تعتمد صفقات الدمج والاستحواذ، تمامًا كما هو الحال بخصوص أي قرار للاستثمار سواء كان استثمارًا محليًا أو من قِبَل مستثمرين أجانب، على بيئة الأعمال الموجودة بالبلد، والتي تشمل قدرته على المنافسة وتوفر الموارد المطلوبة ومنها موارد بشرية وبنية تحتية وكهرباء وشبكات الإنترنت وغيرها. كما أنها تعتمد على استقرار سعر الصرف للعملة المحلية، واستقرار الوضع السياسي والاقتصادي ككل. يناقش هذا المقال التطورات في صفقات الدمج والاستحواذ في مصر في ظل كورونا.
تطورات صفقات الدمج والاستحواذ في مصر
وفقًا لتقرير بعنوان “هيمنة عمليات الدمج والاستحواذ المصرية على صفقات الدمج والاستحواذ في شمال إفريقيا حيث تقود صفقات الطاقة والاتصالات النشاط”، وهو التقرير المقدم من ميرجر ماركت “Mergermarket” في نوفمبر 2019، مثل نشاط الدمج والاستحواذ في مصر 75.1% من القيمة الإجمالية لصفقات الدمج والاستحواذ في شمال إفريقيا في 2019 و58.3% من حيث الحجم في 2019. كما أن هذه الصفقات تشمل مختلف القطاعات ومنها قطاعات: التكنولوجيا المالية، والنفط والغاز، والبتروكيماويات، والطاقة المتجددة، والاتصالات، والتصنيع وتجهيز الأغذية، والرعاية الصحية، وغيرها.
ووفقًا لتقرير بعنوان “ارتفاع قيم صفقات الدمج والاستحواذ في مصر خلال النصف الأول من عام 2021 مما يعكس الاتجاهات العالمية والشرق أوسطية” المقدم من شركة المحاماة متعددة الجنسيات بيكر ماكنزي في سبتمبر 2021، تضاعفت قيمة صفقات الدمج والاستحواذ في مصر بحوالي أربعة أضعاف (394%) على أساس سنوي في النصف الأول من 2021، كما زاد عدد صفقات الدمج والاستحواذ في مصر خلال الفترة نفسها، حيث بلغ عددها 111 صفقة بقيمة تتجاوز 4 مليارات دولار مقارنة بحوالي 74 صفقة في النصف الأول من العام السابق بقيمة 906 ملايين دولار. ويمكن مقارنة حجم وقيمة صفقات الدمج والاستحواذ المصرية بالشرق أوسطية والتي ارتفع حجمها في النصف الأول من العام الحالي بنسبة 59% عن النصف الأول من عام 2020 وبنسبة 48% عن نصف العام الذي سبقه (النصف الثاني من عام 2020) على الرغم من انخفاض قيمة صفقات الدمج والاستحواذ في المنطقة بنسبة 7% عن الفترة نفسها من العام السابق (النصف الأول من عام 2020) ليبلغ إجمالي عدد الصفقات 307. إضافة إلى ذلك، ارتفعت القيمة الإجمالية لصفقات الدمج والاستحواذ عالميًا بنسبة 120% عن النصف الأول من 2020، وكذلك ارتفع حجم الصفقات بنسبة 22%. علاوة على ذلك، خلال النصف الأول من عام 2021، احتلت مصر المرتبة الأولى كسوق إقليمي مستهدف لعمليات الدمج والاستحواذ الصادرة والمرتبة الثانية من حيث الحجم من خلال 18 صفقة بقيمة 1.8 مليار دولار.
في شأن آخر، ووفقًا للتقرير، فإن معظم صفقات الدمج والاستحواذ التي تمت في هذه الفترة كانت من بين أطراف محلية بإجمالي 59 صفقة أبرمت في السوق المحلية بقيمة تبلغ 1.6 مليار دولار، في حين بلغ إجمالي عدد الصفقات العابرة للحدود 52. يأتي ذلك مقارنة بعدد الصفقات المحلية البالغ عددها 42 صفقة في النصف الأول من 2020 و32 صفقة عابرة للحدود بقيمة تبلغ 2.8 مليار دولار. جدير بالذكر أن الإمارات العربية المتحدة كانت أكبر مستثمر في مصر من حيث الحجم والقيمة بإجمالي عدد صفقات 11 صفقة بإجمالي 1.7 مليار دولار. إضافة إلى ذلك، جاءت الولايات المتحدة في المركز الثاني، ومن ثم السعودية وبريطانيا.
العوامل الرئيسية التي تؤثر على عمليات الدمج والاستحواذ
وفقًا لتقرير الدمج والاستحواذ المصري المقدم من مراجعة القانون المالي الدولي في 2019، تعتبر العواقب الأساسية التي تواجه الشركات أثناء عمليات الدمج والاستحواذ هي: أولًا: القيود المفروضة على أنشطة بعينها مثل استيراد المركبات أو غيرها. ثانيًا: التوقيت المستغرق في نقل التراخيص التنظيمية. ثالثًا: التوقيت المستغرق لأخذ الموافقة الحكومية على التغيير المباشر أو غير المباشر للسيطرة على شركة بعينها على الشكل المنصوص عليه في بعض الصناعات الحساسة أو الاستراتيجية أو ذات ميزة تكلفة، وهي صناعات في الأغلب يتمتع أصحاب الأعمال المحليون فيها ببعض الامتيازات الممنوحة من قِبَل الحكومة. إضافة إلى ذلك، فإن عدم توفر سعر ثابت للعملة المحلية مقارنة بالعملات الأجنبية يحد من قدرة الشركات على التنبؤ بالأرباح، وبالتالي يزيد من مخاطر أية عملية دمج واستحواذ في هذه الدولة.
أبرز عمليات الدمج والاستحواذ في السنوات السابقة
ووفقًا لتقرير بيكر ماكنزي في سبتمبر 2021، في النصف الأول من 2021، شهد قطاع الرعاية الصحية أكبر صفقات دمج واستحواذ واردة من حيث القيمة (1.5 مليار دولار)، الأمر الذي يشير إلى زيادة أهمية القطاع لدى المستثمرين بعد أزمة كورونا، وخصوصًا في دولة ذات تعداد سكاني مرتفع. كما شهد قطاع الخدمات المالية أكبر صفقات دمج واستحواذ من حيث العدد، حيث بلغ إجمالي عدد الصفقات 10 صفقات في النصف الأول من العام الحالي، وهو عشرة أضعاف عدد الصفقات في الفترة نفسها من العام السابق في ظل تفاقم وذروة أزمة كورونا وتطبيق سياسات الإغلاق في العديد من الدول.
وجاءت أبرز عمليات الدمج والاستحواذ في الأعوام السابقة: أولًا: وفقًا لخبر بعنوان “حلمي وحمزة وشركاه تعمل لصالح رواسي للتنمية العمرانية فيما يتعلق بواحدة من أكبر صفقات التمويل العقاري” المقدم من بيكر ماكنزي في يونيو 2021، قدمت شركة الاستشارات حلمي وحمزة وشركاه -مكتب بيكر ماكنزي بالقاهرة- المشورة إلى مشروع رواسي العقاري التابع للبنك الأهلي المصري وبنك مصر لاستحواذ أصول عقارية في مجمع طلعت مصطفى بمدينتي بسعر شراء يقارب 9 مليارات جنيه مصري. كذلك دعمت شركة الاستشارات رواسي في الدخول في اتفاقية تشغيل واستثمار طويلة الأمد مع مجموعة طلعت مصطفى لتشغيل واستثمار هذه الأصول نيابة عن رواسي بعائد مضمون. ثانيًا: وفقًا لتقرير الدمج والاستحواذ المصري المقدم من مراجعة القانون المالي الدولي في 2019، استحوذت مبادلة للبترول “Mubadala Petroleum” على حصة قدرها 10% في امتياز الشروق في حقل ظهر للغاز بقيمة 934 مليون دولار في 2018. أخيرًا: استحوذت المجموعة المالية هيرميس على محفظة للمدارس الابتدائية في القاهرة الجديدة من مجموعة طلعت مصطفى القابضة “TMG Holding” مقابل مليار جنيه مصري (أو 57 مليون دولار) في مايو 2018.