تتصاعد حدة الأزمة التي يواجها تطبيق “تيك توك” عالميًا بعد أن حظرته بريطانيا من الأجهزة الحكومية الرسمية، بالتوازي مع قيود مماثلة فرضتها كندا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، وذلك على الرغم من جهود شركة “بايت دانس” (المالكة للتطبيق) التي عزلت بيانات المستخدمين في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي عن عملياتها العالمية من ناحية، ودأبت على التأكيد على سلامة بيانات المستخدمين ورفضها ونفيها تسليم تلك المعلومات إلى الحكومة الصينية من ناحية ثانية.
اتجاه عالمي:
فرضت الصين قيودًا شديدة على تطبيق “تيك توك” كما فعلت سلفًا مع تطبيقات من قبيل “يوتيوب” و”فيسبوك” و”واتس اب”؛ فقد أنشأت إصدارًا منفصلًا من التطبيق تحت اسم (Douyin) لمن تقل أعمارهم عن 14 عامًا، لتقتصر ساعات استخدامه على 40 دقيقة فقط يوميًا بين الساعة 6 صباحًا و10 مساءً. والجدير بالذكر -في هذا الإطار- أن هناك عددًا متزايدًا من الدول التي تحركت هي أيضًا لحظر التطبيق على الحواسيب والأجهزة التابعة لمختلف المؤسسات الحكومية بسبب مخاوف تتعلق بالأمن القومي (وفي مقدمتها: بريطانيا، وكندا، وبلجيكا، والدنمارك، ونيوزيلندا، وعدد من دول الاتحاد الأوروبي). وقد دفعت بعض التحليلات بأن إجمالي عدد تلك الدول قد بلغ 24 دولة، وإن اتجهت دول أخرى إلى حظر التطبيق كلية.
وفي هذا الإطار، أكد البرلمان الأوروبي أن حظر التطبيق وإزالته من أجهزة المؤسسات الحكومية دخل حيز التنفيذ في 20 مارس 2023، وأوصى أعضاءه وموظفيه بإزالته من أجهزتهم الشخصية أيضًا. كما اتجهت المفوضية الأوروبية والبرلمان الأوروبي لاستخدام حق النقض ضد التطبيق لأسباب تتعلق بالأمان وحماية البيانات. وفي هذا السياق، أكدت رئيسة المفوضية الأوروبية “أورسولا فون دير لاين” أن الدول الأوروبية ستستخدم الوسائل الممكنة لحماية خصوصية مواطنيها كافةً بما في ذلك الحظر التام للتطبيق في كل دول الاتحاد الأوروبي.
كما قام الجيش السويدي بمنع تنزيل التطبيق على أجهزة العسكريين المحمولة، وحظر البرلمان النرويجي تنزيل التطبيق على الأجهزة التي يمكنها الوصول إلى النظام الإلكتروني للبرلمان. كما منعت فرنسا موظفي القطاع العام من تنزيل التطبيقات الترفيهية على هواتف العمل بما في ذلك “تيك توك”، و”تويتر”، و”نتفيلكس”، وغير ذلك من تطبيقات بما في ذلك لعبة “كاندي كراش”. وإلى جانب حظر التطبيق في بريطانيا، تُجري الأخيرة مراجعة مُوسّعة في حجم البيانات الحكومية الحساسة التي تَمكن التطبيق وغيره من المنصات من الوصول إليها.
وفي يونيو 2020، حظرت الهند تطبيقات مثل “وي تشات” و”تيك توك” بسبب مخاطرها الأمنية المحتملة لا سيما في ظل تجدد صراعها العسكري المباشر مع الصين. وعلى الرغم من ذلك، أكدت مجلة “فوربس” أن تطبيق “تيك توك” لا يزال قادرًا على جمع بيانات المستخدمين الحساسة على الرغم من حظر الهند له، وهي البيانات التي تشمل: مواقع المستخدمين، ومعارفهم، وسجلات بحثهم، وغير ذلك. وقد سارت باكستان وتايوان على النهج نفسه، لتحذر كلتاهما التطبيق لأنه ينشر محتويات مبتذلة، وهو ما فعلته أفغانستان أيضًا في أعقاب تولي حركة “طالبان” مقاليد الحكم في البلاد، وإن فرضت باكستان حظرًا مؤقتًا على التطبيق في أربع مناسبات منفصلة اعتقادًا منها أنه يروج لمحتويات “غير أخلاقية”.
وعلى صعيد متصل، دفعت الحكومة الكندية بأن استخدام تطبيق “تيك توك” لم يعد مقبولًا. ومن ثم، لم يعد مسموحًا للموظفين تحميله من متاجر الألعاب مستقبلًا. وهو القرار الذي دخل حيز التنفيذ في 20 مارس 2023، وبموجبه بات لزامًا على المستخدمين حذف التطبيق على الفور. وبعبارة ثانية، حظرت الحكومة الكندية التطبيق على جميع هواتفها وأجهزتها، وأشارت إلى إمكانية منع مستخدمي هذه الأجهزة من تنزيل التطبيق في المستقبل لأنه ينطوي على مستوى غير مقبول من المخاطر التي تهدد الخصوصية والأمن لا سيما أن أسلوب جمعه للبيانات يتيح الوصول إلى هواتف المستخدمين على اختلاف محتوياتها. وعلى الرغم من عدم وجود دليل على حدوث أي انتهاك للبيانات الحكومية، فتح مفوض الخصوصية الكندي تحقيقًا موسعًا للوقوف على حجم معلومات المستخدمين الشخصية التي تمكن التطبيق من جمعها من ناحية، ودرجة تدخل الصين في الانتخابات الفيدرالية لعامي 2019 و2021 من ناحية ثانية.
الموقف الأمريكي:
في 27 فبراير 2023، أمهل البيت الأبيض الهيئات الحكومية شهرًا للتأكد من عدم وجود التطبيق على أي من الأجهزة أو الأنظمة التابعة للحكومة الاتحادية التي طُلب منها تعديل عقود تكنولوجيا المعلومات للتأكد من أن المتعاقدين يحمون البيانات الأمريكية من خلال وقف استخدام التطبيق على الأجهزة والأنظمة المستخدمة في إطار عملهم. فمن خلال مذكرة صادرة عن مديرة مكتب الإدارة والميزانية في البيت الأبيض “شالاندا يونغ” -تنفيذًا للقانون الذي نشره الرئيس الأمريكي “جو بايدن” في أوائل شهر يناير 2023- تلقت مختلف الوكالات والإدارات والأجهزة التابعة للحكومة الفيدرالية تعليمات تقضي بإزالة وحظر تنزيل التطبيق على الأجهزة التي تمتلكها أو تديرها، بجانب منع الاتصال عبر الإنترنت بينه وبين هذه الأجهزة.
كما أقرت لجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس الأمريكي في مطلع مارس 2023 مشروع قانون يمنح “بايدن” السلطة لحظر تطبيق “تيك توك” دون الحاجة إلى انتظار مراجعة لجنة الاستثمار الأجنبي في البلاد على الرغم من تعالي الانتقادات التي ترى في ذلك تغولًا على حرية التعبير، وهو القانون الذي بات يُعرف باسم قانون “ردع الخصوم التكنولوجيين لأمريكا” والذي يُعدّل قانونًا سبق وأن أُقر في ثمانينيات القرن الماضي ليمنع الحكومة الأمريكية من تقييد التدفق الحر للترفيه المرئي بين الدول الأجنبية. وعمومًا، يطالب التشريع الجديد بفرض عقوبات تصل إلى حظر الشركات التي تعطي بيانات مثل بيانات مستخدمي “تيك توك” عن قصد إلى أي شخص أجنبي ذي صلة بالحزب الشيوعي الصيني.
وقد أتى ذلك بعد أن تعددت تصريحات المسئولين التي تحذر من مخاطر التطبيق الأمنية، ومن ذلك -على سبيل المثال- تصريح رئيس لجنة الشئون الخارجية “مايكل ماكول” الذي أكد أن ذلك القانون يعد ضرورة لحظر أي تطبيقات برمجية تهدد الأمن القومي الأمريكي، وكذا مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي “كريستوفر راي” الذي حذَّر عموم الأمريكيين من التطبيق الذي يُعرّض الأمن الوطني الأمريكي للخطر، وكذا رئيس مجلس النواب “كيفن ماكارثي” الذي انتقد تصريحات الرئيس التنفيذي للتطبيق “شو زي تشيو” التي أكد فيها الأخير أن التطبيق لا يتجسس على المستخدمين، ليؤكد الأول أن الصين لديها الحق في الوصول إلى بياناتهم.
وفي سياق متصل، أصدر “بايدن” في 27 مارس 2023 مرسومًا يحظر على كل الإدارات والوكالات الحكومية الأمريكية استخدام برمجيات تجارية خبيثة تُشكّل مخاطرًا كبيرة على أمن الولايات المتحدة لا سيما مع تزايد اعتماد الحكومات الأجنبية على تلك البرمجيات لأغراض قمعية ولانتهاك حقوق الإنسان من ناحية، وتزايد انتشار برمجيات التجسس التي تستهدف أمن الموظفين الأمريكيين وعائلاتهم من ناحية ثانية. ويأتي ذلك المرسوم الرئاسي في إطار النسخة الثانية من “القمة من أجل الديموقراطية”، وهو حدث افتراضي -إلى حد كبير- يُنظم بمبادرة من الولايات المتحدة.
وإلى جانب منع أعضاء مجلس النواب والجيش ومشاة البحرية والقوات الجوية وخفر السواحل من تحميل التطبيق على هواتفهم الشخصية، تعالت الدعوات التي تُطالب مالكي تطبيق “تيك توك” ببيعه أو مواجهة خطر حظره على الرغم من تزايد عدد مستخدميه على 150 مليون مستخدم أمريكي بينهم 5 ملايين شركة. ويُرجح أن يحدث ذلك من خلال مطالبة الحكومة الأمريكية متاجر التطبيقات بحذف التطبيق من منصاتها، ليستحيل بذلك تحميله من المتاجر الإلكترونية، ليظل متاحًا على هواتف الأشخاص الذين حصلوا عليه قبل الحظر إلى أن يتوقف عن استقبال التحديثات المستقبلية. بيد أن ذلك لا ينفي تعالي الأصوات المشككة في صعوبة ذلك لما قد ينجم عنه من غضب واسع من بعض المستخدمين الذين يرون في التطبيق مصدرًا لدخلهم وجزءًا من هوياتهم لا سيما المراهقين والشباب.
عوامل مُفسرة:
تدور مخاوف مختلف الدول من تطبيق “تيك توك” حول: استخدامه لأغراض التجسس، وانتهاك خصوصية المستخدمين، وجمع بيانات استخبارية عنهم لصالح الحزب الشيوعي الصيني، وتزايد إمكانية إتاحة بيانات هؤلاء المستخدمين للحكومة الصينية في ظل الترابط بين الشركة المالكة له والاستخبارات الصينية، بجانب تعدد المخاطر الأمنية للتطبيق الذي يهدد الأمن القومي لكثير من الدول بعد أن تحول إلى أداة في يد الصين، ناهيك بالقوانين الوطنية التي قضت بوجوب تسليم الشركات الصينية للبيانات التي تطلبها منها الحكومة الصينية والتي قد تستخدمها لنشر معلومات مضللة، وأيضًا إقرار شركة “بايت دانس” بأن بعض الموظفين في الصين يمكنهم الوصول إلى بيانات المستخدمين الأوروبيين.
فلا شك أن البيانات أضحت هي “نفط القرن الحادي والعشرين”، ولكونها السلعة الاقتصادية الأبرز، تُثار التساؤلات عن مصير البيانات الشخصية التي يَجمعها التطبيق (مثل: الموقع الجغرافي، ونشاط المستخدمين، وبريدهم الإلكتروني، ونوع أجهزتهم الإلكترونية المستخدمة، والتطبيقات الأخرى الموجودة على أجهزتهم، وغير ذلك). وهو ما تتزايد خطورته في ظل تعقب خوارزميته لما يشاهده المستخدمون ومقدار الوقت الذي يقضونه لمشاهدة كل مقطع فيديو، لتحديد المحتوى الأكثر تفضيلًا لهم من خلال الوقوف على أنماط سلوكهم. وهو ما دفع البعض للقول إن الهدف من جمع تلك البيانات يتمثل في الأغراض التسويقية، بينما دفع آخرون بإمكانية بيعها لحكومات أخرى. وهو ما قاد بدوره إلى مخاوف أمنية دفعت كثير من الدول للتحقيق في حجم البيانات التي تمكن التطبيق من جمعها للوقوف على مصيرها المحتمل.
كما لا يمكن التقليل من شأن ما خلُصت إليه لجنة التجارة الفيدرالية ووزارة العدل الأمريكية من استنتاجات تؤكد فشل التطبيق في الالتزام بقوانين خصوصية الأطفال ما يستوجب حظره في الداخل الأمريكي. وقد سبق أن طالب “مركز الديمقراطية الرقمية”، بجانب “حملة من أجل طفولة خالية من التجارة” منذ سنوات عدة لجنة التجارة الفيدرالية بالنظر في فشل التطبيق في حذف مقاطع الفيديو ومعلومات المستخدمين الشخصية ممن يبلغون من العمر 13 عامًا أو أقل. فمع تنامي أعداد المستخدمين صغار السن، دفعت بعض الدول -لا سيما الهند والبرازيل وبعض الدول العربية- بتعرض المراهقين وصغار السن لبعض الفيديوهات الخارجة وغير اللائقة التي تتنافى مع القيم المجتمعية.
كما يبرز -في هذا الإطار- خطورة بعض التحديات التي يروج لها التطبيق والتي نجم عن كثير منها إصابات بالغة؛ فقد تسبب تحدي “كيكي” في موت بعض المستخدمين على خلفية رقصهم خارج سياراتهم، كما تسبب تحدي (Oh Nanana) في كسر كاحل إحدى المستخدمات البريطانيات على خلفية أداها لبعض الحركات الراقصة على أنغام الأغنية نفسها ما استلزم إجراء جراحة لها. كما تسبب تحدي ((Skullbreaker في إصابات بالغة بلغت إلى حد ارتجاج المخ والشلل والوفاة على خلفية محاولة شخصين عرقلة الثالث أثناء قفزه، كما تسبب تحدي “تناول قطعة من الحلوى بداخلها مادة حارة للغاية” في تسمم ما لا يقل عن 57 طالبًا بإحدى المدارس الثانوية بالمكسيك.
بيد أنه تجدر الإشارة إلى اختلاف مخاوف بعض دول الشرق الأوسط (مثل الأردن التي حظرت التطبيق بعد أن نشر فيديوهات “تحرض على القتل والفوضى” خلال الاحتجاجات التي شهدتها المملكة في ديسمبر 2022 على خلفية ارتفاع أسعار المحروقات) أو جنوب آسيا (مثل الهند التي حظرت التطبيق بسبب تصاعد التوتر مع الصين) من ناحية، ومخاوف بعض الدول الأوروبية والولايات المتحدة من ناحية ثانية. إذ تدور مخاوف الأخيرة بالأساس حول الاعتبارات الأمنية جراء تأثير الحكومة الصينية المحتمل في التطبيق، وبخاصة بعد أن ثبت قيامه بجمع معلومات عن بعض الصحفيين الغربيين كما أظهرت مراسلاته الرسمية؛ حيث تمكن التطبيق من رصد أماكن هؤلاء الصحفيين وتحديد طبيعة المعلومات التي يتلقونها، ما أكد أن كثيرًا من مخاوف الدول الغربية في محلها؛ ذلك أن استخدام التطبيق يمكنه من معرفة مكان المستخدمين وما يبحثون عنه وأهم تفضيلاتهم.
دلالات وتداعيات:
على تعدد المبررات والمخاوف التي تتفاقم سوءًا في ظل افتقار عدد من الدول إلى قانون يكفل حماية خصوصية البيانات الوطنية وأنظمة المستخدمين، يتحتم على كثير من الدول وفي مقدمتها الولايات المتحدة الاختيار بين الاستجابة لمخاوفها الأمنية من ناحية، وتلبية متطلبات حرية الرأي والتعبير من ناحية ثانية، وكذا الاختيار بين استرضاء “جيل الألفية” من ناحية، و”الجيل زد” من ناحية ثانية. فلا شك أن الأول (ممن تتراوح أعمارهم بين 27 إلى 42 سنة) أقل ارتباطًا بالتطبيق وأقل استخدامًا له بالمقارنة بالثاني (ممن تتراوح أعمارهم بين 18 و26 سنة)؛ إذ يرى الأخير أن تطبيق “تيك توك” لا يعدو كونه مصدرًا للترفيه والعائد الاقتصادي ومنصة للتحديات المميزة، ووسيلة للشراكة التجارية بين المستخدمين والعلامات التجارية المرموقة.
وقد خلص استطلاع الرأي الذي أجرته شركة (Social Sphere, Inc) في 22 مارس 2023 -على 1607 ناخبًا مسجلًا تراوحت أعمارهم بين 18 و42 عامًا- إلى أن “جيل الألفية” يفضل حظر التطبيق في الداخل الأمريكي بنسبة تتراوح بين 34-49% بالنظر إلى استخدامه في عملية جمع البيانات والترويج للدعاية الصينية ونشر معلومات مضللة، وإن عارض “الجيل زد” ذلك الحظر بنسبة تتراوح بين 34-53%. كما خلص إلى أن ناخبي “الجيل زد” و”جيل الألفية” ينظرون إلى التطبيق بصورة إيجابية (بنسبة بلغت 66% و46% على الترتيب).
ويسلط ذلك الاستطلاع الضوء على التداعيات المحتملة لحظر التطبيق التي قد تشمل حدوث رد فعل عنيف في أوساط المستخدمين الشباب وجماعات الحقوق المدنية في الداخل الأمريكي، ناهيك بردود أفعال الصين المحتملة والحاسمة على الحظر الأمريكي بعد أن دفعت بعض التحليلات بأن الموقف الأمريكي من التطبيق لا يعدو كونه حلقة جديدة من حلقات “الحرب البادرة التكنولوجية” التي بات على إثرها التطبيق في قلب المواجهة السياسية بين الدولتين، وبخاصة وأن جهود الإدارة الأمريكية تأخذ شكل “البيع الصيني القسري” للتطبيق ما قد يقوض ثقة المستثمرين عالميًا مع تأثر المعلنين والأنشطة ومختلف الشركات التجارية التي قد تواجه خسائر ضخمة محتملة.
وقد يدفع ذلك الصين إلى تبني سياسات مماثلة في حق مختلف الشركات التكنولوجية العاملة على أراضيها. وقد تطال التداعيات المحتملة الشركات التكنولوجية الأمريكية وفي مقدمتها شركة “أوراكل” التي تُعد شركة “بايت دانس” أحد أكبر عملائها، وشركة “أبل” عملاق التكنولوجيا الأمريكية التي تُصنع معظم هواتفها وأجهزتها في الصين (وإن نقلت بعض خطوط الإنتاج خارج البلاد في ظل تصاعد حدة التوتر بين واشنطن وبكين)، بجانب شركة “بايت دانس” نفسها (المملوكة لمؤسسيها بنسبة 20٪، ولموظفيها بنسبة 20٪، وللمستثمرين العالميين بنسبة 60٪).
ختامًا، تعرض تطبيق “تيك توك” لهجمة عالمية شرسة غير مسبوقة على الرغم من نهم غيره من التطبيقات ووسائل التواصل الاجتماعي لبيانات المستخدمين نفسها التي يجمعها، وهو ما يمكن معه القول إن الحظر التام له لن يقدم حلًا سحريًا لمخاوف الدول الأمنية منه بالضرورة، ولن يحول أيضًا دون إدمان المستخدمين -لا سيما الشباب- لوسائل التواصل الاجتماعي ممن يرجح اتجاههم لتطبيقات أخرى يأتي “انستغرام” في مقدمتها ( بعد أن أتاح خاصية “الريلز” التي تتشابه مع أسلوب “تيك توك”)، كما لن ينجو الحظر بالضرورة من بعض الدعوات القضائية التي قد تلاحقه لأنه يقوض حرية تدفق المعلومات، ليظل الحل الأمثل هو رفع الوعي بمخاطر وسائل التواصل الاجتماعي وأهداف الشركات المالكة لها من ناحية، وتعزيز خصوصية المستخدمين بقوانين فاعلة تكفل حماية بياناتهم وتحول دون وصول الشركات المحلية والأجنبية إليها من ناحية ثانية.