر تويتر حيز التنفيذ، تم حظر الوصول إليه على شبكات المحمول المحلية في نيجيريا، وزادت عمليات البحث على الإنترنت عن الشبكات الافتراضية الخاصة التي تسمح للمستخدمين بإخفاء هُويتهم على الإنترنت، وارتفع حجم التعامل لهذه الشبكات خلال أسبوع واحد بنسبة 1409٪، وفقًا لموقع التتبع في المملكة المتحدة Top 10 VPN، بالرغم من تهديدات الحكومة النيجيرية باعتقال المخالفين للحظر.
وقد جاءت خطوة نيجيريا كجزء من اتجاه الحكومات في إفريقيا حيال تعطيل أو حظر استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لتبرير عمليات الإغلاق على أنها ضرورية لضمان الأمن القومي على حساب تقييد الحريات والتعبير عن الرأي كما حدث خلال الانتخابات عام 2021 في النيجر وأوغندا، والاحتجاجات في السنغال من خلال تقييد استخدام وسائل التواصل الاجتماعي والإنترنت والاقتصار على وسائل الإعلام الرقمية.
تراجع تدريجي
بعد أيام من حظر تويتر، غيرت الحكومة النيجيرية رأيها من تعليق عملياته إلى أجل غير محدد إلى التعليق المشروط، حيث قدمت الحكومة النيجيرية مشروع قانون لتنظيم عمل ونطاق وسائل التواصل الاجتماعي في مناسبات مختلفة قبل حظر تويتر، وتجريم التعليقات التي تُعتبر خطاب كراهية وأخبارًا مزيفة ومعلومات مضللة بغرامات وأحكام بالسجن في ظل إقرار نيجيريا بحق استخدام تويتر بموجب الدستور والتوقيع على الميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان والشعوب وإعلان الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، ولكن فشلت محاولات تمرير مشروع القانون بسبب الاحتجاجات العارمة على موقع تويتر.
وشدّد “أبو بكر مالامي”، المدعي العام النيجيري، على مُحاكمة المخالفين للحظر، وحدّد “لاي محمد”، وزير الإعلام والثقافة النيجيري، الشروط التي تفرضها الحكومة لإعادة استخدام تويتر مرةً أخرى، وطالب مجلس النواب بإدراج البث عبر الإنترنت بشأن المعلومات والأخلاق والقيم تحت رقابة هيئة الإذاعة الوطنية النيجيرية (NBC)، وضرورة حصول شركات التواصل الاجتماعي على ترخيص للعمل في البلاد والامتثال للقانون النيجيري، وأن تكون مُسجلة في نيجيريا كمنشأة تجارية.
واتصالًا بالسابق، في السابع من يونيو 2021 أكدت “ماري ليونارد”، سفيرة الولايات المتحدة الأمريكية لدى نيجيريا خلال اجتماع مع “جيفري أونياما” وزير الخارجية النيجيري، وسفراء وممثلي الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وكندا وأيرلندا والاتحاد الأوروبي في نيجيريا، أن نيجيريا تجري محادثات مع تويتر بشأن توقيع الاتفاقيات الأساسية لقواعد الاشتباك، ومُناقشة الاهتمامات المُشتركة واستعادة الخدمة، وقال “أونياما” إن تعليق تويتر مسألة أمن قومي، وشدّد على أن هدف الحظر الدعوة إلى الاستخدام الرشيد لمنصات التواصل الاجتماعي بما لا يزعزع السلام والوحدة في البلاد، واعتبر التحريض على العنف جرائم للحكومة النيجيرية، مع الحق في مُقاضاته. وختامًا، يُثير حظر موقع تويتر في نيجيريا الجدل حول العلاقة بين سلطة الدول القومية ذات السيادة ومنصات التواصل الاجتماعي، وتَجاوز هذه الشركات حدود الدول وتهديد مُستقبل نمو شركة تويتر في ظل التعرض للحجب والحظر خلال الفترة الأخيرة، وتداعيات التعليق على الحياة الاقتصادية والسياسية في نيجيريا. وتحمل هذه الأزمة فرصًا عديدة للتكرار في حالات أخرى في السياق الإفريقي، الأمر الذي قد يتطلب بحثًا عن مخارج استباقية لتجنب تكرار مثل هذه الأزمة في المستقبل.