يعتلي كل من نائب الرئيس الأمريكي مايك بينس ومنافسته الديمقراطية كاميلا هاريس مسرح الانتخابات الأمريكية غدأً الأربعاء عندما يلتقيان في مناظرة نواب الرئيس والتي ستلقى أهمية غير مسبوقة بسبب الظروف الاستثنائية التي تصاحبها.
، المناظرة التي ستكون يوم الأربعاء في جامعة ولاية يوتاه بمدينة سالت ليك ستديرها رئيسة مكتب واشنطن لصحيفة ” يو أس توداي” سوزان بيدج ، يبدوا أنها ستكون ملتهبة من قبل الطرفين اللذين أعدا خططا خاصة للتعامل مع الخصم ، كما أن هاريس وحزبها الديمقراطي طلبا بأن يتم وضع حاجز زجاجي بينها وبين بينس و زيادة التباعد بينهما أثناء المناظرة وهو ما اعترض عليه الجمهوريون قبل أن تقوم اللجنة المختصة بالموافقة على طلب هاريس.
ذهب بعض المحللين إلى أن الديمقراطيين سددوا ضربتهم الأولى في المناظرة حتى قبل أن تبدأ من خلال تلك الخطوة حيث من المتوقع أن يكون موضوع جائحة كورونا في واجهة الموضوعات التي ستقوم هاريس بالهجوم عليها بالأخص بعد إصابة الرئيس ترامب الذي يترأس نائبه منافس كاميلا هاريس مايك بنس اللجنة القومية لمواجهة كورونا ، كما ستمتد موضوعات المناظرة لمناطق ستكشف أكثر عن توجهات الحملتين الانتخابيتين بعد أسبوع من المناظرة الرئاسية الأولى والتي شابها الكثير من المقاطعات والخروج عن النص.، لذا نستعرض لكم خمس أسباب تجعل مناظرة هاريس – بينس أكثر أهمية من أي مناظرة سابقة مثيلة لها.
قبل البدء في استعراض أهمية المناظرة يجب معرفة أنها ستستمر لمدة 90 دقيقة وستشمل 9 موضوعات لكل موضوع 10 دقائق للمناقشة وسيرد كل طرف على عدة أسئلة في الموضوع المطروح خلال دقيقتين ، وستكون هي المناظرة الوحيدة بين النائبين ،، يليها مناظرتين رئاسيتين في 15 و 22 أكتوبر وهو ما يعطيها أهمية أكبر.
لكن ما الأسباب التي تجعل هذه المناظرة تتفوق على مثيلاتها من حيث الاهتمام الجماهيري كما ومتابعة المختصين ؟
خمس أسباب تقف خلف أهمية المناظرة المنتظرة :-
جائحة كورونا
سيكون موضوع جائحة كورونا أحد أكثر الموضوعات إلحاحاً في المناظرة الرئاسية بالأخص بعد إصابة الرئيس ترامب بالفيروس بالإضافة ل10 من العاملين بإدارته ، كما ستلح النائبة الديمقراطية على مهاجمة منافسها بينس باعتباره المسؤول الأول عن الفريق الذي يواجه الأزمة في الولايات المتحدة وستحاول الترويج لمدى سوء طريقة تعامل الإدارة مع الجائحة.
يضاف لذلك أنه على كلا النائبين إقناع الجمهور بأنهما على قدر المسؤولية حال إصابة الرئيس بالفيروس والحاجة لتمرير الصلاحيات الرئاسية لنائب الرئيس وهو ما كان ممكن حدوثه بالفعل حال ساءت حالة الرئيس ترامب قبل خروجه من المستشفى العسكري مؤخراً.
وبرغم من قناعة حملة ترامب أن هاريس لن تقوم بمهاجمة نهج الرئيس ترامب فيما يتعلق بأزمة فيروس كورونا بينما هو يصارع الفيروس كجزء أخلاقي ، ألأ أن هاريس قد تلتف على الأمر وتركز هجومها على نائب الرئيس بينس بسبب موضعه الحساس على رأس الفريق الرئاسي لمواجهة الجائحة التي أودت بحياة 210 ألف أمريكي حتى الأن ولم يفلت حتى البيت الأبيض منها وهو ما سيكون باب لهريس للهجوم على إدارة ترامب ونائبه بينس ، الجدير بالذكر أن هاريس وحزبها بالفعل بدأت مبكراً في شحذ أسلحتها وتسديد ضربتها الأولى فيما يتعلق بموضوع كورونا بعد موافقة اللجنة على طلب حملتها بوضع حائط زجاجي بينها وبين بينس في إشارة منها للناخب الأمريكي بوجود طرق ناجعة لمواجهة الجائحة لم تتفتق الإدارة الحالية لها.
استعدادات الفريقين
الفريقان الانتخابيان لكل من هاريس وبينس استعدا جيداً للمناظرة كما قام النائبان باستقدام الخبرات السابقة في استراتيجيات التناظر والظهور الإعلامي لضمان ظهورهم بأفضل شكل وتشكيل الهجوم والرد على أي هجوم من المنافس ، هاريس المعروفة بإجادتها فن الخطابة خلال سنوات عملها كنائب عام . برزت بشدة تلك المهارات خلال جلسة الاستماع الخاصة بقضية التدخل الروسي في الانتخابات الرئاسية للعام 2016 حيث وجهت العديد من الأسئلة ” الذكية” لمحقق وليم باريل المسؤول عن ملف القضية كما من عاونه ، استعدادات هاريس التي وصلت مبكراً لمدينة سالت فالي حيث ستقام المناظرة تقودها المحامية ذات الخبرة الواسعة كارين دون والتي سبق أن عاونت كل من باراك أوباما وهيلاري كلينتون في مناظراتهم الرئاسية، كما عمدة ولاية أنديانا السابق بيتي بوتيجيج ، أما بينس فيعول على كل من كبير الموظفين مارك شورت ، وحاكم ويسكونسون السابق سكوت والكر والنائب العام السابق لولاية فلوريدا بام بوندي وهم من أصحاب الخبرة الواسعة في المجال السياسي والإعلامي.
استراتيجيات الطرفين
تحاول العديد من الصحف والمواقع الأمريكية تخمين ماهي الاستراتيجية التي سيتبعها الطرفين خلال المناظرة ، كما الموضوعات التي سيتم طرحها ونقاط الضعف والقوة لدى الفريقين .
وتشير أغلب التوقعات أن مايك بينس سيتبع استراتيجية الرئيس ترامب وسيواصل الهجوم على فريق بايدن – هاريس والتأكيد على أنهما حصاني طروادة للاتجاه التقدمي في الحزب الديمقراطي كما تحذير الناخب الأمريكي من التحول نحو الاشتراكية ، كما يتوقع أن يقوم بايدن باستغلال تفوق ترامب في موضوع أدارة الاقتصاد الأمريكي في استطلاعات الرأي لمصلحته والترويج أن الإدارة الحالية هي الأفضل في إدارة الاقتصاد الذي كان ليتهاوى مع إدارة بايدن وهو الموضوع الذي يشكل نقطة قوة لفريق ترامب.
أما هاريس فبالإضافة لموضوع جائحة كورونا ، يشكل موضوع المظاهرات ضد التفرقة العنصرية وموضوع حقوق المرأة نقطة قوة لها وهو ما من المرجح أن تستغله من خلال اللعب على وتر الأقليات خلال المناظرة لما لها من أهمية لحسم التنافس بالأخص في الولايات المتأرجحة التي يتفوق بايدن فيها في أخر استطلاعات الرأي كما يتفوق على ترامب بشكل عام في استطلاعات الرأي العامة ، لكن سيكون على هاريس أن تحذر من طريقة أنتقادها للإدارة ونهجها مع الجائحة لكي لا تقع في الخطء الأخلاقي الذي قد يكلفها الكثير حل انتقدت نهج الإدارة بشدة في ذات الوقت الذي يعالج فيه الرئيس من الفيروس وربما ستكتفي بالنصر المعنوي بوضع حاجز زجاجي بينها وبين بينس ، أما مايك بينس فسيكون عليه الحذر كذلك خلال هجومه على هاريس فهو لا يرغب في خسارة أصوات السيدات والتي بالفعل تشهد تراجع واضح لصالح بايدن ، بسبب هجوم الرئيس ترامب سابقاً على هاريس واصفاً إياها ” بالسيدة الغاضبة” و ” القذرة” وهو ما أدى لغضب في أوساط السيدات بالأخص من الأقليات الأمر الذي أنعكس في استطلاعات الرأي حيث تنحاز السيدات أكثر لإدارة بايدن.
المناظرة الرئاسية.
المناظرة الرئاسية الفوضوية السابقة وبسبب كثرة المقاطعات بالأخص من جانب الرئيس ترامب لم يستطع الناخب الأمريكي من خلالها التعرف بشكل موضوعي على المرشحين حيث لم يتثنى للإثنين فرصة الحديث بموضوعية كافية أو الإجابة الواضحة على الأسئلة بسبب تركيزهما على الهجوم على بعضهما البعض، بعض من أعضاء حملة الرئيس ترامب والحزب الجمهوري وصفوا أداء الرئيس بالعنيف خلال المناظرة وهو ما يجب أن تقل حدته ليتثنى له الظهور بمظهر أكثر موضوعية واستحقاق لمنصب الرئيس الأمريكي.
غياب الموضوعية وكثرة الفوضوية في المناظرة الأولى سيضع حملاً إضافياً على مناظرة النائبين الأربعاء ، حيث يتوقع منهما أن يكونا أكثر موضوعية ووضوح حيال الملفات التي ستطرح ، كما سيتوجب عليهما تخفيض حدة الهجوم للتعبير عن موقف الحملتين بموضوعية ، فلو ان احد الفريقين أخذ في مهاجمة الفريق الأخر ربما ستكون الغلبة للفريق الأهدأ حيث ينتظر الناخب سماع إجابات مقنعة بدلاً من الشجار على الهواء الأمر الذي أبدى 74% استياؤهم منه وفقاً لاستطلاعات الرأي بعد المناظرة الرئاسية الأولى.
وسيتوجب على كاميلا هاريس أيضاح موقفها وموقف رئيسها بايدن من عدد من القضايا وهو ما لم يتمكن بايدن من إيضاحه بسبب تكرار مقاطعة ترامب له والمشاحنات بينهما في المناظرة الرئاسية.
أما بينس فسيكون مهتماً أكثر بالترويج لنجاح السياسات الأمريكية الحالية بالأخص الداخلية والاقتصادية منها وسيتخذ موقف أكثر دفاعية عن إدارته ، وطريقة أدارتها للأزمات على رأسها جائحة كورونا.
المستقبل السياسي
تشير معظم استطلاعات الرأي لتفوق واضح لبايدن في التصويت الشعبي كما تفوقه في الولايات المتأرجحة الأمر الذي سيتطلب من بينس المخضرم فيما يتعلق بفنون الخطابة والمناظرات أخذ نهج مختلف عن رئيسه لتحويل دفة الرأي العام والتي تميل كفتها حالياً لفريق بايدن – هاريس .
وهو ما تحدثت عنه هاريس نفسها في مؤتمر انتخابي سابق عندما قالت عن بينس ” أنه محاور ومنافس بارع ” ، البعض رأى أن تصريحاتها تهدف للتهدئة قبل المعركة ، أخرين ذهبوا إلى أنها تسعى لكسب أحترام الصفوة في المجتمع الأمريكي من خلال التعبير عن رصانتها بهذا التصريح على عكس التيار ” الترامبي” الدائم الهجوم على الخصم ، في كلا الأحوال سيتعين على المتنافسين بينس وهاريس استغلال الوقت أمام عدسات الكاميرات وإقناع الناخب الأمريكي بقدراتهم السياسية وفهمهم الواسع للموضوعات المستجدة كفيروس كورونا أو التي تهم الشارع الأمريكي ، وبرغم من طبيعة الأمر ألا أن إقناع الناخب بقدرات نائب الرئيس سيكون له أهمية خاصة في هذه الانتخابات التي شهدت إصابة الرئيس ترامب بفيروس كورونا وهو ما جعل نقل السلطة من ترامب لنائبه بينس أقري من أي وقت مضى ، لذا فإن احتمالية أن يكون نائب الرئيس على مقعد الرئيس الأمريكي لاتزال قائمة طوال فترة الجائحة المستمرة وهو ما يعطي نكهة إضافية لمناظرة الأربعاء.
ينظر الديمقراطيون لهاريس على أنها أحد أبرع القيادات الشابة ذات الخبرة الكافية في الحزب لذا فهي من القلائل التي يشار لها بأنها ستقود الحزب مستقبلاً نظراً لصغر سنها ، أما بينس فقد أشار في مناسبة سابقة أن إدارته تشكل حلقة الوصل بين جيل الخبرة والشباب في الحزب الجمهوري ، ونظراً لخبرتهما كما أسمهما الساطع في أروقة الحزبين قد يسعى نائبي الرئيس للكرسي الأبرز في البيت الأبيض مستقبلاً لذا تأخذ المناظرة أهمية شخصية لدى النائبين المعروفين بطموحهم السياسي.
منذ إعلان بايدن ترشحه للسباق نحو البيت الأبيض عن الحزب الديمقراطي تغير الكثير من الأمور التي ستلعب دورها في حسم السباق منها جائحة كورونا ، تباطء الاقتصاد ، المظاهرات ضد العنصرية ، إصابة الرئيس بالفيروس المستجد ، مناظرة رئاسية فوضوية غير مسبوقة وغيرها من الأمور التي ستنعكس حتماً على الموضوعات التي سيتم طرحها خلال المناظرة القادمة بين النائبين ، وهو ما سيتوجب منهما إلماماً تاماً بالموضوعات التي سيتم طرحها .
برغم من أن فقط مايقرب من 7% من الأصوات المسجلة لم يصوتوا بعد في التصويت الشعبي ، كما عدم توقع أن تغير المناظرة بين النائبين رأي الناخب الأمريكي ألا أن أهميتها الحقيقية ستكون في حجم الموضوعية واستراتيجية كل من الطرفين في الهجوم على الأخر والتي ستنعكس على موقف المرشحين بعد مناظرتهما الفوضوية ، حيث ستعبر المناظرة القادمة بشكل أكثر وضوح عن توجهات الفريقين.
المصادر :-
https://www.bloomberg.com/election-2020
https://www.politico.com/news/2020/10/05/plexiglass-harris-and-pence-vp-debate-426514