حضر الرئيس الأمريكي السابق “دونالد ترامب” إلى المحكمة في مانهاتن بنيويورك في 4 أبريل الجاري، وسط ترتيبات خاصة، وتم توجيه ما يتجاوز الـ 30 تهمة له، من بينها دفع أموال لــ”ستورمي دانييلز”. وقد شكك “ترامب” في دوافع تحريك القضية، معتبرًا إياها مجرد “اضطهاد سياسي” بينما يخوض حملته للسباق الرئاسي 2024 من أجل العودة إلى البيت الأبيض. كما علق “ترامب”، عبر منصة التواصل الاجتماعي “Truth Social”، قائلاً “سوف يعتقلونني…لا أصدق أن هذا يحدث في أمريكا”. معتبرًا أن الجريمة الوحيدة التي ارتكبها تدور حول “الدفاع بجسارة عن الأمة في مواجهة الساعين لتدميرها”. وفي خضم هذا المشهد المركب المتعلق بتوقيف “ترامب” والتحقيق معه، تدور التساؤلات حول تداعياته المتوقعة على الساحة الأمريكية، بالنظر إلى أن العام الحالي هو دعامة السباق الرئاسي القادم.
الاتهامات بين التسييس والتوظيف:
في 18 مارس الماضي، أعلن الرئيس السابق “ترامب”، في حسابه على منصة التواصل الاجتماعي التابعة له “Truth Social”، أن معلومات “مسربة” من مكتب المدعي العام في مانهاتن “ألفين براج” تشير إلى أنه سيتم “توقيفه”، داعيًا أنصاره إلى التظاهر، تحسبًا لاحتمال توجيه التهمة إليه رسميًا في قضية دفع مبلغ 130 ألف دولار للممثلة “ستورمي دانييلز”، نظير شراء صمتها على علاقة مزعومة بينهما، كانت ستضر بحظوظه في السباق الرئاسي لعام 2016.
في 4 أبريل الجاري، مثل “ترامب” أمام محكمة مانهاتن الجنائية، وخرج منها بعد أن دفع بالبراءة بـ34 تهمة تتعلق بتزوير ووصولات وسجلات حسابية مرتبطة بالقضية، على أن تعقد جلسة استماع ثانية في ديسمبر المقبل. ووجه “ترامب” انتقادات للقاضي “خوان ميرشان”، مدعيًا أنه “من المستحيل” أن يحصل على محاكمة عادلة، لأن القاضي المكلف “يكرهه”. هذا، وقد اعتبر “ترامب” أنه ضحية “تدخل في الانتخابات”، مشيرًا إلى أنه يتعرض لـ “تحقيقات مزيفة” من قبل الديمقراطيين. كما قال أمام تجمع من مؤيديه بفلوريدا، بعد ساعات من توجيه الاتهام، “لم أتخيل أبدًا أن شيئا كهذا يمكن أن يحدث في الولايات المتحدة”.
وبجانب، قضية دفع مبلغ 130 ألف دولار للممثلة “ستورمي دانييلز” التي ذاع صيتها قبيل الكشف عن توجيه الإتهام رسميًا، ظهرت قضية “كارين مكدوجال” عارضة مجلة “بلاي بوي”، والتي تدور أيضًا حول قيام “ترامب” بدفع 150 ألف دولار لها لضمان عدم افصاحها عن علاقتها معه، حتى لا تؤثر على فرص فوزه في انتخابات عام 2016. بالإضافة إلى دفع 30 ألف دولار لشراء صمت بواب ببرج “ترامب” السابق الذي ادعى أن لديه قصة تتعلق بإنجاب “ترامب” لطفل خارج إطار الزواج.
ومن ثم، فإن الملابسات المحيطة بخضوع الرئيس السابق “ترامب” للتحقيق والزخم الذي دار حولها قد عكست عددًا من التداعيات التي يمكن أن يساعد تفكيكها في تقديم صورة عن الساحة الأمريكية في الوقت الراهن من جانب، وكذا عن حجم الشعبية التي تحيط بـــ”ترامب” من جانب آخر. وهو ما يمكن توضيحه على النحو التالي:
تشويه صورة الديمقراطيين:
على الرغم من الفكرة العامة القائلة بأن توجيه التهم لـــ”ترامب” قد يضر بصورته وسمعته، إلا أن مسألة فتح التحقيق مع “ترامب” في أعقاب محاولتين سابقتين من الديمقراطيين لإدانته في الكونجرس؛ الأولى أثناء وجوده في البيت الأبيض، والثانية في أعقاب فوز الرئيس “جو بايدن”، تؤشر على وجود إصرار من قبل الديمقراطيين على استهداف “ترامب” والنيل منه. وهو ما يمكن ربطه بالتصريح الذي أطلقته “نانسي بيلوسي” في أعقاب كشف “ترامب” عن المعلومات المسربة التي تتعلق بتوجيه اتهامات له، التي اعتبرت فيها أن المعلومات المسربة التي كشف عنها “ترامب” بشأن توجيه التهم إليه مجرد مزاعم لتعزيز الزخم المحيط به، حيث قالت إن “إعلان الرئيس السابق متهور”، مشيرة إلى أنه تعمد القيام بذلك “لإبقاء نفسه في الأخبار، وإثارة الاضطرابات بين مؤيديه”. إلا أن توجيه التهم بشكل رسمي ومثول “ترامب” في التحقيقات عزز من صدق “ترامب” في وجه مزاعم الديمقراطيين الراغبين في تشويه صورته.
وفي ذات السياق، قد تعمل خلفية المدعي العام “براج” على تحفيز المزاعم المتعلقة بكونها قضية مسيسة، انطلاقًا من كونه ديمقراطي، وأول شخص أسود يعمل في منصب مدعي عام مانهاتن، بجانب تركيزه على سوء سلوك الشرطة، ناهيك عن المواجهة السابقة التي جمعته بـــ”ترامب” والمتعلقة بالضرائب. أما عن القاضي “خوان ميرشان” الذي يترأس المحاكمة، فقد أشرف على قضية الاحتيال الضريبي ضد شركة “ترامب” ورئيسها المالي “ألين ويسلبرج”، حسبما أفاد موقع “الحرة”؛ وهو ما دفع “ترامب” إلى الإدعاء بأنه “من المستحيل” أن يحصل على محاكمة عادلة، لأن القاضي المكلف “يكرهه”.
بالإضافة إلى ذلك، فإن فتح القضية مجددًا على يد “براج” قد يدعم الإدعاءات السياسية المحيطة بالقضية بالنظر إلى أن التحقيق فيها تم وانتهى في وقت سابق دون إدانة “ترامب”. فخلال الفترة التي سبقت خسارة “ترامب” بانتخابات عام 2020، فتح المدعون الفيدراليون تحقيقًا في انتهاك تمويل الحملات الانتخابية، إلا أنهم لم يوجهوا أية اتهامات لــــ”ترامب”. وهي المسـألة التي دفعت بعض الجمهوريين إلى القول بأن “براج” يتجاهل الجريمة العنيفة في نيويورك مقابل تركيزه على إيجاد ذريعة لمحاكمة “ترامب” من أجل تحقيق ثأر سياسي.
توحيد جبهة الجمهوريين:
عكس العام المنصرم بعض الانقسامات في الجبهة الجمهورية، وتنامي بعض الأصوات التي ترفض الدفع بــ”ترامب” مجددًا خلال السباق الرئاسي القادم، وإيجاد مرشح جديد. إلا أن مسألة توجيه التهم لــ”ترامب”، وفتح التحقيق معه قد تساهم في ترميم هذه الانقسامات داعمًا لـــ”ترامب”؛ وهو ما يمكن استقراؤه في مواقف بعض الرموز الجمهورية، فقد قال “كيفين مكارثي”، رئيس مجلس النواب، إن لائحة الاتهام المحتملة ستكون “إساءة استخدام شنيعة للسلطة من قبل المدعي المحلي المتطرف الذي يسمح لــ”المجرمين العنيفين” بالسير بينما “يسعى للانتقام السياسي” من “ترامب”. وأكد “مكارثي” على أنه سيوجه لجان مجلس النواب – ذات الصلة – “بالتحقيق الفوري فيما إذا كانت الأموال الفيدرالية تستخدم لتقويض الديمقراطية من خلال التدخل في الانتخابات بمحاكمات ذات دوافع سياسية”.
بالإضافة إلى ذلك، فقد حذر رئيس اللجنة القضائية بمجلس النواب “جيم جوردان” من التحقيق قائلاً إنه “من الواضح أن هذا خدعة، وما نريد أن نعرفه – هل كانت الأموال الفيدرالية متورطة؟”، مشيرًا إلى أنه لا يعتقد أن الرئيس “ترامب” خالف القانون. وكنتيجة لذلك، تم طلب الشهادة في مجلس النواب من المدعي العام “براج”، وجرى اتهامه بارتكاب “إساءة غير مسبوقة لسلطة الإدعاء العام”. هذا، وقد قالت النائبة الجمهورية، “مارجوري تايلور جرين” إن “الديمقراطيين الشيوعيين اعتقلوا الرئيس ترامب لأنه الرجل الوحيد الذي يقف في طريقهم، وهم يقاتلون من أجل استيلاء عدائي على أمريكا، ولن نتخلى عنه أبدًا”. وكذا، علق السيناتور الجمهوري “توم تيليس” قائلاً إن محاكمة “ترامب” جاءت بــ”دوافع سياسية”.
علاوة على ذلك، وبالرغم التنافس الآخد في التزايد بين “ترامب” ونائبه السابق”مايك بنس”، إلا أن “بنس” قد قال في مقابلة مع شبكة “أي بي سي”، إنه فوجئ بتوجيه “الاتهام” لــ”ترامب”، موضحًا أن اعتقاله سيكون “محاكمة مشحونة سياسيًا”. ولم يدن “بنس” دعوة “ترامب” للاحتجاجات، قائلاً إن “الشعب الأمريكي له حق دستوري في التجمع السلمي”. كما علق مدعي عام تكساس “كين باكستون” قائلاً إن تسليح اليسار لنظام العدالة لملاحقة “ترامب”، يُظهر أنه لا يوجد حد، و”سوف يستخدمونه لملاحقة أي شخص لديه قيم محافظة”؛ مشددًا على وقوفه إلى جانب “ترامب”، والقتال ضد “أولئك الذين يريدون تدمير البلاد”.
زيادة شعبية “ترامب”:
يعمد “ترامب” إلى توظيف حشود مناصريه كتهديد سياسي ضد خصومه؛ وهو التوظيف الذي ظهر في أكثر من مناسبة أشهرها حادثة اقتحام الكونجرس، التي عمل على تكرارها في تعاطيه مع القضية الحالية من خلال دعوة مؤيديه للتظاهر، قائلاً “تظاهروا.. استعيدوا بلادنا”. وهي المسألة التي يرتبط بها تعمد “ترامب” لتوظيف العقبات والمشكلات التي يواجهها في سبيل تعزيز شعبيه، بالاستناد إلى وجود مؤامرة ضده تستهدف إبعاده لمجرد كونه يعبر بحق عن صوت الشعب الأمريكي. وهو الأمر الذي يمكن التدليل عليه في تعليقه القائل بأن الجريمة الوحيدة التي ارتكبها تدور حول “الدفاع بجسارة عن الأمة في مواجهة الساعين لتدميرها”.
بعبارة أخرى، فإن الاستهدف المتكرر لـــ”ترامب” سواء أكان بالاستناد إلى حقائق أو مجرد مزاعم قد يعزز من شعبيته بالاستناد إلى وجود مؤامرة تستهدف النيل منه والتنكيل به سياسيًا من أجل دعم شعبية الديمقراطيين المتراجعة نتيجة المشكلات المتداخلة والمعقدة التي تشهدها الساحة الأمريكية. أي أن إدراك الديمقراطيين لضعف موقفهم لم يدفعهم إلى حل مشكلاتهم وتقوية جبتهم، وإنما دفعهم إلى استهداف خصمهم الذي يخشون مواجهته، وهو “ترامب”، حسمبا يروج مناصريه. وهي المسألة التي قد تعزز من إدعاءات تزوير الانتخابات في 2020، بل وتمثل محفز إضافي لأنصار هذا التيار.
كما قد يزيد من شعبية “ترامب” أيضًا ويدعم التيار الذي يصف المحاكمة بالمسيسة، وقوف محكمة الاستئناف الأمريكية التاسعة إلى جانب “ترامب”، وجهوده لاسترداد رسوم قانونية إضافية من “دانييلز”، التي رفعت دعوى تشهير ضده وخسرتها. إذ أمرت المحكمة “دانييلز” بدفع أتعاب قانونية لمحامي “ترامب” تقترب من 120 ألف دولار، هذا بالإضافة إلى أكثر من 500 ألف دولار من المدفوعات التي سبق وأمرت المحكمة بدفعها لمحامي “ترامب”. وعلى الرغم من عدم وجود علاقة بين القضيتين، إلا أن هذا الحكم قد يدعم صورة “ترامب” في القضية الأخرى بمانهاتن.
تنشيط الدعم “الإيفانجيليكي”:
شهد الدعم “الإيفانجيليكي” – الإنجيلي الأصولي – لـــ”ترامب” قدرًا من التراجع خلال العام الماضي، وهو ما انعكس في الهجوم الذي شنه “ترامب” ضد “الإيفانجيليكين” والمحافظين في مستهل العام الجاري لعدم تقديمهم الدعم الكامل لتأييد حملته الرئاسية الثالثة. وهو المشهد المرجح للتغيير – بشكل أو بآخر – في أعقاب القضية الجارية في مانهاتن. فقد قال “روبرت جونز”، رئيس ومؤسس معهد أبحاث الدين العام، إن القضية لن تؤثر سلبيًا على شعبيته بين “الإيفانجليكيين”، وهو يرى ذلك عمليًا في ما يتداولونه على وسائل التواصل الاجتماعي الخاصة بهم. هذا، وقد أوضحت صحيفة “نيوز ويك” أن القادة “الإيفانجيليكيون” انتقلوا إلى وسائل التواصل الاجتماعي للتعبير عن غضبهم من توجيه الاتهام إلى الرئيس السابق “ترامب”.
ومن جانبه، قال “روبرت جيفريس”، راعي كنيسة كبيرة في دالاس، إنه قاد حملة “ترامب” في عامي 2016 و2020، و”سيبقى” في الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري. كما عبر الإيفانجيليكي “فرانكلين جراهام”، الرئيس والمدير التنفيذي لجمعية “بيلي جراهام الإيفانجيليكية”، عن غضبه الشديد من قرار الاتهام؛ ودعا “جراهام” إلى تدخل الرب في لائحة الاتهام. بينما اعتبرت “الإيفانيجيليكية” “بولا وايت كاين” أن ما يجري هو “تسليح النظام القضائي”؛ قائلة “اليوم أطالب بالصلاة من أجل أمتنا، والرئيس ترامب وعائلته. يجب أن نشعر جميعًا – بغض النظر عن الحزب – بالفزع من تسليح النظام القضائي ضد الأشخاص الذين نختلف معهم”. هذا، وقد نشر القس “الإيفانجيليكي” “مارك بيرنز” مقطع فيديو على صفحته على “تويتر”، قال فيه إن لائحة الاتهام لن تؤدي إلا إلى “ناخبين يساريين ويمينين ومستقلين لتفضيل ترامب في انتخابات 2024”.
دعاية انتخابية مجانية:
يلعب العام الذي يسبق السباق الرئاسي دورًا في توجيه دفة السباق، ومن ثم، فإن تكثيف الدعاية وإثارة الزخم قد يلقي بظلاله الإيجابية على المرشح المستهدف. وعلى هذا النحو، قد تلعب القضية الجارية في مانهاتن دورًا إيجابيًا في تعزيز فرص “ترامب” لدخول السباق الرئاسي والفوز به. لذا، يبدو أن “ترامب” يستغل القضية الجارية لكي يعود إلى صدارة الزخم الإعلامي في إطار حملته الإنتخابية للسباق الرئاسي القادم. وهو ما علق عليه الملياردير الأمريكي “إيلون ماسك” قائلاً إنه إذا وجهت لائحة اتهام تقضي باعتقال الرئيس السابق “ترامب”، فإن ذلك سيساعده على تحقيق”نصرًا ساحقًا” في الانتخابات الرئاسية المقبلة. مضيفًا أن احتمال رؤية الرئيس السابق وهو مكبل اليدين ستدفع صوب انتخابه بـــــ”انتصار ساحق”.
وفي هذا السياق، فقد عكس استطلاع ABC News / Ipsos انقسامات حزبية عميقة حول وجهات النظر بشأن لائحة الاتهام الموجهة لــ”ترامب”. فقد وجد الاستطلاع أن 47٪ من الأمريكيين – بما في ذلك 79٪ من الجمهوريين و48٪ من المستقلين و16٪ من الديمقراطيين – يعتقدون أن التهم الموجهة ضد “ترامب” في القضية لها دوافع سياسية. ووفقًا لاستطلاع جديد لشبكة CNN أجرته SSRS، اعتبر حوالي ثلاثة أرباع الأمريكيين إن السياسة لعبت دورًا ما على الأقل في قرار اتهام “ترامب”، بما في ذلك 52٪ قالوا إنها لعبت دورًا رئيسيًا.
هذا، وقد وجد استطلاع أجرته هارفارد CAPS / Harris في أواخر مارس الماضي، أن نصف ناخبي الحزب الجمهوري يؤيدون “ترامب” في عام 2024، بزيادة أربع نقاط عن فبراير. أما وفقًا لاستطلاع أجرته قناة Fox News، تضاعف تقدم “ترامب” على “ديسانتيس” منذ فبراير، حيث ارتفع من 43٪ إلى 54٪. كما وجد استطلاع المتابعة الأسبوعي لشركةMorning Consult، في 3 أبريل الجاري، أن 52٪ من ناخبي الحزب الجمهوري يؤيدون “ترامب”، وهو ما يتوافق مع مستوى الدعم الذي تلقاه طوال شهر مارس.
زيادة حدة الاستقطاب:
يمكن القول بشكل عام إن حالة الانقسام التي تشهدها الساحة الأمريكية قد تدفع كلا المعسكرين لاستغلال الفوز الذي حققه في انتخابات التجديد النصفي، في نوفمبر الماضي، من أجل تصفية الحسابات السياسية. فقد علق النائب “جيم جوردان”، في أعقاب انتخابات التجديد النصفي، أنه قد يتجه لفتح تحقيقًا بشأن قيام وزارة العدل بتفتيش مقر إقامة “ترامب”، وهو ذات الموقف الذي تبناه حيال المدعي العام بسبب القضية الجارية. فقد استدعى الجمهوريون في مجلس النواب أحد المدعين العامين السابقين في مانهاتن “مارك بوميرانتس” الذي كان يقود تحقيقًا جنائيًا في قضية “ترامب”. وقد أمر “جوردان” “بوميرانتس” بالإدلاء بشهادته أمام اللجنة بحلول 30 أبريل الجاري. وهو الأمر الذي دفع مكتب “براج” لاتهام لجنة “جوردان” بالتجاوز على سلطتها القانونية وانتهاك سيادة ولاية نيويورك.
وعلى هذا النحو، يبدو أن الكونجرس سيكون بصدد مزيد من الانقسام، خاصة بعد تصريحات “مكارثي”، رئيس مجلس النواب، بأن الأموال الفدرالية تستخدمها الإدارة الأمريكية الحالية لملاحقة “ترامب”، وأن هذا سوء استغلال “شنيع” للسلطة. الأمر الذي يعني أن المشهد سيتحول إلى تصفية حسابات سياسية في إطار التمهيد للسباق الرئاسي القادم. وهو ما يؤشر على أن الساحة الأمريكية مرشحة لمزيد من الاحتقان، وأن السباق الرئاسي القادم في 2024 لن يكون أقل تأججًا من السباق الماضي في 2020.
وفي الآخير، يتضح أن لائحة الاتهامات الموجهة ضد الرئيس السابق “دونالد ترامب” لن تنال بالضرورة من صورته ولن تعمل بالضرورة على تشويه سمعته، وإنما قد يكون لها تأثير مغاير تمامًا بالنظر إلى دورها المتوقع في تشويه صورة الديمقراطيين، وتوحيد جبهة الجمهوريين، وزيادة شعبية “ترامب”، وتنشيط الدعم “الإيفانجيليكي”، ناهيك عن كونها دعاية انتخابية مجانية.