أعلنت إيران رسميًا انضمامها إلى العضوية الدائمة لمنظمة شنغهاي للتعاون خلال قمتها الثانية والعشرين المنعقدة في مدينة سمرقند الأوزبكية خلال يومي الخامس عشر والسادس عشر من سبتمبر الماضي، ليصبح انضمامها الكامل ساريًا بحلول أبريل 2023. وجاء ذلك عقب سبعة عشر عامًا من انضمام إيران كعضو مراقب منذ عام 2005 حيث رفض أعضاء المنظمة حينذاك قبولها كعضو دائم بسبب خضوعها لعقوبات الأمم المتحدة. وعلى الرغم من تركيز منظمة شنغهاي للتعاون على المجالات الأمنية والسياسية حيث تقوم المنظمة على ثلاثة أهداف رئيسية: محاربة الإرهاب والتطرف والحركات الانفصالية؛ إلا أن القادة الإيرانيين يتوقعون أن يكون لانضمام بلادهم للمنظمة أبعاد ومكاسب اقتصادية كحمايتها من العزلة الدولية، أو تعزيز توجهاتها لإزالة الدولرة، أو تقوية علاقاتها الثنائية مع الدول الأعضاء في المنظمة، حيث صرح وزير الخارجية “حسين أمير عبد اللهيان” بأن بلاده دخلت مرحلة جديدة من التعاون الاقتصادي والتجاري والطاقوي.
لماذا الآن؟
مهدت المتغيرات المتلاحقة التي تشهدها الساحة العالمية الفترة الماضية الطريق أمام إيران لقبول عضويتها بشكل دائم رغم محاولاتها العديدة للانضمام منذ عام 2005 والتي باءت بالفشل، وتتمثل أبرز تلك المتغيرات في توتر علاقات الصين مع الغرب بشأن تايوان، وتدهور علاقات روسيا مع أوروبا والولايات المتحدة بفعل الحرب الأوكرانية، واستمرار فرض العقوبات الاقتصادية ضد إيران في ظل فشل محادثات فيينا في التوصل إلى اتفاق نووي، ويُمكن استعراض السياق العالمي لانضمام إيران للمنظمة في النقاط الآتية:
• سياسة التوجه شرقًا: تتسق عضوية إيران في المنظمة -التي تضم الصين والهند وكازاخستان وقرغيزستان وروسيا وباكستان وطاجيكستان وأوزبكستان- مع استدارة السياسة الخارجية الإيرانية نحو الشرق على حساب علاقاتها المتوترة مع الغرب، حيث دفعت العقوبات الغربية الهادفة لتضييق الخناق على الاقتصاد الإيراني الحكومة إلى إعادة توجيه تجارتها الخارجية بعيدًا عن الاتحاد الأوروبي نحو أسواق جديدة في آسيا لا سيما الصين والهند وغيرها من الدول التي تتمتع بعلاقات دبلوماسية أفضل مع طهران من أجل الحد من تأثيرات تلك العقوبات وضمان مورد مستدام من النقد الأجنبي، وقد تبلور هذا الاتجاه مع تولي “إبراهيم رئيسي” مقاليد الحكم والذي حدد أولويتين في السياسة الخارجية الإيرانية، وهما: تحسين العلاقات مع الدول المجاورة، وتوسيع العلاقات مع القوى الآسيوية الكبرى تحت مسمى “التوجه شرقًا” عبر تعزيز النظرة ذات التوجه الشرقي وبناء محور آسيوي ذي أبعاد جيوسياسية وجيواقتصادية بهدف تعزيز العلاقات الاقتصادية والاستراتيجية بمفهومها الواسع، ويرتكز هذا المحور على ثلاثة أهداف رئيسية؛ تخفيف حدة التداعيات الاقتصادية الناجمة عن العقوبات الغربية ومقاومة الأزمات الاقتصادية المتفاقمة، وإصلاح العلاقات مع جيرانها، وتعزيز التعاون مع روسيا والصين من أجل خلق كتلة مناهضة للغرب وخاصة الولايات المتحدة، أي تعزيز محور موسكو وبكين وطهران، وهي أهداف ترى القيادة الإيرانية إنها قد تتحقق بانضمامها لمنظمة شنغهاي للتعاون.
ولا يتمحور توجه إيران نحو آسيا حول الأهداف السياسية فقط، بل إن له أبعاد اقتصادية أيضًا، حيث تنظر طهران إلى التعاون مع المحور الآسيوي كخيار أساسي لمواجهة الهيمنة الأمريكية على الاقتصاد العالمي والتجارة الدولية، كما تعتبر هذا التعاون فرصة هامة لتدعيم الدبلوماسية الاقتصادية مع دول الجوار لتفادي آثار العقوبات الدولية، وتعزيز مفهوم “اقتصاد المقاومة” القائم على مبادئ تقليل الاعتماد على الغرب وتحقيق الاكتفاء الذاتي. وهكذا دفعت التحديات الاقتصادية الضخمة التي تواجهها إيران الحكومة للتخلي عن مبادئ السياسة الخارجية القائمة على شعارات “لا شرق ولا غرب” والهادفة لإقصاء إيران عن القوى العظمى، لتنتهج سياسة “التوجه شرقًا” التي تهدف إلى مساعدتها على لعب دور نشط في النظام العالمي المتغير.
• تدهور العلاقات مع الغرب: أرجأ القطبان الرئيسيان في منظمة شنغهاي للتعاون (روسيا والصين) إعلان الموافقة النهائية على انضمام إيران بشكل دائم للمنظمة بحجة خضوعها لعقوبات الأمم المتحدة، وقد استمر تأجيل قبول طلب الانضمام حتى عقب رفعها بعد اعتماد الاتفاق النووي المعروف بخطة العمل الشاملة المشتركة، حيث حل محلها العقوبات الأمريكية ضد البلاد مما أثار قلق الدول الأعضاء في المنظمة من احتمالية تورطهم في توتر العلاقات الإيرانية مع الولايات المتحدة وذلك على الرغم من أن العلاقات الروسية والصينية مع الولايات المتحدة لم تكن دافئة، إلا أن منظمة شنغهاي قد تجنبت الصدام المباشر مع أكبر اقتصاد في العالم. وقد أثار تغيير هذا الموقف تساؤلات عن دلالات توقيت الانضمام كعضو دائم بدلًا من عضو مراقب.
وبعيدًا عن رؤية إيران الاستراتيجية لتصبح عضوًا في منظمة شنغهاي للتعاون، فإن التغيير في موقف روسيا والصين بشأن عضوية إيران ملفت للنظر أيضًا لأنه يأتي في وقت تتدهور فيه علاقاتهما مع الغرب؛ إذ تصاعدت التوترات بين الجانبين الغربي والروسي عقب قيام الحرب الأوكرانية وفي ظل فرض الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي عقوبات متصاعدة على موسكو لترد الأخيرة على العقوبات باتخاذ خطوات أكثر تصعيدًا تتمثل أبرزها في قطع الغاز عن بعض الدول الأوروبية التي لم تمتثل لخيار الدفع بالروبل لشراء الغاز، أما عن الصين، فقد تصاعدت خلافاتها مع الولايات المتحدة إثر زيارة رئيسة مجلس النواب الأمريكي “نانسي بيلوسي” لتايوان، الأمر الذي دفع الصين لاتخاذ العديد من الإجراءات العسكرية والاقتصادية التقييدية ضد تايوان لتأكيد اعتراضها على تلك الزيارة.
• بلورة العلاقات الاستراتيجية مع الصين: تجمع الصين وإيران علاقات اقتصادية واسعة النطاق على مدى السنوات القليلة الماضية حيث تعتمد إيران على صادرات الصين من السيارات وقطع الغيار والآلات والمعدات الثقيلة، فيما لا تزال الصين أكبر مشترٍ للنفط الخام الإيراني، ولهذا أصبحت بكين هي الشريك التجاري الأول وأكبر دولة مستثمرة في طهران حتى عام 2021، وهو ما يُبينه الجدول الآتي:
الجدول 1 – أبرز شركاء إيران التجاريين (حتى عام 2021)

ومن أجل تعميق العلاقات الاقتصادية إلى حد أبعد من تعزيز التجارة، توصلت الدولتان إلى اتفاق تعاون استراتيجي مدته 25 عامًا في مارس 2021، يتضمن استثمار بكين نحو 400 مليار دولار في مشاريع البنية التحتية بإيران مقابل إمدادات ثابتة من النفط للاقتصاد الصيني، كما شمل الاتفاق بنود حول تعزيز النشاط الصناعي في إيران والتعاون في مجال النقل والزراعة. وأرسلت تلك الاتفاقية عدة رسائل للمجتمع الدولي ترتكز على سعي القيادتين الصينية والإيرانية إلى تقويض جهود الولايات المتحدة لعزل طهران وتوفير مدخلًا إلى إعادة تعزيز الشراكات التجارية معها وتعزيز المناخ الاستثماري للدولة، وتسهيل تنفيذ مبادرة الحزام والطريق بمنح الصين منفذًا إلى الموانئ الإيرانية، وتعزيز استفادة الصين من قطاع الطاقة الإيراني. وبناء على ذلك، يُمكن القول إن إيران تنظر إلى الصين كشريك استراتيجي هام للتنمية الاقتصادية والصناعية بينما تنظر الصين إلى إيران كشريك محوري في إمدادات الطاقة وكسوق واسع لبيع المنتجات والخدمات الصينية.
• الانضمام للمنظمات الإقليمية والدولية الأخرى: يأتي انضمام إيران لمنظمة شنغهاي في سياق مساعيها الهادفة إلى الانضمام لعدة منظمات أخرى، حيث أفادت وكالات الأنباء الإيرانية يونيو الماضي بأن البلاد قد تقدمت بطلب للانضمام إلى مجموعة “بريكس”، التي تضمّ البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا، مؤكدة استعدادها لتوظيف قدراتها وإمكانياتها للربط بين دول المجموعة وبين ممرات الطاقة والأسواق الدولية. ومن ناحية أخرى، تسعى إيران حاليًا لتأمين العضوية الكاملة في الاتحاد الاقتصادي الأوراسي مستغلة الدعم الروسي لتلك الخطوة حيث أعرب وزير الخارجية الروسي “سيرجي لافروف” خلال لقائه مع وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان بأن بلاده تدعم عضوية طهران في الاتحاد الأوراسي، وذلك في ظل قيام مجلس الدوما الروسي بالتصديق على بروتوكول الاتفاقية المؤدية إلى تشكيل منطقة تجارة حرة بين الاتحاد الاقتصادي الأوراسي وطهران.
مكاسب إيرانية
يُمكن لإيران أن تحقق عدد من المكاسب جراء انضمامها لمنظمة شنغهاي للتعاون حيث تحاول البلاد تعزيز الوجود في المنظمات الدولية والإقليمية وتنشيط تحركاتها الدولية من خلال تفعيل وجودها في الأطر والتنظيمات الدولية والإقليمية على الرغم من وجود حدود وعوائق قد تقلل من فاعلية تلك المكاسب، والتي يُمكن حصرها على النحو الآتي:
• تخفيف آثار العقوبات الاقتصادية: عقب غزو أوكرانيا، تبلورت مساعي روسيا لتأطير جميع المنظمات الإقليمية –لا سيما منظمة شنغهاي للتعاون- على إنها منظمات مناهضة لحلف “الناتو” بقيادتها إلى جانب الصين، ولذلك تعتبر إيران أن الانضمام إلى منظمة معادية للمحور الغربي أو مناهضة للولايات المتحدة يُمكنه أن يقلل من عزلتها الدولية، ويخفف من تداعيات العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها من خلال توسيع علاقاتها الثنائية والمتعددة الأطراف مع روسيا والصين وباقي دول آسيا الأعضاء في المنظمة، وكذلك من خلال فتح بوابة لإيران للاتصال بالأسواق الآسيوية التي تمثل نسبة كبيرة من سكان العالم، كما تحاول إيران تسويق عضويتها في منظمة شنغهاي على إنها تنضم لتكتل لديه رؤية موحدة تجاه النظام العالمي، وعلى إنها إنجاز يُحسب للرئيس “إبراهيم رئيسي” في إطار التخفيف من آثار العقوبات الاقتصادية. وفي هذا الشأن ينبغي الإشارة إلى عدم رغبة بعض الدول الأعضاء للتورط في خلافاتها مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بغية الحفاظ على مستوى هادئ من العلاقات معهما وخشية تعرضها لعقوبات دولية.
• التعاون لإزالة الدولرة: اقترحت إيران رسميًا يونيو الماضي على أعضاء منظمة شنغهاي للتعاون اعتماد عملة موحّدة لتسهيل التبادل التجاري بين الدول الأعضاء بما يتسق مع التحولات والمتغيرات الدولية والإقليمية الأخيرة، حيث تتفق الدول الثلاث (روسيا- الصين- إيران) على ضرورة الابتعاد عن النظام المالي العالمي الذي يهيمن عليه الدولار الأمريكي خاصة عقب اندلاع الحرب الروسية- الأوكرانية وما تلاها من فرض عقوبات تهدف إلى عزل موسكو عن نظام “سويفت” للمدفوعات الدولية، ولهذا أبرمت شركة “غازبروم” الروسية اتفاقًا مع بكين على سداد مدفوعات مبيعات الغاز بالروبل واليوان بدلًا من اليورو أو الدولار، كما اتخذت إيران وروسيا خطوات مهمة للتحايل على العقوبات المفروضة عليهما وتقليل استخدام الدولار في تجارتهما الثنائية عبر إطلاق نظام تسوية لاستخدام عملتيهما الوطنيتين في التبادلات الاقتصادية، وقد حذت باقي الدول الأعضاء في المنظمة حذو الصين وروسيا وإيران حيث جاء الإعلان المشترك للقمة الأخيرة للمنظمة مشيرًا إلى اتفاق قادة المنظمة على إقرار خارطة طريق للتوسع في استخدام عملاتهم الوطنية في التجارة البينية بينهم، وهو ما يتماشى مع المصالح الاستراتيجية الإيرانية عن طريق إطلاق شبكة من الاتفاقات تُمكن إيران من استدامة تدفقاتها التجارية دون الحاجة إلى اللجوء لاستخدام الدولار أو اليورو. وعلى الرغم من تلك التحركات المكثفة، إلا أن عملات الدول الأعضاء في منظمة شنغهاي لن تصبح عملات دولية قريبًا بسبب عدم قدرتها على التنافس مع العملات المهيمنة على الاقتصاد العالمي خاصة الدولار الأمريكي، إلا أن سير العديد من الدول على خُطى روسيا والصين وإيران قد يؤدي إلى ظهور نظام مالي عالمي قائم على عملات أساسية متعددة.
• مأسسة التعاون الثنائي: تعتقد إيران أن انضمامها إلى منظمة شنغهاي قد يعزز مكانتها في التجارة الإقليمية من خلال تقوية علاقاتها مع الدول المجاورة والمحيطة بها مما يزيد من حجم التبادل التجاري والاستثمارات المتبادلة بينها وبين الدول الأعضاء بقدر يمكنها من تجاوز تأثيرات العقوبات الدولية، وعلاوة على ذلك، تأمل الحكومة الإيرانية بأن تلعب دور مركزي في ممرات العبور بين الدول المختلفة كممر “الشمال الجنوب” الذي يربط بين روسيا والهند عبر أراضيها، فضلًا عن احتمالية أن يسهل انضمامها من عملية وصول الدول الأعضاء إلى المياه الدولية عبرها نظرًا لموقعها الجغرافي الواقع على عدد من الممرات المائية الهامة كبحر قزوين.
وعلى الرغم من ذلك، فإن الانضمام لمنظمة شنغهاي قد لا يحقق جميع الأهداف سالفة الذكر نظرًا لافتقارها إلى أي آلية رسمية لتعزيز التجارة بين أعضائها، حيث إنها تعتبر منظمة أمنية وجيوسياسية ذات فوائد اقتصادية محدودة، إلى جانب وجود مستوى مسبق من العلاقات التجارية بين إيران والدول الأعضاء حتى قبل انضمامها؛ إذ صرح المتحدث باسم مصلحة الجمارك الإيرانية “روح الله لطيفي” بأن صادرات إيران غير النفطية إلى دول المنظمة ارتفعت بنسبة 20% خلال الربع الثاني من عام 2022 لتبلغ قيمتها نحو 5.5 مليارات دولار، ولهذا فمن الصعب التنبؤ باحتمالية زيادة مستويات هذا التعاون خاصة في ظل التزام باقي أعضاء المنظمة بالمعايير الدولية في التعاملات المالية مما يصعب زيادة التجارة مع إيران لا سيما في ضوء إدراجها في القائمة السوداء لمجموعة العمل المالي الدولية “فاتف” –المختصة بمكافحة جرائم غسيل الأموال وتمويل الإرهاب- مما يجعل زيادة التعاون التجاري والمالي معها أمرًا محفوفًا بالمخاطر.
• لعب دور فعال في خريطة الطاقة: تطمح إيران بأن انضمامها للمنظمة قد يفتح أمامها مجالات جديدة للتعاون في قطاعات مثل الطاقة والنقل والتكنولوجيا والبنية التحتية، ويدلل على ذلك إبرامها اتفاقًا مع أوزبكستان خلال قمة سمرقند يستهدف تعزيز التعاون في 8 مجالات للطاقة، وهي؛ القيام بأنشطة جيولوجية واستكشافية في مجال النفط والغاز، وتصدير المنتجات البتروكيميائية الإيرانية لأوزبكستان، وتقديم الدعم المالي ودعم التعاون المصرفي لتطوير صناعات النفط والغاز والبتروكيماويات في البلدين، وتوفير المعدات التي تحتاجها صناعة النفط والغاز، والتعاون في مجال إنشاء وتوفير المعدات المعملية وتبادل المعرفة في مجال صناعات النفط والغاز وتدريب القوى العاملة الماهرة في تلك الصناعات. وبناء على ذلك، تعتقد إيران أن التقارب في مجال الطاقة بمنظمة شنغهاي سيساهم في تعزيز موقعها على خريطة الطاقة الإقليمية بما يمكنها أيضًا من التحايل على العقوبات الأمريكية المفروضة على قطاع الطاقة، إلا أنها قد تواجه تحديًا في هذا الشأن وهو؛ كون روسيا منافسًا لإيران في قطاع الطاقة وخاصة في ظل اتجاهها لبيع نفطها للدول الآسيوية بسعر أقل من سعر السوق عقب قرار الدول الأوروبية بحظر شراء النفط الروسي.
يتبين من التحليل السابق أن انضمام إيران لمنظمة شنغهاي للتعاون قد يوفر لها إطارًا مؤسسيًا للتعاون مع الدول الآسيوية التي تتشارك معها في الرؤى والتوجهات في ظل مساعيها إلى تحقيق أقصى استفادة جيوسياسية وجيواقتصادية ممكنة من هذا الانضمام إلا أن هذه المكاسب قد تواجه عددًا من التحديات والعوائق أمامها، ومن أبرزها عدم توفير الإطار الحالي للمنظمة آلية اقتصادية واضحة لتعزيز التعاون التجاري والثنائي بين أعضائها بطريقة يُمكن لطهران الاعتماد عليها في تخفيف آثار العقوبات الدولية، وتزايد احتمالية عدم توافق المصالح الإيرانية مع مصالح الأعضاء الآخرين بالطريقة التي تطمح إليها خاصة في ظل انقسام بعض الدول خلال قمة سمرقند حول العديد من القضايا الجارية على الساحة الدولية الأمر الذي يحد من حدوث تعاون جوهري بين أعضائها، بالإضافة إلى وجود صورة مسبقة من التعاون الاقتصادي بين أعضاء الكتلة وإيران من خلال القنوات الثنائية، إلى جانب وجود عقبات أمام جهود إزالة الدولرة، ولهذا، قد لا تصل طهران إلى الوحدة الإقليمية التي تسعى إليها في منظمة شنغهاي للتعاون.