أصدرت مصلحة الضرائب المصرية أواخر سبتمبر من عام 2021 بياناً يختص بتحصيل الضرائب من المدونين وصناع المحتوى وخاصة ذلك الموجود على موقع “يوتيوب” YouTube العالمي المتخصص بالمحتوى المرئي. وأشار البيان بأنه يجب على الأفراد الذين ينخرطون في نشاط إنشاء المحتوى (المدونون – مستخدمي يوتيوب) التوجه إلى مصلحة الضرائب لفتح ملف ضريبي لتسجيل ضريبة الدخل ذات الصلة، وكذلك تسجيل القيمة المضافة المختصة عندما تصل عائداتهم إلى 500 ألف جنيه في غضون اثني عشر شهرًا من موعد مزاولة النشاط بحسب رئيس مصلحة الضرائب المصرية رضا عبد القادر.
وأوضحت مصلحة الضرائب المصرية بأن وزارة المالية تتابع معها عن كثب عمليات حصر المعاملات التي تتم عبر المنصات الإلكترونية، وتحديد من يقوم بها، لتشمل ضم الاقتصاد غير الرسمي للنظام الرسمي، واستعادة حقوق الخزانة العامة للدولة. كما تبين أن المسؤول الأول عن هذه العمليات هو وحدة التجارة الإلكترونية بالمصلحة، والتي تلعب دورها في إدراج ومتابعة وتسجيل الشركات التي تمارس النشاط التجاري عبر المواقع الإلكترونية.
التدوين وصناعة المحتوى وعلاقتهما بالتجارة الالكترونية
المدونة هي عبارة عن مناقشة أو موقع إعلامي يتم نشره على شبكة الويب العالمية ويتألف من إدخالات نصية منفصلة وغير رسمية في كثير من الأحيان (منشورات). حتى عام 2009، كانت المدونات عادة من عمل فرد واحد، وأحيانًا مجموعة صغيرة، وغالبًا ما كانت تغطي موضوعًا واحدًا. في عام 2010، ظهرت “مدونات متعددة المؤلفين”، تتميز بكتابة العديد من المؤلفين وأحيانًا تم تحريرها بشكل احترافي. ساعد ظهور وسائل التواصل الاجتماعي وأنظمة “المدونات الصغيرة” الأخرى على الاندماج في وسائل الإعلام الإخبارية. يمكن أيضًا استخدام المدونة كفعل، مما يعني الحفاظ على محتوى أو إضافته إلى مدونة.
ومن المعروف بأن التجارة الإلكترونية هي شكل محدث من التسويق والمبيعات تفرضها التغيرات في تكنولوجيا الاتصالات والتواصل الجديدة. حيث يمكن اعتبار أي معاملة تجارية بأنها تجارة إلكترونية عندما يتم نقل ملكية البضائع (البيع) أو تنفيذ الخدمة المطلوبة من العملاء عبر الإنترنت أو بوسائل إلكترونية أخرى. ومن الجدير بالذكر بأن الاعتماد عليها اتسع بشكل غير مسبوق عالميا بسبب جائحة كوفيد -19. حيث أصبح مسؤولو مبيعات الشركة يتلقون أوامر وطلبات البيع والشراء والتسويق للسلع والخدمات من خلال مجموعة متنوعة من الوسائل، مثل الهاتف والفاكس والتلفزيون أو عبر الإنترنت، وذلك عوضاً عن الاحتكاك المباشر والتقابل وجهاً لوجه داخل الفروع.
مع الوقت، تم استخدام المدونات ومحتواها بصورة مباشرة في التجارة الالكترونية والدعاية. إما عن طريق الاعلان داخل مواقع المدونين ومحتواهم أو عن طريق النموذج المتطور للإعلان الذي يقوم المستهلك بإنشائه، والذي يعتبر نموذجًا جديدًا للاتصالات التسويقية من الشركات إلى المستهلكين. من بين الأشكال المختلفة للإعلان على المدونة، أكثرها إثارة للجدل هي المنشورات الدعائية. وهي عبارة عن منشورات قد تكون في شكل تعليقات، أو مراجعات، أو رأي، أو مقاطع فيديو وما إلى ذلك وعادة ما تحتوي على رابط يعود إلى الموقع المطلوب باستخدام كلمة رئيسية أو عدة كلمات رئيسية.
ومن هذا المنطلق، أدت المدونات إلى انهيار نموذج الإعلان التقليدي في العديد من القطاعات، حيث يمكن للشركات تخطي وكالات الإعلان (التي كانت سابقًا الواجهة الوحيدة مع العميل) والاتصال بالعملاء مباشرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي. وهو ما نتج عنه إنشاء شركات جديدة متخصصة في إعلانات المدونات للاستفادة من هذا التطور الجديد. ومع ذلك، هناك الكثير من الناس الذين ينظرون بشكل سلبي إلى هذا التطور الجديد. يعتقد البعض أن أي شكل من أشكال النشاط التجاري على المدونات سيقضي على مصداقية عالم المدونات.
إدراج التدوين داخل الاقتصاد الرسمي عالمياً
اتجه العالم مؤخراً لمحاولة دمج نشاطات التدوين وصناعة المحتوى داخل الاقتصاد الرسمي، بعد أن تحول مئات الآلاف إلى استخدام منصات الفيديو مثل “يوتيوب” YouTube وتيك توك” Tiktok وغيرها بجانب وسائل التواصل المعتادة في الأنشطة التجارية والدعائية المدرة للأرباح. وأصبح لعشرات الدول حالياً لوائح تنظيمية لكيفية تطبيق الضرائب على صناع المحتوى بأنواعه المختلفة تعتمد على حجم الأرباح وطريقة التداول. من هذه الدول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية والتي تقوم بالتعاون مع الشركات المالكة لمنصات المحتوى من أجل رصد حركة التداول النقدية لمستخدميها.
وأصبحت شركة جوجل من أوائل تلك الشركات المتعاونة. وهي الشركة المالكة لتطبيقات مثل “جوجل أدسينس” Google AdSense و”جوجل آدز” Google Ads و”يوتيوب”Youtube. حيث تخصم الشركة قيمة الضرائب الأمريكية على الأرباح التي تحصل عليها من المشاهدين في الولايات المتحدة. كما تطلب بشكل رسمي من مستخدمي خدماتها ارسال معلوماتهم الضريبية الرسمية حتى تتمكن من تحديد معدل الاقتطاع الصحيح. وفي حالة إذا لم يتم تقديم المعلومات الضريبية، فقد تقوم شركة جوجل باقتطاع الحد الأقصى للمعدل.
كما خصصت شركة جوجل برنامجاً لشركاء منصة يوتيوب يقوم بجمع المعلومات الضريبية من صناع المحتوى. ومن خلال هذا البرنامج تكون هناك آلية واضحة لاستقطاع الضرائب من الأرباح القادمة من المشاهدين للإعلانات بفيديوهات صناع المحتوى المرئي وكذلك المتبرعين على وسائل الدردشة والمشترين للعلامات التجارية ودافعي اشتراكات عضوية بعض القنوات على الموقع.
وأعطت السلطات الأمريكية المسؤولية للشركات ومنها جوجل، بموجب الفصل 3 من قانون الإيرادات الداخلية الأمريكي لجمع المعلومات الضريبية وخصم الضرائب وتقديم تقرير إلى دائرة الإيرادات الداخلية بهيئة الضرائب الأمريكية، والمعروفة أيضًا باسم مصلحة الضرائب الأمريكية. وبدأ التنفيذ الفعلي لهذه الاجراءات بالاقتطاع الضريبي في وقت مبكر من شهر يونيو 2021. إلا أن هذه الشركات لا يمكن لها تقديم المشورة بشأن المشكلات الضريبية. بل على صناع المحتوى استشارة أخصائيين للضرائب من ذوي الخبرة وذلك بهدف فهم وضعهم الضريبي بشكل أفضل.
وتم وضع مهلة لجميع منشئي المحتوى الذين يحققون الدخل على “يوتيوب”، بغض النظر عن موقعهم في العالم، لتقديم المعلومات الضريبية الخاصة بهم قبل 31 مايو 2021. على أن يتم خصم ما يصل إلى 24٪ من إجمالي أرباحهم في جميع أنحاء العالم إن لم يتم استكمال هذه المعلومات المطلوبة قبل الموعد، وهو ما تم تطبيقه فعلاً.
وتم إعلان أنه من الممكن اختلاف متطلبات استقطاع الضرائب اعتمادًا على بلد إقامة صانع المحتوى، وما إذا كان مؤهلاً للمطالبة بمزايا الاتفاقية الضريبية، وما إذا كان يعتبر نشاطه كفرد أو كشركة. كما تتراوح معدلات الاقتطاع الضريبي بين 0 و30٪ على أرباح منشئو المحتوى خارج الولايات المتحدة التي يحصلون عليها من المشاهدين في الولايات المتحدة. وتعتمد النسبة على ما إذا كان لبلد المدون علاقة معاهدة ضريبية مع الولايات المتحدة أم لا وعلى نوع الحساب. فإذا كان نوع الحساب تجاري، فيكون معدل الاستقطاع الافتراضي 30٪ من أرباح الولايات المتحدة. وإذا كان المدفوع لأمره خارج الشركات الأمريكية في الولايات المتحدة سيخضع لخصم 24٪ من إجمالي الأرباح في جميع أنحاء العالم. أما إذا كان نوع حساب فردي، فيتم تطبيق الاقتطاع الاحتياطي ويتم حجب 24٪ من إجمالي الأرباح في جميع أنحاء العالم.
الوضع الضريبي للمدونين وشركات التجارة الالكترونية بمصر
أوضحت مصلحة الضرائب المصرية بأن هناك ثلاثة أنواع من الشركات التي تمارس نشاط التجارة الإلكترونية، النوع الأول منها هو الشركات التي تكون فيها التجارة الإلكترونية إحدى وسائلها المختلفة للبيع أو التوزيع، والنوع الثاني الشركات التي تم بيعها أو توزيعها، وتأسست وتعتمد بشكل أساسي على بيع وتوزيع منتجاتها وخدماتها بالوسائل الإلكترونية، بينما يتمثل النوع الثالث في الشركات التي يتمثل نشاطها في المنصات الرقمية لعرض منتجات البائعين وتسهيل عمليات المقارنة للمشترين.
وفيما يتعلق بالوضع الضريبي للشركات التي تمارس نشاط التجارة الإلكترونية، أوضحت المصلحة بأنه فيما يتعلق بضريبة الدخل، فإن جميع الشركات التي تمارس أنشطة تجارية أو غير تجارية (أنشطة المهن الحرة) تخضع لضريبة الدخل وفقًا للقانون 91 لسنة 2005، وعليهم تسجيل وإعلان إيراداتهم من تاريخ بدء النشاط.
وفيما يتعلق بضريبة القيمة المضافة، فإنه وفقا لقانون ضريبة القيمة المضافة رقم 67 لسنة 2016، يتعين على الشركات التي تزاول نشاط بيع السلع العامة أو أداء الخدمات في الفئة العامة بطريقة إلكترونية أن تقوم بالتسجيل عندما يصل حجم مبيعاتها 500 ألف جنيه سنوياً. كما يجب على الأفراد والشركات التي تقدم خدمات مهنية واستشارية التسجيل اعتبارًا من تاريخ بدء النشاط وتحصيل وتوريد ضريبة القيمة المضافة بنسبة 10 بالمائة”، موضحًا أن الشركات التي تعمل في نشاط لبيع سلع أو أداء خدمات من قائمة السلع والخدمات، يجب عليها التسجيل اعتبارًا من تاريخ بدء النشاط، لتحصيل الضريبة وتحويلها في الفئة المقابلة للسلعة المباعة، أو الخدمة المؤداة على النحو المنصوص عليه في القانون.