تُعد البنية التحتية وتطوير قطاع النقل أمرًا حاسمًا لتحقيق النمو الاقتصادي وتحسين جودة الحياة، كما تساهم في جذب الاستثمارات، وتعزيز التجارة، وتحسين الوصول إلى الأسواق، وتعزيز كفاءة العوامل الإنتاجية الأخرى. كما تسهم في تحقيق التنمية الشاملة وتوفير الخدمات الأساسية للمجتمع. بالإضافة إلى أن تحسين البنية التحتية يعكس رؤية الدولة وقدرتها على المنافسة على المستوى العالمي، وتحقيق التنمية المستدامة، من خلال الاستثمار في تحسين البنية التحتية. وتعدُّ شبكات النقل العصب الرئيسي الذي تقوم على أساسه برامج التنمــية الاقتصادية والاجتماعـية؛ إذ تتأثر اقتصادات الدول ومعدلات النمو بها بمدى كفاءة شبكات ووسائل النقل بصورة كبيرة. علاوة على ذلك، فإن مدى كفاءة شبكات ووسائل النقل تُعدُّ من أهم أدوات البنية التحتية للتنمية الشاملة، ومن هذا المنطلق قامت الحكومة بزيادة الاستثمارات العامة في قطاع النقل والتخزين من 35.73 مليار جنيه عام 2016/2017، إلى 184.23 مليار جنيه عام 2021/2022 بزيادة 148.5 مليار جنيه بمعدل زيادة 415.62%.
إنجازات الدولة في قطاع الطرق والنقل خلال تسع سنوات
قامت الحكومة المصرية خلال السنوات التسع الماضية بتنفيذ مشروع قومي لتطوير البنية التحتية للطرق. يركز هذا المشروع على تحسين جودة الطرق والمحاور المرورية وزيادة قدرتها التحملية. تهدف هذه الجهود إلى تحديث وتطوير شبكة الطرق والمحاور المرورية في إطار خطة شاملة لتحسين المظهر الحضري للبلاد. تم إنشاء طرق جديدة لربط المحافظات والمناطق المختلفة، مما أدى إلى زيادة معدلات التنمية العمرانية في تلك المناطق الجديدة. كما تهدف استراتيجية تطوير الطرق أيضًا إلى إنشاء محاور حركة رئيسية قادرة على استيعاب حجم مرور كبير، وتوفير مساحات للانتظار، وتعديل اتجاهات الطرق وتوسيعها لتحسين تدفق حركة المرور دون تقاطعات أو توقفات، مما يسهم في زيادة كفاءة حركة المرور وتقليل أوقات السفر. نتيجة لهذه الجهود، شهدت عمليات رصف الطرق وإنشاء طرق جديدة تطورًا ملحوظًا، كما تم زيادة إجمالي طول الطرق المرصوفة بشكل كبير، حيث بلغت 101.6 ألف كيلومتر على مستوى الجمهورية للعام المالي 2019/2020، مما يعكس التزام الحكومة بتحسين البنية التحتية الطرقية وتطوير النقل في البلاد.
اتصالًا، تم وضع مخطط متكامل لرفع كفاءة المحاور والطرق بأطوال تتخطى 6.4 آلاف كيلومتر وبتكلفة إجمالية تبلغ نحو 165 مليار جنيه، وكان له أثر كبير على تحسين جوده حياة المواطن وتقليل التلوث والازدحام، وتقليل الحوادث، حيث تراجع معدل حوادث السيارات وبلغ عدد الإصابات نحو 51.5 ألف إصابة عام 2021، مقابل نحو 79.9 ألف إصابة عام 2019 بنسبة انخفاض 35.5% مقارنة بعام 2019، في إشارة لتحسن شبكة الطرق في مصر؛ حيث تم الانتهاء من تنفيذ مشروعات بأطوال 5 آلاف كيلومتر، بتكلفة 127 مليار جنيه. كما بلغ إجمالي عدد محاور النيل بنهاية عام 2022 51 محورًا منها 13 محورًا تم تنفيذها، وجارٍ حاليًا تنفيذ عدد 12 محورًا جديدًا، بالإضافة إلى الانتهاء من تنفيذ المرحلة الثانية من محوري طما وديروط. بالإضافة إلى الانتهاء من تنفيذ طرق بإجمالي أطوال 283.5 كم منها 186.5 كم في الصعيد و97 كم في الدلتا من إجمالي 2800 كم جارٍ تنفيذها بتكلفة 12.861 مليار جنيه.
وفي إطار المشروع القومي للطرق، قامت الدولة بتطوير وزيادة الكباري العلوية والأنفاق، لاستيعاب الكثافات المرورية، وحل الاختناقات المرورية بالعديد من الميادين والطرق الرئيسية، مما كان له بالغ الأثر في حل أزمة التكدس المروري. وبنهاية عام 2022 بلغ إجمالي عدد الكباري العلوية والأنفاق المنفذة 2415 كوبري/نفق. وبالنسبة لمشروعات مترو الأنفاق والجر الكهربائي التي تم الانتهاء من تنفيذها بإجمالي تكلفة 43.1 مليار جنيه، وأبرزها المرحلتان الأولى والثانية من القطار الكهربائي الخفيف LRT ومحطة عدلي منصور المركزية. بالإضافة إلى تنفيذ مشروع خطي مونوريل شرق النيل وغرب النيل لأول مرة داخل مصر، حيث يمثل قفزة تكنولوجية جديدة في مجال النقل بالجر الكهربائي الذي يعتبر إحدى وسائل النقل الجماعي الآمن والسريع وغير الملوث للبيئة. كما تم تطوير الوحدات المتحركة في السكك الحديدية بهدف رفع طاقة الركاب من 900 ألف راكب عام 2014 إلى 1.5 مليون راكب /يوم، ورفع طاقة نقل البضائع من حوالي 4.5 ملايين طن عام 2014 إلى 13.5 مليون طن سنويًا. علاوة على ذلك تم تطوير المزلقانات ليصبح إجمالي ما تم تطويره 624 مزلقانًا من إجمالي 1120 مزلقانًا مستهدفًا تطويره. كما تم تجديد وصيانة السكة الحديد وتطوير المحطات وتركيب البوابات الإلكترونية والحجز والدفع الإلكتروني. وتم تطوير نظم الإشارات لتحويلها من النظام الميكانيكي إلى النظام الإلكتروني لرفع مستويات السلامة والأمان. ونتيجة لتلك الجهود حدثت زيادة في عدد ركاب السكك الحديدية إلى 251.8 مليون راكب عام 2021، وتحسن ترتيب مصر 8 رتب في مؤشر جودة خدمات السكك الحديدية الفرعي من مؤشر التنافسية العالمي لعام 2019.
وقد انعكس هذا الأداء على تقدم ترتيب مصر في معظم المؤشرات الدولية ذات الصلة بالبنية التحتية للنقل والطرق. هذا وقد كشف تقرير التنافسية العالمي الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي تحسن ترتيب مصر في العديد من المؤشرات الفرعية للبنية التحتية، على النحو الآتي: تقدم مصر 4 مراكز في مؤشر ركيزة البنية التحتية، لتأتي في المرتبة 52 عام 2019 من بين 141 دولة، كما احتلت المرتبة 44 في مؤشر البنية التحتية للنقل في نفس العام. كما تقدمت مصر 6 مراكز في مؤشر الربط بين شبكة الطرق لتأتي في المرتبة 48 من بين 141 دولة عام 2019 بالمقارنة بالمرتبة 54 عام 2018، بالإضافة إلى تقدم مصر 17 رتبة في مؤشر جودة الطرق، لتأتي في المرتبة 28 عام 2019 بين 141 دولة، بالمقارنة بالمرتبة 45 عام 2018. ويأتي ذلك انعكاسًا للمشروعات القومية التي تقوم بها الدولة لتطوير البنية التحتية للنقل والطرق بهدف خلق بيئة محفزة للاستثمار والعمل في مصر.
ولم تقتصر جهود الدولة على النقل البري، بل أولت اهتمامًا بالنقل البحري والنهري، في إطار خطة تطوير الموانئ البحرية التي تشمل إنشاء أرصفة ومحطات بطول 37 كم، ليصل إجمالي أطوال الأرصفة بالموانئ البحرية إلى 76 كم، وإنشاء حواجز أمواج بطول 15 كم، وكذلك تعميق الممرات الملاحية. وبلغت إيرادات قطاع النقل البحري 546 مليون دولار في فبراير 2022 بزيادة 10% مقارنةً بالشهر نفسه من العام السابق. وارتفعت الإيرادات في شهر مارس إلى 601 مليون دولار مقارنة بـ 470 مليون دولار في مارس 2022، كما ارتفعت حركة تداول الحاويات بالموانئ المصرية من 6 ملايين حاوية عام 2016 لتصبح 7.6 ملايين حاوية عام 2022. وبلغ إجمالي عدد السفن المترددة على الموانئ 12.7 ألف سفينة. كما احتلت مصر المرتبة 41 في مؤشر جودة خدمات النقل البحري الفرعي عام 2019 من مؤشر التنافسية العالمي، الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي، كما بلغ عدد ركاب النقل البحري 535 ألف راكب عام 2022، بالإضافة إلى حجم البضائع المتداولة 176 مليون طن، ضمن برنامج تطوير قطاع النقل البحري عام 2022. وبلغ حجم البضائع المنقولة بالطرق النهرية 4.7 ملايين طن عام 2021. وفي عام 2022/2023، ارتفعت إيرادات القناة بنحو 34.7% على أساس سنوي إلى 9.4 مليارات دولار، مقارنة بـ7 مليارات دولار في عام 2021/2022.
ونتيجة لتلك الجهود في قطاع الطرق والنقل، شهدت مصر زيادة في تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إليها، حيث شهد العام المالي 2021/2022 أكبر زيادة في تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى مصر بعدما زادت بنسبة 71.4% لتسجل نحو 8.9 مليارات دولار، كما سجل 10% زيادة بنهاية العام المالي 2022/2023، بالإضافة إلى تحقيق مصر معدلات نمو مرتفعة، حيث بلغ معدل النمو الاقتصادي 6.6% عام 2021/2022. ووفرت تلك المشروعات القومية عددًا كبيرًا من فرص العمل، حيث تم توفير أكثر من 3 ملايين فرصة عمل.

ختامًا، بلغ معدل نمو القطاع %4.6، وجاء في المرتبة الرابعة من حيث أكثر القطاعات التي حققت معدلات نمو خلال عام 2020/2021، على إثر التطوير الذي شهده نظام النقل متعدد الوسائط. وتم تنفيذ مشروعات في القطاع بقيمة 14.4 مليار جنيه خلال عام 2020/2021، ولأهمية هذا القطاع في تعزيز الاستثمار الأجنبي المباشر وزيادة فرص العمل وتحقيق معدلات نمو مرتفعة وهي جزء أساسي من رؤية الحكومة المصرية في الوقت الحالي وفي الفترات القادمة فهي عملية تنمية شاملة مستمرة يجب أن تستمر خلال الفترة الرئاسية المقبلة.
الدراسات الاقتصادية وقضايا الطاقة



