في ضوء التطورات الحرجة التي يشهدها الشرق الأوسط منذ أكثر من عام وما تحمله في طياتها من تأثيرات متعددة على المنطقة برمتها، نظم المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية يوم الخميس الموافق 24 أكتوبر 2024 ورشة عمل تحت عنوان: “المعادلات المتغيرة للصراع والأمن في الشرق الأوسط”، ناقشت التحولات الجيوستراتيجية التي يشهدها إقليم الشرق الأوسط، وما تحمله من تداعيات مركبة على الأمن والاستقرار الإقليمي؛ في محاولة من المركز لتأطير معادلة للأمن الإقليمي في اليوم التالي في الشرق الأوسط تحول دون تجدد جولات الصراع الإقليمي، انطلاقًا من دور المركز الفاعل في تحليل وتفكيك التطورات السياسية المختلفة وتقديم رؤية استشرافية لها. وذلك بحضور نخبة كبيرة من الخبراء والسفراء والأكاديميين والباحثين المعنيين بقضايا الشرق الأوسط والأمن الإقليمي.
انقسمت ورشة العمل إلى جلستين رئيستين، جاءت الأولى تحت عنوان: “التحولات الجيوستراتيجية في الشرق الأوسط.. إلى أين”، وعُنيت بمناقشة مستقبل المشروع العسكري الإسرائيلي في غزة ولبنان، وآفاق التصعيد الإسرائيلي الإيراني وانعكاسه على الأمن الإقليمي، ومستقبل الدولة الوطنية في السودان في ضوء الحرب الأهلية الراهنة، والتداعيات المركبة لاضطرابات الأمن في منطقة القرن الأفريقي، ومستقبل عسكري الممرات الملاحية في منطقة الشرق الأوسط. أما الجلسة الثانية فحملت عنوان: “نحو إعادة بناء نظام إقليمي مستقر ومستدام”، وكانت عنوانين النقاش الرئيسة بها هي مستقبل الدولة الوطنية في مرحلة ما بعد الصراعات، وآليات تحفيز التنمية وإعادة الإعمار في مرحلة ما بعد الصراعات، وإدارة الضرر الديموجرافي في المشهد الإقليمي الراهن، ومستقبل البعد التكنولوجي في إدارة الصراعات في الإقليم، وتصورات مستقبلية حول بناء منظومة الأمن الإقليمي.
استهلت الورشة بكلمة افتتاحية للدكتور خالد عكاشة المدير العام للمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، أكد فيها أنه لا تزال حالة اللا يقين تشكل الإطار الحاكم والمعبر عن الأوضاع الحالية بالشرق الأوسط، وأن حسابات سوء التقدير قد تجر الإقليم إلى حرب كبرى ذات تداعيات حرجة، وأنه يصعب فصل أوضاع الاضطراب الإقليمي الراهن عن التداعيات الناجمة عن الثورات العربية لعام 2011، وأن زيادة حالة الاستقطاب والتنافس دفعت في اتجاه إخلال معادلة الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط، منوهًا إلى سعي إسرائيل إلى إحداث “نكبة فلسطينية جديدة” بما يضع علامات استفهام حول مستقبل القضية الفلسطينية، وأن المواجهة بين إسرائيل وإيران تجاوزت حالة الردع الاستراتيجي، وامتد التصعيد العسكري الإسرائيلي من غزة إلى الساحة اللبنانية، مؤكدًا أن ذلك يمهد لدخول الإقليم في حرب شاملة في ظل غياب فرص التهدئة وتمتع إسرائيل بالدعم اللا حدود من القوى الغربية، مشيرًا إلى ما كشفه التصعيد الحوثي في منطقة البحر الأحمر وخليج عدن عن حجم الترابط والتأُثير العميقين بين إقليمي الشرق الأوسط والقرن الأفريقي، وأنه وسط تلك المتغيرات، تتصاعد أهمية البعد التكنولوجي وخاصة السيبراني في صراعات الشرق الأوسط، كما تزداد الحالة الإنسانية في مناطق الصراعات، واختتم كلمته بالتأكيد على الأمر يستدعي أهمية تحديد طبيعة التحولات الراهنة في الشرق الأوسط، وتفكيك تداعياتها للوصول إلى رؤية استشرافية مشتركة تقوم على التعاون متعدد الأطراف من شأنها إعادة صياغة معادلة الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط.
وحول مستقبل المشروع العسكري الإسرائيلي في غزة ولبنان، قال اللواء محمد إبراهيم الدويري نائب المدير العام للمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية خلال الجلسة الأولى التي حملت عنوان “التحولات الجيوستراتيجية في الشرق الأوسط.. إلى أين؟”، أنهلا يمكن حصر المشروع الإسرائيلي على الجانب العسكري فقط، لأن المشروع الإسرائيلي العام يتضمن خطة طويلة الأمد يتم تنفيذها على مراحل، ويرتكز على ثلاث محددات، وهي الاندماج الكامل في المنظومة الإقليمية، وخلق خطر يهدد المنطقة العربية ككل، وخلق أمر واقع يصعب التعامل معه فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، مشيرًا إلى أنه من المتوقع أن يستمر النهج الإسرائيلي الحالي في المنطقة في ضوء الإجماع الداخلي والدعم الأمريكي الراسخ وعدم وجود ممانعة إقليمية للتطبيع مع إسرائيل، وأنها تحاول في المرحلة الحالية، تفكيك المقولة العربية التي تقضي بأن عدم حل القضية الفلسطينية سيخلق حالة عدم استقرار في المنطقة، بالإضافة إلى أن إسرائيل تؤكد على وجود أوضاع إقليمية أخرى تستحق الاهتمام الإقليمي والدولي ولا ترتبط بالقضية الفلسطينية، وتعمل على الفصل بشكل كامل بين ملف التطبيع وملف القضية الفلسطينية، وتتجهز لإعادة استكمال مسار التطبيع في المنطقة، منوهًا إلى أن إسرائيل تسعى لخلق أمر واقع على الأرض خاصة في الضفة الغربية وقطاع غزة، وهو ما لا يبشر بإمكانية تأسيس دولة فلسطينية في المدى القريب، وأن المشروع الإسرائيلي يسعى لوضع المنطقة بين زاويتين، الأولى هي “لا استقرار” والثانية هي “لا انفجار”، مشددًا على ضرورة إيجاد مشروع عربي شامل على كافة المستويات، لمواجهة المشروع الإسرائيلي الشامل في الفترة المقبلة.
وبشأن آفاق التصعيد الإسرائيلي الإيراني وانعكاسه على الأمن الإقليمي، قالت د. نيفين مسعد، أستاذ العلوم السياسية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، جامعة القاهرة، أن هناك مواجهة مباشرة بين إيران وإسرائيل، وهذه المواجهة ستستمر وستتصاعد حتى مع أذرع إيران في المنطقة، وأن “الاستنزاف” سيناريو مرجح للصراع الحالي، وهناك وتيرة منتظمة للصراع لا تصل إلى حد الانفجار ولكنها لا تحقق استقرار، وأشارت إلى أن استمرار التصعيد بين إسرائيل وإيران هو السيناريو المرجح لأن الطرفين لديهما مبرر للتصعيد، وأن إسرائيل تريد إعادة تشكيل الشرق الأوسط، وإيران تريد الحفاظ على مشروع “التشيّع” السياسي، وهناك محاولة إسرائيلية لزحزحة المنطقة العازلة بين الجولان المحتلة وسوريا في إطار الخرائط الإسرائيلية الجديدة للشرق الأوسط، ونوهت لضرورة أخذ تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حول أن “حدود إسرائيل لم تعد كافية” على محمل الجد، كونها تعكس حقيقة المشروع الصهيوني الأمريكي، وأشارت إلى أن بعض الصراعات في المنطقة غاب عنها الضوء الإعلامي بسبب تركيز الاهتمام فقط على حرب غزة، واختتمت حديثها بالتأكيد على أن مصر تحافظ على التوازن الاستراتيجي في علاقاتها الإقليمية في ظل اشتعال حدودها، وموجود دائمًا في سياسة مصر الخارجية للتعامل مع كل التحديات في المنطقة.
وبتسليط الضوء على مستقبل الدولة الوطنية في السودان في ضوء الحرب الأهلية الراهنة، قال د. أحمد أمل، أستاذ العلوم السياسية المساعد بكلية الدراسات الأفريقية العليا، جامعة القاهرة، ورئيس وحدة الدراسات الأفريقية بالمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، أنما يحدث في السودان أكد عجز الحكومات السودانية المتعاقبة على الحل، وباتت هناك أطراف عديدة تمارس السيطرة للوضع على الأرض والدولة السودانية أكثر في إسناد مهام الدولة لأطراف من غير الدولة، وأن قوات الدعم السريع ليست كيانًا موازيًا منضويًا بشكل كامل تحت القيادة الكاملة للقوات المسلحة، بل أعدادها ومستوى تسليحها يفوق عدد وتسليح الجيش السوداني، وأوضح أن مستقبل الدولة السودانية أمام ثلاثة سيناريوهات كلها تفضي إلى ثلاث مشكلات: الأولى: استمرار وضع الدولة الفاشلة في السودان. والثانية: سيناريو التفتت والاعتماد على نموذج المحاصصة الأفريقية. الثالثة: سيناريو الانقسام، وأن هناك مسارات يمكن الدفع بها لتجنب هذه السيناريوهات، منها العمل على منع الحرب في السودان ووقف الاقتتال. وهناك حاجة لإنتاج شرعية أصلية بالانتخاب أو الاستفتاء والبدء بانتخابات محلية.
وفيما يخص التداعيات المركبة لاضطرابات الأمن في منطقة القرن الأفريقي، أكد السفير زيد الصبان، مدير إدارة السودان والقرن الأفريقي بجامعة الدول العربية، أنالحقبة الحالية تشهد غلبة المصالح الاقتصادية الجيوسياسية غير المبنية على الأيديولوجيات القومية والدينية، والدوافع التي تقود المشهد الصراعي هي دوافع بارزة تخرج عن المال والتجارة وفتح الباب أمام استخدام القوى العسكرية، والصفقات الحالية تتداخل فيها المصالح الدولية مع المصالح الإقليمية مثل السد الإثيوبي أو السيطرة على الاقاليم الخصبة الصالحة للزراعة مثل الحالة السودانية او الصراع على المعادن في المثلث بين كينيا والصومال، والسيطرة على موارد الذهب وإنشاء موانئ على الممرات الدولية مثل خليج عدن، موضحًا أن مصر والدول العربية أسهمت في تحول الصومال من دولة هشة نسبيا إلى دولة وطنية، من خلال الاتفاق العسكري لدعم وسيادة ووحدة الأراضي الصومالية.، وأن إثيوبيا ومن ورائها قوى أخرى مختلفة، ليس إسرائيل فقط، تحاول ان تكون قوى كبرى في القرن الأفريقي، مشيرًا إلى أن جامعة الدول العربية لعبت دورًا هامًا في منع تفكيك الدولة السودانية ومنع إسقاط الدولة الصومالية، وأن هناك تصور من جامعة الدول العربية لإدماج إقليمي شرعي من خلال الأمم المتحدة ومجلس الامن، وهناك بعض الترحيب بهذه الفكرة.
وحول مستقبل عسكرة الممرات الملاحية في منطقة الشرق الأوسط، أوضحت د. دلال محمود، أستاذ العلوم السياسية المساعد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، جامعة القاهرة، ومدير برنامج الأمن والدفاع بالمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، أنهفيما يتعلق بعسكرة الممرات الملاحية في الشرق الأوسط فيمكن القول إن هناك حالة من اليقين من اللايقين لمستقبل هذه الممرات، وأن هناك 10 دول من أصل أقوى 39 قوة بحرية عالميًا موجودة في منطقة الشرق الأوسط، أي ما يعادل 26% من أهم قوى بحرية في العالم، والتي تظهر في صور عديدة منها قواعد عسكرية، وحضور قوات، وعمليات عسكرية، وتتمثل أهمية التهديدات الملاحية في الأهمية الاستراتيجية لمضايق في المنطقة، فمنها مضيقي هرمز وباب المندب، ثاني وثالث أهم مضايق العالم، وأضافت أن التهديدات المرتبطة بالتوتر بين إسرائيل وإيران تثير مخاوف من أن تمتد هذه التهديدات إلى كل دول منطقة الشرق الأوسط إذا خرج عن الحدود المنضبطة، مشيرة لوجود تنافس دولي كبير ينشط في الأقاليم الاستراتيجية على رأسها إقليم الشرق الأوسط وخاصة فيما يتعلق بالممرات الملاحية الموجودة بالمنطقة، كما يصعب تصور أن يكون هناك نظام أمني مستقر للممرات الملاحية في المنطقة بسبب عاملين أساسيين وهما؛ اختلاف القوى المؤثرة في الممرات، واختلاف الأولويات، ونوهت لضرورة أن يكون هناك دور مشترك بين مصر والسعودية في أمن البحر الأحمر؛ بسبب ثقلهما ودورهما الاستراتيجي في العديد من الملفات، وعلى مستوى شرق المتوسط، فهناك حاجة لبدء حوار استراتيجي مع الاتحاد الأوروبي والدول العربية لمواجهة التهديدات الأمنية، ولابد من وجود رؤية عربية مشتركة لوضع ترتيبات أمنية لتشكل نظام أمني مستقر نسبيًا في المنطقة، وأكدت أن مصر تسعى دائمًا لأن تكون سياساتها متوازنة باعتبارها قوة توازن استراتيجي.
وخلال الجلسة الثانية التي عقدت تحت عنوان “نحو إعادة بناء نظام إقليمي مستقر ومستدام”، قال د. محمد فايز فرحات، رئيس مجلس إدارة مؤسسة الأهرام، أن حماية الدولة الوطنية شرط رئيس للحفاظ على استقرار الإقليم والتعامل مع كل الأزمات، وموازين القوى لا يجب أن تكون أساسًا لحسم الصراع، لأن حسم الصراع لصالح قوى دينية أو ميليشيات يعني انهيار الدولة الوطنية، وأنه عندما تكون هناك قوى خارجية أو إقليمية تغذي الصراع الطائفي، يمكن توقع أن نتيجة الصراع ستكون على حساب الدولة الوطنية، مؤكدًا أن بناء الدستور يساعد على بناء وحماية الدولة الوطنية، ويجب أن يكون قادرًا على استيعاب حالة التنوع في مرحلة بعد الصراع، وأن يحمي الهوية الوطنية، مشيرًا لأهمية النخب السياسية ودورها المهم لفكرة الانتصار للدولة الوطنية، وأن جميع الخبرات أثبتت أن حجم التوافق بين النخب ضعيف جدًا، وأن هناك أطراف إقليمية وخارجية تحاول التأثير على العملية السياسية في الدول المأزومة، والسبب يرجع إلى غياب النخب الوطنية الحقيقية في تلك الدول، موضحًا أنه لا يجب أن يتجاهل أي مشروع سياسي في الدولة الوطنية وجود الفاعلين المحليين، والمنطقة لديها إشكاليات عدة فيما يتعلق بالدور الخارجي في بناء الدولة الوطنية، ولا يمكن التعويل على أي مشروع خارجي لحماية الدولة الوطنية في المنطقة ووضعها على مسار الدول الطبيعية، وأن النظام العالمي والإطار الإقليمي في هذه المرحلة لن يقفوا إلى جانب الانتصار للدول الوطنية.
وحول آليات تحفيز التنمية وإعادة الإعمار في مرحلة ما بعد الصراعات، قال د. مدحت نافع، مستشار وزير التموين السابق والخبير الاقتصادي، أن الساحة الاقتصادية تشهد حالة من الارتباك الشديد، حيث ترتفع المخاطر الناتجة عن تخبط سياسات التمويل، وأن الصراعات أدت إلى تدمير رأس المال البشري والمادي، وارتفاع نسب الفقر والنزوح، مما يتطلب رؤية شاملة للتعامل مع آثار هذه الصراعات، وأن عملية إعادة الإعمار تتطلب استراتيجيات غير موحدة تعتمد على سياق كل دولة، وتركز على إعادة بناء شامل يتجاوز البنية المادية. ويتطلب ذلك تحسين البنية المؤسسية، حيث يعد هذا الجانب أساسيًا في أي جهود إصلاحية، تشمل سياسات الإصلاح تحقيق شمول اقتصادي وتقليص التفاوت بين الطبقات. ويتطلب الأمر أيضًا إنشاء عقد اجتماعي جديد بين الحكومة والشعب، يساهم في استعادة الثقة وتحفيز التعاون بين القطاعين العام والخاص، وتعتبر السياسات المالية والنقدية أساسية لتحقيق الاستقرار الاقتصادي، كذلك تعتبر الإصلاحات القانونية والسياسية ضرورية لتشجيع ريادة الأعمال والاستثمار، مشيرًا إلى أنه ينبغي على الدول إعادة بناء مؤسساتها السياسية والقضائية لتعزيز بيئة الأعمال ودعم النمو الاقتصادي المستدام.
وأوضح السفير د. صلاح حليمة، مساعد وزير الخارجية الأسبق، أن مصر لا تحصل على دعم مناسب لحجم الأعباء التي تتحملها نتيجة استضافة اللاجئين والمهاجرين، وأن السودان يمثل أولوية قصوى في أجندة الأمن القومي المصري للعديد من الاعتبارات، وأن مصر يمكن أن تلعب دورًا في إعادة الإعمار في السودان نظرًا لأهمية السودان للرؤية الاستراتيجية المصرية.
وحول مستقبل البُعد التكنولوجي في إدارة الصراعات في الإقليم، أشارت د. رغدة البهي، رئيس وحدة الأمن السيبراني بالمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، إلى أنإسرائيل وحركة حماس قامتا بتوظيف البعد التكنولوجي والسيبراني في الحرب، وأن الجانب الإسرائيلي يقوم بتوظيف أدوات مختلفة من تطبيقات الذكاء الاصطناعي في المجال العسكري، ونوهت إلى وجود تعاون بين الاستخبارات الإسرائيلية ووزارة الدفاع والجامعات الإسرائيلية لتوظيف التطبيقات الذكية في الحرب على قطاع غزة، وأن هناك كثافة في الاعتماد على الوكلاء السيبرانيين لعدم توجيه الاتهامات للدول وسيزداد ذلك مستقبلًا، وأكدت أن البعدان التكنولوجي والسيبراني لن يسهما في حسم أي صراع رغم فداحة الخسائر الناجمة عنهما.
وفي ختام الجلسة أكد د. جمال عبد الجواد، مدير برنامج السياسات العامة بالمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، أن الحالة التي تمر بها المنطقة هي حالة صراعية مكلفة لكافة الأطراف، ومنظومة الأمن الإقليمي هي عكس للصراع الحالي، فالحرب هي استخدام القوة بشكل أساسي، وبالتالي فبناء منظومة أمنية يمثل انتهاء للحرب، مشيرًا إلى أن التفاهمات متوسطة المدى والحلول الوسط تخلق ظروفًا تقلل استخدام العنف في إدارة الصراعات أو حلها، وشدد على ضرورة تطوير الأفكار للتركيز على الاستقرار الذي يؤدي لجاذبية العنف لكافة الأطراف، وهو تحقيق جزء رئيسي لمصلحة الأطراف، وتوليد قناعة بأنه بالتفاوض قد تتحقق المطالب دون الاعتماد على العسكرة، وأن الحل المتوسط يعتمد على الحل الجذري للمظاهر المباشرة العنيفة دون التخلي عن المطالب الرئيسية، وأنه يجب تفتيت الصراعات بالمنطقة لأنه يصعب التعامل معها مرة واحدة، منوهًا إلى أن هناك ركائز أساسية لبناء تفاهم واستقرار إقليمي، وهي عدم استبعاد او تصفية أي طرف من الأطراف، والقبول بالأمن النسبي وليس الأمن المطلق، وبناء تفاهمات لمصالح اقتصادية مشتركة، وأكد أن خلق إطار مؤسسي في الشرق الأوسط أمر مستبعد، فلا يوجد مؤسسات تدير مصالح الإقليم، وبالتالي النجاح في بناء المؤسسات الشاملة يتم من خلال تعميق الإطار المؤسسي لإقليم الشرق الأوسط.
