عطلت الخلافات حول القضايا الدستورية الأساسية، بما في ذلك دور الرئيس والبرلمان، وحول المسائل الرئيسية المتعلقة بالقانون الانتخابي المسار السياسي في ليبيا لفترة طويلة. وبينما بدأ العد التنازلي للمهلة التي حددها المبعوث الأممي إلى ليبيا، عبدالله باتيلى، للطبقة السياسية، والتي تنتهى منتصف الشهر الحالي، قبل تفعيل خطته البديلة وسحب البساط من تحت أقدام الهيئات الليبية، تم تأجيل التوقيع بالأحرف الأولى على مخرجات لجنة 6+6، المشتركة بين مجلسي النواب والدولة الليبيين المكلفة بإعداد قوانين الانتخابات.
تفيد التصريحات الواردة بأن اللجنة، المنعقدة منذ أسبوعين فى المغرب، اتفقت على السماح للعسكريين ومزدوجى الجنسية بالترشح فى الجولة الأولى للانتخابات، لكنها اشترطت على العسكرى ومزدوج الجنسية الفائز فى الجولة الأولى التخلى عن الوظيفة العسكرية والجنسية الأجنبية للمرور إلى الجولة الثانية .وبعدما اتفق أعضاء اللجنة على السماح للجميع بالترشح للانتخابات الرئاسية دون أى شروط، هناك حديث عن تراجع بعض الأعضاء بشأن ضرورة أن تكون الأحكام القضائية فى القضايا الجنائية للمرشحين أحكاما باتة ونهائية، ليتم استثناء من لائحة المرشحين كل مرشح مطلوب للعدالة، حتى وإن لم تصدر بشأنه أحكام نهائية.
من بين الاتفاقات التى انتهى إليها أعضاء لجنة 6+6، زيادة عدد مقاعد مجلس النواب 90 مقعدا، ليصبح 290 مقعدا، بينما حدّد عدد مقاعد مجلس الشيوخ بـ90 مقعدا. فيما يخص نظام الانتخاب، هناك معلومات تفيد بأن اللجنة اتفقت على أن يكون 60% وفق نظام القوائم و40% وفق نظام الفردي. من شأن هذه النقطة أن ترضى الأحزاب السياسية بعد تبنى مجلس النواب فى طبرق نظام الفردى، فى قانون الانتخابات لعام 2021، وألغى تماما نظام القوائم، ما اعتبر إقصاء غير مباشر لدور الأحزاب فى الانتخابات البرلمانية.
فى وقت بدأ يتحدث أعضاء اللجنة عن إحالة القوانين الانتخابية المنجزة (بعد الإعلان عنها) الى مجلس النواب لنشرها فى الجريدة الرسمية وإحالتها إلى المفوضية العليا للانتخابات لبدء فتح باب الترشح وتحديث سجل الناخبين، أبدى 54 عضوا بالمجلس الأعلى للدولة؛ قبل ساعات من إعلان اللجنة توقيع اتفاق نهائى بشأن القوانين الانتخابية؛ رفضهم مخرجات اللجنة، معتبرين، فى بيان، أنها مرفوضة وفاقدة للأسس الدستورية والشرعية القانونية.
واتهم هؤلاء الاعضاء رئاستى مجلسى النواب والدولة بالعبث والقفز على الإعلان الدستورى من خلال تشكيل اللجنة، وإسناد مهام واختصاصات دستورية لها هى من اختصاص أصيل لكل أعضاء المجلسين. كما اتهم 61 عضوا بمجلس النواب لجنة 6+6 بتجاوز عملها، والانحراف عن دورها المحدد بالاتفاق على النقاط الخلافية المتعلقة بانتخاب الرئيس. وحمل الأعضاء رئاسة مجلس النواب مسئولية التوقيع أو الموافقة على مخرجات اللجنة دون الرجوع إلى المؤسسة التشريعية.
من ناحية أخرى، يبدو انه حتى لو لم تكن هناك معارضة لمخرجات اللجنة، فإن الوصول إلى هذه التوافقات، على أهميتها، لا يعنى نهاية الازمة السياسية الليبية، خاصة ان انتخابات ديسمبر 2021، ألغيت لأسباب لا علاقة لها بالقوانين.
ووقتها كانت هناك حكومة واحدة، وليس كما هو الوضع الآن فى ظل وجود حكومتين، الأولى فى الغرب برئاسة الدبيبة، والثانية فى الشرق بتسيير من أسامة حماد. فى ظل هذا الانقسام، تبقى الأمور غير واضحة بخصوص الاتفاق بين الفرقاء الليبيين حول الحكومة التى ستشرف على الانتخابات، هل ستكون حكومة الدبيبة الذى يرفض التنازل عن منصبه رغم انتهاء ولايته القانونية، أم حكومة مصغرة يتفق عليها مجلسا النواب والدولة.
أكد رئيس البرلمان رفضه إشراف حكومة الدبيبة على الانتخابات، ودعاه إلى التنازل عن منصبه إذا أراد الترشح للرئاسيات، معتبرا أنه يجب إجراء الانتخابات فى ظل حكومة جديدة محايدة قبل نهاية العام الحالى.
من جهته، فتح الدبيبة قنوات تواصل مع حفتر لبحث تقاسم الوزارات السيادية، ما يعنى إلغاء وجود الحكومة المكلفة من مجلس النواب.
فى ظل هذه التجاذبات واستمرار الانقسام وعدم التوصل لاتفاق بين الأطراف الليبية الأربعة الرئيسية حول صيغة معينة لتجاوز الخلافات فيما بينهم، من المرجح أن يثير الإعلان عن التوافق بشأن قوانين الانتخابات أو تشكيل حكومة مؤقتة جديدة، معارضة قد تزيد من تأخير العملية السياسية.
فى هذه الحالة، هل سينجح فعلا المبعوث الأممى فى أخذ زمام المبادرة والشروع فى مشاورات تشكيل لجنة تسييرية عليا لإصدار قوانين الانتخابات والإشراف على تنظيمها؟









