أعلنت مصر عن الانتهاء من مشروع الموازنة العامة للدولة المصرية خلال عام 2023/ 2024، والذي ياتي في ظل ما تواجهه مصر العديد من التحديات الاقتصادية التي يجب مواجهتها من خلال مشروع الموازنة الجديدة. ومن بين هذه التحديات؛ تحدي التضخم المرتفع، وهو ما يتطلب إجراءات للحد من تلك الزيادة في الأسعار وتحسين الاستقرار الاقتصادي، ومستويات عالية من الدين العام، وهو ما يتطلب تحسين الإيرادات والإنفاق بشكل فعال لتحقيق الاستقرار المالي وتجنب المخاطر المحتملة، كما تواجه مصر تحديات في تطوير البنية التحتية وتحسين الخدمات العامة، وخاصة في المناطق الريفية، وهو ما يتطلب زيادة الإنفاق على البنية التحتية وتحسين الكفاءة في إدارتها.
إلى جانب مجموعة من التحديات الخارجية التي تواجه مصر تتمثل في ارتفاعات متلاحقة لأسعار النفط وتذبذب حركة التجارة الدولية، والتحديات الأمنية والسياسية في المنطقة، مما يتطلب إجراءات لتعزيز الاقتصاد المصري وتحقيق النمو المستدام.
يهدف مشروع موازنة مصر للعام المالي 2023/2024 إلى تحقيق الاستقرار المالي والاقتصادي في البلاد، وتحسين مستوى المعيشة للمواطنين من خلال التركيز على النمو الاقتصادي وتحسين الخدمات العامة والبنية التحتية وتوفير فرص العمل. ومن المتوقع أن يتم إقرار الموازنة الجديدة من قبل البرلمان المصري في الأشهر المقبلة.
مستهدفات مشروع موازنة مصر للعام المالي 2023/2024
قُدر معدل النمو المستهدف بموازنة العام المالي الجديد (2023/2024) بنحو 4.1%، وذلك في ضوء تقديرات وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية ومستهدفات البنك المركزي المصري وتقديرات الأسعار العالمية. كما من المتوقع أن تنمو إجمالي الإيرادات بالموازنة الجديدة بنسبة 38.4%، فيما يُتوقع أن تنمو الإيرادات الضريبية بنسبة 28%؛ وفي المقابل من المستهدف ان تنمو المصروفات بنحو 30.5% لتصل إلى نحو 2 تريليون و838 مليار جنيه.
أبرز المؤشرات القطاعية:
من المخطط نمو مخصصات الدعم والمنح والمزايا الاجتماعية بنسبة 28.2% بالموازنة الجديدة، مقارنة مع 17.1% بموازنة العام المالي الجاري (2022/2023)، بقيمة تصل إلى 496 مليار جنيه ويشمل ذلك: دعم السلع التموينية بمعدل نمو سنوي نحو 20%، ودعم المواد البترولية بمعدل نمو 24%، ودعم الصادرات 462.5%، والتأمين الصحي والأدوية بنمو سنوي 50.4%، ودعم الإسكان (محدودي الدخل والإسكان الاجتماعي) بمعدل نمو سنوي 103.5%، ومعاش الضمان الاجتماعي بمعدل نمو سنوي 24%، فضلا عن المساهمات في صناديق المعاشات ونفقات علاج المواطنين .
فيما يتعلق بالصحة، فإن الموازنة المقترحة تتضمن زيادة في الإنفاق بنسبة 15٪ مقارنة بالعام الماضي، وهذا يعكس التركيز على تحسين الخدمات الصحية في مصر. ومن بين الإجراءات التي ستتخذها الحكومة لتحقيق هذا الهدف توسيع الشبكة الصحية وتحسين البنية التحتية للمستشفيات والمراكز الصحية وزيادة عدد الأطباء والممرضين والمعدات الطبية.
أما فيما يتعلق بالتعليم، فإن الموازنة المقترحة تتضمن زيادة في الإنفاق بنسبة 15٪ أيضًا، وهذا يعكس التركيز على تحسين الجودة والكفاءة في التعليم في مصر، وسيتم تخصيص جزء من هذا الإنفاق لتحسين بنية المدارس والجامعات وتحديث المناهج الدراسية وتطوير مهارات المعلمين والمدربين.
يتضمن المشروع أيضًا زيادة في الإنفاق على البحث العلمي والتكنولوجيا، مما يعكس التركيز على تطوير الابتكار والتكنولوجيا في مصر ودعم الشركات الناشئة والمشاريع الصغيرة والمتوسطة وتوفير فرص العمل.
كما يتضمن مشروع الموازنة زيادة في الإنفاق على الأجور للعاملين في بعض القطاعات الحيوية مثل الصحة والتعليم والأمن والدفاع، وذلك لتحسين الخدمات المقدمة من هذه القطاعات وتعزيز جودة الحياة في البلاد. تتضمن موازنة العام المالي المقبل أيضا نموًا سنويًا في مخصصات الأجور وتعويضات العاملين بنسبة 14.6 %. ليصل إلى 470 مليار جنيه، وتأتي هذه الزيادة في الأجور في إطار التزام الحكومة بتحسين مستوى المعيشة للعاملين في القطاع العام وتحفيز الإنتاجية والابتكار، وتعزيز التماسك الاجتماعي في البلاد. ويجب الإشارة إلى أن هذه الزيادة في الأجور تأتي في وقت يواجه فيه الاقتصاد المصري تحديات عديدة، ولذلك يتطلب من الحكومة تحقيق التوازن بين زيادة الإنفاق على الأجور وتحسين الخدمات العامة وتعزيز النمو الاقتصادي في البلاد، وتحقيق الاستدامة المالية في المستقبل.
Tell me more.
بالإضافة إلى ما ذكرته سابقا، يتضمن مشروع موازنة مصر للعام المالي 2023/2024 عدة إجراءات أخرى لتحقيق الأهداف المذكورة، منها:
تحقيق فائض مالي بزيادة العائدات الضريبية فمن المتوقع أن يصل الفائض الأولي إلى ما نسبته 2.5% من الناتج المحلي الإجمالي؛ وهو أعلى فائض أولي يتم استهدافه في إطار جهود خفض المديونية الحكومية كنسبة للناتج المحلي مع معدل عجز كلى بنحو 6.37%. ووضع معدلات العجز والدين في مسار نزولي.
زيادة الإنفاق الاستثماري للحكومة بنسبة 25٪ لتحسين البنية التحتية وتطوير المشروعات العامة، وتحسين بيئة العمل والاستثمار من خلال إصلاحات قانونية وإجراءات إدارية تسهل عمل المستثمرين.
خفض عجز الموازنة إلى مستوى 5% في العام المالي 2023-2024، الذي يبدأ في يوليو المقبل، ومن المخطط تراجع معدل المديونية الحكومية إلى أقل من 80% من الناتج المحلي الإجمالي مع نهاية 2027.
ومن المتوقع أن تعمل الحكومة المصرية على تحقيق هذه الأهداف من خلال خفض الإنفاق الحكومي غير الضروري، وتحسين العائدات الضريبية والإيرادات السياحية وتطوير القطاع الخاص وتوفير بيئة استثمارية جاذبة للمستثمرين الأجانب عبر تنفيذ عدد كبير من الإصلاحات الإدارية والتشريعية .
مقارنة مشروع الموازنة المصرية بالدول الأخرى من حيث بنود الانفاق الرئيسية
التنمية الجغرافية الشاملة:
يتضمن مشروع موازنة مصر للعام المالي 2023/2024 زيادة في الإنفاق على البنية التحتية في المناطق الريفية، حيث ستتم مواصلة تنفيذ برامج تطوير الريف المصري وتحسين الخدمات العامة والبنية التحتية في المناطق الريفية.
ومن بين الإجراءات التي ستتخذها الحكومة لتحقيق هذا الهدف توسيع شبكة الطرق الريفية وبناء مدارس ومستشفيات ومراكز صحية وتحسين خدمات الكهرباء والمياه والصرف الصحي في المناطق الريفية.
ويأتي ذلك في إطار التزام الحكومة بتحسين مستوى المعيشة وتقليل الفوارق الاجتماعية بين المناطق الحضرية والريفية في مصر، وتعزيز النمو الاقتصادي في المناطق الريفية وتوفير فرص العمل وتحسين الظروف المعيشية للسكان في تلك المناطق.
يمكن القول بأن زيادة الإنفاق على البنية التحتية في المناطق الريفية يعكس التزام الحكومة المصرية بتحسين خدمات البنية التحتية وتحقيق التنمية المستدامة في جميع أنحاء البلاد.وع الموازنة الجديدة في مصر
وازنة المصرية
ختاما، تواجه الدولة المصرية ضغوط عديدة نتيجة ارتفاع تكاليف استيراد الطاقة والغذاء، على خلفية موجة التضخم العالمي، والغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير الماضي، فضلاً عن زيادة أسعار الفائدة المحلية التي فاقمت من تكاليف خدمة الدين.
إن إعداد مشروع الموازنة العامة الجديدة يأتي في ظل ظروف استثنائية يشهدها الاقتصاد العالمي، وتفرض ضغوطاً بالغة الصعوبة على موازنات الدول بما فيها مصر، سواءً من حيث الارتفاع غير المسبوق في أسعار السلع والخدمات، نتيجة لاضطراب سلاسل الإمداد والتوريد، أو ارتفاع تكلفة التمويل.